أهم التطورات
> الحكومة تضغط على المُعلنين وتستخدم المحاكم لمعاقبة الإعلام الناقد.
> السلطات تمنع الصحفيين الإسبانيين والأجانب من الوصول إلى الصحراء الغربية.
أرقام مهمة
أقفلت أسبوعيتان مستقلتان رائدتان أبوابهما بسبب الضغط الحكومي، بينما تحولت صحيفة يومية تخضع لمضايقات إلى الصدور على شبكة الإنترنت بدلا من الإصدار الورقي.
استمرت الحكومة في توظيف القضاء لتصفية الحسابات مع الصحفيين الناقدين وللضغط على المُعلنين من القطاع الخاص للنأي عن المطبوعات الاستقصائية، وهاتان سمتان بارزتان للنهج العدائي الذي اتبعته الحكومة في التعامل مع الإعلام المستقل والمعارض. وأجبرت هذه الأساليب صحيفتين أسبوعيتين رائدتين مستقلتين على الإغلاق وحَدت بصحيفة يومية ناقدة إلى الانتقال للصدور إلكترونيا بدلا من الإصدار الورقي.
أنهى إغلاق مجلة” لوجورنال إيبدومادير” في كانون الثاني/يناير صراعا طويلا بين حكومة الملك محمد السادس وبين هذه الأسبوعية المشاكسة، التي قدمت مثالا لمسيرة حرية الصحافة والقمع في المغرب منذ أواخر عقد التسعينيات. فحينما صدر أول عدد من المجلة في عام 1997، في السنوات الأخيرة من الحكم الاستبدادي للملك الحسن الثاني، نُظر إلى مجلة “لوجورنال” كدليل على انفتاح سياسي جديد. غير أن أفول هذه الأسبوعية بعد سنوات عديدة من المضايقة الرسمية والمعارك القضائية بدا وكأنه علامة للقمع الحكومي الذي غدا راسخاً ضد المعارضين.
وفي كانون الثاني/يناير، وضعت الجهة المصفية يدها على أصول مجلة “لوجورنال” بعد إعلان محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء إفلاس الشركة الأم، حسبما أفاد محامون للجنة حماية الصحفيين. وكانت المجلة قد تلقت في عام 2006 ضربة مالية قاصمة حينما أمرتها محكمة بدفع 3 ملايين درهم (ما يعادل 354,000 دولار أمريكي) على سبيل التعويض في قضية تشهير رفعها كلود مونيكيه رئيس المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن الذي يتخذ من بروكسل مقرا له، حيث قال مونيكيه إن المجلة الإخبارية قد شهّرت به عندما نشرت مقالة شككت في استقلالية مركزه. وكان المركز قد أصدر تقريرا عن الصحراء الغربية المتنازع عليها وصفته المجلة بأنه يعكس وجهة نظر الحكومة المغربية إلى حد بعيد. وفي شهر أيلول/سبتمبر 2009، أيدت المحكمة العليا قرار التعويض الذي يُعتبر الأعلى في تاريخ المغرب.
ويقول أبو بكر جامعي، أحد مؤسسي “لوجورنال إيبدومادير”، للجنة حماية الصحفيين إنه كان بوسع المجلة أن تتحمل القرار وأن تدفع لدائنيها “لو أن السلطات امتنعت عن توجيه أوامرها للمعلنين على الدوام بمقاطعة” المجلة. ويضيف إن السلطات زادت تدخلها بعد أن عاد إلى المغرب من المنفى في عام 2009 واستأنف عمله الصحفي الناقد. واحتوى العدد الأخير الذي أصدرته المجلة على مقالة بقلم أبو بكر جامعي يقول فيها إن اثنين من الحلفاء القدامى للملك، وهما محمد منير الماجيدي وفؤاد عالي الهمة، قد مارسا نفوذا كبيرا في الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد بما لا يتناسب مع مركزيهما، إذ عمل الماجيدي سكرتيرا خاصا للملك، في حين شغل فؤاد عالي الهمة منصب رئيس حزب الأصالة والمعاصرة، وهو حزب يُذكِّر بالجماعات التي تأسست ذات يوم لتعزيز الولاء للملك الحسن الثاني.
ولقد بدأ الكثير من الصحفيين يتأملون في فترة انتقال السلطة من الملك الحسن لابنه. وفي هذا الصدد، يقول مراسل قناة “الجزيرة” الفضائية، أنس بن صالح، إن “العلاقات الودية بين الدولة ووسائل الإعلام إبان الانتقال الديمقراطي” الذي أعقب وفاة الحسن الثاني في عام 1999 “أعقبها بعد عشر سنوات سياسة ساخطة على الصحافة المستقلة”. وجاء تعليق بن صالح أثناء مؤتمر عقدته في الرباط في أيلول/سبتمبر منظمة الدفاع عن حرية الصحافة والتعبير في المغرب، وهي منظمة حديثة النشأة.
وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر، أغلقت مجموعة “تيل كيل” الإعلامية مجلتها الأسبوعية الرائدة الناطقة بالعربية مجلة “نيشان” بسبب “استمرار المقاطعة الإعلانية،” استنادا إلى بيان أصدرته الشركة. كما أشار البيان بوجه خاص إلى قيام مجموعة أونا بسحب إعلاناتها، ومجموعة أونا هي شركة صناعية ومالية رائدة يمتلك أعضاء العائلة المالكة أسهما فيها. وكانت مجلة “نيشان” منذ أطلقها أحمد رضا بن شمسي في عام 2006 هدفا للمضايقات المستمرة بسبب تناولها قضايا تُعتبر محظورة.
كما قالت صحيفة “الجريدة الأولى” المستقلة إنها أيضا واجهت خسائر في عوائد المعلنين الذين رضخوا لضغط الحكومة بضرورة عدم التعامل مع الصحيفة. وفي 7 أيار/مايو، توقفت الصحيفة الصادرة في الدار البيضاء عن الطبع وانتقلت للصدور على شبكة الإنترنت. يقول علي أنوزلا، مؤسس الصحيفة ورئيس تحريرها، للجنة حماية الصحفيين “إن مشاكلنا المالية ناجمة من الضغط الممارس على المعلنين بسبب الخط التحريري الذي ننتهجه. أعتقد أن بعد ما حصل لمجلة “لوجورنال إيبدومادير”، لم يعد هناك مجال سوى للصحف الخاصة والحزبية التي تجيزها السلطات. وخيارنا الآن هو أن ننتقل إلى شبكة الإنترنت”.
كما واجهت الصحيفة قرارا محتملا بدفع مبلغ كبير على سبيل التعويض في قضية تشهير حظيت بتغطية إعلامية مكثفة وتعود إلى عام 2009، حيث أمرت محكمة بالدار البيضاء الجريدة الأولى وصحيفتين أخريين – المساء والأحداث المغربية – بأن تدفع كل صحيفة تعويضا قيمته مليون درهم (ما يعادل 125،200 دولار أمريكي) إلى الزعيم الليبي معمر القذافي. وقد جرى استئناف الحكم وكانت القضية ما تزال قيد النظر في نهاية العام. وكانت ليبيا قد مارست ضغوطا على السلطات المغربية لكي تُقيم الدعوى القضائية بعد أن نشرت هذه الصحف اليومية المستقلة مقالات رأي انتقدت قيادة القذافي.
وفي شباط/فبراير، التقى وفد من لجنة حماية الصحفيين بوزير الاتصال خالد الناصري في الرباط للتعبير عن شواغل اللجنة إزاء المحاكمات المسيسة ومضايقة المعلنين. وأخبر الناصري الوفد بأن “حرية الصحافة هي أحد أركان سياستنا وليس لدينا أي نية على الإطلاق للحياد عنها،” وهو تصريح يعكس التباين القائم بين الأقوال والأفعال على الصعيد الرسمي. وفي الشهر التالي، بعثت لجنة حماية الصحفيين برسالة إلى الملك محمد السادس تعرب فيها عن قلقها إزاء “اتساع الهوة” بين “التزام الحكومة المعلن بسيادة القانون واعتداءاتها على الصحفيين الناقدين”.
وقد حثت لجنة حماية الصحفيين في تلك الرسالة الملك على استخدام صلاحياته الدستورية لإنها عقوبة السجن الظالمة بحق رئيس تحرير أسبوعية “المشعل”، إدريس شحتان، الذي سُجن في تشرين الأول/أكتوبر 2009 بتهمة “نشر معلومات كاذبة” في مقالات أثارت تساؤلات بشأن الوضع الصحي لمحمد السادس في وقت لم يكن يظهر فيه الملك أمام العلن. وقد أصدر محمد السادس عفوا عن شحتان في حزيران/يونيو 2010، أي بعد انقضاء ثمانية أشهر تقريبا من مدة محكوميته التي بلغت اثني عشر شهرا. غير أن شحتان ظل يواجه قضية تشهير مسيسة رفعتها ضده أرملة ضابط عسكري سابق شعرت بالإهانة من مقالة نُشرت في 2009 تصف مزاعم باستخدام المومسات في ابتزاز شخصيات مؤثرة. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أمرت محكمة بالدار البيضاء شحتان بدفع تعويض قدره 20,000 درهم (ما يعادل 2,370 دولار أمريكي) للمدعية.
كما وجهت السلطات تهما انتقامية بحق صحفي ناقد آخر، حيث حكمت محكمة في الرباط في حزيران/يونيو على مدير تحرير “أخبار اليوم المغربية” توفيق بوعشرين بالسجن لمدة 6 أشهر بتهمة الاحتيال وأمرته بدفع تعويض قدره 10,000 درهم (ما يعادل 1,120 دولار أمريكي) لمالك سابق لفيلا في الرباط كان الصحفي قد اشتراها قبل ذلك بثلاث سنوات، حسبما علمت لجنة حماية الصحفيين من محاميه. واستنادا إلى بوعشرين ومحاميه فإن المحكمة ردت الدعوى في السابق؛ غير أنه وصحفيون آخرون يرون أن إحياءها يمثل انتقاما سياسيا من الصحفي. وكان بوعشرين في نهاية العام طليقا ينتظر الاستئناف.
أثار بوعشرين غضب الحكومة في أيلول/سبتمبر 2009 عندما نشرت صحيفته رسما كاريكتوريا يصور حفل زفاف الأمير مولاي إسماعيل، ابن عم الملك، وحكمت عليه محكمة بالدار البيضاء وعلى رسام الكاريكاتور خالد كدار بالحبس لمدة أربع سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة عدم إظهار الاحترام للعائلة المالكة. كما أغلقت الشرطة صحيفة “أخبار اليوم” بعد نشر الكاريكاتور، ولكنها ظهرت مجددا في عام 2010 باسم جديد هو “أخبار اليوم المغربية”.
ويتساءل بنشمسي، مدير تحرير أسبوعية “تيلكيل”، في افتتاحية نشرها في حزيران/يونيو قائلا: “إن الرفض القاطع للمعارضة، مهما كان حجمها، هو علامة للانجراف نحو الاستبداد مرة أخرى. فهكذا بدأت الأمور في تونس قبل أن تتمخض عنها ديكتاتورية صارمة. هل سيكون هذا مصير المغرب؟” وقد كان بنشمسي، الذي كتب عن حملة حكومية ضد جماعة حقوق إنسان محلية، هدفا في السابق لملاحقات قضائية ذات دوافع سياسية.
وعلى الرغم من أن السلطات المغربية في العادة تقصر مضايقتها على وسائل الإعلام المحلية، فإنها وجهت اهتمامها في أواخر العام إلى الصحفيين الدوليين. ففي 29 تشرين الأول/أكتوبر، سحبت الحكومة اعتماداتها الممنوحة لطاقم قناة الجزيرة إلى أجل غير مسمى بعد أن كانت هذه الاعتمادات تمكنهم من تغطية الأخبار في البلاد. واتهمت وزارة الاتصال القناة بالقيام “بإضرار كبير بصورة المغرب، ومساس صريح بمصالحه العليا، وفي مقدمتها قضية وحدته الترابية،” في إشارة إلى الصحراء الغربية التي تعتبر منطقة متنازع عليها بين المغرب وبين جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. وتُعتبر التغطية الإخبارية للصحراء الغربية من القضايا الأكثر حساسية بالنسبة للمملكة المغربية.
وفي 8 تشرين الثاني/نوفمبر، منعت السلطات 10 صحفيين إسبانيين على الأقل من السفر إلى مدينة العيون في الصحراء الغربية، حيث ألغت الخطوط الملكية المغربيّة التي تملكها الحكومة رحلات الصحفيين وأبلغتهم بأنه لم يكن بوسعهم شراء تذاكر سفر أخرى إلى العيون. واتهم المسؤولون المغاربة وسائل الإعلام الإسبانية بتشويه الحقائق حول النزاع في المنطقة، في حين سحبت السلطات اعتماد لويس دي فيغا مراسل صحيفة “أيه بي سي” الإسبانية، وطردت ثلاثة صحفيين إسبانيين آخرين في تشرين الثاني/نوفمبر، وفقا لتقارير إخبارية.
ورغم أن القيود الرسمية على شبكة الإنترنت تُعتبر قليلة نسبيا مقارنة ببلدان أخرى في المنطقة، فقد تعرض المدونون المغاربة للقمع، حيث أمضى المدون بوبكر الياديب حكما بالسجن لمدة 6 أشهر بعد أن نشر صورا لرجال الشرطة وهم ينقضون على طلاب محتجين في مدينة تاغجيشت بجنوب البلاد في كانون الأول/ديسمبر 2009، بحسب ما أفادت صحيفة “لوموند” الفرنسية. وكان بوبكر طليقا في أواسط العام.