تعليق على الصورة أقارب المصور الصحفي في قناة ’الجزيرة‘، سامر أبو دقة الذي قُتل في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2023 بقصف جوي إسرائيلي، يندبون وفاته أثناء جنازته في بلدة خان يونس في جنوب قطاع غزة في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2023. (صور وكالة ’أسوشيتد برس‘/ محمد دحمان)

حرب إسرائيل على غزة تتسبب بخسائر قياسية للصحفيين

تحديث: بلغ عدد الصحفيين والعاملين الإعلامين القتلى 77 فرداً بحلول 31 كانون الأول/ ديسمبر 2023؛ 70 منهم فلسطينيون

بلغ عدد الصحفيين الذين قتلوا في الأسابيع الـ 10 الأولى من حرب إسرائيل على غزة أكثر من أي عدد للصحفيين القتلى في بلد واحد على امتداد سنة بأكملها، وفقاً لبيانات لجنة حماية الصحفيين. فبحلول 20 كانون الأول/ ديسمبر 2023، لقي ما لا يقل عن 68 صحفياً وعاملاً إعلامياً حتفهم منذ بدء النزاع في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ومن بينهم 61 صحفياً فلسطينياً، وأربعة صحفيين إسرائيليين، وثلاثة صحفيين لبنانيين.

وتشعر لجنة حماية الصحفيين بالانشغال بصفة خاصة إزاء ما يبدو أنه نمط استهداف ضد الصحفيين وعائلاتهم من قبل الجيش الإسرائيلي. ففي حالة واحدة على الأقل، قُتل صحفي بينما كان يرتدي سترة عليها كلمة ’صحافة‘ في موقع لم يكن يشهد أي قتال. وفي حالتين أخريين، أفاد صحفيون بأنهم تلقوا تهديدات من مسؤولين إسرائيليين ومن ضباط في جيش الدفاع الإسرائيلي قبل أن يُقتل أفراد من عائلاتهم.

وتُجري لجنة حماية الصحفيين تحقيقات أكثر تفصيلاً بشأن ملابسات حالات الصحفيين الـ 68 القتلى. ويواجه هذا البحث إعاقات من جراء الدمار الواسع النطاق في غزة، وكذلك مقتل صحفيين بمعية أفراد من عائلاتهم في عدد من الحالات، وتكون عائلات الصحفيين في العادة هي مصدر مثل هذه المعلومات.

وقال شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، “تمثل حرب إسرائيل على غزة أخطر وضع شهدناه للصحفيين، وتظُهر الأرقام هذا الأمر بجلاء. لقد قتل الجيش الإسرائيلي في 10 أسابيع عدداً من الصحفيين يتجاوز عدد الصحفيين الذين قتلوا على يد أي جيش أو جهة على امتداد سنة كاملة. ومع كل صحفي يُقتل، تزداد صعوبة توثيق الحرب وفهمها”.

وحدث أكثر من نصف الوفيات – 37 منها – أثناء الشهر الأول للحرب، مما يجعله الشهر الأشد فتكاً الذي توثقه لجنة حماية الصحفيين منذ بدأت بجمع بيانات بهذا الشأن في عام 1992.

وفي العراق، وهي البلد الوحيد الذي اقترب من هذه العتبة في سنة واحدة، قُتل 56 صحفياً في عام 2006. وحددت لجنة حماية الصحفيين أن 48 منهم قتلوا على خلفيات مرتبطة بعملهم، ولم تتمكن اللجنة من التحقق من ملابسات ثماني وفيات أخرى. وباستثناء الفلبين، حيث كان 33 صحفياً من بين الصحفيين الـ 35 الذين لقوا حتفهم في عام 2009 قد قتلوا في مذبحة واحدة، كانت البلدان التي شهدت أعلى أعداد للصحفيين القتلى بسبب عملهم في أي سنة من السنوات تمر في حالة حرب أو تمرد مسلح في السنوات المعنية – سوريا (قُتل 32 صحفياً بسبب عملهم في عام 2012، وما زالت خمس حالات قيد التحقيق)؛ وأفغانستان (قُتل 16 صحفياً في عام 2018 كان منهم 15 قتلوا بسبب عملهم)؛ وأوكرانيا (تم التحقق من أن 13 وفاة من بين 15 وفاة بين الصحفيين في عام 2022 كانت مرتبطة بعمل الصحفيين)؛ والصومال (قُتل 14 صحفياً كان منهم 12 بسبب عملهم في عام 2012).

حدثت حالات قتل الصحفيين في حرب إسرائيل على غزة وسط مناخ من ازدياد الرقابة على الإعلام في المنطقة، بما في ذلك 20 حالة اعتقال على الأقل، إلى جانب مضايقات بدنية وعبر الإنترنت ضد الصحفيين. كما تعرضت مرافق إعلامية لأضرار أو تدمير.

وفي أيار/ مايو، نشرت لجنة حماية الصحفيين تقرير “نمط فتاك“، وقد وجد التقرير أن عناصر من قوات الدفاع الإسرائيلية قتلت ما لا يقل عن 20 صحفياً خلال السنوات الـ 22 الماضية، وأن السلطات الإسرائيلية لم توجه اتهامات لأي أحد ولم تُخضع أحداً للمساءلة بسبب هذه الوفيات.

وقال شريف منصور، “إن الصحفيين مدنيون ويجب معاملتهم على هذا الأساس بموجب القانون الدولي الإنساني. ومن الضروري أن نرى تحقيقات مستقلة وشفافة بشأن النمط الذي ظهر مؤخراً لقتل الصحفيين. إضافة إلى ذلك، يجب على الجيش الإسرائيلي إنهاء القيود التي يفرضها على وسائل الإعلام الدولية، وذلك بأن يسمح لها بتغطية الأخبار من غزة، وأن يتوقف عن مضايقة الصحفيين في الضفة الغربية، وأن يسمح بالتدفق الحر للمعلومات والمساعدات الإنسانية إلى غزة”.

يشهد قطاع غزة تعطيلات متكررة للاتصالات ويفتقر إلى الوقود والأغذية والمساكن بسبب القصف ومحدودية المساعدات الإنسانية، مما قلص التغطية الصحفية في غزة تقليصاً شديداً، حيث لم تتوفر للصحفيين الدوليين أي إمكانية وصول تقريباً خلال معظم مدة الحرب. ويقول الصحفيون الفلسطينيون إنهم بحاجة ماسة للمساعدة ليتمكنوا من مواصلة التغطية الصحفية، بما في ذلك في الضفة الغربية حيث قطعت بعض الجهات المانحة التمويل لجهات شريكة لها منذ مدة طويلة.

ونشرت لجنة حماية الصحفيين سلسلة من الدعوات موجهة إلى إسرائيل وإلى المجتمع الدولي.

وتتلخص التوصيات الرئيسية فيما يلي:

  1. حماية حياة الصحفيين:
    • تيسير إمكانية الوصول الفورية أمام المساعدات الإنسانية والإمدادات الأساسية إلى غزة وإتاحة التوصيل الآمن لمعدات الحماية الشخصية، من قبيل الخوذات والسترات الواقية من الرصاص، إلى الصحفيين في غزة والضفة الغربية المحتلة.
    • ضمان احترام وثائق الاعتماد الصحفية وشعار ’صحافة‘، والتزام جميع الأطراف بالقانون الدولي الإنساني والامتناع عن استهداف الصحفيين أو إيذائهم.
  2. إتاحة إمكانية الوصول والقدرة على تغطية الأخبار:
    • توفير إمكانية الوصول أمام المنظمات الإخبارية الدولية وإيقاف ممارسة تعطيل الاتصالات.
    • إلغاء الأنظمة الجديدة التي تسمح بإغلاق المنظمات الإخبارية، وإنهاء “الاحتجاز الإداري” للصحفيين، والذي يتيح سجنهم دون توجيه اتهامات إليهم.
  3. التحقيق في الهجمات ضد الصحفيين وإنهاء الإفلات من العقاب:
    • إيقاف نمط الإفلات من العقاب القائم منذ مدة طويلة في حالات قتل الصحفيين على يد قوات الدفاع الإسرائيلية. يجب على المجتمع الدولي أن يتصرف لضمان إجراء تحقيقات سريعة وشفافة ومستقلة في حالات وفيات جميع الصحفيين التي جرت منذ بدء حرب إسرائيل على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

ملاحظات حول منهجية لجنة حماية الصحفيين وتوثيقها لوفيات الصحفيين أثناء حرب إسرائيل على غزة

  • الصحفيون، بحسب تعريف لجنة حماية الصحفيين، هم الأفراد الذين يغطون الأخبار أو يعلقون على الشؤون العامة من خلال أي وسيلة – بما في ذلك المواد المطبوعة، وعبر الإنترنت، ووسائل البث الإعلامي، أو بالصور ومقاطع الفيديو. ونحن نتناول الحالات التي تتضمن صحفيين موظفين لدى منظمات إعلامية وكذلك الصحفيين المستقلين. ونحن لا نشمل الصحفيين ممن تبرز أدلة بأنهم يتصرفون نيابة عن جماعات ميليشيا أو يخدمون في منصب عسكري في وقت وفاتهم. وتوثق لجنة حماية الصحفيين أيضاً وفيات عاملي الدعم في العمل الإعلامي إقراراً بدورهم المهم في جمع الأخبار، وهم يضمون المترجمين والسائقين والحراس والمعاونين والعاملين الإداريين.
  • يحقق باحثو لجنة حماية الصحفيين في مقتل كل صحفي لتحديد ما إذا كانت الوفاة مرتبطة بالعمل. ونحن نجري مقابلات مع عائلات الصحفيين وأصدقائهم وزملائهم ومع السلطات لمعرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات حول ملابسات كل حالة. وتتضمن التفاصيل التي نحقق بشأنها ما إذا كان الصحفي يؤدي مهمة صحفية في وقت مقتله، وما إذا كان قد تلقى تهديدات سابقاً، وما إذا كان قد نشر تغطية صحفية ربما أثارت غضب السلطات الحكومية أو الجماعات المسلحة أو العصابات الإجرامية.
  • وتركز لجنة حماية الصحفيين على الانتهاكات لحرية الصحافة، لذا فإننا نميز بين الصحفيين الذين يُعتقد إلى حد معقول بأنهم قتلوا بسبب عملهم الصحفي [في حالة تأكيد دافع القتل] وبين أولئك الذين يُحتمل بأنهم قُتلوا بسبب عملهم الصحفي أو لأسباب أخرى [في حالة عدم تأكيد دافع القتل]. وفي أوضاع الحروب من قبيل حرب إسرائيل على غزة والحرب في أوكرانيا، توثّق لجنة حماية الصحفيين مقتل جميع الصحفيين الذين يمكننا “التحقق” من وثائق اعتمادهم الصحفية ونحقق في ملابسات مقتلهم.