عنصر من شرطة الحدود الإسرائيلية يتشاجر مع صحفي فلسطيني أثناء احتجاج ضد الاستيطان في مسافر يطا قرب الخليل في الضفة الغربية المحتلة، وذلك في 20 كانون الثاني/ يناير 2023. ويقول المتظاهرون إنهم يواجهون خطراً متزايداً من تصاعد العنف في الأراضي المحتلة. (رويترز/ موسى قواسمة)

التغطية الإعلامية في الضفة الغربية: أفكار ونصائح مفيدة لحماية الصحفيين وسلامتهم

أمضت مراسلة صحيفة ’غارديان‘ من القدس، بيثان ماكيرنان، معظم السنة الماضية في تغطية أخبار دورة العنف المتصاعد في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وتقول يبدو الأمر وكأنه “الرشقة الكثيفة الأولى من نيران حرب جديدة، ولكنها رشقة تتم بالعرض البطيء”.

وبحسب مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها (ACLED)، كان عام 2022 العام الأشد فتكاً في التاريخ الحديث للضفة الغربية، حيث تم الإبلاغ عن مقتل ما يزيد عن 120 شخصاً خلال الأشهر العشرة الأولى منه. ومن بين الذين سقطوا خلال العام الصحفية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة التي قُتلت بطلق ناري على يد قوات إسرائيلية أثناء تغطيتها للأحداث في جنين في أيار/ مايو 2022.

وقد تواصل العنف خلال هذا العام على خلفية تصاعُد التوتر فيما يتعلق بالاحتجاجات الشعبية في إسرائيل وتزايد عمليات المداهمة والاقتحام في الضفة الغربية والحديث عن انتفاضة ثالثة والتوقعات بإمكانية تزايد الهجمات الإرهابية.

وفي ضوء ما يجري، تحدثت شركة ’إتش بي لإدارة الخطر‘ نيابة عن لجنة حماية الصحفيين مع عدد من الصحفيين في المنطقة حول تجاربهم والأسباب التي تقف وراء تزايد حالة العنف وكذلك عن كيفية حماية العاملين في المجال الإعلامي لأنفسهم. وتقدِّم هذه الشركة استشارات وتوصيات للجنة حماية الصحفيين. ومن ضمن الصحفيين الذين قابلتهم الشركة: الصحفية ماكيرنان، والمراسلة المستقلة والمنتجة هيا أبو شخيدم التي تتخذ من الضفة الغربية مقراً لها، والصحفي نيكولاس روجر مراسل صحيفة ’لا كرو‘ في إسرائيل، بالإضافة إلى نعوم شاليف المنتج والمدير الإداري لشركة خدمات الإنتاج الإسرائيلية ’هايلايت فيلمز‘ (Highlight Films).

وفيما يلي مقتطفات مما تمخضت عنه النقاشات من نصائح متعلقة بالسلامة:

ما هي الدوافع الرئيسية التي تقف وراء العنف الجاري حالياً في الضفة الغربية؟

توافقت آراء الصحفيين الأربعة حول حالة التزايد الكبير في وتيرة الصدامات وحدَّتها وقابليتها لتفجير الأوضاع، وإن لم تكن ترتقي إلى المستوى نفسه الذي شهدته الانتفاضة الثانية التي يُقدَّر بأنها أسفرت عن سقوط أكثر من 4,000 قتيل في الفترة ما بين عامي 2002 و2005.

وقد حدد الصحفيون ثلاثة أسباب رئيسية تقف وراء تصاعد العنف، ويرون أنها أدت جميعاً إلى زيادة المخاطر على الصحفيين الذي يغطون أخبار المنطقة.

كيف يمكن للعاملين في الإعلام الحفاظ على سلامتهم أثناء التغطية من الضفة الغربية؟

توافقت آراء الصحفيين الأربعة الذين تمت مقابلتهم على أن الخطر الرئيسي الذي يتهدد الصحفيين هو أن يعلق هؤلاء الصحفيون وسط التراشق بالنيران وأعمال العنف العشوائية أثناء تحركهم على الطرق. ومع ذلك، يشعر الصحفيون بأن الوضع لا يزال آمنا بدرجة كافية كي يواصل الصحفيون عملهم – شريطة أن يتقيدوا ببعض التدابير ذات الأهمية الحاسمة والتي تحد من شدة المخاطر، وهي:

  • يُعد التقييم الصحيح للمخاطر والدراية التامة بالموقف أمراً واجباً عند التحضير للمهمة وأثناء تنفيذها. إذ ينبغي ألا يتجول الصحفيون هكذا وبكل بساطة داخل منطقة ما مفترضين أنها على ما يرام. (انظر نموذج تقييم المخاطر المعتمد لدى لجنة حماية الصحفيين للاطلاع على المزيد من المعلومات حول التحضير لتقييم المخاطر وكيفية إجرائه).
  • يقول نيكولاس روجر “إذا أردت الاستثمار في شيء، فاستثمر في الناس”. لقد باتت المعرفة والعلاقات المحلية أمراً حاسم الأهمية أكثر من أي وقت مضى؛ فالشعور بعدم الثقة بالأجانب ووسائل الإعلام آخذ في التعاظم سواء عند الفلسطينيين أو جماعات المستوطنين الإسرائيليين اعتقاداً منهم أن المراسلين منحازين إلى حد كبير. لذلك من المهم جداً أن يعمل الصحفيون مع مُنتِج أو مرافق محلي يعرف المجتمع المحلي/ المنطقة التي سيجري العمل فيها، بحيث يكون هذا المرافق مقبولاً كوسيط وقادراً على ضمان سلامة وضع الصحفي بين السكان المحليين. ويتوجب أن يتحدث المرافق مع الجماعات المحلية باللغة المناسبة (العربية أو العبرية). كذلك ينبغي على المراسلين التأكد مما إذ كان المرافق يعي جغرافيا المكان ومواضع النقاط الساخنة حول المستوطنين/ وحواجز التفتيش، وطبيعة الديناميات السائدة للنزاع.

أما الصحفيون الذين لا يكون بحوزتهم المال الكافي للاستعانة بخدمات مرافق، فينبغي عليهم الذهاب أولاً إلى أماكن أكثر أماناً – من قبيل رام الله وبيت لحم عموماً – وبناء شبكة محلية بادئين بزملائهم من الوسط الصحفي الأجنبي كي يتسنى لهم الدخول الآمن إلى مناطق على درجة أكبر من الخطورة.

  • ينبغي على الصحفيين عند سفرهم بين مناطق الضفة الغربية أن يتخذوا كافة التدابير الكفيلة بعدم الخلط بينهم وبين “المقاتلين”، وهو ما يمكن تحقيقه بالحرص على عدم لفت الأنظار، والتعريف بأنفسهم بكل وضوح بأنهم صحفيون أجانب، واختيار مركبات تحمل لوحات مناسبة بحيث لا تثير أية شكوك في المنطقة التي يتواجدون فيها.
  • وينبغي على الصحفيين، وحيثما أمكن، السفر في جماعات بين مناطق الضفة الغربية وتجنب العمل بشكل منفرد. ومع أن خطر التعرض للاختطاف هو بالحد الأدنى، إلا أن الوضع الأمني الحالي قابل للتفجر إلى حد بعيد ويعدُّ الاحتماء بالجماعة تصرفاً أفضل من الناحية الأمنية.
  • تنطوي الاستعانة بخدمات مستشارين أمنيين على خطر الظهور بمظهر عسكري، ومن شأن ذلك أن يبث بذور الشك عند السكان المحليين. وقد ارتأى جميع الصحفيين أنه ينبغي عدم اللجوء إلى المستشارين الأمنيين إلا في الحالات الاستثنائية. علماً بأن المستشارين الإسرائيليين يمكنهم حمل السلاح أما المستشارون الفلسطينيون فلا يمكنهم ذلك.
  • ينبغي على الصحفيين أن يظهروا الاحترام للناس وأن يحرصوا على عدم استعدائهم؛ وعليهم أخذ الإذن قبل التقاط الصور – ليس من منطلق اللباقة فقط ولكن أيضاً بسبب المضامين الأمنية المحتملة بالنسبة للسكان المحليين.
  • ثمة شعور قوي في صفوف جماعات المستوطنين بقلة الثقة بالصحفيين، وبما أن معظم هؤلاء يكون مسلحاً، ينبغي على الصحفيين توخي الحذر عند التعامل معهم والحرص عند دخول المستوطنات وبشكل خاص في منطقة مستوطنة شيلو وجنوب نابلس بالضفة الغربية.
  • يتمتع الصحفيون الدوليون بقدر من حرية الرأي والتنقل أكبر من نظرائهم الفلسطينيين كما أنه من غير المحتمل أن يتعرضوا للاعتقال أو الإبعاد. ومع ذلك، فإن هذا الوضع المحمي نسبياً لا يشمل أو ينتقل إلى مرافقيهم أو أفراد طاقمهم من الفلسطينيين، فلا بد إذن من أن تؤخذ احتياجات الأمن والحماية لهؤلاء بعين الاعتبار.
ما هي المعدات اللازمة وما هي المعدات التي قد تسبب في المشاكل؟
  • يجب أن يحضر الصحفيون الذين يعتزمون تغطية الاقتحامات وأخبار الاضطرابات سترة زرقاء واقية من الرصاص وخوذة تحمل شارة صحافة (PRESS) بوضوح من الأمام ومن الخلف. ويجب عليهم عدم ارتداء أية واقيات للجسم من أي لون آخر غير الأزرق لئلا يتم الخلط بينهم وبين أعضاء الفصائل المقاتلة أو الجيش. (للمزيد من المعلومات في هذا الصدد، انظر دليل معدات الوقاية الشخصية من لجنة حماية الصحفيين).
  • إن استخدام الغاز المسيل للدموع أمر شائع، لذا ينبغي على الصحفيين الحصول على أجهزة التنفس الاصطناعي المناسبة والأقنعة المانعة لاستنشاق الغاز. وإن لم يكن بوسعهم الحصول عليها، فعليهم التفكير في الابتعاد عن نقاط المواجهات المحتملة عندما يصبح من الواضح أن المواجهات باتت وشيكة الوقوع. انظر التسجيل المصور من لجنة حماية الصحفيين لصحفيين وهم يستعدون لمهام التغطية الإخبارية في أماكن يُحتمل استخدام الغاز المسيل للدموع فيها.
  • يكون الهاتف الخلوي العادي كافياً عادةً للحفاظ على الاتصال، لا سيما وأن تغطية شبكات الهاتف، 3G و 4G، جيدة في معظم مناطق الضفة الغربية. وربما يرغب الصحفيون في استخدام شريحة هاتف خلوي فلسطينية وأخرى إسرائيلية، لضمان الحصول على أفضل إشارة استقبال ممكنة. إن حمل هاتف ساتلي هو أمر قانوني في الضفة الغربية لكنه ليس ضرورياً في الوقت الحاضر نظراً لجودة استقبال إشارة الهاتف في الضفة، ولأنه من النادر أن تعمد الحكومة الإسرائيلية إلى التشويش على إشارة الهواتف الخلوية حتى في مواقع الاقتحامات الأمنية.
  • ليس من الشائع أن يستخدم الصحفيون المركبات المصفحة، لكن ذلك قد يتغير إذا ما تصاعد التوتر. وتعد مركبة الدفع الرباعي أكثر شيوعاً، ومن المستحسن أيضاً الحصول على لوحات صحافة بالإضافة إلى ملصقات ’صحافة أجنبية‘. ويفضل أن تكون الإشارات الدالة على الصفة الإعلامية ممغنطة كي يتم تثبيتها ونزعها بكل سهولة. ومن شأن تعريفك بنفسك كجهة إعلامية أن يزيد من مستوى السلامة والأمان في المناطق الفلسطينية، لكنه قد يكون مصدراً للمشاكل في بعض مناطق الاستيطان الإسرائيلي.
  • تبدي الحكومة الإسرائيلية حساسية تجاه استخدام المسيرات في الضفة الغربية وفي مختلف مناطق النزاع. ويجب الحصول على تصريح من الحكومة لأغراض الاستخدام التجاري للمسيرات. ويوصى باستخدام مشغلي مسيرات إسرائيليين مرخصين بمقدورهم الحصول على تصاريح من السلطات لإقلاع المسيرات وعلى التأمين المناسب لها.
هل توجد قيود على الحركة؟
  • يستطيع الصحفيون الأجانب التنقل بحرية من إسرائيل إلى الضفة الغربية وحولها، ولكن ينبغي العلم أن حدوث تواجد أمني كثيف وفرض قيود مفاجئة على التنقل هو أمر شائع.

ورغم عدم وجود حواجز تفتيش عند دخول الضفة الغربية من إسرائيل، إلا أنه يجب المرور عبر حواجز تفتيش “حدودية” عند العودة من الضفة الغربية إلى إسرائيل. كذلك توجد حواجز تفتيش حول المستوطنات الإسرائيلية كما وتوجد “حواجز تفتيش متنقلة” في مختلف أنحاء الضفة الغربية. إن بعضاً من هذه الحواجز المتنقلة هو دائم نسبياً، كما هي الحال بالنسبة للحاجز بين نابلس وجنين، فيما يتم نصب حواجز تفتيش أخرى بإخطارات قصيرة المدة. ولا يواجه الصحفيون الأجانب في المعتاد أية مشاكل في المرور عبر حواجز التفتيش، غير أنه يتعين على المراسلين حمل بطاقات التعريف المناسبة واتباع كافة التوجيهات الرسمية وأن يكونوا جاهزين للإجابة عن أسئلة حول طبيعة مهمتهم والمعدات التي يحملونها.

يمكن للصحفيين والمرافقين الفلسطينيين عبور حواجز التفتيش “الحدودية” إذا كان يحملون التصريح المناسب لدخول إسرائيل أو إذا كانوا مواطنين إسرائيليين أو مقيمين فيها. ويُفترض نظرياً أن يتمكن كافة الصحفيين، بمن فيهم الفلسطينيون، من عبور حواجز التفتيش “المتنقلة” أو الأطواق التي تضربها الشرطة، إلا أنه لا توجد ضمانة بأن الشرطة أو الجيش الإسرائيليين سيسمحان لأي شخص بعبور الحاجز.

  • يوصى بحمل تصاريح المرور الصحفية الرسمية مع أنها غير مطلوبة من الصحفيين الأجانب في الضفة الغربية. ويمكن الحصول على هذه التصاريح من كل من المكتب الإعلامي في الحكومة الإسرائيلية ووزارة الإعلام الفلسطينية. ويمكن للمراسلين تقديم طلب للحصول على تصريح مرور صحفي إلكترونياً ولكن يتعين عليهم الحضور شخصياً لاستلامه.

ويوصى الصحفيون الأجانب بشدة بتقديم طلب للحصول على تصريح مرور صحافة، فمن شأن ذلك أن يمنحهم مستوى إضافياً من الحماية لأنه يؤكد على الوضعية المحمية لحامله بصفته عضواً في الإعلام الأجنبي، ويساعد في عبور حواجز التفتيش – وخصوصاً تلك التي يتم وضعها على خلفية المداهمات الأمنية – وييسر من إمكانية الوصول إلى المسؤولين العسكريين والحكوميين.

أما الصحفيون الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية فيمكنهم الحصول على أوراق الترخيص الصحفي من السلطة الفلسطينية من خلال نقابة الصحفيين الفلسطينيين. وتسمح تصاريح المرور الصحفي الفلسطينية بالدخول إلى المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية فقط، وهي لا تساعد عادةً في تيسير تعاملات الصحفيين الفلسطينيين مع قوات الدفاع الإسرائيلية أو الشرطة الإسرائيلية.

حالات الطوارئ الطبية – الأساسيات
  • يجب على كافة وسائل الإعلام أن تتأكد من أن لديها تأميناً طبياً يغطي العمل في الضفة الغربية ويتضمن المستوى المناسب من التغطية الطبية والطارئة.
  • تمتلك المرافق الصحية في إسرائيل والضفة الغربية الدراية اللازمة لمعالجة حالات الطوارئ الطبية شائعة الحدوث في مناطق النزاعات.
  • رقم الطوارئ هو 101 سواء في الأراضي الإسرائيلية أو الفلسطينية، وعادة ما يجيد مأمورو المقاسم التحدث باللغة الإنجليزية. كما أن خدمات الطوارئ الإسرائيلية والفلسطينية هي على مستوى عالٍ من المهنية، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بأشخاص أجانب، وتنسق فيما بينها من أجل إيصال الحالة إلى أقرب مستشفى.
  • وثمة بعض التقارير التي تفيد بمنع سيارات الإسعاف من دخول مناطق المواجهات، لكن ذلك ليس هو العرف السائد.
الأمن الرقمي
  • إن لجنة حماية الصحفيين على علم بوجود خطر عالي المستوى للمراقبة الرقمية للصحفيين من قبل الحكومة الإسرائيلية. غير أن الدخول إلى شبكة الإنترنت لا يتم حجبه عموماً في الضفة الغربية.
  • وينبغي على الصحفيين الأجانب أن يدركوا أنه حتى لو لم تكن أجهزتهم عرضة للاختراق، فإن أنظمة المراقبة الإسرائيلية في الضفة الغربية متطورة وواسعة النطاق وبالتالي فإن أجهزة الفلسطينيين الذين يتفاعل معهم هؤلاء الصحفيين قد تكون مخترقة.
  • قد تخضع الأجهزة الإلكترونية التابعة للصحفيين للتفتيش في المطار وخاصة عند مغادرتهم إسرائيل، وبالتالي يتوجب عليهم اتخاذ كافة التدابير المناسبة لحماية معلوماتهم الحساسة. للمزيد من المعلومات في هذا الصدد، انظر مجموعة أدوات الأمن الرقمي من لجنة حماية الصحفيين.

للمزيد من المعلومات حول المصادر المتعلقة بالسلامة الجسدية والنفسية والأمن الرقمي للصحفيين، يرجي زيارة صفحة لجنة حماية الصحفيين الخاصة بحالات الطوارئ.