24 سبتمبر/أيلول 2015
فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي
مكتب الرئيس
قصر الاتحادية
القاهرة، جمهورية مصر العربية
عبر الفاكس رقم: +202 2 391 1441
عبر البريد الإلكتروني: [email protected]
تكتب لجنة حماية الصحفيين إليكم كي تعرب عن انشغالها من جراء المناخ المتدهور لحرية الصحافة في مصر، وذلك قبل بضعة أيام من الخطاب الذي ستلقونه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع القادم.
لقد تحدثتم العام الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وقلتم إنكم تعملون على بناء “مصر الجديدة” التي “تحترم وتفرض سلطة القانون، وتضمن حرية الرأي للجميع، وتكفل حرية العقيدة والعبادة لأبنائها”. كما قلتم إن الهدف من الدستور المصري الجديد هو “بناء حاضر ومستقبل مشرق”.
فخامة الرئيس، إن تصريحاتكم تلك تتناقض تماماً مع التصرفات التي قامت بها حكومتكم خلال العام الماضي. ففي حين أننا نرحب بالعفو الرئاسي الذي صدر يوم الأربعاء وشمل صحفيَين عاملَين في قناة الجزيرة، لكن الواقع المستمر هو أن الصحفيين ما زالوا يتعرضون للاعتقال والمضايقات والتهديد بسبب عملهم، وذلك إلى مستويات غير مسبوقة في مصر.
فخامة الرئيس، عندما تصلون إلى نيويورك وتتحدثون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الأسبوع المقبل، سوف تَسْعون إلى تسليط الضوء على إنجازات حكومتكم. إلا أن الفشل في تحقيق الالتزامات التي تعهدتم بها العام الماضي يمكن أن يضعف رسالتكم. وكثيراً ما يواجه الصحفيون تهمة “تشويه صورة مصر” خلال قيامهم بعملهم في التغطية الإخبارية. ولكن في الواقع، ما من شيء يسيء لصورة مصر أكثر من تصرفات الحكومة في قمعها لجميع أشكال النقد.
التقى وفد من لجنة حماية الصحفيين في فبراير/شباط مع مسؤولين كبار من حكومتكم وناقشت معهم شواغلها بشأن بيئة حرية الصحافة في مصر، بما في ذلك احتجاز الصحفيين. وكان أعضاء الوفد يسمعون باستمرار خلال اجتماعاتهم بأن الدستور المصري الجديد يحمي حرية الصحافة وأنه لا يوجد صحفيون في السجون بسبب عملهم.
بيد أن تقصياتنا المتأنية تظهر أن عدد الصحفيين المحتجزين في مصر بسبب عملهم ازداد منذ أن أجرينا إحصاءنا السنوي للصحفيين السجناء في ديسمبر/كانون الأول. ويوجد حالياً 18 صحفياً على الأقل محتجزين في مصر بسبب عملهم، حسبما تُظهر بيانات لجنة حماية الصحفيين. وأفاد عدد من الصحفيين المحتجزين أنهم تعرضوا لإساءة معاملة وإيذاء وظروف فظيعة في السجن، حسبما ورد في رسائلهم إلى عائلاتهم.
لقد تعهدتم في فبراير/شباط بالإفراج عن أي مسجون سجن ظلماً. بيد أن المصور الصحفي المستقل محمود أبو زيد، والمعروف أيضاً باسم شوكان، ما زال محتجزاً منذ 14 أغسطس/آب 2013، وهو اليوم نفسه الذي غطى فيه عملية تفريق اعتصام رابعة العدوية في القاهرة. وقد تجاوزت فترة احتجازه المدة القانونية للحبس الاحتياطي والتي تبلغ سنتين، حسبما أفاد محاميه. كما أن شوكان مصاب بالتهاب الكبد الوبائي، وقد تراجع وضعه الصحي في السجن. وأحيلت قضيته إلى المحكمة مؤخراً فقط، ومن المفترض أن تبدأ محاكمته في 12 ديسمبر/كانون الأول.
وصدرت أحكام بالسجن مدى الحياة ضد ثلاثة صحفيين آخرين – عبد الله الفخراني، وسامحي مصطفى، ومحمد العادلي – وذلك أثناء محاكمة جماعية جرت في أبريل/نيسان الماضي. وقد أدينوا باتهاما “نشر الفوضى” و “نشر معلومات كاذبة” خلال تغطيتهم لفض اعتصام رابعة العدوية. وستبدأ محاكمة الاستئناف في 1 أكتوبر/تشرين الأول.
نحن نطالبكم بضمان الإفراج عن جميع الصحفيين المحتجزين بسبب عملهم. وينبغي أن يكون العاملون في الصحافة في كل مكان قادرين على العمل علناً وبحرية ودون خشية من الانتقام أو المضايقات أو السجن.
وفي واقع الأمر، تضاءل الفضاء المتاح أمام التعبير الناقد تضاؤلاً شديداً بسبب هذه التهديدات. باسم يوسف، الذي حاز على الجائزة الدولية لحرية الصحافة في عام 2013 والتي تقدمها لجنة حماية الصحفيين، هو فنان مصري ساخر وكان يعلق بانتظام على الأحادث الجارية في برنامج التلفزيوني الذي كان من أكثر البرامج رواجاً في المنطقة. وهو يعيش في الولايات المتحدة حالياً، وقال مؤخراً لناقديه عبر صفحته على موقع فيسبوك إنه تلقى تهديدات بالقتل لإجباريه على إيقاف برنامجه. وقال إن والد منتج البرنامج اعتُقل بتهمة دعم الإرهاب في عام 2013 – في الليلة ذاتها التي عاد فيها برنامجه للبث – وأُبلغ بأن اعتقاله تم بسبب العمل الذي يقوم به باسم يوسف. وأضاف باسم يوسف بأن أسرته في مصر ما زالت تتلقى تهديدات كلما قال شيئاً ناقداً في مؤتمر أو عبر موقع تويتر.
قُتل 10 صحفيين على الأقل في مصر بسبب عملهم منذ بدء الثورة المصرية في بدايات عام 2011. وفي حين لم يُقتل أي منهم منذ تسلمكم زمام السلطة، إلا أنه لم يخضع أي أحد للمساءلة بسبب أي من هذه القضايا. ونحن نناشدكم فتح تحقيقات بشأن مقتل هؤلاء الصحفيين والكشف عن الجناة ومحاسبتهم. فالطريقة الوحيدة لكسر حلقة الإفلات من العقاب هي جلب قتلة الصحفيين لمواجهة العدالة، وهو أمر فشلت السلطات المصرية في تحقيقه.
فخامة الرئيس السيسي، هذا هو الواقع الذي يواجهه الصحفيون في بلدكم، ولن يتغير هذا الواقع بالكلمات والخطابات. وما هو مطلوب هو إجراءات ملموسة لبناء “المستقبل المشرق” الذي تتصورونه لبلدكم. نحن نناشدكم بالإفراج عن جميع الصحفيين السجناء وضمان الشروع في تحقيقات بشأن قضايا قتل الصحفيين التي حدثت في السنوات الأخيرة.
مع أطيب التحيات،
جويل سايمون
المدير التنفيذي
نسخة إلى:
علاء يوسف، المتحدث باسم الرئيس عبد الفتاح السيسي
أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية
مدحت بسيوني، مساعد وزير العدل لشؤون حقوق الإنسان
ياسر رضا، سفير جمهورية مصر العربية في واشنطن
عمرو عبد اللطيف أبو العطا، ممثل جمهورية مصر العربية في الأمم المتحدة
سمانثا باور، ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة