البلدان العشرة الأكثر فرضاً للرقابة في العالم

الحكومات القمعية تستخدم أساليب رقمية معقدة لفرض الرقابة على الصحفيين ومراقبتهم، إلى جانب الأساليب التقليدية لإسكات وسائل الإعلام المستقلة. تقرير خاص من لجنة حماية الصحفيين

أريتريا هي البلد الأكثر فرضاً للرقابة في العالم، وفقاً لقائمة أعدتها لجنة حماية الصحفيين. وتستند القائمة إلى أبحاث لجنة حماية الصحفيين حول استخدام أساليب تتراوح ما بين سجن الصحفيين والقوانين القمعية إلى الرقابة المفروضة على الصحفيين والقيود على استخدام شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

تنص المادة 19 من الإعلان الدولي لحقوق الإنسان، على أنه يحق لكل شخص التماس الأنباء والتعبير عن آرائه. وتنتهك هذه البلدان العشرة المعايير الدولية من خلال حظر وسائل الإعلام المستقلة أو تقييدها بشدة، ومن خلال ترهيب الصحفيين بالسجن والرقابة الرقمية والشخصية وأشكال أخرى من المضايقة من أجل إسكاتهم. وتنتشر الرقابة الذاتية على نطاق واسع في هذه البلدان.

وفي البلدان الثلاثة التي تحتل أعلى القائمة–أريتريا وكوريا الشمالية وتركمانستان–تعمل وسائل الإعلام كبوق دعاية للدولة، وتضطر الصحافة المستقلة للعمل من المنفى. أما الصحفيون الأجانب القلائل الذين يُسمح لهم بدخول تلك البلدان، فيتعرضون لمراقبة لصيقة.

وتستخدم البلدان الأخرى الواردة على القائمة مزيجاً من الأساليب الفجة، من قبيل المضايقات والاحتجاز التعسفي إلى جانب أساليب المراقبة المعقدة والقرصنة المستهدَفة للأجهزة الإلكترونية لإسكات الصحافة المستقلة. وباتت المملكة العربية السعودية والصين وفيتنام وإيران ماهرة بصفة خاصة في تنفيذ نوعين من الرقابة: سجن الصحفيين وأفراد أسرهم ومضايقتهم، وفي الوقت نفسه الانهماك في مراقبة رقمية وفرض رقابة على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

وتقتصر القائمة على البلدان التي تفرض فيها الحكومات سيطرة محكمة على وسائل الإعلام. وثمة بلدان من قبيل سوريا واليمن والصومال تتسم ظروف الصحفيين وحرية الصحافة فيها بصعوبة شديدة، إلا أن هذه الصعوبة لا تُعزا حصراً إلى الرقابة التي تفرضها حكومات تلك البلدان، وأنما تنجم عن عوامل من قبيل النزاعات العنيفة، وعدم كفاية البنية التحتية، ودور الجهات الفاعلة من غير الدول، مما يخلق أوضاعاً خطيرة للصحافة.


1- أريتريا

القيادة: الرئيس أسياس أفورقي، في السلطة منذ عام 1993.

كيف تعمل الرقابة: أغلقت الحكومة كافة وسائل الإعلام المستقلة في عام 2001. وأريتريا هي الدولة التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين في بلدان منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إذ كانت تحتجز في 1 ديسمبر/ كانون الأول 2018 ما لا يقل عن 16 صحفياً؛ ومعظمهم احتُجزوا منذ حملة القمع التي جرت في عام 2001، ولم يُحاكم أي منهم. ووفقاً لمنظمة ‘المادة 19’ المعنية بحرية التعبير، يتضمن قانون الصحافة الصادر في عام 1996 متطلبات تفرض على وسائل الإعلام الترويج “للأهداف الوطنية”. وتحتفظ الدولة باحتكار قانوني لوسائل البث الإعلامي، ويلتزم الصحفيون العاملون في وسائل الإعلام الحكومية بالخط التحريري الذي تحدده الحكومة خشية من تعرضهم للانتقام. أما المصادر البديلة للمعلومات، من قبيل شبكة الإنترنت أو وسائل البث الساتلي للمحطات الإذاعية الموجودة في المنفى، فهي مقيدة عبر التشويش على موجات البث الذي تمارسه الحكومة أحياناً، إضافة إلى سوء نوعية خدمة الإنترنت التي تسيطر عليها الحكومة، وفقاً لمنظمة ‘أكاديمية دي دبليو’. ويبلغ معدل انتشار الإنترنت مستوى متدنياً جداً، إذ يصل إلى 1% فقط من السكان، وفقاً للاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة. ويُضطر المستخدمون لزيارة مقاهي الإنترنت، حيث تجري مراقبتهم بسهولة. ويشير تقرير صدر في مارس/ آذار 2019 عن منظمة ‘التعاون المعني بالسياسة الدولية للاتحاد الدولي للاتصالات لمنطقتي شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي’ أن النظام الاستبدادي للدولة مفرط في “قسوته وسيطرته” مما “جعل إصدار أوامر وتوجيهات صريحة بتعطيل الإنترنت أمراً غير ضروري”. ومع ذلك، أفادت محطة ‘بي بي سي’ في 15 مايو/ أيار عن عملية إغلاق لوسائل التواصل الاجتماعي في أريتريا، عشية احتفالات البلد بعيد الاستقلال. ومع فتح الحدود مع إثيوبيا في أواسط عام 2018، حصل بعض الصحفيين الأجانب على وثائق اعتماد خاصة لزيارة أريتريا، وفقاً لمجلة ‘ذي إيكونومسيت’، بيد أن إمكانية تجولهم كانت مقيدة إلى حدٍ ما.

واقعة قاتمة تحت الضوء: توفي ما يصل إلى سبعة صحفيين أثناء وجودهم في السجن، وفقاً لتقارير لم تتمكن لجنة حماية الصحفيين من التحقق منها بسبب مناخ الخوف والسيطرة المحكمة التي تفرضها الدولة. وقد رفضت الحكومة جميع الطلبات لتوفير معلومات ملموسة حول مصير الصحفيين السجناء. وفي يونيو/ حزيران 2019، أصدر أكثر من 100 صحفي وباحث وناشط حقوقي من أفريقيا رسالة مفتوحة إلى أفورقي يطالبون فيها بزيارة الصحفيين والناشطين المحتجزين منذ مدة طويلة؛ ولكن رفضت وزارة الإعلام الأريترية هذا الطلب رفضاً قاطعاً واعتبرته “غير ملائم”.

رئيس أريتريا، أسياس أفورقي، ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أثناء مراسيم احتفال بمناسبة إعادة افتتاح السفارة الأريترية في إديس أبابا بإثيوبيا في 16 يوليو/ تموز 2018. إلا أن هذا التحسن الأخير في العلاقات بين البلدين لم يؤدي إلى تحسين ظروف وسائل الإعلام في أريتريا. (رويترز/تيكسا نيجيري)


2- كوريا الشمالية

القيادة: كيم جونغ أون، الذي خَلَف والده، كيم جونغ إيل المتوفى في عام 2011.

كيف تعمل الرقابة: تنص المادة 67 من دستور البلد على حرية الصحافة، بيد أن جميع محتوى الصحف والدوريات ووسائل البث في كوريا الشمالية تأتي من وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية، والتي تركز على تصريحات القيادة السياسية وأنشطتها. وتلتزم وكالة الأنباء المركزية الكورية بقيودة مشددة في تغطية الأخبار الأجنبية، ولكنها أوردت تغطية مكثفة حول الزيارة القصيرة التي قام بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى كوريا الشمالية في يونيو/ حزيران 2019، وأشادت بها بوصفها “حدثاً مذهلاً”، حسبما أوردت محطة ‘بي بي سي’. وتدير وكالة ‘أسوشيتد برس’ ووكالة الأنباء الفرنسية مكتبين صغيرين في البلد، إلا أن السلطات منعت دخول مراسلين صحفيين أجانب واحتجزت صحفيين آخرين أو طردتهم. أما إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت العالمية فهي محصورة على النخبة السياسية، ولكن بوسع بعض المدارس والمؤسسات الحكومية الوصول إلى شبكة إنترنت مقيدة بشدة تدعى ‘كوانجميونغ’. ووفقاً لتقرير أصدرته منظمة ‘إنتر-ميديا’، تُعتبر إشارت بث المحطات الإذاعية والتلفزيونية التي يتم التقاطها بوسائل غير قانونية، وأقراص الفيديو الرقمية المهربة (DVD)، هي المصدر الرئيسي للمعلومات المستقلة لأغلبية السكان في كوريا الشمالية. وأوردت مجلة ‘ذا ديبلومات’ الإلكترونية أنه منذ استلم كيم جونغ أون السلطة زادت السلطات من استخدام وسائل حجب البث الإذاعي إضافة إلى أجهزة متقدمة لمنع الناس من مشاطرة المعلومات. وحسب صحيفة ‘هانيوريه’ التي تصدر في كوريا الجنوبية اشترك منذ مارس/ آذار 2019 ما لا يقل عن أربعة ملايين مواطن في خدمة الهواتف الخلوية في كوريا الشمالية، وتُدعى ‘كوريولينك’، وقد استقت الصحيفة معلوماتها من إحصاءات كورية؛ ومع ذلك، ليس بوسع المشتركين الوصول إلى محتوى خارج كوريا الشمالية.

واقعة قاتمة تحت الضوء: أصدرت محكمة في كوريا الشمالية في سبتمبر/ أيلول 2017 حكماً غيابياً بالإعدام ضد صحفيين اثنين من كوريا الجنوبية بعد أن أدانتهما بتهمة “أهانة كرامة البلد”. وكان الصحفيان، وهما الصحفية سون هيو-ريم من صحيفة ‘دونغ-أ إلبو’ والصحفي يانغ جي-هو من صحيفة ‘تشوسون إيلبو’، قد قابلا مؤلفَي كتاب “أسرار كوريا الشمالية” الذي صدر في عام 2015 وأورد تفاصيل حول الحياة العادية التي يحياها المواطنون في كوريا الشمالية، كما نشر الصحفيان مراجعة للكتاب في صحيفتيهما.

زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، أثناء زيارة إلى بيجين بالصين، في صورة نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية التابعة لكوريا الشمالية في 10 يناير/ كانون الثاني 2019. وتظل كوريا الشمالية إحدى الدول الأشد قمعاً للصحفيين في العالم. (وكالة الأنباء المركزية الكورية عبر رويترز)


3- تركمانستان

القيادة: الرئيس قربانقلي بردي محمدوف، في السلطة منذ عام 2006.

كيف تعمل الرقابة: يتمتع الرئيس محمدوف بسلطة مطلقة على جميع جوانب الحياة في تركمانستان، بما في ذلك الإعلام الذي يستخدمه لترويج ظاهرة عبادة الشخصية التي تركز على شخص الرئيس. وقد عمل النظام على قمع الأصوات المستقلة من خلال احتجاز الصحفيين وسجنهم. كما اضطر صحفيون آخرون للفرار من البلد حسبما أوردت إذاعة أوروبا الحرة/إذاعة الحرية التي يمولها الكونغرس الأمريكي. وتملك الحكومة جميع وسائل الإعلام وتفرض عليها سيطرة محكمة. وثمة عدد قليل من وسائل الإعلام التي تركز على تركمانستان تعمل من المنفى، من قبيل صحيفة ‘خرونيكا تركمانستانا’ (وقائع تركمانستان)، ويتعرض أي مواطن يسعى للوصول إلى الموقع الإلكتروني التابع للصحيفة للمساءلة من السلطات، حسبما أوردت منظمة ‘أوبن ديموكراسي’ [الديمقراطية المفتوحة]. ويستخدم مراسلو القسم الخاص بتركمانستان في إذاعة أوروبا الحرة/إذاعة الحرية اسماء مستعارة، إذ تعرّض بعضهم للسجن واعتداءات والمنع من دخول البلد. وتبلغ نسبة السكان الموصولين بخدمة الإنترنت 21% فقط، وفقاً للاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة. وتعمد السلطات إلى حجب المنشورات المستقلة على شبكة الإنترنت وتحظر استخدام الشبكات الخصوصية الافتراضية (VPNs) وغيرها من الوسائل التي تتيح حجب هوية أصحاب المواقع الإكترونية، وفقاً لمؤشر استدامة الإعلام للعام 2017 الصادر عن المجلس الدولي للبحوث والمبادلات (IREX). ومن النادر أن تسمح السلطات لوسائل الإعلام الأجنبية بدخول البلد؛ فعشية تنظيم مسابقات فنون القتال والرياضة الداخلية التي عقدت في تركمانستان عام 2017، ألغت السلطات وثائق اعتماد عدة صحفيين بريطانيين، وفقاً لصحيفة ‘غارديان’. وأوردت إذاعة أوروبا الحرة/إذاعة الحرية في فبراير/ شباط 2019 أن السلطات “تسعى للحصول على تقنيات غربية لفرض الرقابة”.

واقعة قاتمة تحت الضوء: منعت السلطات في مارس/ آذار 2019 الصحفية المستقلة، سولتان أتشيلوفا، 69 عاماً، من الصعود إلى الطائرة حينما كان متوجهة في رحلة إلى خارج البلد. وتساهم الصحفية لصحيفة ‘خرونيكا تركمانستانا’، كما ساهمت سابقاً في نشر مواد عبر القسم الخاص بتركمانستان في إذاعة أوروبا الحرة/إذاعة الحرية. وتكتب أتشيلوفا عن الحياة العادية في تركمانستان، وتعرضت سابقاً للاحتجاز من قبل الشرطة، ولاعتداء بدني، وتهديدات بسبب عملها في الصحافة.

الصحفية المستقلة سولتان أتشيلوفا، تظهر في بيتها في مدينة عشق أباد بتركمانستان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وقد احتُجزت وتعرضت لاعتداءات بدنية وتهديدات بسبب عملها. (لجنة حماية الصحفيين عبر موقع ‘خرونيكا تركمانستانا’)


4- المملكة العربية السعودية

القيادة: الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في السلطة منذ عام 2015. ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في السلطة منذ عام 2017.

كيف تعمل الرقابة: شهدت السعودية في ظل محمد بن سلمان تراجعاً كبيراً في حرية الصحافة التي تعاني أصلاً من بيئة قمعية. وتمنح قوانين مناهضة الإرهاب والجرائم الإلكترونية والمحاكم المتخصصة يداً مطلقة للسلطات في سجن الصحفيين والمدونين الذين يحيدون عن الخطاب المؤيد للحكومة؛ وكانت السعودية تحتجز 16 صحفياً في 1 ديسمبر/ كانون الأول 2018. وقد احتجزت السلطات السعودية 9 صحفيين آخرين على الأقل في النصف الأول من عام 2019.  كما تعرض أربعة صحفيين على الأقل لإساءات وتعذيب في السجن أثناء حملة القمع التي شنها محمد بن سلمان، وفقاً لتقييم طبي تم إعداده لإطلاع الملك سلمان، وتم تسريبه إلى صحيفة ‘غارديان’. وبموجب أنظمة صدرت في عام 2011، بات يتعين على أصحاب المواقع الإلكترونية والمدونات وأي شخص ينشر أخباراً أو تعليقات على شبكة الإنترنت الحصول على رخصة من وزارة الثقافة والإعلام. وقد وسّعت السلطات سيطرتها على المحتوى الرقمي، حيث انتشر استخدام وسائل الرقابة الرقمية، وفقاً لصحيفة ‘واشنطن بوست’. ووفقاً لتقارير صدرت في صحيفة ‘نيويورك تايمز’ ومصادر أخرى، استخدمت السلطات تقنيات المراقبة وعدداً كبيراً من المتصيدين والحسابات الوهمية على شبكة الإنترنت لكبح التغطية والنقاش حول المواضيع الحساسة، بما فيها الحرب في اليمن، ولمراقبة الصحفيين السعوديين المعارضين. ووفقاً لتقرير الحرية على شبكة الإنترنت الصادر عن مؤسسة ‘فريدوم هاوس’، تقوم السلطات السعودية بحجب المواقع الإلكترونية التي تزعجها، كما تحجب إمكانية الوصول إلى مزودي الشبكات الخصوصية الافتراضية التي تلتف على وسائل الحجب. ويتمكن المراسلون الصحفيون الأجانب من العمل في السعودية، إلا أن السلطات متقلبة من حيث السماح بدخولهم، كما يواجهون قيوداً في تحركاتهم، وفقاً لدورية ‘كولومبيا جورناليزم ريفيو’.

واقعة قاتمة تحت الضوء: في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، ارتكب عملاء سعوديون–بمن فيهم أشخاص مرتبطون بمحمد بن سلمان–جريمة قتل وحشية ذهب ضحيتها الصحفي جمال خاشقجي الذي يكتب في صحيفة ‘واشنطن بوست’، وذلك داخل القنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا. وكانت السلطات قد استدرجته إلى القنصلية لإتمام وثائق مدنية. وفي يونيو/ حزيران 2019، وصف تقرير صادر عن الأمم المتحدة هذه الجريمة بأنها “إعدام عن سابق إصرار” وتتحمل الحكومة السعودية “المسؤولية” عنها، ودعا إلى إجراء تحقيق بشأن دور محمد بن سلمان في الجريمة.

أشخاص يحملون صور الصحفي السعودي القتيل جمال خاشقجي، أثناء صلاة جنازة رمزية في ساحة مسجد الإيمان في إسطنبول بتركيا جرت في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018. وتُعد جريمة قتل خاشقجي أحد الأمثلة الأشد فداحة على حملة القمع التي شنها النظام السعودي ضد الصحافة المستقلة. (رويترز/حسين إلديمير)


5- الصين

القيادة: الرئيس شي جين بينغ، في السلطة منذ عام 2013.

كيف تعمل الرقابة: تدير الصين جهاز رقابة هو الأوسع والأكثر تعقيداً في العالم. وقد ظل هذا البلد ولمدة عقدين من الزمن تقريباً من بين البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين في العالم، وبلغ عددهم 47 صحفياً سجيناً في 1 ديسمبر/ كانون الأول 2018. وتخضع وسائل الإعلام الخاصة وتلك المملوكة للدولة لإشراف السلطات، وتتعرض وسائل الإعلام التي تتقاعس عن الامتثال لتوجيهات الحزب الشيوعي الصيني لتعليق عملها أو للعقاب، حسبما أوردت تقارير الأنباء. ومنذ عام 2017، بات من غير المسموح لأي موقع إلكتروني أو حساب على وسائل التواصل الاجتماعي توفير خدمة الأخبار على شبكة الإنترنت دون الحصول على إذن من إدارة الفضاء الافتراضي الصينية. ويُمنع مستخدمو شبكة الإنترنت من استخدام محركات البحث والمواقع الإلكترونية الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي الأجنبية، وذلك لوجود جدار الحماية الإلكتروني العظيم الذي تستخدمه السلطات. وأعلنت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في مارس/ آذار 2018 عن أنظمة جديدة تمنع استخدام الشبكات الخصوصية الافتراضية غير المرخصة، والتي يعتمد عليها مستخدمو الإنترنت للتملص من جدار الحماية الإلكتروني. وتقوم السلطات برصد شبكات التواصل الاجتماعي باستخدام برامج حاسوبية للرقابة وموظفين مدربين لفرض الرقابة. كما تحظر السطات استخدام منصات التواصل الاجتماعي الأجنبية من قبيل ‘تويتر’ و ‘فيسبوك’ و ‘يوتيوب’؛ ويمكن الوصول إليها باستخدام الشبكة الخصوصية الافتراضية فقط، بيد أن السلطات وسعت جهود الرقابة إلى درجة البدء في التوجه إلى بيوت الناس لإجبارهم على حذف تغريداتهم، حسبما أوردت صحيفة ‘واشنطن بوست’. ويواجه الصحفيون الأجانب الذين يعملون في الصين رقابة شخصية ورقمية، كما يتم تأخير إصدار تأشيرات السفر لهم أو حرمانهم منها. وقالت رابطة الصحفيين في هونغ كونغ في أغسطس/ آب 2018 إن حرية الصحافة في الجزيرة تراجعت تحت سياسة “بلد واحد”، حيث باتت وسائل الإعلام تمارس قدراً أكبر من الرقابة الذاتية نظراً لغياب القوانين التي تضمن حرية تداول المعلومات.

واقعة قاتمة تحت الضوء: احتجزت السلطات ثلاثة ملايين شخص من أبناء أقليتي الأيغور والتركمان المسلمتين في منطقة جينغيانع الواقعة في الشمال الغربي، وذلك فيما يسمى مخيمات إعادة التثقيف. وقد فرضت السلطات نظام رقابة واسع النطاق في المنطقة. ويُخاطر الصحفيون في المنطقة بالسجن بسبب تغطيتهم اليومية على خلفية اتهامات من قبيل اتهام المرء بأنه “بوجهين”. وقال نادي المراسلين الصحفيين الأجانب في الصين في يناير/ كانون الثاني أن العديد من أعضائه الذين توجهوا إلى المنطقة تعرضوا للتعقّب والرقابة.

زوار يلتقطون صوراً تحت أزهار متفتحة لأشجار كرز، وذلك بالقرب من كاميرا عالية الدقة تعمل بالذكاء الاصطناعي، في حديقة يويوانتان في بيجين بالصين، في 19 مارس/ آذار 2019. وتدير الصين جهاز رقابة معقداً تستخدمه لمراقبة الصحفيين والمواطنين العاديين. (رويترز/معاون صحفي)


6- فيتنام

القيادة: الرئيس والأمين العام للحزب الشيوعي نجوين فو ترونج، في السلطة منذ عام 2018.

كيف تعمل الرقابة: تملك الحكومة بقيادة الحزب الشيوعي جميع وسائل البث والصحف في فيتنام وتسيطر عليها. وثمة عدد كبير من القوانين والمراسيم القمعية تعيق توجيه أي نقد إعلامي لحكومة الحزب الواحد أو سياساتها أو أدائها. وينص قانون الصحافة الصادر في عام 2016 أنه يتعين على الصحافة أن تخدم صوت الحزب ومنظماته ووكالات الدولة. وتُنفَذ الرقابة عبر توجيهات حكومية إلى المحررين في الصحف والإذعات والقنوات التلفزيونية، حيث تحدد لهم المواضيع التي يجب التركيز عليها وتلك التي يجب تحاشيها. ولا يُسمح لأي وسيلة إعلامية إلكترونية مستقلة أن تعمل في فيتنام، باستثناء موقع ‘ريديمبتوريست نيوز’ التابع للكنيسة الكاثوليكية، والمكاتب الإخبارية الأجنبية التي يخضع مراسلوها لرقابة مكثفة ولقيود على تحركاتهم. ويتعين على الصحفيين الأجانب الذين يصلون إلى البلد باستخدام تأشيرات مخصصة للإعلام أن يوظفوا مساعداً تابعاً للحكومة ليتبعهم أينما ذهبوا. وصدر قانون جديد للأمن الرقمي ودخل حيز النفاذ في 1 يناير/ كانون الثاني 2019، وهو يتيح للسلطات وسائل واسعة لفرض الرقابة على المحتوى الرقمي، بما في ذلك مواد تتطلب من شركات التكنولوجيا الكشف عن بيانات المستخدمين وإزالة المحتوى الذي تعترض عليه السلطات، وفقاً لما أوردته وكالة ‘رويترز’. ويعمل هذا القانون على توسيع المرسوم رقم 72 الصادر في عام 2013 الذي منح الدولة سلطات واسعة لفرض الرقابة على المدونات ووسائل التواصل الاجتماعي؛ ووفقاً لمؤسسة ‘إلكترونيك فرونتير’، يواجه مزودو خدمة الإنترنت الذين ينشرون محتوى محظوراً غرامات أو الإغلاق. ومن بين الموضوعات المحظورة موضوعات حقوق الإنسان وأنشطة المعارضين السياسيين. وتُفرَض الرقابة من خلال وسائل تصفية ومراقبة، بما في ذلك من قبل وحدة الحرب السبرانية التابعة للجيش التي يعمل فيها 10,000 عنصر، وتُعرف باسم “القوة 47″، وهي مكلفة بالتصدي “للآراء الخاطئة”، وفقاً لصحيفة ‘فاينانشال تايمز’. ويواجه الصحفيون والمدونون الذين ينشرون تغطية ناقدة بشأن القضايا الحساسة مضايقات أو الاحتجاز على خلفية اتهامات بمناهضة الدولة؛ وكان يوجد 11 صحفياً سجيناً في البلد في 1 ديسمبر/ كانون الأول 2018.

واقعة قاتمة تحت الضوء: اختفى المدون ترونغ دوي نهات بينما كان موجوداً في تايلاند في يناير/ كانون الثاني 2019. ويعمل هذا الصحفي مدوناً في إذاعة آسيا الحرة، وهو معروف بتقاريره الناقدة بشأن الحزب الشيوعي. وانتشرت توقعات آنذاك بأنه اختُطف على يد عملاء فيتناميين. وقد ظهر من جديد في مارس/ آذار في سجن ‘تي-16’ في مدينة هانوي بفيتنام، حيث يجري احتجازه دون أن توجه السلطات ضده أي اتهامات، وفقاً لتقارير الأنباء.

المدون ترونغ دوي نهات أمام المحكمة في مدينة دا نانغ بفيتنام في 4 مارس/ آذار 2014. وقد اختفى في تايلاند في يناير/ كانون الثاني 2019، وأوردت التقارير أنه ظهر من جديد في سجن ‘تي-16’ في هانوي بفيتنام. (وكالة الأنباء الفيتنامية عبر وكالة الأنباء الفرنسية)


7- إيران

القيادة: القائد الأعلى آية الله علي خامنئي، في السلطة منذ عام 1989. الرئيس حسن روحاني، في السلطة منذ عام 2013.

كيف تعمل الرقابة: تقوم الحكومة الإيرانية بسجن الصحفيين، وحجب المواقع الإلكترونية، وتُبقي على مناخ من الخوف من خلال المضايقات والرقابة، بما في ذلك ضد عائلات الصحفيين. ويتوجب على وسائل الإعلام المحلية أن تمتثل للضوابط الحكومية، كما يتعين على جميع الصحفيين الذين يعملون في إيران أن يحصلوا على اعتماد رسمي؛ ويجري تعليق هذه الاعتمادات أو إلغاؤها بصفة منتظمة. ويُسمح لمكاتب وسائل الإعلام الأجنبية بالعمل في إيران، إلا أنها تعمل في ظل قيود مشددة؛ كما عمدت السلطات إلى تعليق تراخيص المراسلين الصحفيين العاملين في وسائل الإعلام الدولية لفترات محددة، وأحياناً تعليقاً نهائياً. وقد اعتقلت السلطات صحفيين وفرضت عليهم عقوبات بالسجن لفترات طويلة بسبب تغطيتهم لموضوعات تعتبر حساسة، بما فيها ما يتعلق بالفساد والاحتجاجات الجماهيرية. وتقمع الحكومة التعبير على شبكة الإنترنت من خلال التجسس على الصحفيين المحليين والدوليين، والتشويش على بث القنوات الفضائية، وحجب ملايين المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي الرئيسية، وفقاً للمركز المعني بحقوق الإنسان في إيران، وراديو ‘فاردا’ الممول من الكونغرس الأمريكي. وعندما خرجت تظاهرات مناهضة للحكومة في جميع أنحاء البلد في أواخر عام 2017 وبدايات عام 2018، عملت الحكومة على تعطيل وإغلاق شبكة الإنترنت وشبكات الهواتف الخلوية، وفقاً لمجلة ‘نيوزويك’. كما حظرت السلطات الوسائل التي تتيح الالتفاف على الرقابة واستخدمت حملات القرصنة والتصيّد على شبكة الإنترنت لاستهداف المراسلين الصحفيين المحليين والدوليين، حسبما أوردت إذاعة ‘فاردا’. وقد حظر المجلس الوطني للفضاء السبراني مواقع ‘تويتر’ و ‘فيسبوك’ و ‘يوتيوب’، إضافة إلى تطبيقات الرسائل الفورية من قبيل ‘تيليغرام’ و ‘واتسآب’، إلا أن هذه المواقع متاحة عبر الشبكات الخصوصية الافتراضية، حسبما أوردت وكالة ‘بلومبيرغ’.

واقعة قاتمة تحت الضوء: أصدر القضاء الإيراني في يناير/ كانون الثاني 2019 حكماً بالسجن لمدة خمس سنوات على الصحفي ياشار سلطاني على خلفية اتهامات بمناهضة الدولة، وذلك لقيامه بنشر سلسلة من المقالات التي كشفت عن فساد مزعوم في صفقات بيع أراضٍ جرت في طهران. وكان سلطاني يعمل مع الموقع الإلكتروني الإخباري المستقل ‘ميماري نيوز’ الذي توقف عن العمل، وكان الموقع يركز حصرياً على المسائل الحضرية والعمرانية.

رجل يستخدم هاتفه الخلوي في طهران بإيران في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، وتظهر صورة للقائد الأعلى آية الله علي خامنئي. وقد زادت الحكومة في السنوات الأخيرة الرقابة على شبكة الإنترنت وأجهزة الاتصال الرقمية، بما في ذلك حظر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل النصية الفورية. (صور ‘أسوشيتد برس’/فاهيد سليماني)


8- غينيا الاستوائية

القيادة: الرئيس تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو، في السلطة منذ عام 1979؛ وهو رئيس الدولة الذي أمضى أطول فترة في الحكم في أفريقيا.

كيف تعمل الرقابة: تحافظ الحكومة على سيطرة محكمة على الكيفية التي يغطي فيها الصحفيون الأخبار في غينيا الاستوائية وطبيعة الموضوعات التي يغطونها. وجميع وسائل البث مملوكة للحكومة، في ما عدا شبكة البث ‘آر تي في – أسونغا’ التي يملكها ابن الرئيس، تيودورو نغويما أبويانغ، الذي يشغل منصب نائب الرئيس أيضاً. وتمنع السلطات وسائل البث المحلية والدولية من تغطية موضوعات محددة تعتبرها بأنها تهدد صورة البلد أو صورة المقربين من الرئيس. وفي حين توجد صحف مملوكة لهيئات خاصة، إلا أن الصحفيين يعملون تحت تهديد الملاحقة القانونية فيما إذا أوردوا تغطية تعتبرها السلطات ناقدة للرئيس أو أسرته أو للحكومة بصفة عامة، مما يدفع الصحفيين إلى ممارسة الرقابة الذاتية، وفقاً لتقرير أصدرته منظمة ‘سيفكوس’ في يونيو/ حزيران 2019. وتتعرض المواقع الإلكترونية التابعة لوسائل الإعلام الأجنبية وللمعارضة السياسية للحجب بصفة منتظمة، وفقاً لإيجاز مقدم من المجتمع المدني أمام الاستعراض الدوري الشامل الذي أجرته الأمم المتحدة في أكتوبر/ تشرين الأول 2018. ويفرض قانون الصحافة والمطبوعات والمواد السمعية والبصرية الصادر في عام 1997 قيوداً على الأنشطة الصحفية، بما في ذلك فرض رقابة مسبقة قبل النشر، كما تظل مخالفات التشهير والقدح جرائم جنائية بموجب القانون الجنائي، وفقاً لمنظمة ‘سيفكوس’ وتقرير حرية الصحافة الصادر عن مؤسسة ‘فريدوم هاوس’. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أغلقت السلطات شبكة الإنترنت في يوم الاقتراع أثناء الانتخابات البرلمانية والبلدية، كما حجبت موقع ‘فيسبوك’ لمدة ثلاثة أسابيع قبل التصويت، وفقاً لتقارير الأنباء ومنظمة المجتمع المدني ‘إي جي جستيس’.

واقعة قاتمة تحت الضوء: اعتقلت السلطات في سبتمبر/ أيلول 2017 رسام الكاريكاتير رامون نسي إيسونو إبالي–الذي كان يعيش في المنفى وعاد إلى البلد لتجديد جواز سفره. وقد جرى التحقيق معه بشأن رسوماته ومدونته التي نشر فيها تعليقات ناقدة حول الرئيس، ثم سُجن لمدة ستة أشهر على خلفية اتهامات ملفقة بغسل الأموال والتزوير. وبعد الإفراج عنه في مارس/ آذار 2018، رفضت السلطات تجديد جواز سفره لعدة أشهر، مما منعه من العودة إلى بيته وزوجته وطفله في السلفادور.

رسام الكاريكاتير رامون نسي إيسونو إبالي من غينيا الاستوائية يمثُل أمام المحكمة في مدينة مالابو في 27 فبراير/ شباط 2018. وكان إبالي قد نشر رسومات وتعليقات على مدونته تتضمن انتقادات للرئيس والحكومة، وقد أفرج عنه في مارس/ آذار 2018 بعد أن أمضى حكماً بالسجن لمدة ستة أشهر على خلفية اتهامات ملفقة بغسيل الأموال والتزوير. (وكالة الأنباء الفرنسية/صاموئيل أوبيانغ)


9- بيلاروس

القيادة: الرئيس ألكساندر ليكاشينكو، في السلطة منذ عام 1994؛ وهو رئيس الدولة الذي أمضى أطول فترة في الحكم في أوروبا.

كيف تعمل الرقابة: تمارس السلطات في بيلاروسيا سيطرة كاملة تقريباً على وسائل الإعلام؛ أما الصحفيون والمدونون المستقلون الإقلاء الموجودون فهم يتعرضون للمضايقات والاحتجاز. وتستهدف الدولة بصفة منتظمة الأفراد ووسائل الإعلام من ذوي التأثير، وغالباً بأساليب علنية تتضمن اعتقال الصحفيين، ومداهمة غرف الأخبار، والشروع في تحقيقات جنائية بسبب التغطية الصحفية. وفي السنوات الأخيرة، حجبت الحكومة المواقع الإلكترونية الإخبارية المستقلة، ومن بينها موقع ‘تشارتر 97’، الذي أسسته الصحفية ناتاليا رادينا التي تعيش في المنفى. ومع تزايد الضغوط الحكومية على وسائل الإعلام المستقلة، تزايد عدد مواطني بيلاروسيا الذين يعتمدون على شبكات التواصل الاجتماعي. وفي تحركات تشريعية جرت مؤخراً لإحكام السيطرة على وسائل الإعلام الرقمية، أقرت الحكومة في عام 2018 مشروع قانون معني “بالأخبار الكاذبة”، وأجرت تعديلات على قانون وسائل الإعلام الجماهيرية لزيادة سيطرتها على المواقع الإلكترونية الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي. وتتمتع الحكومة بسلطة الإشراف على مزودي خدمة الإنترنت، وتحديد معايير أمن المعلومات، وإجراء رقابة رقمية على المواطنين، وإدارة أهم العناوين الإلكترونية على شبكة الإنترنت في بيلاروس، حسب تقرير الحرية على شبكة الإنترنت الصادر عن مؤسسة ‘فريدوم هاوس’.

واقعة قاتمة تحت الضوء: أدانت محكمة في مارس/ آذار 2019 الصحفية ماريانا زولاتافا، رئيسة تحرير الموقع الإلكتروني الإخباري المستقل (Tut.by)، بتهمة الدخول إلى موقع إخباري حكومي باستخدام معلومات دخول تعود إلى شخص آخر، وفرضت عليها غرامة قدرها 7,650 روبل بيلاروسي (ما يعادل 3,600 دولار).

رئيس بيلاروس، ألكساندر ليكاشينكو، يظهر على شاشات التلفزيونات داخل حانوت أثناء خطاب ألقاه في مينسك ببيلاروس في 3 فبراير/ شباط 2017. وشددت الحكومة مؤخراً سيطرتها على المواقع الإلكترونية الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي. (صور ‘أسوشيتد برس’/سيرغي غريتس)


10- كوبا

القيادة: الرئيس ميغيل دياز-كانيل الذي خلَفَ راؤول كاسترو في عام 2018.

كيف تعمل الرقابة: رغم حدوث بعض التحسن في السنوات الأخيرة–بما في ذلك توسيع خدمة الإنترنت الخلوية وإمكانية الوصول اللاسلكي إلى شبكة الإنترنت (واي فاي)–ما زال يوجد في كوبا المناخ الأكثر تشدداً للصحافة في الأمريكيتين. فوسائل البث والمطبوعات تخضع لسيطرة كاملة من الدولة ذات الحزب الواحد، وذلك بحكم القانون الذي يحتم عليها أن “تتوافق مع أهداف المجتمع الاشتراكي”. وقد جرى استفتاء عام حول التغييرات الدستورية التي أقرت في فبراير/ شباط 2019، إلا أن هذه التغييرات لم تتضمن أي تخفيف للقيود المفروضة على الإعلام، مما شكّل فرصة مهدورة. وقد بدأت كوبا تدريجياً بتوفير خدمة الإنترنت للبيوت في عام 2017، وإمكانية الحصول على البيانات عبر وسائل الاتصالات الخلوية في عام 2018، بيد أن هذه الخدمات مرتفعة الكلفة إلى حد كبير بحيث لا يتمكن معظم الكوبيين من تحملها، إذ تصل كلفة 4 جيجابايت من البيانات إلى حوالي 30 دولاراً، وهذا المبلغ يكافئ معدل الأجر الذي تقدمه الحكومة للموظفين في عام 2017. ورغم أن شبكة الإنترنت أتاحت بعض المجال للتغطية الإخبارية الناقدة، إلا أن الشركة المزودة للخدمة والمملوكة للحكومة، وتدعى (ETECSA)، تحجب المحتوى الذي تعترض عليه السلطات، وتقيد إمكانية الوصول إلى بعض المدونات والمنصات الإخبارية الناقدة، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة ‘المرصد المفتوح للتدخل في شبكة الإنترنت’، والتي تجمع بيانات بشأن التلاعب بشبكة الإنترنت. ويستخدم بعض الصحفيين والمدونين المستقلين مواقع إلكترونية مُستضافة في الخارج. وتستهدف الحكومة الصحفيين الناقدين من خلال المضايقات والمراقبة الشخصية والرقمية، والاحتجاز لفترات قصيرة، ومداهمة البيوت، ومصادرة المعدات. وتمثل تغطية الكوارث الطبيعية إحدى النقاط الخلافية المهمة: فقد احتجزت السلطات عدة صحفيين ممن غطوا تبعات الأعاصير التي وقعت في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وسبتمبر/ أيلول 2017. ويمنح المسؤولون تأشيرات السفر للصحفيين الدوليين بصفة انتقائية، وفقاً لتقرير حرية الصحافة الصادر عن مؤسسة ‘فريدوم هاوس’.

واقعة قاتمة تحت الضوء: احتجزت الشرطة في أبريل/ نيسان 2019 الصحفي روبيرتو هيسوس كوينونيس، الذي يساهم في الموقع الإلكتروني الإخباري ‘كوبا نيت’، وذلك خارج محكمة في غوانتانامو حيث كان يغطي محاكمة، وقام عناصر الشرطة بضربه أثناء نقله إلى مركز الشرطة. وقد تعرض كوينونيس لمضايقات من السلطات الكوبية في الماضي، وهو ممنوع من مغادرة البلد، واحتُجز عدة مرات، وفقاً للموقع الإلكتروني (CubaNet).

رجل يجلس أمام ملصق يحمل صورة قائد كوبا المتوفى، فيديل كاسترو، عند مقر التلفزيون والإذاعة الحكوميين في هافانا بكوبا في 14 مارس/ آذار 2017. ويسود كوبا المناخ الأكثر تقييداً للصحافة في الأمريكيتين. (صور ‘أسوشيتد برس’/ديزموند بويلان)

المنهجية

تقيّم قائمة البلدان العشرة الأكثر فرضاً للرقابة ممارسات الرقابة المباشرة وغير المباشرة التي تفرضها الحكومات، وذلك استناداً إلى تقصيات لجنة حماية الصحفيين، إضافة إلى خبرات موظفي اللجنة. ويتم تقييم البلدان بناءً على سلسلة من النقاط المرجعية، من بينها:

  • غياب وسائل الإعلام المستقلة المملوكة ملكية خاصة، أو فرض قيود عليها
  • قوانين التشهير الجنائية؛ وفرض القيود الجنائية على نشر المعلومات الكاذبة
  • حجب المواقع الإلكترونية
  • التشويش على بث وسائل الإعلام الأجنبية
  • منع دخول المراسلين الصحفيين الأجانب
  • الرقابة على الصحفيين من قبل السلطات
  • القيود على تحركات الصحفيين
  • فرض متطلبات ترخيص على مزاولة الصحافة
  • القيود على التسجيل والنشر الإلكتروني
  • ممارسة القرصنة المستهدفة ضد الإجهزة الرقمية وحملات التصيّد الرقمي
أيضا متاح
أكثر على
أكثر على