تصاعد حاد في الاعتداءات على الصحافة في مصر؛ ومقتل صحفي

نيويورك، 12 تشرين الأول/أكتوبر 2011 – تحولت تظاهرة جرت يوم الأحد ضد القمع الديني نظمها المسيحيون الأقباط ومؤيدوهم إلى مصادمات قاتلة بين الجيش والمدنيين مما أدى إلى مقتل عشرات المواطنين ومن بينهم صحفي. وتعرب لجنة حماية الصحفيين عن شجبها لعمليات مداهمة جرت ضد قناتين تلفزيونيتين، وقطع التيار الكهربائي وخدمة الهاتف والإنترنت عن صحيفة مستقلة بارزة، وجميعها حدثت بالتزامن معاً. كما تعرب لجنة حماية الصحفيين عن قلقها جراء ما يظهر أنه يمثل تحريضاً على العنف من قبل التلفزيون المصري المملوك للدولة خلال الفترة نفسها.

قُتل الصحفي وائل ميخائيل الذي يعمل مصوراً مع تلفزيون ‘الطريق’ التابع للطائفة القبطية، وذلك إثر إصابته بالرصاص في رأسه بينما كان يصور المصادمات بين الجيش والمتظاهرين أمام مقر اتحاد الإذاعة والتلفزيون، والذي يشار إليه باسم ماسبيرو، حسبما أوردت المحطة التلفزيونية على موقعها على شبكة الإنترنت. وبالمجمل، نجم عن المصادمات ما لا يقل 25 حالة وفاة إضافة إلى إصابة المئات بجراح، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية ودولية.

 

وقال محمد عبد الدايم، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، “إننا نشعر بالفزع جراء لجوء السلطات المصرية لاستخدام العنف والترهيب لفرض الرقابة على التغطية الإخبارية، بدلاً من أن تجري تحقيقات جدية بشأن الظروف التي قادت إلى هذه المأساة الوطنية والموت المفجع للمصور الصحفي وائل ميخائيل”.

 

وقامت قوات الأمن بمداهمة مكاتب تلفزيون ‘قناة 25’، وهو محطة إخبارية تأسست بعد الإطاحة بنظام مبارك في شباط/فبراير. وأوردت القناة التي يقع مقرها بجوار مبنى ماسبيرو أن قوات الأمن اقتحمت مكاتبها في الساعة السابعة مساءً حيث قام عناصر الأمن بتحطيم الأبواب والشبابيك وتفتيش موظفي القناة وأجبروا القناة على التوقف عن البث. وتشير مقاطع مصورة لعملية المداهمة إلى أن الحادثة كانت عنيفة وصادمة للموظفين. وقال العديد من الصحفيين إن الغرض من المداهمة على ما يبدو هو مصادرة شريط مصور تم بثه يظهر عناصر من قوات الأمن تدهس المتظاهرين بحاملات الجنوب وتطلق الرصاص على الجموع. وقد انتشر المقطع المصور حول عملية الدهس على شبكة الإنترنت منذ ذلك الوقت.

 

كما داهمت قوات الأمن مكاتب قناة ‘الحرة’ الممولة من الحكومة الأمريكية، والتي يقع مقرها في البناية التي تضم تلفزيون ‘قناة 25’ أيضاً، حسبما أوردت القناة. وتظهر المقاطع المصورة من هذه المداهمة، والتي جرت أثناء بث حي من استديو القناة، مذيعاً متوتراً ظل على الهواء وحاول تهدئة الجنود الذين اقتحموا الاستديو وهم يشهرون أسلحة آلية بينما كانوا يفتشون الاستوديو، وقاموا بمضايقة الموظفين وعطلوا البث.

 

نشرت صحيفة ‘الشروق’ اليومية على موقعها على شبكة الإنترنت مقاطع مصورة تظهر عشرات القتلى والجرحى من المتظاهرين متناثرين على الأرض، وبعد ذلك بفترة وجيزة تم قطع التيار الكهربائي وخطوط الهاتف وخدمة الإنترنت عن الصحيفة مرتين خلال مساء يوم الأحد، وذلك على ما يبدو لمحاولة احتواء تلك المقاطع المصورة، حسبما أوردت الصحفية في تعليق نشرته على موقع تويتر.

 

وقد استعرضت لجنة حماية الصحفيين تغطية التلفزيون الحكومي المصري للمصادمات التي كانت تجري أمام مقر التلفزيون، ووجدت اللجنة أن هذه التغطية بأكملها كانت تحريضية. فخلال بث حي على الهواء، أورد المذيعون مزاعم تبيَّن لاحقاً أنها زائفة، من بينها أن المتظاهرين قتلوا عددا من الجنود، في حين امتنع التلفزيون عن الإشارة إلى المدنيين القتلى. وفي إحدى اللحظات أثناء هذه التغطية، دعا مذيع جمهور المتفرجين أن يتوجهوا إلى مكان المصادمات “للدفاع” عن الجيش من “المتظاهرين المسيحيين الغاضبين”، حسبما أوردت صحيفة ‘الأهرام أونلاين’ شبه الرسمية. وقد استنكر الصحفيون والمعلقون المصريون، وعلى نطاق واسع، التغطية التي أوردها التلفزيون الحكومي.

 

وفي يوم الثلاثاء، دافع وزير الإعلام المصري، أسامة هيكل، عن تغطية التلفزيون الحكومي، وأضاف أنه شكّل لجنة مستقلة كي تتفحص عن كثب تغطية التلفزيون الحكومي خلال الفترة المعنية، حسبما أوردت وسائل إعلام محلية.

 

وقال محمد عبد الدايم، “لقد كانت التغطية الإخبارية التي أوردها التلفزيون الحكومي في يوم الأحد تغطية تحريضية، ويجب على السلطات أن تضمن إجراء تحقيق موثوق وشامل وشفاف بشأنها. وفي حين أننا نقر بواجب الصحفيين بعرض الأخبار والآراء من وجهات نظر متعددة، إلا أن مناشدة الجمهور للقيام بأعمال عنيفة هو أمر يتجاوز كل الخطوط”.

 

وتأتي هذه المداهمات والتغطية التحريضية للتلفزيون الحكومي في أعقاب “تحذير” رسمي أصدرته السلطات في 4 تشرين الأول/أكتوبر إلى قناتين فضائيتين مستقلتين. فقد وجهت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة اتهاماً لقناة “أون تي في” ببث برامج لا تتسق مع نوع الرخصة التي حصلت عليها القناة. كما اتهمت الهيئة قناة أخرى هي قناة ‘دريم تي في’ بانتهاك “قانون الإعلام وأخلاقياته” بسبب برنامج تلفزيوني قام خلاله مقدم برامج بالتعبير عن آرائه الخاصة. وتجتذب القناتان جمهورا عريضا من المشاهدين في مصر، وهما معروفتان ببرامجهما السياسية، والتي كثيراً ما تتضمن تعليقات ناقدة للمجلس العسكري الحاكم.