نيويورك، 7 شباط/فبراير 2011 – قالت لجنة حماية الصحفيين اليوم إن السلطات المصرية غيرت إستراتيجيتها في إعاقة الصحافة في الوقت الذي دخلت فيها التظاهرات يومها الرابع عشر: فقد أصبح الجيش هو القوة المسيطرة التي تحتجزالصحفيين وتصادر معداتهم، ويكون بذلك قد حل محل عناصر الشرطة الذين يرتدون ملابس مدنية ومؤيدي الحكومة. كما وضعت السلطات عقبات بيروقراطية جديدة أمام الصحفيين الذين يغطون التظاهرات المناهضة لمبارك في ميدان التحرير، وقد أخذ الجيش يطلب من المراسلين الصحفيين الحصول على بطاقات اعتماد صحفية جديدة من الحكومة.
وقال محمد عبد الدايم، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، “نحن نحمّل الجيش المصري المسؤولية المباشرة عن الجهود المنهجية الجارية لتقييد عمل الصحفيين وإساءة معاملة الصحفيين الذين يتم احتجازهم. نحن نطالب الجيش والحكومة المصريين باحترام عمل الصحافة والإفراج عن أي صحفي محتجز، وإجراء تحقيق فوري بشأن مزاعم تعرّض الصحفيين لإساءة المعاملة والإيذاء الجسدي”.
وأفاد محررون صحفيون أجانب في الولايات المتحدة ومراسلون صحفيون من داخل مصر للجنة حماية الصحفيين أن الحكومة تقوم بمصادرة بطاقات الاعتماد الصحفية وغيرها من بطاقات إثبات الهوية، وتطلب من الصحفيين التوجه إلى وزارة الإعلام لتقديم طلبات للحصول على بطاقات اعتماد جديدة مؤقتة. وقال عدة صحفيين للجنة حماية الصحفيين إنه تم إبلاغهم أن عليهم الحصول على بطاقات اعتماد صحفية جديدة من الحكومة، بمن فيهم صحفي طُلب منه الأمر نفسه من السفارة الأمريكية في القاهرة. (ولم تتمكن لجنة حماية الصحفيين من الاتصال بالسفارة للتحقق من هذا الأمر).
وقال جويل سايمون، المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين، “إن هذا التغيير في السياسة المتعلقة ببطاقات الاعتماد الصحفية ما هو ببساطة سوى آخر الجهود التي تقوم بها الحكومة لتقييد عمل الصحفيين، والذين تعرض العديد منهم للضرب على يد الحشود والاحتجاز من قبل السلطات.
وقال صحفيون محليون للجنة حماية الصحفيين إن الجيش يقوم بإعاقة الصحفيين ويمنع العديد منهم من الدخول إلى ميدان التحرير. وأوردت قناة الجزيرة في بث مباشر أنه “يتم في كثير من الحالات منع الأفراد الذين يحملون كاميرات أو أغذية من الوصول إلى ميدان التحرير”.
كما أفاد صحفيون أنهم تعرضوا لإساءة المعاملة بينما كانوا قيد الاحتجاز. وفيما يلي بعض الشهادات المباشرة، وقائمة بالاعتداءات الجديدة على الصحافة:
· أفاد مدونون ومحامون للجنة حماية الصحفيين أن السلطات اعتقلت عبد الكريم سليمان (والمعروف على شبكة الإنترنت باسم كريم عامر) في الساعات المبكرة من صباح اليوم في القاهرة. وقد أتم عامر في أواخر عام 2010 حكما بالسجن لمدة أربع سنوات بتهمة إهانة الإسلام والرئيس حسني مبارك.
· أفرجت السلطات في يوم الأحد عن المراسلين الصحفيين روبرت تيت وعبد الإله النعماني اللذين يحملان الجنسية البريطانية ويعملان مع راديو أوروبا الحرة الذي تموله الولايات المتحدة الأمريكية، وقد غادر الصحفيان الأراضي المصرية، وذلك وفقاً لبيان أصدرته هذه المحطة الإذاعية. وكان الصحفيان قد اعتقلا في 4 شباط/فبراير. وأوردت التقارير أن تيت قال إنه “مهما كانت البيانات الرسمية التي قد تسمعونها بشأن وضع الصحفيين المحتجزين، إلا أننا لم نُعامَل معاملة حسنة”.
· كتب الصحفيان سعاد ميكهينت ونيكولاس كوليش، اللذان احتجزا يوم الخميس وأفرج عنهما بعد 24 ساعة من ذلك، في صحيفة نيويورك تايمز عن تهديدات وإساءة معاملة تعرضا لها على يد عناصر أمن يرتدون ملابس مدنية كانوا قد احتجزوهما. ووصفا الأمر بالقول “لقد شعرنا بالعجز التام – فلم نكن نعرف مكان احتجزانا أو إلى متى سيتمد. ولكن الجانب الأسوأ لا علاقة له بالمعاملة التي تلقيناها، بل كانت رؤية (وخصوصاً سماع الأصوات عبر جدران هذا المكان الرهيب) الإساءات التي يتعرض لها المصريون على يد حكومتهم”. وأضافا القول، “ثمة العديد من الصحفيين مروا بهذه التجربة، وكان العديد منهم محتجزين في ظروف أسوأ – وبعضهم عانى من إصابات أيضاً”.
· وفي يوم الأحد، اعتقلت السلطات العسكرية مراسل القسم الإنجليزي لقناة الجزيرة، أيمن محي الدين، في ميدان التحرير لمدة تسع ساعات، وذلك وفقاً لما أوردته القناة. وقال محي الدين لقناة الجزيرة، “لقد كان كافياً بالنسبة لهم مجرد أنني صحفي يحاول الوصول إلى ميدان التحرير كي يحتجزونني للتحقيق معي”.
· احتجزت السلطات شيرين تادرس، مراسلة القسم الإنجليزي في قناة الجزيرة، عند نقطة تفتيش عسكرية في يوم الأحد، ولكن تم الإفراج عنها خلال ساعة، وذلك وفقاً لتقارير إخبارية.
· اعتقلت السلطات أيضا ليام ستاك الذي كان يساعد في التغطية الصحفية لحساب صحيفة نيويورك تايمز، وذلك لفترة قصيرة يوم الأحد. وقد نشر على موقع تويتر أن السلطات صادرت الكاميرا التي كانت بحوزته.
· وأفادت الصحفية الفرنسية ماريون توبول التي تعيش في القاهرة للصحيفة اليومية المستقلة “المصري اليوم” أنها اعتقلت يوم الأحد بينما كانت في طريقها إلى بيتها. وقالت، “لم أكن أعمل حينها، ولم أكن أحمل كاميرا، ولكن شخصاً يثير الريبة طلب مني أن يرى بطاقتي الشخصية، ثم رن هاتفي الخلوي وقام هو بالإجابة عليه، وكان المتصل رفيقي، فأخبره الرجل بأنني تعرضت لأذى ويجدر به أن يحضر سريعاً. وعندما وصل رفيقي تم اعتقالنا معاً”. وأضافت أنه تم وضع عُصابة على أعينهما واقتيادهما بسيارة عسكرية إلى مدينة نصر في القاهرة. وقد احتجزا لمدة ثماني ساعات قبل الإفراج عنهما. وقالت توبول، التي تعمل مع محطة “آرتي” الفرنسية – الألمانية، “لم يتم التعامل معنا بخشونة أبداً، وقد كان واضحا أن الغرض هو ترهيبنا”.
· وفي يوم الجمعة، قام عناصر من أجهزة الأمن يرتدون ملابس مدنية باقتحام مكاتب صحيفة “أخوان أونلاين” الإلكترونية المرتبطة بجماعة الأخوان المسلمين، وذلك وفقاً لتقارير إخبارية. وقد تم احتجاز اثني عشر صحفيا واقتيادهم إلى وزارة الداخلية. ثم قام عناصر من أجهزة الأمن مصحوبين بحشد من مؤيدي مبارك بتفتيش مكتب الصحيفة الإلكترونية ومصادرة ما يقارب 30 جهاز كمبيوتر والعديد من الوثائق ودفاتر الملاحظات، وذلك وفقاً لما أفاد به الصحفي أحمد سبيع الذي يعمل في الموقع. وقد تم الإفراج عن ستة من الصحفيين في وقت متأخر من يوم الجمعة. ويأتي هذا الاعتداء في أعقاب اعتداءات أخرى شبيهة حدثت خلال الأيام القليلة الماضية واستهدفت مكاتب الصحف اليومية والأسبوعية المستقلة، مثل صحيفتي “الشروق” و “البديل”.
· وفي يوم الجمعة أيضاً، اعتدى حشد من مؤيدي مبارك على أميرة أحمد، محررة الشؤون الاقتصادية في الصحيفة اليومية المصرية الناطقة بالإنجليزية “ذا دايلي نيوز إيجبت”، وذلك وفقاً لتقارير إخبارية. وقالت أميرة أحمد لصحيفة غارديان، “لقد كان أمراً مرعباً، فقد كان الحشد يهتفون ‘عثرنا على الأجانب، لا تدعوهم يفلتون’، وبدأوا ينعتونا بالخونة والجواسيس. وعندما قلت لهم إنني مصرية، أجابوا قائلين :’مصر التي تخصك هي ليست مصرنا'”.
وبالمجمل، وثقت لجنة حماية الصحفيين 140 اعتداء مباشرا على الأقل ضد صحفيين ومرافق صحفية منذ 30 كانون الثاني/يناير، كما تحقق اللجنة بعدد كبير من التقارير الأخرى حول حدوث اعتداءات. للاطلاع على تفاصيل تلك الحالات، يرجى قراءة تغطيتنا اليومية: