كان في داخل السيارة ثلاثة رجال آخرين، قاموا بوضع عصابة على عيني جمال عامر، وأوثقوا يديه بقطعة قماش، وأخذوا بضربه بأعقاب المسدسات التي بحوزتهم. بعد ذلك انطلقوا بالسيارة لمسافة معينة وقاموا باستبدالها بسيارة أخرى، ثم اقتادوا الصحفي إلى منطقة منعزلة في منطقة مرتفعة في الجبال المحيطة بصنعاء، عاصمة اليمن. وهناك قاموا بضربه لفترة تقارب ست ساعات، واتهموه بأنه “عميل أمريكي” وهددوه بالقتل. وقال جمال عامر، الذي يبلغ من العمر 38 عاما، خلال مقابلة مع لجنة حماية الصحفيين “قالوا لي إنهم سوف يلقوا بي من أعلى الجبل، كما أطلقوا الرصاص من بنادق الكلاشنكوف التي يحملونها كي يخيفونني”. وقبل أن يقوموا بإلقاء المحرر الصحفي في ضاحية بعيدة، وقد ملأت جسده الدماء والكدمات، حذروه ألا ينتقد كبار المسؤولين في الحكومة أو “رموز الدولة”.
يبدو أن المهاجمين لم يلاحظوا وجود أحد زملاء جمال عامر في المقعد الخلفي للسيارة عندما بدأت عملية الاختطاف. وقد رأى الشاهد رقم لوحة سيارة المختطفين المميز “11121/2”. إن ترتيب الأرقام هذا، ووجود الرقم 2 بعد الشرطة الفاصلة، يدل على أن السيارة تابعة للحرس الجمهوري اليمني، وهو قسم من الجيش يخضع لسيطرة أحمد صالح، نجل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح. وقد أقر وزير الداخلية لجمال عامر إن لوحة السيارة هي لوحة عسكرية، ولكنه زعم في البداية إنها تابعة لسيارة سرقت أثناء الحرب الأهلية التي جرت عام 1994. وعندما اكتشف جمال عامر أن هذه اللوحة لم تصدر إلا عام 2004، قدمت الوزارة تبريرا آخرا: إن لوحة السيارة تتبع لضابط متوفى، وإن أسرة هذا الضابط قامت ببيع السيارة دون تغيير اللوحة.
يمثل اختطاف جمال عامر بالنسبة للعديد من الصحفيين اليمنيين، إشارة على التصعيد الخطير في حملة القمع التي تشنها الحكومة اليمنية على الصحافة المستقلة والمعارضة – والتي أصبحت مؤخرا أكثر جرأة في الكشف عن فساد كبار المسؤولين، وأخذت تتناول القضايا السياسية الحساسة. وقد وجدت لجنة حماية الصحفيين من خلال تحقيق أجرته مؤخرا، إنه خلال السنتين الأخيرتين، تعرض ما لا يقل عن 24 صحفي يمني إلى حالات اعتداء، والإيداع في السجن، وملاحقات جنائية ملفقة، كما تعرضت صحفهم للإغلاق بقرارات صادرة عن الحكومة أو المحاكم. ووجدت لجنة حماية الصحفيين أن صحفيين آخرين تعرضوا لتهديدات من قبل عملاء للأجهزة الأمنية، كما أخذت الصحافة التي تسيطر عليها الحكومة بتشويه سمعتهم.
وفي الوقت ذاته، يناقش البرلمان اليمني حاليا قانونا جديدا للصحافة يفرض قيودا قاسية على النشاط الصحفي. ويخشى الصحفيون أن القانون الجديد سوف يستخدم لإسكات الأصوات الناقدة خلال الفترة التي ستسبق الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في أيلول (سبتمبر) المقبل.
تفاقمت مشاكل الصحافة إثر تعرض عدة صحفيين لحملة عقاب من قبل الحكومة تتصل بنشر الرسومات الكاريكتيرية التي تصور النبي محمد، والتي أدت إلى موجة من الغضب في كافة أنحاء العالم الإسلامي، بعد أن ظهرت للمرة الأولى في الصحيفة الدنماركية “يولاند-بوستن”. وقد احتجزت السلطات أربعة صحفيين على الأقل، وأغلقت ثلاث صحف بسبب نشر بعض تلك الرسومات. ويواجه الصحفيون المحتجزون عقوبات بالسجن.
شكلت لجنة حماية الصحفيين وفدا تضمن عضوي مجلس الأمناء، كليرنس بيج، من صحيفة “شيكاغو تريبيون”، وديف ماراش من “الجزيرة الدولية”، وقد قام الوفد بزيارة إلى صنعاء في آواخر كانون الثاني (يناير) بهدف تقييم الوضع المتدهور للصحافة اليمنية. وقد وصف صحفيون، ومحامون معنيون بحقوق الإنسان، وناشطون في المجتمع المدني، مناخا من التهديد والقيود المتزايدة يعاني منه الصحفيون اليمنيون.
وجدت لجنة حماية الصحفيين أنه في ست من حالات الاعتداءات العنيفة التي وثقتها، والتي حدثت خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام 2005 فقط، تقاعست الحكومة اليمنية عن إجراء تحقيقات جادة بشأن الاعتداءات أو جلب مرتكبيها للمثول أمام العدالة، كما قصّر القادة اليمنيون بصفة ملفتة للانتباه عن شجب الاعتداءات. ويشير شهود إلى تورط القوات الحكومية وتوجد أدلة على ذلك، ويشتبه كذلك بتورط عملاء للحكومة في عدد من الاعتداءات. وكان من ضمن المستهدفين في هذه الاعتداءات، الصحفيون الذين قاموا بتغطية التظاهرات، والذين نشروا تقارير عن الفساد الرسمي، أو انتقدوا الرئيس أو السياسات الحكومية، أو الذين ناقشوا إمكانية توريث الحكم لنجل الرئيس.
هناك مضامين دولية لحملة القمع اليمنية ضد الصحافة، فمنذ الاعتداءات الإرهابية على الولايات المتحدة التي حدثت في 11 أيلول (سبتمبر) 2001، برزت الحكومة اليمنية كحليف مهم للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب في شبه الجزيرة العربية التي تتميز بأهمية استراتيجية. وفي حين أن مقدار المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية لليمن هو مقدار متواضع مقارنة مع المساعدات للحلفاء الإقليميين الآخرين (من المتوقع أن يصل حجم المساعدات الأمريكية إلى 41 مليون دولا خلال العام 2006)، إلا أن مخصصات المساعدات تزايدت باضطراد منذ 11 أيلول (سبتمبر)، وتزايد التعاون في مكافحة الإرهاب. كما قام الرئيس علي عبدالله صالح بزيارات متكررة إلى واشنطن منذ 11 أيلول (سبتمبر)، وعقد لقاءات مع الرئيس جورج دبليو بوش ومسؤولين أمريكيين آخرين. وتتلقى اليمن أيضا مقدارا كبيرا من المساعدات الاقتصادية والتنموية من هولندا وألمانيا، ومن مانحين متعددي الجنسيات مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
استغل الرئيس علي عبدالله صالح المساعدات الدولية لترسيخ نظامه، وتبنى موقفا يزعم فيه أنه يطمح لتحقيق الديمقراطية. فقد أعلن في خطاب ألقاه أمام مؤتمر حول حقوق الإنسان جرى في صنعاء العام الماضي، “إن الديمقراطية هي خيار العصر الحديث لكافة شعوب العالم، وهي سفينة النجاة للأنظمة السياسية، وخصوصا في عالمنا الثالث”. وأضاف أيضا “حقوق الإنسان مرتبطة ارتباطا وثيقا بالديمقراطية ووضع النظام والقانون … وعلينا إزالة أي شيء يتناقض معها، وأن نقف ضد جميع أشكال التمييز والقمع واستغلال الكائن الإنساني وحقوقه”.
إن اليمن هي إحدى أفقر الدول في العالم ومن أقلها تطورا واستقرارا. خلال العام الماضي، احتلت اليمن المرتبة الثامنة في “مؤشر الدول المنهارة” الذي أعدته منظمة صندوق السلام (Fund for Peace)، وهو مخصص لقياس العوامل السياسية والاقتصادية التي تهدد السلطة المركزية، بما في ذلك قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية، والفساد الحكومي، والتطور الاقتصادي، وحقوق الإنسان. وقد تم توجيه انتقادات لسجل اليمن في مجال حقوق الإنسان خلال الفترة الأخيرة، من قبل عدة منظمات من ضمنها منظمة العفو الدولية التي أشارت إلى حالات الاعتقال دون محاكمة، وحالات التعذيب، وانتهاكات حرية الصحافة. هذا كله أدى إلى تردد المانحين الدوليين في تقديم المساعدات، فقد قامت مؤسسة ميلينيوم تشالينج، وهي وكالة حكومية أمريكية للمعونات، بتعليق برامجها في اليمن في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وبررت ذلك بسبب غياب الإصلاحات الديمقراطية ونقص حرية الصحافة، إضافة إلى أمور أخرى عديدة. وكان من الممكن أن توفر برامج هذه المؤسسة مئات ملايين الدولارات على شكل مساعدات مستقبلية خلال السنوات الأربع المقبلة. كما قام البنك الدولي مؤخرا بتقليص مساعداته لليمن من 420 مليون دولار إلى 280 مليون دولار، مبررا ذلك بشيوع الفوضى في القطاع المالي.
تقوم الجهات الدولية المعنية بمراقبة السبل التي ستستجيب الحكومة اليمنية من خلالها للتحديات خلال الأشهر المقبلة. فمع اقتراب الانتخابات الرئاسية، يسعى الرئيس علي عبدالله صالح لتمديد رئاسته المستمرة منذ ما يقارب ثلاثة عقود لفترة رئاسية جديدة تمتد لستة أعوام. ولذلك، تعد الصحافة نفسها لأسوأ الاحتمالات، إذ أنها من أهم مراكز المعارضة والحوار السياسي في البلاد.
تبع توحيد اليمن الشمالي واليمن الجنوبي في العام 1990 انتشار كبير للصحف الخاصة، ونشاط جديد في الخطاب العام. واكتسبت وسائل الإعلام اليمنية المطبوعة سمعة جديدة بوصفها من أكثر الصحف حيوية في العالم العربي؛ فقد ظهر طيف من الصحف المستقلة وصحف أحزاب المعارضة، وأخذت توجه الانتقاد للسياسات الحكومية، وبدرجات متنوعة من الموضوعية والحرفية. منذ العام 1994، عندما اشتعلت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، قامت الحكومة خلال فترات معينة بممارسة ضغوطات على الصحفيين من خلال الملاحقات الجنائية وعقوبات أخرى ينص عليها قانون الصحافة والمطبوعات في البلاد الذي تم سنه في العام 1990.
يرى الصحفي المخضرم خالد الحمادي أن التدهور الحاد في حرية الصحافة قد بدأ في أوائل العام 2004، وهو رأي يشاركه فيه عدد كبير من الصحفيين. يعمل الحمادي مراسلا صحفيا لصحيفة القدس العربي التي تتخذ من لندن مقرا لها، وكان قد احتجز في أيلول (سبتمبر) الماضي لمدة 30 ساعة بأمر من مسؤولين في سلاح الجو اليمني، وذلك على أثر قيامه بنشر تقرير حول حادث سقوط طائرة عسكرية. ولم يتم الإفراج عنه إلا بعد أن تعهد بعدم الكتابة عن الجيش دون إذن. ويقول الحمادي إنه ليس من المصادفة وصول الاعتداءات إلى أوجها خلال الفترة التي تزايدت فيها جرأة الصحفيين اليمنيين في كتاباتهم، وحينما اجتازوا “خطوطا حمراء” غير مكتوبة في القانون. وقال الحمادي للجنة حماية الصحفيين، “ربما تكون الحكومة منزعجة من الخط المتشدد الذي تبناه العديد من الكتاب”. وأضاف، “خلال العامين الأخيرين كتب الصحفيون اليمنيون مقالات شديدة الجرأة عن الرئيس، وأسرة الرئيس – وهو نوع من المقالات لم نشهده من قبل”.
تسلم الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد السلطة منذ 28 عاما، وقد أمضى في الحكم ثاني أطول فترة حكم بين الحكام العرب الحاليين، وتأتي مرتبته بعد الرئيس الليبي معمر القذافي. وقد شككت الصحف بصواب استمراره في الحكم بعد انتهاء فترة الرئاسة الحالية، كما تحدوا تهيئة نجل الرئيس، أحمد، لوراثة الحكم. وكذلك وجه بعض الصحفيين انتقادات لمسؤولين يمنيين لقيامهم بدعم جماعات دينية مسلحة، في ذات الوقت الذي يظهر الرئيس اليمني نفسه على أنه حليف لواشنطن في حربها على الإرهاب. كما وجه صحفيون آخرون انتقادات للرئيس بسبب استخدامه وسائل قاسية في مكافحة حركة تمرد إقليمية بدأت في العام 2004 بقيادة شخصيات دينية وقبلية في منطقة صعدة في الشمال الغربي من البلاد.
قامت الصحافة بتغطية القتال في صعدة، حيث قام حسين بدر الدين الحوثي بإشهار السلاح ضد الحكومة، وسببت هذه التغطية الصحفية إزعاجا شديدا للحكومة. ولذلك ردت الحكومة بمهاجمة الصحيفة الأسبوعية المعارضة “الوسط”، التي تبنت موقفا متشددا ضد الطريقة التي تعامل بها الرئيس صالح مع التمرد. وفي أيلول (سبتمبر) 2004، أصدرت محكمة يمنية حكما على عبد الكريم الخيواني، محرر صحيفة “الشورى”، بالسجن لمدة عام بتهمة التحريض، و “إهانة” الرئيس صالح، ونشر أخبار كاذبة، والتسبب بحدوث تفرقة قبلية وطائفية. وكان أحد المقالات التي قادت إلى سجن الخيواني قد دعى العملية العسكرية التي أمر بها الرئيس صالح ضد الحوثي “جريمة”، وزعم أن الرئيس صالح قد حصل على “ضوء أخضر” من الولايات المتحدة الأمريكية قبل شن الهجوم. وشجب مقال آخر تصرفات الحكومة بوصفها “إرهاب دولة”، وحذر من أن “الإرهاب يولد الإرهاب”. وانتقد مقال ثالث الجيش بسبب “شراسة” هجومه، كما انتقد تقاعس الحكومة عن حل المشكلة من خلال “الحوار”.
أفاد جمال الجعبي، وهو محامي في مجال حقوق الإنسان، وعادة ما يدافع عن الصحفيين، إن الخيواني هو أول صحفي يمني يسجن بسبب عمله منذ توحيد شطري اليمن في العام 1990. وقد نظم الصحفيون اليمنيون والمجموعات الدولية المعنية بحرية الصحافة، مثل لجنة حماية الصحفيين، حملة مكثفة لدعم الخيواني، وفي النهاية عفى عنه الرئيس صالح في أوائل العام 2005.
ازداد قلق المسؤولين الحكوميين إذ أخذت تظهر تغطية صحفية أكثر جرأة حول قيام المسؤولين بمحاباة أقاربهم بوظائف الدولة وخدماتها، إضافة إلى الاختلاس المالي. وأفاد المحامي جمال الجعبي للجنة حماية الصحفيين، “إن أحد الدوافع المهمة لحملة القمع الحكومية، هو أن الصحفيين بدأوا بالكشف عن الفساد”. وأضاف، “كان هناك ازدياد ملحوظ في تغطية شؤون الفساد ابتداءا من العام 2004 وحتى الآن. وقد بدأت الصحافة بنشر اسماء بعض المسؤولين المتهمين بالفساد”.
قال صحفيون يمنيون إن هذه التغطية الصحفية التي تتميز بالشجاعة، تعكس غضبا شعبيا أوسع بسبب الفساد الذي أخذ ينتشر في الوقت الذي بدأت فيه الخدمات العامة بالتضاؤل، وتزايد اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء. وقال أحمد الحج، وهو مراسل يعمل مع وكالة أسوشيتد برس، “أعتقد أن الوضع الاقتصادي أجبر الصحفيين على الكتابة على نحو جريء”. وأضاف، “تتحدث الحكومة باستمرار عن مكافحة الفساد، ولكنها لا تفعل أي شيء”.
تعاني اليمن من ارتفاع معدل الأمية، وتعاني الصحف من ضعف التوزيع (الصحيفة الرئيسية اليومية “الأيام” التي تصدر من عدن توزع حوالي 40,000 نسخة يوميا في بلد يبلغ عدد سكانه 20 مليون نسمة). ومع ذلك، فإن الصحف هي إحدى المجالات العامة القليلة التي تمحص في تصرفات الحكومة. ووفقا لمحرر صحيفة “الأيام”، السيد باشراحيل باشراحيل، “الصحف هي المنفذ الوحيد للناس كي يعبروا عن إحباطهم، فالتلفزيون يخضع لسيطرة الحكومة، والأحزاب السياسية تتسم بالضعف”. وقد قامت وحدة خاصة من الحرس الجمهوري في كانون الأول (ديسمبر) بزيارة مكتب صحيفة “الأيام”، وذلك في محاولة مكشوفة لترهيب الصحيفة، بعد أن قامت بنشر تغطية صحفية تضمنت نقدا للحكومة.
خلال ذلك، تعرضت الحكومة اليمنية لضغوطات محلية متزايدة، وشهدت تراجعا اقتصاديا، واضطرابات في المناطق النائية، وتضاؤلا لمستوى المعيشة، كما تدهورت الخدمات العامة مثل قطاعي الصحة والتعليم، وكذلك البنية التحتية مثل شبكة الكهرباء. ومع ذلك، وبحسب التقارير، شهدت الموازنة المالية الأخيرة ازديادا كبيرا في النفقات الدفاعية يتجاوز بكثير نفقات الخدمات. ويبلغ معدل البطالة 36 بالمئة. وفي تموز (يوليو) 2005، قررت الحكومة تقليص الدعم عن مشتقات البترول، مما أشعل أعمال احتجاجية عنيفة أدت إلى مقتل عشرات المواطنين في أسوء اضطرابات مدنية تشهدها البلاد منذ العام 1992. وأفاد جمال عامر، المحرر الذي تعرض للاختطاف، “قبل العام 2002، لم تتناول الصحف بانتقاداتها تصرفات الرئيس، ولكن الآن ازدادات الأزمة الاقتصادية سوءا، وبدأت القبائل تثور، والسخط منتشر في الشارع. ولا يحتاج النظام لإثارة هذه القضايا من قبل أي جهة”.
كان لاختطاف جمال عامر وقع الصدمة على العاملين بالصحافة المستقلة، وقد فهم العديد منهم هذا الأمر كتحذير صريح لهم ضد هذا النوع من العمل الصحفي الحر الذي تميزت به الصحيفة الأسبوعية “الوسط” التي يعمل فيها جمال عامر. فقد كانت هي الصحيفة اليمنية الوحيدة التي أجرت مقابلة مع رجل الدين الثائر الحوثي، وكانت على الدوام تقوم بنشر التقارير التي تعدها منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية والتي تنتقد الحكومة اليمنية. كما نشرت صحيفة “الوسط” تقارير جريئة حول محاباة الأقارب من قبل المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك تقرير نشر قبل بضعة أيام من اختطاف جمال عامر. وزعم ذلك التقرير إن عدة مسؤولين حكوميين كانوا يقومون باستغلال البعثات الدراسية التي توفرها الحكومة كي يرسلوا أبناءهم للدراسة في الخارج. وأفاد التقرير، “حيث يتم الترشيح دون النظر إلى معدل درجات النجاح في الشهادة الثانوية، مما يحرم أوائل الثانوية العامة وكثيرا من المستحقين من أبناء الفقراء -على مستوى الجمهورية- من حقهم في هذه المنح لعدم اعتماد الجهة المرشحة المعايير التي على ضوئها يتم الابتعاث إلى الخارج”.
وقال جمال عامر “لقد تسبب تقرير البعثات الدراسية بمشاكل كبيرة … فقد كان كل هؤلاء المسؤولين من المقربين للرئيس”.
اجتذب الاعتداء على جمال عامر اهتماما كبيرا من الصحافة، وأثار حملة استنكار واسعة داخل اليمن وخارجها. ومع ذلك، وبعد مرور ستة أشهر على الاعتداء، ما زال المعتدون مجهولين، ولم تظهر الحكومة أي إشارة على أنها ستقوم بإجراء تحقيق جدي. وقال جمال عامر إن الشرطة ووزارة الداخلية تجاهلوا استفساراته المتكررة حول سير التحقيق. والأمر المثير للقلق هو الصمت الرسمي عن الاعتداء. إذ لم يقم أي مسؤول حكومي بالتعبير عن القلق أو الاستنكار جراء هذا الاعتداء الخطير. وبدلا من ذلك، أخذت الصحف الحكومية بإثارة الشكوك حول رواية جمال عامر عما جرى له، واتهمت أحزاب المعارضة اليمنية بالقيام بالاعتداء.
إن الطريقة التي تم من خلالها التعامل مع قضية جمال عامر، ليست بالأمر الفريد. فلم تكشف الحكومة حتى الآن عن مرتكبي الاعتداء الشرس الذي تعرض له الصحفي المستقل نبيل سبيع، ويبلغ من العمر 27 عاما، إذ تعرض للطعن بخنجر في صنعاء في 12 تشرين الثاني (نوفمبر). يعمل نبيل سبيع في الصحيفة الأسبوعية “الثوري” التابعة للحزب الاشتراكي، وكان عندما تعرض للاعتداء يمشي متوجها إلى بيته حوالي الساعة الثامنة مساءا، وواجهه شخصان أحدهما مسلح بخنجر بينما وجه الأخر مسدسا إلى رأسه وخاطبه قائلا “هناك شخص سيموت الليلة”، وحينها أخذ نبيل سبيع بمقاومة المهاجمين، فبادره حامل الخنجر بطعنتين في ظهره وأخرى في يده. وقال نبيل سبيع، “هذه هي المرة الأولى التي أوجه فيها مشكلة من هذا النوع في صنعاء”. وقد أعلنت الحكومة بعد فترة وجيزة إنها اعتقلت مشتبها به، ولكنها لم توفر أي تفاصيل. وقال سبيع “ليس لدي أي فكرة ما إذا كان المعتدون قد اعتقلوا”.
أدى امتناع السلطات اليمنية عن توفير تفاصيل حول القضية إلى قيام الصحفيين بالتوصل إلى استنتاجات شخصية. كان نبيل سبيع قد كتب مقالا استفزازيا حول الدين والسياسة والمجتمع، وكان ضمن أول الصحفيين اليمنيين الذين انتقدوا احتمال قيام الرئيس صالح بتوريث السلطة لولده. وفي العام 2005، كتب نبيل سبيع أن اليمن كانت تساعد الإرهاب من خلال دعم الجماعات المسلحة، وقد قاد هذا المقال إلى قيام الحكومة بتعليق صدور صحيفة “الثوري” في تموز (يوليو) 2005.
خلال الفترة الواقعة بين تموز (يوليو) و كانون الأول (ديسمبر) 2005، تعرض أربعة صحفيين على الأقل لاعتداءات مماثلة. وكما حدث في قضيتي نبيل سبيع وجمال عامر، لم يعرف مصير الجناة، ولم تظهر السلطات أي إشارة بأنها تقوم بتحقيق جدي، كما لم تقم الحكومة باستنكار الاعتداءات. وفيما يلي التفاصيل:
هاجع الجحافي، محرر صحيفة “النهار” الأسبوعية، أصيب بجروح في تموز (يوليو) عندما وصل طرد مفخخ إلى مكتبه، وانفجر عندما هم بفتحه. وقال الجحافي إن أحد أعضاء مجلس الشورى هدده قبل الاعتداء، لأن الصحيفة انتقدت أسلوبه في استخدام السلطة.
مجيب صويلح، ويعمل مصورا في القناة الفضائية “العربية”، ونجيب الشرعبي، مراسل القناة الفضائية “الإخبارية” التي تتخذ من السعودية مقرا لها، تعرضا لاعتداء على يد ضباط أمن بينما كانا يقومان بتغطية إضراب قام به موظفو مصنع أقمشة حكومي في تشرين الثاني (نوفمبر) في صنعاء. وقد أصيب صويلح بثلاثة كسور في الأضلاع. وقد احتجز الصحفيان لعدة ساعات من قبل الضباط الذين اعتدوا عليهما.
وفي كانون الأول (ديسمبر)، تعرض محمد صادق العديني، رئيس مركز التأهيل والحريات الصحفية، وهو مركز يمني مستقل للدفاع عن حرية الصحافة، تعرض للتهديد من قبل رجل يحمل سلاحا يعمل مع قوات الأمن. وبعد بضعة أيام من ذلك، تعرض لاعتداء من قبل الرجل ذاته ورجلين آخرين. وعبر العديني عن اعتقاده بأنه مستهدف بسبب التقرير السنوي الذي أصدرته المنظمة التي يعمل بها والذي اتهم السلطات بالتقصير في التحقيق بشأن الاعتداءات على الصحافة.
أوردت التقارير أخبارا عن جرائم أخرى كذلك. ففي 26 آب (أغسطس)، تم اقتحام مكاتب وكالة أسوشيتد برس، والصحيفة الأسبوعية “النداء”، وكانت مكاتبهما تقع في المبنى نفسه. وقال مراسل وكالة أسوشيتد برس، أحمد الحج، إن اللصوص سرقوا عدة ملفات وجهازي كمبيوتر، وجهاز فاكس، وكاميرا فيديو، وأقراص كمبيوتر تحتوي على معلومات، وأشرطة فيديو تحتوي على صور. بينما ترك اللصوص أشرطة الفيديو الفارغة غير المستخدمة. كما فقدت أجهزة من مكتب صحيفة “النداء”، وهي صحيفة حديثة التأسيس وعادة ما تقوم بانتقاد الحكومة. وقال أحمد الحاج إنه قدم شكوى بسبب تقصير السلطات عن إجراء تحقيق في الحادث؛ وبعد أن قامت نقابة الصحفيين اليمنيين بإصدار بيان للاحتجاج على عدم إحراز تقدم في التحقيق، قال أحمد الحاج إنه استدعي للتحقيق من قبل وزارة الداخلية.
حدثت موجة الاعتداءات العنيفة خلال فترة تزايدت فيها القيود القانونية. ففي العام 2005، قدمت الحكومة مشروع قانون جديد للصحافة، وهو حاليا قيد البحث في البرلمان. وقد قدم المسؤولون الحكوميون القانون الجديد بوصفه تقدم للأمام لصالح حرية الصحافة، إذ أنه يزيل مواد قانونية موجودة في القانون الحالي الصادر في العام 1990 تنص على عقوبات بالسجن لمرتكبي المخالفات الصحفية. ولكن يشير محامون يمنيون إلى أن هذا الأمر لا يقدم أو يؤخر، إذ سيظل الصحفيون يواجهون عقوبات بالسجن من خلال مواد القانون الجنائي.
العديد من مواد القانون الجديد لا تقدم سوى النزر اليسير لتحسين القانون الحالي. فعلى سبيل المثال، ما زالت مسودة القانون الجديد تحظر الإساءة للرئيس أو التسبب بالضرر لمصالح الدولة، كما يوجه القانون الصحفيين لأن “يحترموا أهداف وغايات الثورة اليمنية”. ويمكن تعليق إصدار الصحف إذا ما انتهكت القانون، كما يمكن منع الصحفيين من ممارسة المهنة، كما هو الحال في القانون الحالي.
ولكن مسودة القانون الجديد تتطلب متطلبات أكثر صرامة لممارسة مهنة الصحافة، بما في ذلك العضوية في نقابة الصحفيين في البلاد، كما ينص القانون على منع غير الصحفيين من العمل في الصحافة، ويتطلب وجود رأس مال كبير لإطلاق المطبوعات الجديدة.
أثارت الغرامات المحتملة في القانون الجديد قلقا خاصا، فمسودة القانون المعروضة أمام البرلمان لم تحدد مقادير محددة للغرامات حتى الآن، ويخشى الصحفيون من قيام النواب بإدخال غرامات مبالغ بها، أو أن يتركوا تقدير الغرامات للقضاة الذين يخضعون لتأثير السلطة التنفيذية. ويعتقد الصحفيون، أن المواد غير المحددة تحديدا دقيقا في القانون ستمكن الحكومة من إسكات الأصوات الناقدة.
دافع رئيس الوزراء اليمني، عبد القادر باجمال، عن الإجراءات المقترحة في القانون الجديد، وقال للجنة حماية الصحفيين إن الصحفيين اليمنيين “يعملون خارج إطار القانون، ويتدخلون بما يجري بغرف النوم”. وقال باجمال إن المتطلبات المهنية للصحفيين، والمتطلبات الخاصة برأس المال للصحف، هي إجراءات ضرورية “للأمن الوطني”.
ويتعرض الصحفيون اليمنيون لضغوط كبيرة حاليا من خلال القانون الموجود. ويقول جمال الجعبي إن حالات الملاحقة الجنائية للصحفيين وصلت إلى 20 حالة، بزيادة تصل إلى 60 بالمئة منذ عام 2004. وكون الرئيس صالح يعتبر أيضا رئيسا للسلطة القضائية، فإن نظام المحاكم يفتقر إلى الاستقلال ويترك الصحفيين تحت رحمة المحاكمات المسيسة. وحتى أواخر عام 2005، صدرت أوامر من المحاكم أو أومر حكومية بتعليق إصدار أربع صحف على الأقل بسبب قيامها بنشر مقالات مثيرة للجدل، وهي صحف “التجمع” و “الشورى” و “الراصد” و “الأسبوع”.
ففي حالة الصحيفة الأسبوعية المعارضة “التجمع”، أصدرت محكمة في صنعاء أمرا بتعليق إصدار الصحيفة لمدة ستة أشهر، ومنعت رئيس تحريرها ، عبدالرحمن عبدالله إبراهيم، والمراسل الصحفي عبد الرحمن سعيد، من ممارسة المهنة لمدة سنة واحدة. وقالت المحكمة إن التعليق الذي أوردته الصحيفة في أيلول (سبتمبر) 2004 حول العنف السياسي الذي جرى في العام 1968 يشكل إهانة للإسلام، ويثير النزاع العرقي، ويهدد الأمن الوطني. وكان ذلك التعليق قد تناول المضامين الطائفية للحصار الذي قامت بها قوى النظام الملكي لصنعاء وامتد إلى 70 يوم؛ ومن الجدير بالذكر أن القضايا الطائفية بين السنة والشيعة في اليمن هي من المواضيع الحساسة.
في تشرين الثاني (نوفمبر)، أصدرت إحدى محاكم البداية حكما بتغريم الصحيفة الأسبوعية المعارضة “الثوري” مبلغ مليون ريال يمني (ما يعادل 5,500 دولار أمريكي)، وذلك بتهمة القذف بحق مسؤولين حكوميين من خلال تقرير صحفي زعم أن الوظائف الحكومية يتم “بيعها”. كما أصدرت المحكمة أمرا للصحيفة بنشر اعتذار على مدار ثلاثة أعداد متتابعة . وتواجه الصحيفة 13 قضية تشهير أخرى لقيامها بانتقاد السلطات، كما تواجه الإغلاق إذا أدينت بأي من تلك القضايا. ويواجه أحد كتاب الأعمدة في الصحيفة، محمد المقالح، عقوبة بالسجن لمدة عام وحظرا عن ممارسة المهنة جراء مقال كتبه دعا فيه الرئيس صالح أن يتخلى عن بعض سلطاته التنفيذية.
أوردت التقارير أيضا حالات استخدمت فيها السلطات خدعا قذرة لقمع الصحافة. فمن المعتقد أن عملاء لأجهزة الأمن كانوا مسؤولين عن عدة حالات من هذا النوع، بما في ذلك قضية حدثت في كانون الثاني (يناير)، حيث تم توزيع تسجيل صوتي لمكالمة هاتفية خاصة بين مراسل قناة الجزيرة أحمد الشلفي وزوجته، على كبار الموظفين في مكتب قناة الجزيرة في الدوحة وللصحفيين في اليمن. ويقال أن أحمد الشلفي ناقش مع زوجته ما قد يكون معلومات شخصية محرجة. وقد فسر الصحفيون مسألة التسجيل على أنها محاولة لدفع قناة الجزيرة إلى فصل الشلفي من العمل؛ ويشتبه الصحفيون كذلك أن الشلفي أثار غضب السلطات بسبب قيامه بإجراء مقابلة مع أشخاص قاموا باختطاف سياحا إيطاليين، ونشر تقارير حول الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.
يسود اعتقاد أيضا أن أجهزة الأمن اليمنية مسؤولة عن عمليات استيلاء على الصحف اليمنية الجريئة أو “استنساخها”- من خلال تأسيس صحف بأسماء شبيهة للمضاربة على الصحف الأصلية وخلق الارتباك لدى القراء. وقبل أن يتم إغلاق صحيفة “الشورى” الأسبوعية المعارضة خلال العام الماضي، أغار رجال مسلحون يعتقد أنهم متحالفون مع الحكومةعلى المكاتب و قاموا بتشكيل إدارة جديدة. وعلى الرغم من التشابه في الشكل، فقد نشرت الصحيفة الجديدة مواد مختلفة تماما، ومقالات مؤيدة للحكومة.
قال جمال الجعبي، محامي حقوق الإنسان، إنه تم استنساخ صحيفة “الثوري” قبل عدة سنوات. فقد جرت طباعة صحيفة مؤيدة للحكومة تحمل الاسم نفسه، ولكن بألوان مختلفة. وبحلول نهاية العام 2004، تم أيضا استنساخ صحيفة “الشورى” إذ صدرت صحيفة جديدة مؤيدة للحكومة باسم “منبر الشورى”، واستخدمت الصحفية الشعار نفسة، ووردت كلمة “منبر” بخط صغير جدا. وقامت السلطات أيضا باستنساخ منظمة نسائية تدافع عن حرية الصحافة، “صحفيات بلا حدود”، وأجبرت المنظمة الأصلية على تغيير اسمها.
يتم إجراء “الاستنساخ” من خلال القنوات الحكومية، وفي حالة الصحف يجب على وزارة الإعلام أن توافق على اسم أي صحيفة جديدة. ومع ذلك يظهر أن الموافقة على بعض الأسماء قد جرت بانتهاك للمادة 34 من قانون الصحافة، الذي ينص: “يجب أن لا تحمل أي صحيفة جديدة اسما شبيها أو اسما مقاربا لصحيفة أو مجلة موجودة”.
تعهد المسؤولون اليمنيون الذين قابلتهم لجنة حماية الصحفيين في كانون الثاني (يناير) أنهم سيقومون باللازم لإجراء تحقيقات بشأن الاعتداءات على الصحافة، ولكنهم تجنبوا صراحة شجب الاعتداءات على الصحفيين. قال رئيس الوزراء عبد القادر باجمال خلال اجتماع مع وفد لجنة حماية الصحفيين إن الاعتداء على أي مواطن يمني هو أمر غير مقبول، ولكنه زعم إن الاعتداءات على الصحفيين غير متعلقة بعملهم، وإنها مفتعلة لجلب الانتباه. وقال باجمال “بعض الناس يختلقون المشاكل ضد أنفسهم، فهم يريدون أن يظهروا كمدافعين عن حرية الصحافة. فقد يسكر الصحفي ويصطدم بالناس”.
تعهد رئيس الوزراء على الرغم من عدم اكتراثه بالاعتداءات، بأن الحكومة سوف تقوم بإجراء تحقيقات وستعلن عن نتائجها. وقال “أنا أعدكم بأنه لن يتم أي إجراء ضد أي شخص لأنه صحفي، وأعدكم بإجراء تحقيق شفاف وجعله مفتوحا أمام الجميع”.
ستكشف الأحداث في الأسابيع المقبلة صدق نية الحكومة في التوصل إلى مرتكبي هذه الجرائم، ولكن غياب الموقف الحكومي الحازم بذر مناخا من الخوف والترهيب في الوسط الصحفي. وقالت توكل كرمان، وهي صحفية يمنية ترأس المجموعة النسائية لحرية الصحافة، “النظام ليس وراء كل الهجمات التي تحدث ضد الصحفيين، ولكن بسبب عدم قيام الحكومة بمتابعة مسألة الاعتداءات، أصبح الناس يعتقدون أنهم يستطيعون مهاجمة الصحفيين”.
جويل كمبانا هو منسق برنامج متقدم مسؤول عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين. وقد قاد بعثة لجنة حماية الصحفيين إلى اليمن في كانون الثاني (يناير) 2006. إيفان كراكاشيان، هو باحث يعمل مع لجنة حماية الصحفيين، وقام بإجراء أبحاث لهذا التقرير. ترجم التقرير إلى اللغة العربية، أيمن ح. حداد.
|