شبكة تواصلي الاجتماعي مع تنظيم الدولة الإسلامية

تركّز الحديث في أول تواصل لي مع تنظيم الدولة الإسلامية حول التقارير التي أكتبها. وكنت قد نشرت على صفحتي في تويتر مقالة كتبتها عن تجنيد هذه الجماعة الإرهابية لمقاتلين غربيين عندما لاحظت أن شخصاً ما باسم أبو عمر قد نشر رابطاً للمقالة على حسابه. كانت صورة ملفه تعرض بغير حرج علم الدولة الإسلامية الأسود والأبيض. وبينما كنت أتصفح ملفه تلقيت منه رسالة عبر تويتر تقول بالإنجليزية:

جدول المحتويات

Attacks on the Press book cover
Attacks on the Press book cover

“مقالتك جيدة للغاية. لكنها تفتقر لبعض التفاصيل المهمة”. ‘أبو عمر’ ليس الاسم الحقيقي لهذا الشخص بل هو اسمه المستعار المفضل. وقد وافقت على استخدام الاسم المستعار لكل المتصلين بي من تنظيم الدولة لأنهم لا يريدون كشف هويتهم، ولأن توفر إمكانية الوصول إليهم أمر له أهميته بالنسبة لي.

فشكرته على إبدائه الرأي، وبحرصٍ صِغت جوابي بحيث لا يتسبب في نفوره وابتعاده. وبعد عدة رسائل بدأ يتحدث بغضب عن الفظائع التي يرتكبها الغرب وكيف أن الدولة الإسلامية تدافع عن المسلمين. وقال أبو عمر إنه موجود في سوريا مع تنظيم الدولة. وكنت أنا على بعد قارات منه في شقتي ببروكلين في نيويورك، حيث تبادلنا الرسائل حتى الرابعة صباحاً.

أول رسالة تلقيتها من أبي عمر كانت في سبتمبر/ أيلول 2014، أي بعد شهرين من تجريف الجماعة للحدود بين سوريا والعراق وإعلان نفسها “دولة إسلامية”. وكانت حمى الدولة الإسلامية قد بدأت لتوها تسري في بدن الإعلام الغربي، وكان أكثر الناس -عند هذه النقطة- يعرفون شيئين اثنين عن هذه الجماعة: أنها واحدة من أكثر الجماعات التي رأيناها وحشيةً وأن لديها فريقاً من العقول المدبِّرة في ميدان التواصل الاجتماعي. وهذان الشيئان هما من أهم تكتيكات التجنيد التي تتبعها الجماعة، وكنت قد تطرقت لهما في مقالتي التي نُشرت في إنترناشنال بيزنس تايمز.

جاءت حرب فيتنام بتقارير الأنباء حول الصراع هناك إلى شاشات التلفزيون فرآها الأمريكيون من غرف جلوسهم، وقد صُدم الجمهور الأمريكي بالوقائع المرعبة للمعارك مما قوض الدعم للعملية العسكرية. وأثناء حرب العراق، حرصت حكومة الولايات المتحدة على الحدِّ من هذه الصحافة ‘المفتوحة للجميع’ وعملت على مراقبة المحتوى عن طريق فتح المجال للصحفيين لمرافقة الوحدات العسكرية وحضور الإيجازات الصحفية اليومية. أما الحرب في سوريا، فقد كانت بادئة لفصل جديد من التغطية الحربية نُقلت فيه أنباء الصراع بالوقت الحقيقي لأي شخص لديه حساب على مواقع التواصل الاجتماعي. لقد قُذف بكثيرٍ من الصحفيين -وأنا من ضمنهم- إلى حقل جديد عندما بدأ الأمر يتعلق بالتثبت من صدقية المصادر التي كنا نتحدث معها عبر وسائط التواصل الاجتماعي. لم تكن توجد قوانين، في كثير من الأحيان، ولم تكن هناك وسائل تمكِّنك من التأكد مائة بالمائة أن ما تراه عبر يوتيوب أو فيسبوك صحيحٌ.

كانت الطريقة الوحيدة لمعرفة شيء عن تنظيم الدولة الإسلامية، في المراحل الأولى، هو تصفح مئات التقارير المصورة والفيديوهات والتقارير العسكرية الشهرية الموجزة والمجلات التي تنشرها الجماعة عبر شبكة الإنترنت، إذ أن التنظيم لم يكن يتحدث إلى الصحافة. فإذا كنت تريد تعليقاً من قائد الجماعة، أبي بكر البغدادي، كان يتعين عليك الانتظار إلى أن يُصدر بياناً. هذه البيانات لم يصدر منها سوى خمسة بحلول أواخر عام 2015.

ومنذ محادثتي الأولى مع أبي عمر، خرجت بنظام خاص بي – كبديل مؤقت- للتثبت من صحة التقارير الواردة عبر الإنترنت. فبصفة عامة، أقوم على مدار شهر بالتحدث بشكل شبه يومي مع ثوار أو نشطاء أو مقاتلين أو حتى مدنيين من المنطقة قبل أن أبدأ بالتعامل معهم كمصادر موثوقة. أدردش وإياهم حول الوضع الراهن في مناطقهم وكذلك -وهو الأهم- عن آرائهم. تختلف وجهة نظر المقاتل الموالي للنظام اختلافاً كبيراً عن وجهة نظر الثائر السوري وبالتالي فإنه سيكون لزاماً على المرء معرفة الجانب الذي ينتمي إليه هؤلاء قبل نشر ما الذي يجب عليهم قوله.

وخلال ذلك الشهر الأول، يكون لإجاباتهم عن أسئلتي وأسلوب اتصالهم (موعده من النهار ومقدار الوقت الذي يمكنهم تخصيصه للدردشة) دور في عملية التثبت هذه. فإن كان خط اتصالهم بالإنترنت تعوزه الجودة، أو قالوا لي إنهم لا يستطيعون التحدث إلا من مناطق معينة (من المستشفى على سبيل المثال) فإنه من المرجح للغاية أنهم يقولون الحقيقة، وذلك على العكس من شخص يزعم أنه يرسل رسائل نصية من الجبهة الأمامية. وإذا ما اجتازوا الشهر الأول بنجاح، فإني أحاول إجراء محادثة مصورة أو مكالمة هاتفية معهم كي أتأكد من مكان تواجدهم.

بعث أحد أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية برسالة إلى الكاتبة مرفقة بالصورة أعلاه، وهذه ترجمة نصها:
بعث أحد أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية برسالة إلى الكاتبة مرفقة بالصورة أعلاه، وهذه ترجمة نصها:

وعلى النقيض من الكثير من الزملاء، فإنني لا أستشهد أبداً في مقالاتي بأقوال عن مقاتلين تابعين للدولة الإسلامية لسبب رئيسي هو أنه من الصعب للغاية التثبت من هويتهم الحقيقية. إن أحاديثي مع مقاتلي تنظيم الدولة تخدم غاية واحدة هي مساعدتي على تكوين فهم أفضل عن هذه الجماعة عندما أكتب تقاريري. إن نشري لما يقولونه سيحيلني إلى واحدة من آلياتهم الدعائية ليس إلا. أما بالنسبة لهذه المقالة، فقد قررت أن أنشر قصاصات من أحاديثي لكونها تلقي الضوء على رؤى مؤيدي الجماعة على الإنترنت حول المرأة، مما يقلل من أهمية التثبت من مكان تواجدهم الفعلي.

لكن ولأن أبا عمر كان أول المتصلين بي من تنظيم الدولة، لم أكن قد طورت نظام التثبت هذا بعد. إذ لم أكن واثقة من الطريقة التي يمكنني بواسطتها التثبت من صحة هويته والتأكد من أنه لم يكن مجرد أحد مناصري تنظيم الدولة الإسلامية يجلس في قبو منزل والدته بولاية نيوجيرسي ويتظاهر بأنه مقاتل حقيقي (ولا أقول إن هذا النوع من المصادر يخلو من الفوائد عند محاولتك التعرف على هذه الجماعة).

وكنت أعلم أني لا أستطيع استخدام هذا المصدر في تقاريري، غير أن ذلك لم يحل بيني وبين أن أحاول التعرف على تنظيم الدولة من أبي عمر. قلت له إن مقالتي -شأنها شأن كثير من الروايات في الإعلام الغربي- تفتقر إلى معلومات مهمة لأني صحفية وأن “إخوانه” في التنظيم لن يقبلوا بالتحدث معي. وربما أن بوسعه مساعدتي.

وكتب يقول “أنت ذكية جداً. هناك سبب لعدم موافقتنا التحدث مع الإعلام”.

بصورة عامة يضع المراسلون عبر الإنترنت قوانينهم الخاصة للحفاظ على الذات: لا تقرأ التعليقات. لا تخض مع المشاكسين في تويتر. لا ترد على الرسائل المهينة في فيسبوك. لا ترد على رسائل الكراهية الواردة عبر البريد الإلكتروني. وبصفتي امرأة تعمل مراسلة عبر الإنترنت، فإن المسألة تنطوي على التقيد بنفس القوانين، لكن الإساءات تنبع بوجه عام من كوني امرأة وليس من بسبب العمل الذي أقوم به.

لقد تعرضتُ للقرصنة من قبل الجيش الإلكتروني السوري بسبب مقال انتقدت فيه الرئيس السوري بشار الأسد وسُئلت عن عدد الأشخاص الذين علي أن أقيم علاقة جنسية معهم كي يتم نشر مقالتي. وقد تمكَّن قراصنة مرتبطون بالنظام السوري من الدخول إلى موقع صحيفة ‘إنترناشنال بيزنس تايمز’ الإلكتروني وحذفوا مقالتي منه ووضعوا مكانها تهديداً بحذف كل محتويات الصحيفة إذا كتبنا ذات يوم عن سوريا مرة ثانية. وبعد ساعة، أعدت نشر المقالة.

أحد مستخدمي تويتر الغاضبين بشكل استثنائي كتب مادة علنية قال فيها إنه ينبغي علي البحث عن عمل مع مجلة “إيلي” أو “فوغ” [اللتين تهتمان بشؤون الموضة] ونصحني أن “التزمي بالمجال الذي تعرفين فيه”. لقد اتُهمت بأنني خائنة وعاهرة وإرهابية وصهيونية وصليبية وأني -وهذه المفضلة لي شخصياً- كندية مزيفة. ومن الجدير بالذكر هنا، أن المتصلين بي من تنظيم الدولة كانوا حريصين على ألا ينحّوا عملي جانباً لكوني أنثى، وأفترض أن السبب في ذلك هو أن قيامهم بذلك كان من شأنه أن يقوض أجندتهم، لكن تلك الأجندة تبدّت لي بطرق أخرى كانت بارعة أحياناً. وفي افتراضي الشخصي أنهم لم ينحّوا عملي حسب نوعِ الجنس لأنهم لم يكونوا يهتمون بعملي، بل بكوني امرأة.

وقد اشتكى أبو عمر، بصورة رئيسية، من أن كوني صحفية يجعلني جزءاً من تلك المؤامرة الإعلامية الغربية التي تنشر الأكاذيب عن وحشية التنظيم. من جانبي، كنت مستعدة للحظة التي سيبدأ فيها بكيل الألفاظ المسيئة لي، لكن ذلك لم يحدث أبداً – ولا حتى عندما استفززته بطرح أسئلة محددة عما يسمى بالدولة الإسلامية.

وحوالي الساعة الثانية صباحاً، كنت قد تعبت من سماع نفس الشكاوى الغاضبة حول مهنتي والولايات المتحدة، وهو البلد الذي عشت وعملت فيه إلى أن انتقلت إلى بيروت. وسألت أبا عمر: إن كنت فعلاً تصدق كل ذلك النقد اللاذع الذي تضغطه تغريدات لا يزيد طولها عن 140 حرفاً، فلماذا تخاطر بالحديث معي إذن.

فكتب يقول “الله وضعنا على نفس المسار لعلي أساعدك كي تري النور وتفهمي الحقيقة”.

من التحديات، والفوائد المحتملة، المرتبطة باجتذاب تنظيم الدولة إلى المشاركة في مثل هذه الأحاديث بصفتي صحفية عزباء غير مسلمة هو أن عناصر التنظيم كانوا مصممين على التلاعب بي واستغلال كوني أنثى لتجنيدي لصالح قضيتهم. أغلب الظن أنهم تخيلوني ضعيفة ومنهكة فيقدموا هم لي الملاذ الذي يحميني من أهوال ما يجري على الأرض. لكن من ناحية أخرى، كانت نظرتهم لي على أني لا أشكل خطراً عليهم سبباً يجعلهم يشعرون بأريحية كافية للتحدث بصدق عن موضوعات أخرى، من قبيل الحياة اليومية في ظل ما يسمى بالخلافة ورؤاهم فيما يتعلق بالمرأة. فمن خلال أحاديثي مع أبي عمر وآخرين، اتضح لي بأنهم كانوا يعتقدون أنه يمكن -مع ذلك- أن أغير رأيي من بعيد. كان يتعين عليهم تعليمي الطريقة الملائمة التي يجب أن تعيش بها المرأة الطيبة ومن ثم أصدق أنا ما قالوه لي: بأن الدولة الإسلامية تحمي في الواقع حقوق النساء المسلمات المحتشمات وتدافع عنها.

كان تعليق أبي عمر على مقالتي دقيقاً تماماً؛ فقد فاتني أن أذكر فيها نقطة أساسية لها أهميتها المركزية بالنسبة لاستراتيجية تنظيم الدولة، وهي: إغراء النساء بالمجيء إلى دولة الخلافة، حيث كانت تذهب عشرات النساء إلى سوريا للانضمام إلى الجماعة وكان معظمهن قد أُغرين وفُتنَّ بل وأُدخلن في الإسلام في أغلب الأحيان عبر لقاءات مع أبي عمر الخاص بهن.

كوني أنثى يجعل من المستحيل على مقاتلي الدولة الإسلامية على شبكة الإنترنت أن يفكروا بي بأية صفة غير كوني امرأة، وآخر صفة يمكن أن ينظروا لي بها هو كوني صحفية. وبما أني أعمل بمهنة يهيمن عليها الرجال، فإني ما كنت لأتساهل مع مثل هذا النوع من السلوك من أي مصدر مذكر آخر أو من أي من زملائي الذكور، ولكن لأني كنت أعلم أن أبا عمر كان يحاول تجنيدي، كان أمامي خياران: إما أن أنهي المحادثة معه ومن ثم خسارة فرصة التعرف على العملية التي يتبعها تنظيم الدولة الإسلامية في تجنيد النساء، وربما معرفة كيف يبررون سلوكهم الوحشي، أو أن أتجمل بالصبر على ما أكره وأن أتحمل المعاملة المتحيزة جنسياً على نحو سافر متظاهرة بأني لا أعرف ما الذي يحاول القيام به، وذلك على أمل أن أحصل على معلومات ما كانت ستُتاح لي لو كنت صحفياً ذكراً.

وقد وقع اختياري على الخيار الثاني، وبذلك وجدت نفسي أعد تقارير عن تنظيم الدولة الإسلامية كما لو كانت استقى المعلومة عبر موقع إلكتروني لترتيب المواعيد في الخفاء بين الجنسين.

* * *

لقد أثّرت عدة عوامل على قراري بالأخذ بالخيار الثاني، لكن نقطة الانعطاف كانت عندما سقطت مدينة الموصل العراقية في يونيو/ حزيران 2014. كنتُ مراسلة الأخبار العاجلة في ‘إنترناشنال بيزنس تايمز’ حيث عملت في المناوبة الليلية وقسّمت تغطيتي بين الأخبار الموجزة من حرب غزة، وصعود تنظيم الدولة الإسلامية، وإطلاق نوع بيرة مقتبس من مشاهد المسلسل الأمريكي الشهير ‘صراع العروش’. وكنت آمُل أن أنال ذات يوم فرصة أن أكون مراسلة الشرق الأوسط.

كان قد مضى شهران فقط على تسلمّي للعمل، ولم يُتح لي في كثير من الأحيان أن أكون على اتصال مباشر مع كبار المحررين لأني كنت أعمل ليلاً معظم الوقت. ثم، وذات مساء بدأت أرى صوراً لوجه مألوف لي تظهر في كل تغريدة تقريباً في قائمة الدولة الإسلامية الخاصة بي على تويتر. ولم تكن الصور المصغرة واضحة لكني استطعت أن أتبيّن أن الشخص كان يرتدي ملابس برتقالية اللون. لم أكن أعلم ما الذي حدث لكني عرفت أن كل شخص على هذه القائمة كان يغرد الشيء ذاته؛ ومعنى ذلك أنهم كانوا سعداء بأمر ما، مما يعني أنباء غير سارة بالنسبة لنا. فخرجت من مكتب الصغير وصحت غير موجهة كلامي لأحد بعينه: “أعتقد أن أمراً ما سيئاً قد وقع”.

وبعد ذلك بثوانٍ كان رئيس التحرير ومحرر الأخبار العاجلة ومراسل الشرق الأوسط ومحرر الشؤون الدولية يقفون خلفي وأنا جالسة أمام كمبيوتري حيث أخذنا نشاهد مقاتل من الدولة الإسلامية سرعان ما صار يُعرف باسم الجهادي جون وهو يطلق التهديدات للرئيس أوباما حاملاً سكيناً بيد وممسكاً بقبضته الثانية البذلة البرتقالية للصحفي الرهينة جيمس فولي. بعدها تم قطع رأس فولي كما يعرف العالم كله.

عدت إلى البيت غاضبة في تلك الليلة. واتصلت بأبي وأصدقائي وجداي وبكل شخص آخر يمكن أن يرد على الهاتف كي أحكي لهم ما جرى. لقد غير تنظيم الدولة لتوه طبيعة التغطية الإعلامية للصراع، حيث قتل للتو رجلاً لأنه كان يقوم بعمله، لأنه كان يقوم بعملنا جميعاً. لم نعد بعد الآن مجرد مراقبين. وعلى الرغم من استهداف مراسلين من قبل، ومن ضمنهم دانييل بيرل، إلا أن جماعة الدولة الإسلامية باتت تعمل على مأسسة قتلنا الممنهج. وهكذا أصبحت ستراتنا المزينة بعبارة PRESS (صحافة) خطراً الآن وليس تدبيراً من تدابير السلامة.

ومما يبدو لي غريباً بعض الشيء الآن أن أياً من المحررين لم يشكك بصحة مصادري بالنسبة لذلك التسجيل المصور الأول. وبعدها ببضعة أسابيع، عندما أرسل لي أبو عمر التسجيل الدعائي المصور الأول الذي أصدرته الدولة الإسلامية للصحفي البريطاني المحتجز لديها جون كانتلي، امتدحني أحد المحررين لأني استملت التسجيل قبل أية مؤسسة إخبارية أخرى.

وقد جعل ذلك من مراسلة غرفة الأخبار غير الرسمية لشؤون تنظيم الدولة، الأمر الذي كان يعني مشاهدة، تقريباً، كل التسجيلات المصورة الرهيبة التي صدرت عن الجماعة بعد ذلك التسجيل الأول. وأقول، وقد يبدو هذا بغيضاً، إني لم استطع التوقف عن المشاهدة. لقد أصبحت مسكونة بهاجس أشبه ما يكون بالخيانة الشخصية. شعرت وكأنهم قد سلبوني حلمي: إذ لم أستطع أن أكون الصحفية التي كنت أريد لأنهم -على الرغم من الأحاديث الهادئة التي دارت بيني وبين أبي عمر وآخرين- جعلوا من إعدامي جراء قيامي بعملي أمراً مقبولاٍ. وكانت طريقتي في التعامل مع ذلك محاولة فهم السبب.

* * *

أثناء السنة والنصف التي تلت ذلك، عرفتني مجموعة من مقاتلي الدولة بغير قصد بأيديولوجيتهم عن طريق محاولة تبرير مئات الصور والتسجيلات المصورة التي شاهدتها لعمليات الصلب وقطع الرؤوس والإغراق والإعدامات الجماعية والاغتصاب والاسترقاق الجنسي التي نفذها التنظيم. وخلال تلك الأحاديث، ظهرت أهمية كوني أنثى بطريقتين: أنهم تحدثوا معي لأنهم كانوا يحاولون تجنيدي، كامرأة، كي أذهب إلى سوريا، وأنهم حرصوا على ألا يرسلوا لي أية مادة دعائية مسيئة أو قاسية. يتلقى معظم الصحفيين صوراً مرعبة وتسجيلات مصورة دموية من مقاتلين ونشطاء على حد سواء، غير أني لم أتلق أبداً أي شيء أسوأ من صورة ذاتية (سيلفي) من مقاتلين تابعين لتنظيم الدولة؛ وأية دعاية وحشية شاهدتها كان مصدرها مما عثرت عليه في الإنترنت من خلال البحث الذاتي.

يبدأ الحديث دائماً بنفس الكلام وبتلك الأسئلة عديمة الشأن التي تشكل أساس أي لقاء أول. ولكن بعد ذلك، يعمد مقاتل التنظيم بشكل شبه فوري إلى توضيح هدفه بطرح سؤالين يشيان بما يريد صاحبهما:

هل أنت مسلمة؟ كلا.

هل أنت متزوجة؟ كلا.

ومن ثم يحاولون إقناعي بالالتحاق بهم في سوريا على الرغم من أن كل مقاتل -بحسب زعمه هو- من مقاتلي تنظيم الدولة ممن تكلمت معهم كان يعلم أني صحفية. فأنا أستخدم حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي ونفس الصورة التي أضعها على الموقع الإلكتروني لصحيفة ‘إنترناشنال بيزنس تايمز’.

حاولت الدفاع عن مهنتي وطالبت بمعرفة سبب عادة إعدام الصحفيين التي تمارسها جماعة الدولة الإسلامية. وكانت ردود معظم مقاتلي الدولة تلجأ إلى بعض التبريرات التي نشرتها الجماعة أصلاً في موادها الدعائية عبر الإنترنت. كان أولئك الصحفيين جواسيس، كانوا عملاء للمخابرات المركزية الأمريكية، كانوا من عناصر الموساد الإسرائيلي، وكانوا أدوات للبيت الأبيض. لم يقولوا يوماً إنهم قتلوهم فقط لأنهم صحفيين، وقد طمأنوني بأنه طالما بقيت صادقة في تقاريري حول أجندة تنظيم الدولة، فإني لن أصاب بأذى.

لم تفاجئني إجاباتهم، نظراً لأن معظم مقاتلي الدولة الذين تحدثت معهم كانوا متلهفين للبدء بعملية التجنيد أكثر من تلهفهم على مناقشة مسألة كوني صحفية.

كان أبو عبدالله، وهو مهندس معماري سابق من الجزائر، يقاتل مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق خلال صيف عام 2015 عندما تواصل معي عبر تويتر. مسلمة؟ كلا. متزوجة؟ كلا.

فكتب يقول “أبحث عن امرأة في الوقت الحاضر”،

“لا أستطيع العثور على بنت”.

“هل تفهمينني؟”

لم يكن لديه متسع من الوقت كي يجندني. فقد كنا قد دخلنا في شهر يونيو/ حزيران وكان رمضان على الأبواب وكان أبو عبدالله يأمل أن يتزوج قبل عيد الفطر، أي العيد الذي يُحتفل به باختتام الشهر المبارك.

وقد سألت أبي عبدالله عن سبب بحثه عن امرأة في حين أنه بلغني سابقاً أن جماعة الدولة الإسلامية تقدم عرائس لمقاتليها. فقال لي إني مخطئة، فالعثور على عروس ينطوي على إبلاغ الإمام بأنك وجدت زوجة المستقبل ثم طلب الموافقة من والدها. وعندما يوافق والدها “يجب أن ترى البنت الولد ومن ثم تقرر”.

وقد انضم أبو عبدالله لتنظيم الدولة في الواقع من أجل حماية النساء المسلمات الصالحات، حسب زعمه. وقال إن النساء في ديانات أخرى يعاملن “مثل المنتجات”.

“لا أستطيع رؤية أحدٍ يعتدي على حرمة البنات المسلمات بعد الآن. نساؤنا وبناتنا شرفنا؛ أنت تفهمين هذا”.

وأخبرني أبو عبدالله أن ثمة عائلات في العراق قادمة من كندا والولايات المتحدة وأرسل لي صوراً لأطفال أصدقائه وقد لفوا أنفسهم بحاجيات الجماعة حاملين بنادق هجومية تضاهي بطولها قاماتهم. وأرسل لي أيضاً صوراً له من عمله السابق كمهندس معماري وصور ذاتية (سيلفي) في ميادين القتال في العراق. وتحدثنا عن البنى المعمارية التي يفضلها ثم أخبرني كم هي رائعة حياته الآن لأنه يعيش في دولة الخلافة.

وبعد بضعة أيام من ذلك، أضافني أبو عبدالله لقائمته في ‘الواتس أب’ وطلب مني على الفور حذف صورتي من الحساب لأني حاسرة الرأس فيها. وفي أول مرة تحدثنا فيها عبر ‘سكايب’ كي يتسنى له أن يريني “روعة” الحياة في الموصل العراقية، أغلق الخط لأن شعري “سبّبَ له صدمة”. ثم عاود الاتصال، لكني لم أغطِ شعري.

وظل لعدة أسابيع بعدها يُرسل لي كتباً إلكترونية عن الإسلام وخطباً لزعماء دينيين بارزين، على الرغم من أني قلت له إني كاثوليكية. وشرح لي أبو عبدالله فوائد وأهمية ارتداء الحجاب وأرسل لي مادة للقراءة ليؤيد بها ما يقول. وعندما لم أكن أرد عليه كان يواصل إرسال الرسائل حتى أرد.

قلت لأبي عبد الله إني أرى، من خلال ما أعرفه عن المعاملة التي تتلقاها النساء في دولة الخلافة، أن تلك المعاملة ليست بالمستوى الطيب الذي يتحدث عنه هو. فمن ضمن قائمة الفتاوى الرسمية للدولة الإسلامية، ممنوع على النساء الاختلاء بالرجال أو مصافحتهم أو إظهار عيونهن أو أي جزء من وجههن أو وضع العطور إلى جانب أشياء أخرى. (ومن الغريب تماماً أن إزالة لون جزء من حاجب العين جائز [بدلاً من إزالة جزء من شعر الحاجب بغية التجميل]، حسب الفتاوى).

لكن ما يحدث بالفعل على أرض الواقع مخيف أكثر مما توحي به الفتاوى. لقد وثّقت منظمة هيومان رايتس ووتش “نظاماً من الاغتصاب المنظم والاعتداء الجنسي والاسترقاق الجنسي والزواج القسري على يد قوات تنظيم الدولة الإسلامية” بحق النساء اليزيديات اللواتي أخذن رهائن خلال هجوم التنظيم على جبل سنجار في العراق. وقد كتبتُ، في الحقيقة، مقالة عن تسجيل مصور يظهر مقاتلي التنظيم وهم يناقشون زيارتهم المقبلة إلى سوق الإماء اليزيديات. وكان الرجال الظاهرين في التسجيل يتحدثون بإثارة بشعة وهم يتمازحون بشأن الدفع ويحاولون شراء حصة كل منهم من الإماء.

وقال أحد المقاتلين وكان شعره الأسود الطويل ينسدل حتى ذقنه ويرتدي خاتماً من الذهب في أصبعه الخنصر ويخاطبونه في التسجيل بأبي فهد، إن ” السعر يختلف إذا كانت عيناها زرقاوان”. وإذا كانت في الخامسة عشرة من عمرها … فيجب أن أفحص أسنانها”، فيما يضحك باقي المقاتلين.

وتساءل أبو فهد بلهجة متشككة “إن لم يكن لها أسنان، فما حاجتي بها؟”.

شعرت بالنفور من التسجيل، لكني لم أسأل أبي عبدالله عنه لأني كنت أعلم أن رده سيكون كرد أبي عمر في السنة الماضية: هذه المزاعم مجرد دعاية.

ربما كنتُ ساذجة، لكني أعتقد أن أبا عبدالله كان يظن بصدق أنه يدافع عن حقوق النساء رغم علمي بأن ذلك الدفاع مقتصر على النساء المسلمات. لذا عند سماعي اتهام الحكومة التركية لانتحارية من تنظيم الدولة بتنفيذ الهجوم المدمر في بلدة سوروك التركية على الحدود مع سوريا صيف عام 2015، سألت أبا عبدالله كيف يسمح بحدوث هذا لامرأة، فبدا أن أبا عبدالله قد تفاجأ بسماع الخبر مثلي.

وكتب قائلاً: “ليس لدي أية معلومات. سوف أتحقق”.

وبعد يومين، جاءني بردٍ بسيط: “لسنا من قام بالتفجير. الخليفة يرفض استخدام النساء أو السماح لهن بتنفيذ هجمات انتحارية”.

لم يكن أبو عبد الله يكذب. صحيح أن للنساء دور أساسي في البنية التحتية لتنظيم الدولة الإسلامية إلا أنهن لا يقمن بدور قتالي. وبدلاً من ذلك، تتولى المجندات من الإناث مسؤولية إدارة المدارس في أراضي الدولة والحفاظ على التزام باقي النساء والعمل كمسؤولات عن تجنيد نساء أجنبيات أخريات. ومن بين جميع التفجيرات الانتحارية التي نفذها التنظيم في مختلف أنحاء المنطقة لم يبلغني أنهم استخدموا في أي منها امرأة انتحارية. (وقد أعلنت الحكومة التركية فيما بعد أن الانتحاري لم يكن امرأة). وعلى الرغم من منع تنظيم الدولة للنساء من المشاركة في القتال في الجبهات الأمامية، أصدر التنظيم وثيقة تنص على استثناءات لنساء يردن المشاركة. إذ يُسمح للمرأة بارتداء حزام ناسف وتفجيره دون الحصول على إذن إذا كانت في السعودية، وإذا ما “دوهمت” في منزلها ولم يكن فيه أحد غيرها، أو إذا سمح الأمير بذلك أو كان ذلك في الصالح العام.

وظل أبو عبدالله يرسل لي الرسائل كل يوم تقريباً حتى سبتمبر/ أيلول، بما في ذلك يوم العيد، أي عند انتهاء شهر رمضان. ولا أظنه قد تزوج على الإطلاق.

لقد تحققت من مصداقية أبي عبدالله مستخدمة طريقتي، مثلما فعلت مع الآخرين كلهم، وكانت إجاباته الأكثر قابلية للتصديق بفارق كبير عن غيره. لم يكن لاهتمامه بي أية علاقة بما أعده من تقارير؛ وكانت أول مرة نتحدث فيها عن مهنتي، في الحقيقة، عندما احتاج إلى مساعدة في فتح حساب فيسبوك مختلف (لقد عملت في موقع إلكتروني فلا بد أن أعرف كيف أساعده، حسب قوله). لم يساوره أي قلق أبداً- ولا أستطيع تفسير سبب ذلك- من أني قد أقوم بنشر أي من التسجيلات المصورة أو المعلومات التي أرسلها لي.

وعلى الرغم من أن معظم المتواصلين معي من جماعة الدولة كانوا يفترضون بأني غير مؤذية بسبب نوعي الاجتماعي كأنثى، إلا أن بعضهم لم يكن يثق بي بنفس الدرجة كأبي عبدالله وأبي عمر. فقد كان أبو أحمد، وهو مقاتل تونسي شاب من الرقة، الأكثر شكاً بي. وقد كان لديه سبب يجعله يعتقد أنه مراقب؛ وقد تم إيقاف حسابه على تويتر مرتين خلال الفترة التي تحادثنا فيها، ربما بسبب صورة الغلاف الخاصة به التي كانت عبارة عن صورة جماعية لمقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية يبتسمون للكاميرا. وعندما اتصل بي أول مرة على تويتر، ظن بالخطأ أني رجل فرنسي.

يومها سأل “أخي، هل تريد المجيء إلى الشام”، مستخدماً الاسم القديم لسوريا الكبرى والمستعار من فترة حكم الأمويين. وتابع قائلاً “تصلني طلبات للقدوم من فرنسا كل يوم”.

وبعد أن أدرك من أكون وما هو العمل الذي أعتاش منه، أخبرته أني أعلم بشأن هجوم مقبل كان تنظيم الدولة يخطط له في برلين. وقد كان أحد مصادري التونسية من خارج تنظيم الدولة قد سرًب لي خبر الهجوم قبلها بأسبوع أثناء وجودي في باريس لتغطية أخبار الهجمات الرهيبة التي استهدفت صحيفة تشارلي إيبدو الفرنسية ذات الطابع التهكمي الساخر. وكان ذلك المصدر التونسي لا يزال ضمن فترة شهر التثبت، لذا لم أقم بنشر أي شيء عما زعمه، ولكني بسؤالي أبي أحمد عنها، كنت أحاول التأكد من معلوماته ومعلومات مصدري التونسي.

وسيطر الشك على أبي أحمد في الحال وكان مصراً بعناد على معرفة من الذي أخبرني عن الهجوم. لقد كان خائفاً من أن يتهمه أحد في الرقة بإعطاء معلومات للصحفيين. وبعد بضعة أيام من تراسلنا الأول، تلقيت منه رسالة أخرى تقول:

لقد أقلقتني منذ أن كتبت لي بأنك تعلمين عن هجوم ما. ما الذي تعرفينه عن ذلك بالضبط؟ وكيف عرف مصدرك، وإن كان مصدرك على علمٍ فعلاً، فلم يحدثك أنتِ به؟

لم أكشف مطلقاً عن هوية مصدري التونسي لأبي أحمد، وذلك حماية لهذا المصدر. وقلت لأبي أحمد إنه غير ملزم أبداً بالتحدث معي إن لم يكن يشعر بالارتياح. وبعد أقل من أسبوع، اعتقلت الشرطة الألمانية ثلاثة رجال بتهمة تجنيد عناصر لصالح تنظيم الدولة وتقديم دعم مالي له، محبطة بذلك هجوماً كان محتمل الوقوع. حتى بعد اعتقال هؤلاء، ظل أبو أحمد يسأل لبضعة أسابيع إلى أن اختفى في النهاية.

* * *

كل أعضاء تنظيم الدولة الذين تحدثت معهم فقدوا الأمل في نهاية المطاف من تجنيدي وساورهم الشك من كوني صحفية فاختفوا وحذفوا حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وغيروا أرقام هواتفهم على تطبيقات الواتس أب والفايبر. ومن المحتمل أن يكون بعضهم قد قُتل، لكن معظم المقاتلين أنهوا أحاديثهم معي لأنهم كانوا خائفين من أن يتم الإمساك بهم.

بعد أسبوعين من التراسل في الاتجاهين بعد حديثي الأول مع أبي عمر في سبتمبر/ أيلول 2014، اختفى أبو عمر عن حسابي على موقع تويتر. لكنه بعدها ببضع ساعات فتح صفحة فيسبوك وكنت أنا صديقه الوحيد فيها. وكتب إلي في الحال ومن ثم قام بحذف الحساب فور استلامي لرسالته التي قال فيها:

هذا أنا أبو عمر. لا أستطيع أن أكلمك بعد اليوم. نحن نعيش في قفص رقمي. سوف نلتقي إن شاء الله عندما تتسع دولة الخلافة”.

لم يكن أبو عمر الشخص الوحيد الذي وضعه تنظيم الدولة في قفص رقمي، فقد فعل التنظيم الشيء نفسه بالصحفيين. فباتت الطريقة الوحيدة التي يمكن بها للمراسلين الذي يكتبون عن الدولة الإسلامية أن يقوموا بعملهم في أمان هو أن يبقوا داخل القفص الذي صنعته الجماعة وحمته ببعد المسافة وعدم كشف الهوية الحقيقية، وذلك بفضل شبكة الإنترنت.

كان سُيكتب لهذه القصة نهاية مختلفة تماماً لو أنه قُدر لي أن التقي بأي من هؤلاء الرجال في العالم الحقيقي. فالتحدث معهم عبر أثير الإنترنت جعل بيننا مسافة سمحت لي بمحاولة تجاهل تعاملهم السافر مع النساء على أنهن مجرد أشياء. ولو أنه قُيض لنا أن نلتقي شخصياً لما كنت واثقة من مقدرتي على كتم الاشمئزاز الذي أشعر به وربما كان سيؤول بي إلى ما آلت إليه تلك النساء اليزيديات.

في أحاديثي مع أعضاء تنظيم الدولة كان يتعين علي في أغلب الأحيان تجاهل الدافع الغريزي الذي يدفعني للمطالبة بمعاملة النساء على قدم المساواة مع الرجال. ولست أشعر بالفخر لأني كبتُّ تلك الغريزة لكنه أمر شعرت أنه كان أمراً ضرورياً من أجل تكوين فهم أفضل لدور النساء داخل هذه الجماعة. كان يتوجب عليّ أن أصبح إحدى النساء اللواتي تستهدفهن الجماعة بالتجنيد كي أعرف أكثر عن الأمر. بطريقة ما، الأمر أشبه ما يكون بشكل آخر جديد من أشكال الصحافة المرافقة للقوات، شكلٌ لا يمكن أن يوجد إلا في شبكة الإنترنت – وبوجود امرأة فقط.

أليساندريا ماسي هي مراسلة صحيفة ‘إنترناشنال بيزنس تايمز’ لشؤون الشرق الأوسط ومهتمة بشكل خاص بكل ما يتعلق بالإرهاب. وُلدت أليساندريا في مونتريـال وتقيم في بيروت.