معدل مرتفع لقتل الصحفيين الدوليين ، والشرق الأوسط المنطقة الأكثر فتكاً بالصحافة

سوريا هي أكثر بلد يُقتل فيها صحفيون في العالم للعام الثالث على التوالي. الصحفيون الدوليون يتعرضون للقتل بمعدلات أعلى خلال عام 2014 مقارنة بالأعوام الأخيرة. تقرير خاص للجنة حماية الصحفيين من إعداد شازدة أوماري

صحفيون يرفعون صوراً للمصورة الصحفية آنيا نيدريجنهاوس التي كانت تعمل مع وكالة 'أسوشيتد برس' وقُتلت في أفغانستان في أبريل/نيسان. (رويترز/ فيصل محمود)
صحفيون يرفعون صوراً للمصورة الصحفية آنيا نيدريجنهاوس التي كانت تعمل مع وكالة ‘أسوشيتد برس’ وقُتلت في أفغانستان في أبريل/نيسان. (رويترز/ فيصل محمود)

نُشر في 23 ديسمبر/كانون الأول 2014

وصل عدد الصحفيين الدوليين الذين لقوا حتفهم بسبب عملهم معدلاً عالياً وغير معتاد في عام 2014، حيث عمد المراسلون الدوليون إلى عبور الحدود لتغطية نزاعات وأوضاع خطيرة في الشرق الأوسط وأوكرانيا وأفغانستان، حسبما وجدت لجنة حماية الصحفيين في تحليلها السنوي.

بلغت نسبة الصحفيين الدوليين القتلى ما يقرب من ربع إجمالي الخسائر بين الصحفيين في هذا العام، وهذه النسبة حوالى ضعف الخسائر التي وثقتها لجنة حماية الصحفيين في السنوات الأخيرة، وهو أمر يعود جزئياً إلى التزايد المطّرد للعنف في مناطق النزاع والتي غالباً ما يُستهدف فيها الصحفيون الغربيون بصفة متعمدة. وعلى مر السنوات كان تسعة من كل عشرة صحفيين يُقتلون هم من الصحفيين المحليين الذين يغطون مواضيع محلية، حسب أبحاث لجنة حماية الصحفيين.

بلغ العدد الإجمالي للصحفيين الذين لقوا حتفهم بسبب عملهم 60 صحفياً في عام 2014، مقارنة مع 70 صحفياً قتيلاً في عام 2013. وتحقق لجنة حماية الصحفيين في عام 2014 بشأن مقتل 18 صحفياً إضافياً لتحديد ما إذا كانت وفاتهم مرتبطة بعملهم.

اجتذبت المخاطر المرتبطة بعمل الصحفيين الدوليين اهتماماً متجدداً في أبريل/نيسان من هذا العام، إثر مقتل المصورة الصحفية الألمانية آنيا نيدريجنهاوس التي كانت تعمل مع وكالة ‘أسوشيتد برس’، إذ أطلق عليها شرطي الرصاص بينما كانت تغطي الانتخابات في أفغانستان. وفي أغسطس/آب، قام عناصر من جماعة ‘الدولة الإسلامية’ المسلحة بإعدام الصحفي الأمريكي المستقل جيمس فولي، ونشرت الجماعة مقطع فيديو على الإنترنت يظهر عملية الإعدام. وكان فولي قد اختُطف في سوريا في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، ولم يكن مكان وجوده معروفاً. وبعد أسبوعين على ذلك، نشرت جماعة ‘الدولة الإسلامية’ مقطع فيديو آخر يُظهر قطع رأس الصحفي المستقبل ستيفن سوتلوف الذي يحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية، والذي اختُطف في آغسطس/آب 2013.

على الرغم من تزايد المخاطر التي يواجهها الصحفيون الغربيون العاملون في مناطق النزاعات، يظل الصحفيون المحليون يشكلون الغالبية العظمى من الصحفيين المعرضين للخطر بسبب عملهم. فعلى سبيل المثال، تقدّر لجنة حماية الصحفيين أن هناك 20 صحفياً في عداد المفقودين في سوريا حاليا (ويُعتقد أن العديد منهم محتجزون لدى جماعة ‘الدولة الإسلامية’)، ومعظمهم من الصحفيين المحليين.

وبلغ العدد الإجمالي للصحفيين الذين لقوا حتفهم في النزاع السوري 17 صحفياً على الأقل خلال عام 2014، مما يرفع العدد الإجمالي للصحفيين القتلى منذ بدء النزاع في عام 2011 إلى 79 صحفياً. هذا العدد المتزايد في الخسائر جعل حصيلة الخسائر في سوريا تفوق الحصيلة في الفلبين كثاني بلد يُقتل فيه أكبر عدد من الصحفيين منذ بدأت لجنة حماية الصحفيين بتوثيق حالات قتل الصحفيين في عام 1992.

وفي العراق قُتل خمسة صحفيين على الأقل في هذا العام، كان ثلاثة منهم يغطون المصادمات بين الحكومة العراقية وحلفائها ضد حركة التمرد التي تقودها جماعة ‘الدولة الإسلامية’، ومن بينهم المصور الصحفي خالد علي حمادة الذي كان يعمل مع قناة العهد الفضائية، وقُتل في يونيو/حزيران 2014 بينما كان يغطي المصادمات العسكرية في محافظة ديالى بين قوات الأمن العراقية ومسلحين تابعين لجماعة الدولة الإسلامية، وفقاً لتقارير الأنباء.

قُتل أربعة صحفيين وثلاثة عاملين إعلاميين على الأقل بينما كانوا يغطون النزاع الذي امتد 50 يوماً في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وخلّف النزاع أكثر من 2100قتيل فلسطيني معظمهم من المدنيين، و 73 إسرائيلياً. وفي 9 يوليو/تموز، قُتل سائق يعمل مع وكالة ‘ميديا 24’ الإعلامية عندما أصيبت سيارته التي تحمل علامة “صحافة” بصاروخ إسرائيلي.

قتل هذا العام ما لا يقل عن خمسة صحفيين واثنين من العاملين الإعلاميين في أوكرانيا، وهذه الخسائر هي الأولى التي تسجلها لجنة حماية الصحفيين في أوكرانيا منذ عام 2001. وكان جميع القتلى ما عدا واحدا هم من الصحفيين الدوليين. وقد وثقت لجنة حماية الصحفيين انتهاكات متكررة ضد الصحافة في البلد خلال عام 2014، بما في ذلك اعتداءات، واحتجاز صحفيين واختطافهم، وحالات حجب للبث الإعلامي.

وفي باكستان، وهي من بين البلدان الأكثر خطورة على الصحفيين على مر السنين، قُتل ثلاثة صحفيين بسبب عملهم، مما يمثل انخفاضاً عن السنوات الماضية. إلا أن العنف ضد الصحفيين مستمر: ففي أبريل/نيسان، أصيب الصحفي حامد مير الذي يعمل مقدم برامج في وكالة ‘جيو نيوز’ بثلاث رصاصات بينما كان يغادر المطار الرئيسي في كراتشي، إلا أنه نجا من الموت. وفي مارس/آذار، أطلق مسلحون النيران على سيارة المذيع التلفزيوني رازا رومي الذي أصيب بجراح خطيرة، في حين قُتل السائق الذي كان برفقته.

والدة الصحفية ميادة أشرف تندبها في جنازتها. وكانت ميادة قد قُتلت بالرصاص بينما كانت تغطي مصادمات جرت في شرق القاهرة. (وكالة الأنباء الفرنسية/ أحمد محمود)
والدة الصحفية ميادة أشرف تندبها في جنازتها. وكانت ميادة قد قُتلت بالرصاص بينما كانت تغطي مصادمات جرت في شرق القاهرة. (وكالة الأنباء الفرنسية/ أحمد محمود)

قُتل ثلاثة صحفيين على الأقل في باراغواي في عام 2014، وهذه هي أول حالات قتل مؤكدة مرتبطة بالإعلام توثقها لجنة حماية الصحفيين في هذا البلد منذ عام 2007. وكان اثنان من الصحفيين القتلى مقدمي برامج إذاعية. فقد قُتل الصحفي إدغار بانتاليون فيرنانديز فليتاس في يونيو/حزيران في مدينة كونسيبثيون الواقعة في شمال البلد، من جراء تعرضه لإطلاق النار بعد أن استضاف برنامجا إذاعياً اتهم فيه قضاة ومحامين محليين ومسؤولين في مكتب النائب العام بالفساد.

بعض الصحفيين علِقوا في الخطوط الأمامية لتغطية انتشار فيروس إيبولا القاتل. ففي غينيا، عُثر على جثث صحفي إذاعي وعاملَين إعلاميَين ملقاة في مجاري الصرف الصحي في قرية ووم التي توجهوا إليها لتغطية أنشطة وفد يقوم بحملة للتوعية الصحية.

شهدت تركيا أول حالة قتل مرتبطة بالإعلام منذ عدة سنوات. ففي 14 أكتوبر/تشرين الأول، كان الصحفي كادير باغدو يقود دراجته الهوائية لتوصيل نسخ من صحيفة ‘أزديلا ويلات’ اليومية المؤيدة للأكراد في مدينة أضنة عندما أصيب برصاص أطلقه رجلان يقودان دراجة نارية. وقال محرر في الصحيفة للجنة حماية الصحفيين إن الصحيفة تتلقى تهديدات متكررة عبر الهاتف والبريد الإلكتروني. وتزعم السلطات التركية أن وسائل الإعلام المؤيدة للأكراد متحالفة مع حزب العمال الكردستاني المحظور ومع جماعة ‘كي سي كي’، وهي تحالف يضم منظمات مؤيدة للأكراد، وفقاً لأبحاث لجنة حماية الصحفيين.

وفي بورما، صرّح الجيش في أكتوبر/تشرين الأول أنه أطلق الرصاص على مراسل صحفي مستقل وأرداه قتيلا بينما كان قيد الاحتجاز في ولاية مون في جنوب شرق البلد. وهذه أول حالة قتل مرتبطة بالصحافة توثقها لجنة حماية الصحفيين في بورما منذ عام 2007. وقد تراجعت الحريات الصحفية في البلد في عام 2014، إذ تحتجز السلطات 10 صحفيين على الأقل على خلفية اتهامات بمناهضة الدولة.

وفيما يلي بعض التوجهات التي كشفت عنها أبحاث لجنة حماية الصحفيين:

  • العدد الإجمالي من حالات قتل الصحفيين في عام 2014 يظهر تواصلاً في مستوى الخطر الذي يواجهه الصحفيون على امتداد العقد الماضي. وسجلت لجنة حماية الصحفيين أكبر عدد من حالات قتل الصحفيين خلال السنوات الثلاث الماضية.
  • ما يقرب من نصف الصحفيين الذي لقوا حتفهم في عام 2014 قُتلوا في الشرق الأوسط. وحوالي 38 بالمائة من المجموع قُتلوا أثناء عمليات قتالية أو من جراء النيران المتقاطعة.
  • وثقت لجنة حماية الصحفيين أول حالة لقتل صحفي في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث أدت المصادمات بين جماعات متمردة متعددة وبين القوات الحكومية إلى عنف فتّاك.
  • قُتل صحفي واحد على الأقل في الفلبين التي احتلت المرتبة الثالثة بين البلدان الأشد فتكاً بالصحافة. وفيما يتعلق بمذبحة ماغويندانو التي حدثت في عام 2009 وذهب ضحيتها 32 صحفياً وعاملاً إعلامياً، لقي شاهد آخر مصرعه بعد تعرضه لإطلاق رصاص في نوفمبر/تشرين الثاني. ولم يصدر القضاء أي حكم إدانة ضد أي شخص على خلفية تلك المذبحة.
  • أكثر من 40 بالمائة من الصحفيين الذي قُتلوا في عام 2014 كانوا قد استُهدفوا بالقتل. وحوالي 31 بالمائة من الصحفيين القتلى كانوا قد أبلغوا عن تلقيهم تهديدات قبل مقتلهم.
  • ثمانية من البلدان التي شهدت حالات قتل صحفيين في عام 2014 وردت أيضاً على مؤشر الإفلات من العقاب للعام 2014 الذي تعده لجنة حماية الصحفيين، والذي يسلط الضوء على البلدان التي يُقتل فيها الصحفيون بصفة متكررة ويظل القتلة أحراراً طلقاء.
  • المهنة الإعلامية الأكثر شيوعاً بين الصحفيين القتلى في عام 2014 هي مراسل صحفي لوسائل البث الإعلامي، إذ يعمل فيها 35 بالمائة من الصحفيين القتلى، يتبعها مهنة المصور الصحفي، او مشغلو كاميرات ، وبلغت نسبتها 27 بالمائة.
  • قرابة 68 بالمائة من الصحفيين القتلى في عام 2014 كانوا يغطون المواضيع السياسية، ويلي ذلك الصحفيون الذين يغطون الحروب إذ بلغت نسبتهم 60 بالمائة، ثم الصحفيون يغطون موضوع حقوق الإنسان بنسبة 55 بالمائة.

بدأت لجنة حماية الصحفيين بجمع سجلات مفصلة حول جميع الصحفيين القتلى في عام 1992. ويقوم موظفو اللجنة بالتحقيق بصفة مستقلة للتحقق من ملابسات مقتل الصحفيين. وتعتبر اللجنة الحالة مرتبطة بالعمل عندما يتيقن موظفو اللجنة إلى درجة معقولة بأن الصحفي قُتل نتيجة لانتقام مباشر بسبب عمله أو عملها؛ أو من جراء نيران متقاطعة متصلة بأعمال قتالية؛ أو أثناء قيام الصحفي بمهمة خطرة.

وإذا كانت دوافع القتل غير واضحة، مع وجود احتمال بأن وفاة الصحفي تتعلق بعمله أو عملها، تصنف لجنة حماية الصحفيين الحالة بأنها “غير مؤكدة” وتواصل التحقيق بشأنها. ولا تشمل القائمة التي تعدها اللجنة وفيات الصحفيين الناجمة عن المرض أو حوادث السيارات أو الطائرات، إلا إذا كان الحادث ناتجاً عن عمل عدائي. وتستخدم منظمات صحفية أخرى معايير مختلفة وتورد أعداداً أكبر لحالات الوفاة مقارنة مع الأعداد التي تتوصل إليها لجنة حماية الصحفيين.

تتضمن قاعدة البيانات التي أعدتها لجنة حماية الصحفيين حول الصحفيين القتلى بسبب عملهم في عام 2014 نبذات مختصرة عن كل ضحية وتحليلات إحصائية. وتحافظ لجنة حماية الصحفيين أيضاً على قاعدة بيانات حول جميع الصحفيين القتلى منذ عام 1992.

شازده أوماري هى محررة أخبار لجنة حماية الصحفيين. عملت سابقا رئيسا لتحرير صوت القرية وكمراسلة ومحررة في الولايات المتحدة واليونان.