إعداد: شريف منصور
في يونيو/حزيران 2012، وقبل ثلاثة أيام من إعلان فوز محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية، شارك الإعلامي الساخر باسم يوسف مقدم برنامج “البرنامج” التلفزيوني الشهير في مصر في مقابلة في البرنامج التلفزيوني الأمريكي الشهير “ذا دايلي شو” الذي يقدمه جون ستيوارت، ودافع باسم في هذه المقابلة عن مرشح جماعة الإخوان المسلمين وطلب من الجمهور الأمريكي أن يمنحوا الديمقراطية في مصر فرصة. وقال باسم يوسف “إنه طالما ظل مرسي وجماعة الإخوان المسلمين خاضعين للمساءلة أمام الشعب واحترموا حقوق الإنسان، فليس ثمة سبب يمنعهم من قيادة هذا التحول التاريخي في مصر نحو الحكم الديمقراطي.”
على خط الانقسام
• جدول المحتويات
في الطباعة
• تحميل التقرير
• English
وفي العام الذي تلا ذلك، قامت الحكومة التي يقودها مرسي والتي دافع عنها باسم يوسف في اللقاء التلفزيوني بملاحقته قضائيا على خلفية اتهامات فضفاضة “بإهانة الرئيس” و “الإساءة إلى الإسلام” و “نشر أخبار كاذبة”. وكان باسم يوسف قد استخدم في برنامجه التلفزيوني سخرية لاذعة لانتقاد التقصير الحكومي عن تحسين الاقتصاد والخدمات العامة والأمن، كما انتقد مساعي الحكومة لقمع حرية الرأي بذريعة حماية الدين. إلا أن هذه الملاحقة القضائية لم تؤدِ سوى إلى زيادة حدة السخرية. وقال باسم للجنة حماية الصحفيين في يونيو/حزيران 2013، وقبل بضعة أيام فقط من الإطاحة بمرسي، “أنا لن أخفف من حدة انتقاداتي، فحرية التعبير ليست هدية، وإنما هي حق إنساني”.
إن قصة باسم يوسف تُجسّد من نواحي كثيرة فشل مرسي في تقبّل وجهات النظر المتنوعة، وهذا أحد الجوانب الأساسية التي أدت إلى الإطاحة به. وقد وجد تحليلٌ أجرته لجنة حماية الصحفيين أن حكومة مرسي استخدمت قواعد ولوائح مسيسة، وتجاهلت وجهات النظر المعارضة من أجل فرض إقرار الدستور الجديد الذي يتضمن العديد من القيود، كما استخدمت التحقيقات الجنائية العقابية والتهديد البدني واللفظي على نطاق واسع ضد الناقدين. وقد وثقت لجنة حماية الصحفيين عشرات الاعتداءات الواضحة ضد الصحافة، والتي ارتكب معظمها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ومؤيدوها، ولم تتم معاقبة مرتكبيها في معظم الحالات. ومن بين هذه الاعتداءات الهجوم الذي أدى إلى مقتل المحرر الصحفي الحسيني أبو ضيف، والذي سعى مسؤولون حكوميون كبار إلى إضفاء الغموض على الظروف التي أحاطت بقتله.
إشارة مبكرة
كان أحد القرارات الأولى التي اتخذها مرسي بعد تسلمه مقاليد السلطة هو الإبقاء على منصب وزير الإعلام الذي كان موجوداً في عهد الرئيس السابق مبارك. وعيّن مرسي حليفَهُ صلاح عبد المقصود لإشغال هذا المنصب مما أثار قلق الصحفيين فوراً. ولطالما ظل هذا المنصب يُستخدم لإدارة تدفق المعلومات، وذلك عبر السيطرة على السياسة التحريرية لوسائل الإعلام الحكومية. وقد تم تعليق هذا المنصب مؤقتا خلال فترة الحكم العسكري الانتقالية. وكان العديدون يأملون بأن مرسي سيلغي هذا المنصب تماماً ويُنشئ هيئة مستقلة بديلة لتنظيم وسائل الإعلام.
ولم يقتصر الأمر على امتناع مرسي عن إلغاء منصب وزير الإعلام، بل أتاح لوزير الإعلام ومجلس الشورى، وهو الغرفة الثانية من البرلمان، توسيع سيطرة الدولة على وسائل الإعلام عبر تعيين حلفاء سياسيين لرئاسة المؤسسات الإعلامية. وبعد ذلك بفترة وجيزة بدأ صحفيون من العاملين في وسائل الإعلام الحكومية يبلغون بأن إدارات وسائل الإعلام أخذت تمنع نشر المقالات الصحفية الناقدة. وقد خسر بعض الصحفيين عملهم، ومن بينهم الكاتب إبراهيم عبد المجيد الذي يكتب مقالاً أسبوعياً شهيراً في صحيفة ‘الأخبار’، وهو من الناقدين البارزين لجماعة الإخوان المسلمين.
وبحلول نهاية عام 2012، كان مرسي وحلفاؤه في الجمعية التأسيسية للدستور قد تمكنوا من صياغة وإقرار دستور جديد أثار العديد من الخلافات، وذلك دون أي مدخلات أو دعم من المعارضة ومن جماعات حقوق الإنسان. وكانت الغاية من الدستور واضحة، وهي وضع قيود من شأنها أن “تضمن التزام وسائل الإعلام بأداء مهني وإداري واقتصادي رشيد”. وقد وجهت لجنة حماية الصحفيين وجهات أخرى انتقادات للدستور لأنه وضع قيوداً جديدة على حرية التعبير، مثلاً من خلال إضافة تهمة جنائية جديدة هي “الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة”، وتخويل سلطات الدولة بإغلاق وسائل الإعلام إذا وجدت المراجعة القضائية أن العاملين في الوسيلة الإعلامية المعنية لم يحترموا “حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومي”.
كما لم تقم حكومة مرسي بأية إصلاحات للإطار القانوني القمعي الذي كان موجوداً في عهد مبارك. وثمة ما يقارب 70 مادة قانونية في ثمانية قوانين مختلفة تعمل على تقييد حرية الصحافة وحرية التعبير، وذلك وفقاً لدراسة أصدرتها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في أكتوبر/تشرين الأول 2012. وثمة جوانب واسعة من الخطاب العام مقيدة بموجب حظر قانوني على تناول جملة من الأمور، من بينها الكفر؛ والدعاية المناهضة للدولة؛ وإهانة المسؤولين الرسميين والدول الأخرى؛ والتحريض على التمرد في الجيش؛ وإقلاق السلم الوطني؛ ونشر مواد تتعارض مع الآداب العامة.
وبعد فترة وجيزة من اعتلاء مرسي سدة الحكم، شن مؤيدو جماعة الإخوان المسلمين موجة من البلاغات الجنائية ضد الإعلاميين الناقدين على خلفية مزاعم غامضة مثل “نشر معلومات كاذبة”، و “تهديد السلم”، و “إهانة الرئيس”، و “الإساءة إلى الدين”. وخلال الأشهر التسعة الأولى من رئاسة مرسي، أحصت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان 600 قضية تشهير جنائية، وهو عدد يتجاوز بكثير عدد تلك القضايا خلال عهد مبارك.
وقال الكاتب والمحرر والمعلق التلفزيوني إبراهيم عيسى للجنة حماية الصحفيين في مارس/آذار، “في السابق كانت تُوجه لي تهمة إهانة مبارك”. ظل هذا الصحفي مستهدفاً لفترة طويلة من حكومة مبارك بسبب تغطيته الصحفية الناقدة. وأفاد أنه أصبح حالياً يواجه طائفة أكبر من الاتهامات في عهد حكومة مرسي، بما في ذلك تهمة الإساءة إلى الدين، ويقول “لقد أصبح الأمر أشبه بالمشي في حقل ألغام”.
موجة التعصّب
اعتقدت المذيعة التلفزيونية السابقة دينا عبد الفتاح أنها حققت سبقاً صحفياً، إذ تمكنت من إجراء مقابلة مع أعضاء مجموعة شبابية سرية عنيفة، وهو ما رأت أنه سيعمق فهم الجمهور للاضطرابات التي تجتاح البلد، واعتقدت أنها ربما ستحظى بالثناء على هذا الإنجاز الإعلامي. وقالت، “بدلاً من ذلك واجهت أكثر من 300 شكوى قانونية مما اضطرني إلى ترك عملي في نهاية المطاف”.
كانت دينا عبد الفتاح تعمل في قناة ‘التحرير’ التلفزيونية، وأجرت في يناير/كانون الثاني مقابلة مع أعضاء في جماعة ‘بلاك بلوك’ التي نظمت احتجاجات عنيفة ضد مرسي. وركزت المقابلة على موضوع التحول إلى الاحتجاج العنيف، ودافعت المجموعة عن أسلوبها وحاججت بأنها ترد على العنف الذي شنته الشرطة وجماعة الإخوان المسلمين في بورسعيد وخلال المصادمات مع المتظاهرين قرب القصر الرئاسي قبل شهر من ذلك.
وعلى أثر ذلك عقد أعضاء بارزون من جماعة الإخوان المسلمين جلسة عامة لمجلس الشورى حيث اتهموا دينا عبد الفتاح بتعريض الأمن الوطني للخطر. وبعد موجة عاتية من البلاغات الجنائية، استدعتها النيابة العامة للتحقيق معها بزعم التحريض على العنف وتشجيع الإرهاب. وأفرجت السلطات عن دينا عبد الفتاح بعد أن مارست جماعات حقوقية ضغوطاً بهذا الشأن، ولكنها استقالت من عملها في قناة ‘التحرير’ بعد أن لاحظت أنها فقدت دعم صاحب العمل. وقال وليد حسني مدير القناة للجنة حماية الصحفيين إن دينا عبد الفتاح لم تطلب بشكل مباشر دعما من القناة واعترف بأن المحطة فقدت صبرها مع ما اعتبره تحيزا سياسيا من جانبها.
ظل مرسي وحلفاؤه يستخدمون باستمرار خطاباً مشحوناً لترهيب الصحفيين. وخلال مؤتمر عام حول حقوق المرأة عقد في مارس/أذار زعم مرسي أن ناقديه استخدموا “وسائل الإعلام للتحريض على العنف”، وحذر من أنه “من يثبت تورطه فلن يفلت من العقاب … لأن العنف هو الجريمة الأصلية ولكن التحريض عليها هو مشاركة فيها”. وقال عصام العريان، وهو أحد زعماء جماعة الإخوان المسلمين في مجلس الشورى، لمراسلة صحيفة ‘الوطن’ التي تغطي جلسات المجلس إنه يعدُّ “مفاجأة” للصحيفة “هتخلي كل واحد في الإعلام يعرف حدوده”، حسبما أوردت الصحيفة في مارس/آذار.
وكما هو حال البلدان الأخرى المناهضة لحرية الصحافة، من قبيل سوريا والصين، شن حلفاء مرسي حملات مضايقات وتهديدات عبر شبكة الإنترنت ضد الناقدين. وقال عمرو سليم للجنة حماية الصحفيين في مارس/آذار، وهو رسام كاريكاتير ينتقد مرسي بصفة منتظمة في صحيفة ‘الشروق’ اليومية، إنه يتلقى تهديدات لحياته كل يوم عبر موقع فيسبوك. وقال، “لا شيء جديد بتلقي تهديدات بالقتل؛ فأنا معتاد على ذلك. وبدلاً من أن يصفونني بأني غير وطني، أصبحوا يصفونني بأني كافر، وهو أمر يثير لديّ قلقاً أكبر”.
واستخدم مؤيدو مرسي التهديد البدني أيضاً. فقد قام آلاف من مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين بمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي التي تضم عدداً كبيراً من مقرات القنوات الفضائية الخاصة، ثلاث مرات لترهيب الصحفيين وضيوف البرامج التلفزيونية الذين سعوا للوصول إلى مدينة الإنتاج الإعلامى . وكان استعراض القوة هذا يحدث كلما أراد مرسي أن يمرر مبادرات وبأقل قدر ممكن من النقد.
حدث الحصار الأول في أغسطس/آب 2012 عندما تظاهر مؤيدو مرسي ضد محطة ‘الفراعين’ التلفزيونية التي أوردت تغطية إعلامية متعاطفة مع الجيش عندما قام مرسي بعزل كبار قادة الجيش والمخابرات. وقامت جموع المتظاهرين بضرب ثلاثة صحفيين يعملون في المحطة واعتدوا على سيارة يوسف الحسيني، وهو مقدم برامج تلفزيونية وإذاعية ويقدم برنامجاً على قناة ‘أون تي في’ الفضائية.
وبالمثل، اتهم مؤيدو مرسي في ديسمبر/كانون الأول 2012 وسائل الإعلام بنشر معلومات مضللة حول مشروع الدستور. ومنعوا العاملين الإعلاميين ومقدمي البرامج من دخول مقرات المحطات التلفزيونية. وفي مارس/آذار 2013، حاصر مؤيدو مرسي مقرات خمس قنوات تلفزيونية فضائية (الحياة، أون تي في، النهار، القاهرة والناس، سي بي سي) واتهموها بأنها تحرّض على العنف. وأطلق المتظاهرون شعارات ترهيبية، من بينها أن الصحفيين سيُقتلون إذا أهانوا مرسي. وتعرض صحفيان على الأقل لاعتداءات، فيما تم منع صحفيين آخرين من دخول مقرات القنوات التلفزيونية.
وبالمجمل، وثقت لجنة حماية الصحفيين 78 اعتداءً على الأقل ضد الصحفيين ابتداءً من أغسطس/آب 2012 وحتى الإطاحة بمرسي في 3 يوليو/تموز 2013. وقد ارتكب مؤيدو جماعة الإخوان المسلمين 72 اعتداءً منها بهدف تقييد تغطية الاحتجاجات المهمة التى نظمتها المعارضة، حسبما أظهرت نتائج البحث التى قامت بها اللجنة.
وثقت لجنة حماية الصحفيين أيضاً بضعة اعتداءات خلال الفترة نفسها ارتكبتها جماعات المعارضة ضد صحفيين اعتبرتهم هذه الجماعات بأنهم متحالفون مع جماعة الإخوان المسلمين. وفي أخطر هذه الحالات، قام شخص مسلح يُعتقد أنه كان بين متظاهرين مناهضين للحكومة بإطلاق الرصاص على إبراهيم المصري الذي يعمل مصوراً في صحيفة ‘الوادي’ بينما كان يغطي تظاهرة نظمتها جماعة الإخوان المسلمين ضد الجهاز القضائي في أبريل/نيسان. وقد أمضى الصحفي المصاب خمسة أيام في المستشفى في قسم العناية المركزة قبل أن يستقر وضعه الصحي.
تحيُّز وسائل الإعلام
انتشر اعتقاد بين معظم قادة جماعة الإخوان المسلمين بأن وسائل الإعلام متحيزة ضد حكومة مرسي. وقال عبد المنعم عبد المقصود، وهو محامٍ بارز في جماعة الإخوان المسلمين، للجنة حماية الصحفيين في مايو/أيار “لقد فقدت وسائل الإعلام مصداقيتها من حيث تقديم التغطية المحايدة وأخلاقيات الصحفيين والمعايير المهنية. وعلى العكس مما كان يحدث أثناء حقبة مبارك، فقد أصبح في مصر في عهد مرسي صحافة مفتوحة وحرة أتاحت النقد البناء، فيما إذا أراد الصحفيون الانخراط في النقد البناء”. (وقد اعتُقل عبد المقصود في 5 يوليو/تموز بتهمة “إهانة القضاء” عندما سعى للدفاع عن قادة جماعة الإخوان المسلمين بعد الإطاحة بمرسي).
لقد توسع المشهد الإعلامي المصري توسعاً هائلاً، إلا أن أكبر توسع جرى في الفترة التي تبعت الإطاحة بنظام مبارك في عام 2011، إذ انتهز الإعلاميون وأصحاب الأعمال الفرصة للدخول في هذا المجال الذى كان خاضعاً لسيطرة صارمة. وقد أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) تقريراً في مارس/آذار 2012 وجد أن عدد الصحف التى تم تسجيلها وصل إلى 567 صحيفة بارتفاع كبير عن عددها قبل الثورة والذي كان يبلغ 142 صحيفة. كما وجد التقرير نفسه زيادة كبيرة في المحطات التلفزيونية إذ ارتفع عددها من 2 إلى 15، إذ نشأت قنوات تلفزيونية جديدة بما فيها ‘سي بي سي’ وهي محطة خاصة؛ وقناة ‘مصر 25’ المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين؛ وقناة ‘المصري’ المرتبطة بحزب الوفد الليبرالي.
كانت معظم الصحف المصرية معنية بالسياسة خلال عهد مرسي، وكانت منقسمة بصفة عامة إلى معسكرين أحدهما مؤيد للحكومة والآخر معارض لها، حسبما وجد تحليل لجنة حماية الصحفيين. وكان معظم الصحف والقنوات التلفزيونية والمواقع الإخبارية الجديدة يعمل برعاية أصحاب أعمال ممن رغبوا بالتصالح مع القوى التي نشأت بعد الثورة من خلال تقديم الدعم للصحفيين والناشطين والسياسيين. وكانت وسائل إعلام عديدة تعارض مرسي إذ زعمت بأنه مسؤول عن تراجع الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وتبنّت نبرة جعلتها جهة ناشطة تسعى للتأثير على سير الأحداث.
واتهم مؤيدو جماعة الإخوان المسلمين رجال الأعمال هؤلاء بأنهم فئة فاسدة تنتمي للنظام السابق تسعى للسيطرة على الخط التحريري للإعلام لمناهضة مرسي ومنعه من إنجاز مطالب الثورة. وفي حين كان بعض المسؤولين الإعلاميين متحالفين في السابق مع مبارك، إلا أن لجنة حماية الصحفيين وجدت أن العديد من القنوات التلفزيونية الفضائية كانت تُدار من الناحية العملية من قبل صحفيين مخضرمين سعوا إلى إضافة كم كبير من التعليقات والآراء إلى المحتوى الصحفي.
لقد تضاءل الفاصل بين الصحافة والسياسة إلى حد كبير. وقد تبنى عدد من الصحفيين موقفاً ناشطاً واضحاً خلال عهد مرسي، وعزا بعضهم ذلك إلى رغبتهم فى الاستجابة إلى علاقته العدائية مع وسائل الإعلام وتصورهم بأن جماعة الإخوان المسلمين تمارس قدراً زائداً من السيطرة على المجال العام. وقالت ريم ماجد للجنة حماية الصحفيين، وهي مقدمة برنامج حواري، إنها شاركت في الاحتجاجات السياسية خارج وقت عملها، على الرغم من أنها بذلت أقصى جهدها للتفريق بين واجبها كصحفية وبين آرائها الشخصية. ولكنها أقرت بأن “الأمر صعب فعلاً أن نفصل بين الدورين”.
بيد أن قادة جماعة الإخوان المسلمين، وفي حين وجّهوا انتقادات حادة لما اعتبروه تغطية إعلامية متحيزة ضدهم، لم يُظهروا انشغالاً بالحياد الصحفي عندما يتصل الأمر بوسائل الإعلام المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين. وقد كانت الصحف والقنوات التلفزيونية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين تدافع دفاعاً محموماً عن الرئيس وتهاجم منتقديه وتتهمهم بالسعي لتحقيق مصالح خاصة وأنهم مناهضون للثورة. كما استخدمت هذه المؤسسات الإعلامية خطاباً مشحوناً دينياً لتقويض مصداقية الصحفيين الآخرين وصل الى درجة اقتراح الاعتداء المباشر على البعض منهم.
وقد أصدرت حكومة مرسي في الأسبوع السابق لاحتجاجات 30 يونيو ، فى غفلة عن مدى عمق الاستياء العام ضدها، وبعد أن فقدت بالفعل دعم القوات المسلحة، سلسلة من التهديدات الفارغة والمراسيم الفضفاضة ضد وسائل الإعلام. وقالت الحكومة انها ستغلق القنوات الفضائية المعارضة لها وأنها ستعيد فتح التحقيقات الجنائية ضد الصحفيين الذين تراهم أقدموا على إهانة الرئيس. وأصدرت الحكومة بالفعل مذكرات توقيف وحظر سفر على بعض الشخصيات العاملة فى وسائل الإعلام.
ولكن في غضون أسبوع، تحولت وجهة تلك التدابير ضد مرسي ووسائل الإعلام التي دعمته.
شريف منصور هو منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين. شيماء أبو الخير مستشارة لجنة حماية الصحفيين ساهمت فى التقرير من القاهرة.