استخدام بروتوكول نقل النصوص التشعبية الآمنة (https) لإضفاء الأمان على الإنترنت للصحافة


بقلم داني أوبراين

ابتداءً من اليوم، يمكنكم زيارة موقع الإنترنت التابع للجنة حماية الصحفيين عبر عنوان إلكتروني بديل، إضافة إلى العنوان المعتاد http://cpj.org، ويمكنكم زيارة موقعنا على نحو آمن على العنوان https://cpj.org. لقد بدأنا باستخدام هذه الميزة الآمنة للمساعدة على حماية قرائنا المعرضين لخطر المراقبة والرقابة، وذلك كجزء من مهمة أوسع في مجال الدعوة لتشجيع الشبكات الاجتماعية ومواقع وسائل الإعلام أن تتخذ الإجراء نفسه.

ظلت مواقع الإنترنت تقليدياً تستخدم الميزة الآمنة في صفحات قليلة من الموقع. وبصفة شبه أكيدة، يستخدم البنك الذي تتعامل معه موقع إنترنت آمن لتوفير تفاصيل عن حسابك المصرفي؛ وعلى الأرجح فإن مواقع الإنترنت المفضلة لديك ستوجهك نحو صفحة آمنة عندما تطلب منك تسجيل دخولك إلى الموقع. ويمكنك أن تعرف متى تقوم هذه المواقع باستخدام صفحة آمنة لأن عنوان الصفحة يبدأ بالمقطع (https) بدلاً من المقطع (http)، كما أن معظم برامج تصفّح المواقع ستظهر إيقونة على شكل قفل عندما يبدأ استخدام الميزة الآمنة.

ولكن الغالبية العظمى من الصفحات في مواقع الإنترنت تستخدم المقطع (http)، ويتم إرسالها دون تشفير وبصفة غير آمنة. حتى المواقع مثل موقع صحيفة نيويورك تايمز وصحيفة واشنطن بوست التي توفر نسخاً كاملة آمنة باستخدام ميزة (https) لمواقعها، فهي عادة لا تنبّه القراء لوجود هذا الموقع الآمن البديل لمواقع الإنترنت الرئيسية التي تستخدمها. كما أن مواقع مثل فيسبوك و تويتر لديهما نسخاً آمنة، ولكنها كثيراً ما تتعطل.

ماذا يعني هذا الأمر بالنسبة للصحفيين المعرضين للخطر؟ يمكن مراقبة مواقع الإنترنت غير الآمنة وغير المشفرة من قبل أي جهة قادرة على اعتراض معلومات الإنترنت إذ تمر عبر البنية التحتية للاتصالات. ويتم استهداف صحفيي الإنترنت الذين تقوم لجنة حماية الصحفيين بتوثيق قضاياهم، إذ تعمد منظمات أو أفراد مخولين بسلطات تنظيمية محلية، أو جهات إجرامية، إلى مراقبة هؤلاء الصحفيين. فإذا كان هؤلاء الصحفيين يتواصلون باستخدام مواقع شبكات اجتماعية أو يدلون بتعليقات حول تقارير إعلامية باستخدام صفحات غير مشفرة، فإنهم يتعرضون للرقابة والكشف عن هوياتهم جراء نقص إجراءات الأمن في معظم مواقع الإنترنت.

ثمة ميزة أخرى لمواقع الإنترنت التي يتم الوصول إليها بصفة آمنة تتمثل في مكافحة رقابة الدولة على الصحافة. وحالياً، فإن الضغط الأكبر الذي تتعرض له الحكومات التي تقرر حجب مواقع إنترنت رئيسية عن السكان يتمثل في ركاكة وسائل حجب المواقع. فقد يكون المواطنون غير مطلعين على التهديدات والرقابة التي يتعرض لها الصحفيون في بلادهم، ولكن إذ اضطرت الحكومات إلى حجب جميع محتويات مواقع مثل يوتيوب وفيسبوك، أو موقع اجتماعي محلي لمنع انتشار الأخبار غير المرغوبة، فإن جمهور مستخدمي الإنترنت سيعلمون سريعاً بذلك، وسيتمردون ضد مثل هذا القمع الصارخ لحريتهم في التعبير.

ولكن، وكما أشرنا سابقاً، أخذت الرقابة على الإنترنت تصبح أكثر خفاءً. فمن دون استخدام المقطع (https) يمكن للحكومات أن تستهدف وتحجب عناوين إنترنت محددة بدلاً من أن تحجب مواقع بأكملها. كما يمكنها حجب صفحات تختارها هي، وتقوم بتصفيتها استناداً إلى وجود عبارات معينة في الصفحة، مثل اسم قائد معارض أو إقليم ثائر.

إن من شأن إرسال محتويات صفحات الإنترت على نحو آمن أن يوقف هذه الأساليب. فإذا لم يكن بالإمكان التجسس على مضمون المعلومات العابرة عبر الإنترنت، فلن يكن بالإمكان البحث عن عبارات محددة بهدف حجب المواقع. وإذا لم يكن بالإمكان التعرف على الصفحات التي يزورها شخص ما من موقع إنترنت، فلن يتاح حجب صفحات معينة بصورة انتقائية. وإذا ما تم استخدام تقنية (https) من قبل عدد أكبر من المواقع، فستظل الرقابة ركيكة – وواضحة.

وتاريخياً، ظل استخدام تقنية (https) مرتبطاً بكلفة إضافية: في الوقت اللازم لإجراء العمليات في الكمبيوتر، والتأخيرات التي لا بد منها الناجمة عن تشفير البيانات ومن ثم حل الشيفرة. وحالياً، أضحت هذه الكلفة أقل كثيراً مما كانت عليه، كما ازداد حجم المخاطر التي يواجهها المستخدمون. وقد بدأت شركة جوجول التحول إلى تقديم صفحات إنترنت آمنة، على الرغم من أن أي زيادة في عمليات معالجة البيانات وأي تأخيرات في إرسالها يكلف الشركة ملايين الدولارات. فبعد الاعتداء على خودام الشركة من قبل جهات في الصين، تحولت الشركة إلى صفحات إنترنت آمنة تلقائية لجميع مستخدمي البريد الإلكتروني “جي ميل”. كما توفر الشركة أيضاً نسخة مشفرة من محرك البحث التابع لها على العنوان الإلكتروني https://www.google.com. وقد اقترح مهندسو الشركة أساليب ومعايير جديدة من شأنها تيسير استخدام تقنية (https) على نطاق أوسع من قبل الشركات الأخرى. وفي حين يقف الصحفيون في الخط الأمامي في مواجهة المراقبة والرقابة، يتزايد حجم المحتويات الشخصية والمهمة المعرضة للكشف عنها أمام الجميع عبر الانتقال غير الآمن للمعلومات عبر الإنترنت.

إن التحول إلى تقنية (https) لا يخلو من التحديات (وقد قام السيد جون إميرسون الذي طور موقع الإنترنت التابع للجنة حماية الصحفيين بإطلاعنا على العملية بأكملها)، ولكن المكاسب التي ستنشأ تستحق هذا العناء. لقد حان الوقت لمزيد من الشركات أن تتحول إلى تقنية (https) لإرسال جميع محتويات مواقعها. كما حان الوقت للتقنيين لتسهيل هذا الأمر لأصحاب المواقع. ومن شأن ذلك جعل الإنترنت أكثر أمناً للصحفيين المعرضين للخطر ولحرية الصحافة، كما أنه سيزيد الأمن والخصوصية لجميع المستخدمين.