نيويورك، 4 شباط/ فبراير 2010 – قالت لجنة حماية الصحفيين اليوم إن خطة الحكومة العراقية الرامية لفرض تعليمات تُقيّد وسائل البث الإعلامي تمثّل عودة منذرة بالخطر لعهد الحكم الاستبدادي. وقد استنكرت اللجنة هذه التعليمات ودعت رئيس الوزراء نوري المالكي وحكومته إلى التخلي عن هذ الخطة القمعية.
لقد تبين للجنة حماية الصحفيين من خلال استعراضها للخطة أن التعليمات لا ترقى البتة إلى مستوى المعايير الدولية الخاصة بحرية التعبير ويبدو إنها تتعارض مع الدستور العراقي الذي يكفل حرية الصحافة، إذ ترمي هذه التعليمات فعلياً إلى فرض شرط الحصول على ترخيص حكومي على الصحفيين ووسائل الإعلام، وهي أداة لطالما استخدمتها الحكومات الاستبدادية في كافة أنحاء العالم لفرض رقابتها على التغطية الإخبارية.
وتحظر التعليمات أيضاً التغطية الإعلامية التي تصفها الحكومة بلغة فضفاضة ومبهمة بأنها تحرض على العنف. ويُظهر البحث الذي أجرته لجنة حماية الصحفيين بأن المعايير الفضفاضة وغير المحددة غالباً ما تستخدم من قبل الحكومات القمعية لإسكات التغطية الصحفية الناقدة.
يمكن الحصول على نسخة من هذه التعليمات، والتي حصلت عليها لجنة حماية الصحفيين، من خلال تحميلها باللغة العربية بصيغة أكروبات (PDF) (حجم الملف 9 ميجابايت).
يقول المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين جويل سايمون إن هذه “التعليمات تدل إما على انعدام الفهم لدور وسائل الإعلام في المجتمع الديمقراطي أو على محاولة متعمدة لحجب المعلومات وخنق الآراء المعارضة. وفي كلتا الحالتين، ينبغي إلغاء هذه التعليمات على الفور كي يتسنى لوسائل الإعلام أن تمارس عملها دون تخويف من الحكومة.”
لقد قامت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية بوضع هذه التعليمات الجديدة، وهي هيئة حكومية لا يبدو أنها تتمتع بالسلطة القانونية لوضع تعليمات من هذا القبيل، حسبما يُظهر بحث لجنة حماية الصحفيين. فقد عُهد إلى هذه الهيئة عند إنشائها بولاية تقتصر على إدارة ترددات البث وغيرها من المسائل التقنية.
لقد وجدت لجنة حماية الصحفيين من خلال استعراضها للتعليمات بأنها تزخر بالقيود الفضفاضة والمبهمة. ففي حين تطالب التعليمات كافة وسائل البث الإعلامي المحلية والدولية أن تكون مرخصة وأن يكون جميع الصحفيين الأفراد معتمدين لدى هيئة الإعلام والاتصالات، إلا إنها لا تقدم سوى القليل من المعلومات عن المعايير التي ستتبعها الحكومة في إصدار هذه التراخيص. (يجب أن تكون كافة المعدات مسجلة أيضاً لدى الحكومة.) وتنص التعليمات كذلك على أن وسائل الإعلام الإخبارية يجب أن تنأى عن “التحريض على العنف”، ولكنها لا تعطي وصفاً لما قد يشكل انتهاكاً في هذا الصدد.
أما وسائل الإعلام التي يُعتبر أنها تنتهك هذه التعليمات فقد تواجه الإغلاق وتعليق نشاطاتها ودفع غرامات ومصادرة معداتها.
وعلاوة على ذلك، وجدت لجنة حماية الصحفيين جوانب أخرى مثيرة للقلق في هذه التعليمات، حيث تشترط التعليمات، على سبيل المثال، على المنظمات الإعلامية أن تقدم للحكومة قوائم بأسماء العاملين لديها. وفي حين أن هذا البند يثير المخاوف بشأن الخصوصية، فإنه ولا شك ينذر بالسوء في ضوء جرائم قتل الصحفيين التي شهدها العراق في الماضي القريب. فمن أصل 140 صحفياً لقوا مصرعهم في العراق منذ عام 2003، سقط ما لا يقل عن 89 منهم في جرائم قتل استهدفتهم شخصياً، وذلك كما يُظهر بحث لجنة حماية الصحفيين. وإضافةً إلى هؤلاء، لقي 43 من العاملين في مجال الإعلام في مساندة الصحفيين كالسائقين والمترجمين الفوريين مصرعهم في إطار جرائم قتل. ويظهر البحث الذي أجرته لجنة حماية الصحفيين أن استهداف الصحفيين في هذه القضايا كلها قد كان بسبب انتمائهم الطائفي أو المهني؛ ولهذا عمل الكثير من الصحفيين كل ما بوسعهم لإخفاء مهنتهم خشية الانتقام.
وفي إطار المناقشات التي دارت بين هيئة الإعلام والاتصالات والمراسلين الأجانب في العراق، أكد ممثلو الهيئة بشكل قاطع أنه يتوجب على المنظمات الإعلامية أن تفصح عن مصادرها السرية إذا ما أرادت أن تطعن في قرارات الهئية. فإذا رأت الهيئة أن منظمة إعلامية ما قد نشرت معلومات تعتبرها الهيئة غير صحيحة أو مُحرِّضة، فإن الكشف عن المصادر يغدو أمراً ضرورياً من أجل الطعن في ما تخلص إليه الهيئة، وذلك استناداً إلى ما نقله للجنة حماية الصحفيين مراسلون حضروا الاجتماعات المنعقدة مع الهيئة.
وفي هذا الصدد، يضيف جويل سايمون بأن “التعليمات في حد ذاتها والشروحات التي ساقها مسؤولو الهيئة تدل إلى إمكانية تعرض المصادر للخطر، وتعرض نقل الأخبار للرقابة، والموظفين العراقيين للتخويف.”