لجنة حماية الصحفيين تعرب عن قلقها حول مشروع قانون الأنشطة الإعلامية في الامارات


9-آذار/مارس-2009

 

صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان

رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة

عناية سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة

3522 International Court, NW

Suite 400

Washington, D.C. 20008

 

عبر الفاكس: 2432 243 202 1+

 

صاحب السمو،

نكتب إلى سموكم للتعبير عن قلقنا إزاء مشروع قانون تنظيم الأنشطة الإعلامية لدولة الإمارات العربية المتحدة والذي وافق عليه مؤخرا المجلس الوطني الاتحادي. ونحن نحثكم على رفض القانون بشكله الحالي والذي سوف يؤثر سلبا في حال إقراره على مستوى الحريات الصحفية في الإمارات العربية المتحدة.

فقد اعتمد المجلس الوطني الاتحادي مشروع القانون المعروف باسم قانون “تنظيم الأنشطة الإعلامية” في 20 كانون الثاني/يناير. وإذا تمت الموافقة على هذا المشروع فإنه سيحل محل قانون المطبوعات والنشر لسنة 1980 والذي ينظم حاليا الأنشطة الإعلامية في دولة الإمارات العربية المتحدة. واستنادا لتقارير إخبارية محلية، فقد صاغ المجلس الوطني للإعلام مشروع القانون هذا قبل نحو عامين.

تلتمس لجنة حماية الصحفيين من سموكم أن ترسلوا مشروع القانون إلى واضعيه ليعيدوا صياغته على نحو يأخذ في الاعتبار الشواغل المشروعة والمستنيرة للصحفيين والإعلاميين في دولة الإمارات العربية المتحدة.

ففي مطلع شهر شباط/فبراير، قدم ما ينوف على مائة صحفي محلي ومدافع عن حرية الصحافة التماسا لسموكم لتقوموا بتعليق مشروع القانون حتى تتم معالجة شواغلهم. وقد أفادت الصحافة الإقليمية بأنكم أمرتم بتشكيل لجنة لمراجعة القانون ومراعاة شواغل الصحفيين. ولكن لجنة حماية الصحفيين لم تقف على أي دلائل تشير إلى إنشاء لجنة كهذه على الإطلاق.

إن ما يجعلنا نستبشر خيرا هو بعض الخطوات الإيجابية التي اتخذتها حكومتكم خلال السنوات الماضية بغية رفع مستوى حرية الصحافة في دولة الإمارات العربية المتحدة. ففي شهر أيلول/سبتمبر 2007، أصدر نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تعليمات تلغي عقوبة الحبس للمخالفات الصحفية. كما إنه ليشعرنا بالارتياح أن نرى المادة 4 من مشروع القانون تحمي الصحفيين من الاضطرار إلى الإفشاء عن مصادر معلوماتهم.

مع ذلك، واستنادا إلى مراجعة نسخة أولية لمشروع القانون حصلت عليها لجنة حماية الصحفيين، فقد ثارت مخاوف اللجنة وثار قلق صحفيين محليين ودوليين ومدافعين عن حرية الصحافة بسبب ورود عدد من المواد التي من شأنها حتما أن تُكمّم حرية التعبير في حال إقراراها. وبوجه خاص، فإن لجنة حماية الصحفيين قلقة حيال مواد القانون التالية:

  •         في حين تكفل المادة 2 الحق في حرية التعبير بالقول والكتابة، وفي حين تنص المادة 3 على عدم إخضاع وسائل الإعلام المرخص لها من الدولة  “للمراقبة المسبقة” أو الرقابة، تُجبر المادة 21 المطابع أن تودع لدى المجلس الوطني للإعلام نسخا من كافة المواد المطبوعة. وتنص المادة 24 أيضا على أن يؤسس المجلس في مرحلة لاحقة آلية لمراقبة الإعلام المرئي والمسموع. وفي هذا الصدد، تخشى لجنة حماية الصحفيين من أن تُنشئ المادتان 21 و 24 جوا من الرقابة الذاتية بين الصحفيين.
  •         تمنح المادة 6 مجلس الوزراء صلاحية ترخيص الصحف بناء على توصية المجلس الوطني للإعلام. وتنص المادة على أن الطلبات التي لا تتم الموافقة عليها في غضون 180 يوما تُرفض تلقائيا وهو ما يسمح بوضع العراقيل. وترى لجنة حماية الصحفيين بأن هذا البند يضع قيودا مفرطة على إنشاء وسائل إعلامية جديدة. ولا بد أيضا في هذا الصدد من أن يُعطى أصحاب الطلبات المرفوضة أسبابا محددة تعلل رفض طلباتهم.
  •         تقتضي المادة 9 أن تودع شركات وسائل الإعلام  مبلغا غير محدد كضمان يلجأ إليه المجلس الوطني للإعلام للوفاء بأي غرامات مستقبلية قد تُفرض لقاء المخالفات الصحفية. واعتماداً على المبلغ المطلوب فإن لجنة حماية الصحفيين قلقة من إمكانية أن يضع هذا البند عبئا ماليا مفرطاً على شركات الإعلام الناشئة وهو ما يجعل عدداً غير محدد من المشاريع الإعلامية غير قادرة على الاستمرار حتى قبل انطلاقها.
  •         تؤكد المادة 11 على أن يكون “رئيس التحرير مسؤولاً مع محرر المادة وكاتبها عما يتم نشره”. ولكن مشروع القانون يتجاهل تحديد ما إذا كانت هذه المسؤولية القانونية مسؤولية مدنية أم جنائية. وتؤمن لجنة حماية الصحفيين إيماناً راسخاً بأن المسؤولية التحريرية يجب أن تندرج دوما في إطار القانون المدني.
  •         تمنح المادة 35 المحاكم سلطة إلغاء تراخيص وسائل الإعلام أو تعليق نشاطاتها لمدة لا تقل عن 180 يوما إذا خالفت الوسيلة الإعلامية القانون. وتُضاعَف مدة التعليق بالنسبة لمكرري المخالفة. وفي هذا الصدد تؤمن لجنة حماية الصحفيين بأنه لا ينبغي تعليق نشاطات وسائل الإعلام بأي حال من الأحوال وبأن ثمة عدد من التدابير العقابية والإصلاحية البديلة يمكنها أن تعالج أي خروقات لقانون الصحافة.
  •         تفرض المادة 32 غرامات كبيرة تصل إلى 1,000,000 درهم إماراتي (ما يعادل 272,000 دولار أمريكي) لكتابة مقالات تعتبر أنها “تتعرض لشخص” رئيس الدولة أو نائبه أو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد أو نوابهم. وبالإضافة إلى ذلك، علمت لجنة حماية الصحفيين في مناسبات عدة من صحفيين ومدافعين إماراتيين عن حرية الصحافة لم يرغبوا بالكشف عن هويتهم  بأن المجلس الوطني الاتحادي عدّل هذه المادة عندما اعتمد مشروع القانون في كانون الثاني/يناير- وهو ما يؤكده المجلس الوطني الاتحادي -، رافعا سقف الغرامة لتصل إلى 5,000,000 درهم إماراتي (ما يعادل 1,361,000 دولار أمريكي). ولم تتمكن لجنة حماية الصحفيين من التحقق من هذه المعلومة  بشكل مستقل أو الحصول على نسخة من مشروع القانون كما أقره المجلس الوطني الاتحادي. أما المادة 33 فتفرض غرامة تصل إلى 500,000 درهم إماراتي (ما يعادل 136,127 دولار أمريكي) كعقوبة لمخالفات مبهمة مثل نشر مقالات “مضللة” “على نحو يسئ لسمعة الدولة أو لعلاقاتها وارتباطاتها الخارجية أو يشوه هويتها الوطنية” أو “على نحو يضر بالاقتصاد الوطني للدولة.”

ينصب قلق لجنة حماية الصحفيين فيما يتعلق بالمادتين 32 و 33 في شقين: أولا، إمكانية التلاعب بسهولة بالتعريف المبهم للأمور التي تشكل مخالفة من أجل إتاحة المجال أمام توجيه اتهامات ذات دوافع سياسية. وثانيا، لا بد وأن الغرامات الباهظة المرتبطة بهذه المخالفات الصحفية الفضفاضة التعريف ستحدوا بالصحفيين لأن يفرضوا على أنفسهم رقابة ذاتية لإدراكهم بأن غرامات مفرطة كهذه يمكن أن تشكل ضربة قاضية لشركات الإعلام التي يعملون فيها. ولا بد أن تؤثر هذه البنود وكذلك آليات المراقبة (المادتان 21 و 24) سلبا على نوعية الصحافة الاستقصائية في دولة الإمارات العربية المتحدة.

نحن على يقين بأن بلدكم يمتلك فرصة متميزة لوضع قانون إعلام تقدمي يكون بمثابة نموذج تحتذي به دول أخرى في المنطقة، لا سيما خلال هذا الوقت حيث تنهمك العديد منها في تعديل قوانين الصحافة لديها. ونحن في هذا المقام نحثكم على ضمان أخذ شواغل الصحفيين والمدافعين عن حرية الصحافة في عين الاعتبار وأن يقوم المشرّعون بتمرير قانون يتوافق مع المعايير الدولية الخاصة بحرية التعبير.

 

نشكر لكم اهتمامكم بهذه المسائل الملحة ونتطلع إلى سماع ردكم.

 

مع خالص التقدير،


جويل سايمون

المدير التنفيذي