تنعكس القرارات التي تتخذها في الميدان على سلامتك وسلامة الآخرين. إن المخاطر المتأصلة في تغطية أنباء الحروب والاضطرابات السياسية والجريمة لا يمكن يوماً إزالتها، ومع ذلك يمكن للتأني في التخطيط وتقييم المخاطر التخفيف من حدة تلك المخاطر.
تنعكس القرارات التي تتخذها في الميدان على سلامتك وسلامة الآخرين. إن المخاطر المتأصلة في تغطية أنباء الحروب والاضطرابات السياسية والجريمة لا يمكن يوماً إزالتها، ومع ذلك يمكن للتأني في التخطيط وتقييم المخاطر التخفيف من حدة تلك المخاطر.
كن واقعياً فيما يتعلق بحدود قدراتك البدنية والعاطفية. وقد يكون من المفيد التفكير مسبقاً في كل الأشخاص الذين قد يتأثروا إذا ما تعرضت، مثلاً، للإعاقة أو للقتل. كذلك فكر في الضريبة العاطفية لمواصلة إعداد التقارير الإخبارية المسببة للضغط العصبي تقريراً تلو الآخر. قد تشعر عند نقطة معينة أن سقوط ضحية أخرى للجريمة أو رؤية جثة أخرى أو تألم عائلة أخرى هو شي أكثر مما تطيق. ينبغي النظر إلى قرار بعدم تغطية قصة ما على انه علامة للنضج وليس مصدراً للخزي والعار.
يجب أن تمثل سلامة الصحفيين الميدانيين الاعتبار الأساسي بالنسبة لمديري الدوائر الإخبارية عند تكليف أولئك الصحفيين بمهمة. ويجب عليهم ألا يعاقبوا صحفياً لرفضه القيام بمهمة بسبب حجم المخاطرة المحتملة فيها. وينبغي على المؤسسات الإعلامية أن تقر بمسؤولياتها تجاه دعم كل الصحفيين الميدانيين سواء أكانوا من موظفيها الرسميين أم من المراسلين المستقلين. وينبغي أن يكون مديرو التحرير صريحين فيما يتعلق بالدعم المحدد الذي تستعد مؤسساتهم لتقديمه بما في ذلك التأمين الصحي والتأمين على الحياة أو المشورة الوجدانية. وقد تقود الأمور التي لا تتم تسويتها قبل شروع الصحفي في تغطيه قصة إلى مضاعفات محزنة لاحقاً.
قم دائماً بإعداد تقييم أمني قبل الشروع في مهمة يحتمل أن تكون خطرة. يجب أن تتضمن خطط العمل الأشخاص الذين سيتم الاتصال بهم ومواعيد الاتصال ووسيلته؛ وقم بتوضيح كافة المخاطر المعروفة بما فيها تاريخ المشكلات في مجال التغطية؛ وقم بوضع العناوين العريضة لخطط الطوارئ التي تعالج المخاطر التي تتصورها. وينبغي الرجوع إلى مصادر مختلفة كالصحفيين الذين لهم خبرة في المكان أو الموضوع والمستشارين الدبلوماسيين والتقارير عن حرية الصحافة وحقوق الإنسان والأبحاث الأكاديمية. وينبغي لمديري التحرير العاملين مع موظفين أو مستقلين أن يسهموا مساهمة جوهرية في إجراء التقييم وأن يبادروا إلى طرح مسائل أمنية وأن يتلقوا نسخة من التقييم. ويتوجب على الصحفي المستقل الذي يعمل دون أن تكون له علاقة بمؤسسة إخبارية أن يعد تقييماً أمنياً شديد الدقة بحيث يستشير نظراءه ويبحث في المخاطر ويرتب شبكة الاتصال. يوجد مثال على نموذج للتقييم الأمني يمكن تنزيله من هنا حيث ستتم مراجعته في الملحق (زاي).
ينبغي إعادة تقييم المخاطر بصورة متكررة عند تغير الظروف. كتب تيري أندرسون، المراسل السابق لوكالة ‘أسيوشيتد برس’ في الشرق الأوسط والذي احتُجز رهينة في بيروت لنحو سبع سنوات، في أول دليل أمني صحفي صادر عن لجنة حماية الصحفيين تم نشره عام 1993 قائلاً “قم دائماً وباستمرار ، وفي كل دقيقة بوزن الفوائد مقابل المخاطر. وحالما تصل إلى نقطة تشعر فيها بعدم الارتياح لتلك المعادلة، اخرج، ارحل، غادر، فالأمر لا يستحق”. ويقول أندرسون إنه “لا توجد قصة صحفية تستحق أن تُقتل من أجلها”.
تشتمل المخاطر التي يجب تعيينها على:
(وسوف نتعرض لهذه الاحتمالات وغيرها بالتفصيل في الفصول اللاحقة من هذا الدليل.)
يجب أن يأخذ تقييم المخاطر في اعتباره أيضاً احتمالية أن تشتد حدة أي ظرف من الظروف -ابتداءً من وضع سياسي متوتر إلى كارثة طبيعية. وينبغي أن يشتمل التقييم على معلومات تتعلق بأماكن الإقامة والأماكن التي سيتم اللجوء إليها إذا لزم الأمر؛ والأماكن التي سيتم فيها الحصول على معلومات محدّثة داخل البلد المعني وكيفية الحصول عليها؛ ومعرفة ما إذا كانت هناك حاجة لمعدات من قبيل جهاز راديو لخدمة استقبال نشرات الأحوال الجوية أو راديو بموجة قصيرة؛ ومعرفة من سيتم الاتصال بهم في البلد المعني من جماعات حقوق الإنسان المحلية وحتى السفارات الأجنبية للحصول على المعلومات العاجلة؛ وعلى خطط وطرق السفر داخل البلد؛ ومعرفة طرق متعددة للدخول والخروج.
لخص في هذا التقييم الطريقة التي ستقوم بواسطتها بالاتصال برؤساء التحرير والزملاء والأحباء الموجودين خارج منطقة الخطر. يجب أن يظل الصحفي على اتصال دائم مع مدير التحرير أو زميل أو أحد أفراد العائلة أو شخص آخر يوثق به. ينبغي عليك والأشخاص الذين ستتصل بهم أن تتفقوا مسبقاً على عدد مرات الاتصال الذي تريدونه ووسيلة التواصل والوقت الذي تحددوه لإجراء الاتصال وما إذا كان يتوجب عليكم اتخاذ احتياطات لتلافي أن يقوم أحد باعتراض اتصالاتكم. والأهم من ذلك كله، يجب أن تقرر والشخص الذي ستتصل به سلفاً عند أية نقطة بالضبط ستعتبرون الإخفاق في التواصل حالة طارئة وبمن ستتصلون للحصول على استجابة شاملة لتحديد مكانك وتأمين خروجك أو تحريرك. وغالباً ما تقتضي الاستجابة لهذا الوضع التواصل بصورة ممنهجة مع الزملاء والأصدقاء الذين يمكنهم تقييم الوضع ومع السلطات التي يمكنها التحقيق ومع الوسط الدبلوماسي من أجل تقديم الدعم والتعزيز الممكنين.
وينبغي أن يتطرق التقييم للبنية التحتية للاتصالات في منطقة المراسلة الصحفية مع تحديد المعدات التي قد تلزمك في حالات الطوارئ. وهل الكهرباء والإنترنت وخدمات الهاتف المتنقل والأرضي متوفرة؟ وهل من المحتمل أن تظل هذه الخدمات متوفرة؟ هل سيلزم مولد أو بطارية سيارة مع محول تيار مباشر لتشغيل الكمبيوتر؟ وهل سيتوجب استخدام هاتف يعمل بالأقمار الصناعية؟ كذلك ينبغي أن يتناول التقييم الاحتياجات الأساسية مثل التغذية والرعاية الصحية. هل يتوفر المأكل والماء بيسر؟ وهل يوجد مستشفى أو عيادة أو طبيب؟ هل يلزم حمل صندوق طبي وما الذي يجب أن يحتويه؟
ويجب أن يأخذ التقييم الأمني بالاعتبار المظهر الذي ستظهر به؛ فهل تريد أن تسافر في سيارة مكتوب عليها “صحافة” أو “تلفزيون” أم أنه سيكون من الأفضل أن تمتزج بين المدنيين الآخرين؟ وهل ينبغي عليك أن تعمل وحدك أم في فريق مع آخرين؟ إذا كنت ستسافر مع أشخاص آخرين فاختر رفاقك بعناية. فقد لا ترغب في السفر مثلاً مع شخص مختلف تماماً عنك في نسبة التسامح مع الخطر.
تعد حماية المصادر حجر الزاوية في مجال العمل الصحفي. تكتسب الحماية أهمية استثنائية عند تغطية أخبار مواضيع معينة مثل الجريمة العنيفة والأمن القومي والنزاعات المسلحة التي يمكن في ظلها تعريض المصادر لمخاطر قانونية أو جسدية. ويتوجب على الصحفيين المستقلين بوجه خاص أن يعلموا أن هذا العبء يقع بالدرجة الأولى على عاتقهم هم. وينبغي على الصحفي ألا يبذل وعداً بالاحتفاظ بالسرية قبل أن يقّدر النتائج المحتملة وإذا ما قدم الصحفي أو المؤسسة الإعلامية وعداً بالسرية فإن هذا التعهد يحمل التزاماً أخلاقياً مهماً.
وضعت معظم المؤسسات الإخبارية قوانين خاصة بالاستعانة بالمصادر السرية، حيث تشترط المؤسسات الإخبارية، في عدد من الحالات، أن يُعلم الصحفيون الميدانيون رؤساء تحريرهم بهوية المصدر السري. وعلى الصحفيين في الميدان أن يعرفوا هذا القوانين قبل أن يقدموا العهود للمصادر السرية المحتملة. تمتلك المحاكم المدنية والجنائية في الولايات المتحدة ودول أخرى كثيرة سلطة إصدار مذكرات جلب تطالب المؤسسة الإعلامية أو الصحفيين بالكشف عن هوية المصادر السرية. يكون القرار عندئذٍ قاسياً إلى حد الاختيار بين إفشاء هوية المصدر أو تكبد الغرامات والسجن. تتخذ المؤسسات الإعلامية التي تلقت مذكرات جلب منفصلة القرارات الخاصة بها فيما يتعلق بكيفية الاستجابة لطلب المحكمة. فقد قررت مجلة ‘تايم’، التي كانت تواجه احتمالية دفع غرامات يومية وسجن أحد مراسليها، في عام 2005 إنها ستستجيب لأمر المحكمة بتسليمها رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها أحد مراسليها ودفاتر ملاحظاته فيما يتعلق بتسريب اسم عميل للمخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، رغم أنها تختلف مع موقف المحكمة.
تمتلك الشركات الإعلامية الحق القانوني في تسليم المحاكم دفاتر ملحوظات الصحفيين إذا ما كانت تلك الدفاتر، وفقاً لعقد أو بروتوكول، ملكاً للمؤسسة الإعلامية. وإذا ما كان الصحفي موظفاً مستقلاً فقد يكون للمؤسسة الإعلامية سلطة أقل في مطالبة الصحفي بكشف هوية المصدر أو تسليم المواد الصحفية تقيداً بمذكرة الجلب الصادرة عن المحكمة.
في بعض البلدان، يكون الصحفيون المحليون الذين يقومون بتغطية أخبار الجريمة المنظمة أو الأمن القومي أو النزاع المسلح عرضة بصورة خاصة للسجن أو التعذيب أو الإكراه أو الاعتداء فيما يتعلق باستخدامهم لمعلومات سرية. وقد وثّقت لجنة حماية الصحفيين عام 2010 أعداداً هائلة من الحالات من مختلف أنحاء أفريقيا التي قام فيها مسؤولون حكوميون بسجن صحفيين أو تهديدهم أو مضايقتهم لأنهم استفادوا من وثائق سرية. ففي الكاميرون، مثلاً، حبست السلطات أربعة صحفيين وُجد بحوزتهم ما فُهم أنه مذكرة حكومية أثارت تساؤلات تتعلق بأخطاء مالية. وقد تعرض أحد هؤلاء الصحفيين للتعذيب بينما توفي الآخر في السجن. من المهم أن تعي أن مسؤوليتك الأخلاقية قد تخضع لاختبار قاسٍ في مناطق النزاع على يد جهات تستخدم القسر في تعاملها حيث تلجأ إلى التهديدات أو القوة.
ينبغي على الصحفيين دراسة طرق حماية المصادر وممارستها في اتصالاتهم وسجلاتهم. فكر في وقت وطريقة الاتصال بالمصادر، وما إذا كان عليك أن تتصل بهم على هاتف أرضي أو خلوي وأن تزورهم في مكتبهم أم في البيت وما إذا كان عليكم استخدام رسالة إلكترونية أو دردشة مأمونة. وفكر في استخدام رمز بسيط أو أسماء مستعارة لإخفاء هوية المصدر في الملفات الخطية أو الإلكترونية. وقم بحماية الملفات الخطية مادياً وتأمين الملفات الإلكترونية عن طريق التشفير وغيرها من طرق الحماية الموضحة في الفصل الثالث “أمن التكنولوجيا”.
مع ذلك تظل هوية المصدر معرضة للإفشاء أو للكشف بالإكراه. لذلك، يتحاشى كثير من الصحفيين في مناطق النزاع تدوين – أو حتى معرفة- الأسماء الكاملة أو الحقيقية لمصادرهم التي لا يعتزمون الاقتباس منها عند النشر.
يقول مشروع قانون إعلام المواطنين القائم في مركز بيركمان للإنترنت والمجتمع بجامعة هارفارد، إن القوانين المتعلقة بالخصوصية والطعن والتشهير تختلف من بلد لآخر وحتى داخل البلد الواحد، وكذلك هو الحال بالنسبة للأنظمة الأساسية الناظمة لعمليات تسجيل المكالمات الهاتفية والاجتماعات والأحداث العامة. يمكن لجماعات حرية الصحافة المحلية أن تزودك في كثير من البلدان بالتفاصيل الأساسية لقوانين الخصوصية وتشويه السمعة بالإضافة إلى ممارسات السلطات في تطبيق تلك القوانين. (توجد قائمة بكثير من هذه المنظمات في الملحق هاء “المنظمات الصحفية”؛ كما وتوجد قائمة شاملة بجماعات حرية الصحافة في العالم كله في الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير). إن كون المرء صحفياً لا يمنحه الحق في السرقة أو السطو أو مخالفة القوانين العامة من أجل الحصول على المعلومات.
يوصي معظم الصحفيين وخبراء الأمن بعدم حمل الصحفي للأسلحة النارية أو غيرها من الأدوات المرتبطة بالمقاتلين عند تغطية أخبار النزاعات المسلحة. فإن قيامك بذلك سيضعف مكانتك كمراقب وبالتالي مكانة جميع الصحفيين الآخرين العاملين في منطقة النزاع. وظفت المؤسسات الإعلامية حراس أمن مسلحين وغير مسلحين لحماية الصحفيين في الميدان في مناطق النزاع مثل الصومال أوائل تسعينيات القرن الماضي أو العراق وأفغانستان خلال العقد الأول من القرن الحالي. ومع أن وجود الحرس الأمني أثر على وضعية المراسل كمراقب شعرت كثير من المؤسسات الإعلامية أنه لم يكن لديها متسع من الخيارات سوى الاعتماد على حراس خاصين لحماية كوادرها الإعلامية في أوضاع خارجة عن السيطرة.
تنطبق النصيحة نفسها، وبقوة، على حمل الأسلحة النارية في المهمات الأخرى أيضاً. وقد قرر بعض الصحفيين الذين تعرضوا للتهديد في بلدان تعاني من ضعف إنفاذ القانون حمل سلاح، ولكن ينبغي عليك -إن أخذت قراراً كهذا- أن تأخذ بعين الاعتبار أن حمل سلاح ناري قد يكون له عواقب مصيرية عليك ويقلل من مكانتك كمراقب.
سلّط الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له مراسلة محطة “سي بي إس” وعضوة مجلس إدارة لجنة حماية الصحفيين، لارا لوغان، أثناء تغطيتها للاضطرابات السياسية في القاهرة في شباط/ فبراير 2011، الضوء على هذا الجانب الأمني المهم بالنسبة للصحفيين. وقد قابلت لجنة حماية الصحفيين في تقرير عام 2011 أكثر من أربعين صحفياً آخرين قالوا إنهم هم أيضاً وقعوا ضحايا للاعتداء الجنسي في مهمات سابقة. وكانت غالبية الضحايا من النساء، لكن كان هناك بعض الرجال. وقد أبلغ الصحفيون عن اعتداءات تفاوتت ما بين ملامسة أجزاء الجسد باليدين والاغتصاب من قبل عدة معتدين.
إن وعي الصحفي للبيئة التي هو فيها وفهم الكيفية التي يتم تصوره بها في تلك البيئة عاملان مهمان في منع وقوع الاعتداء الجنسي. وقد نشر كل من معهد السلامة الإخبارية الدولي، وهو عبارة عن اتحاد منظمات إخبارية وجماعات صحفية من ضمنها لجنة حماية الصحفيين، والمراسلة الصحفية المخضرمة وأستاذة الصحافة جوديث ماتلوف، قائمة من البنود الواجب التحقق منها للتقليل من مخاطر التعرض للاعتداء الجنسي في الميدان. وقد تم إيراد عدد من مقترحاتهما في هذا الدليل إلى جانب النصائح الواردة من عدد كبير من الصحفيين وخبراء الأمن الذين استشارتهم لجنة حماية الصحفيين.
ينبغي على الصحفيين أن يرتدوا ملابس محافظةً وبما يتفق مع العادات المحلية؛ فربما يكون ارتداء غطاء الرأس بالنسبة للصحفيات في بعض المناطق، مثلاً، أمراً محبذاً. وينبغي للصحفيات أن يفكرن في ارتداء خاتم الزواج أو خاتم يشبهه بغض النظر عما إذا كن متزوجات أم لا. وينبغي ألا يلبسن عقوداً أو يربطن شعرهن كذيل الفرس أو يرتدين أي شيء يسهل إمساكه. وينصح عدد كبير من الخبراء الصحفيات بتحاشي ارتداء الفانيلات (تي شيرت) وبناطيل الجينز الضيقة، والتبرج (الماكياج) ولبس المجوهرات كي يتحاشين جلب الانتباه غير المرغوب به. فكري في ارتداء أحزمة وأحذية ثقيلة يصعب خلعها بالإضافة إلى ملابس فضفاضة. كما أن حمل المعدات مخبأة في حقائب عادية يصعب تمييزها قد يعمل على تجنب الانتباه غير المرغوب فيه. وفكري في حمل بخاخ رذاذ الفلفل أو حتى بخاخ مزيل العرَق لردع المعتدين.
ينبغي على الصحفيين أن يسافروا ويعملوا برفقة زملاء أو موظفي إسناد وذلك لعدد كبير من الأسباب الأمنية. من تدابير الحماية المهمة أن يكون برفقة الصحفيين الدوليين مرافقون ومترجمون وسائقون من السكان المحليين وخاصة أثناء السفر في مهمات تنطوي على وجود جماهير أو ظروف تعمها الفوضى. يمكن لموظفي الإسناد أن يراقبوا المستوى الأمني الكلي لوضع ما وأن يحددوا المخاطر المحتملة أثناء قيام الصحفي بعمله. ومن المهم أن ندقق بعناية في موظفي الإسناد المحليين وأن نطلب التوصيات من الزملاء. فقد أبلغ بعض الصحفيين عن حالات من الاعتداء الجنسي قام بها موظفو إسناد.
يقترح الخبراء بأن يظهر الصحفيون بمظهر الألفة والثقة من البيئة التي هم فيها ولكن عليهم أن يتجنبوا إقحام أنفسهم في حوارات أو التقاء أعينهم بأعين الغرباء. ينبغي على الصحفيات أن يدركن أن الإيماءات الدالة على الألفة واللطف، كالعناق أو الابتسام حتى مع الزملاء، قد يُساء فهمها وقد تثير الاهتمام غير المرغوب فيه. ويقول الخبراء إنه على الصحفية ألا تختلط مع جمعٍ سواده الأعظم من الذكور، بل أن تظل قريبة من الأطراف وأن تضع في بالها مساراً للهروب. اختاري فندقاً فيه حراس أمن -كلما أمكن- وتجنبي الغرف التي لها نوافذ أو شرفات يسهل الدخول منها. استخدمي جميع الأقفال المركبة على أبواب الفندق وفكري في استخدام قفل خاص بك وجهاز إنذار لمقبض الباب. ويقترح معهد السلامة الإخبارية الدولي أن يكون لدى الصحفيين قصة معدة للحماية (مثلاً: “إنني أنتظر وصول زملائي”) إذا ما أخذوا يشعرون باهتمام غير مرغوب فيه.
على العموم، يرى الخبراء أن تحاول الصحفية تجنب الأوضاع التي تزيد من حدة المخاطرة، ومن هذه الأوضاع: التواجد في مناطق بعيدة دون رفيق موثوق؛ وركوب سيارة أو سيارات أجرة غير رسمية يوجد بداخلها عدة غرباء؛ واستعمال المصاعد أو الممرات التي قد تكون فيها وحيدةً مع غرباء؛ وتناول الطعام في الخارج وحيدةً ما لم تكن واثقةً من المكان؛ وقضاء أوقات طويلة وحدها مع مصادر أو موظفي إسناد ذكور. إن المحافظة على الاتصال المنتظم مع محرري غرفة الأخبار في مؤسستك وتجميع معلومات الاتصال وتوزيعها لنفسك ولموظفي الإسناد هو تصرف جيد دائماً تقتضيه مجموعة كبيرة من الأسباب الأمنية. احملي هاتفاً نقالاً فيه أرقام الأمن ومن ضمنها أرقامك المهنية وأرقام الطوارئ المحلية، وكوني متحفظة في إعطاء أية معلومات شخصية.
إذا ما أدرك الصحفي أو الصحفية أن اعتداءً جنسياً أصبح وشيكاً، عليه أو عليها، حسبما يقوله الخبراء، أن تفعل أو تقول شيئاً من أجل تغيير المجريات. من أمثلة هذه الأشياء أن تصرخ طالبة المساعدة إذا ما كان الناس ضمن مسافة السمع أو أن تقول بصوت عالٍ شيئاً غير متوقع مثل “هل تلك سيارة شرطة؟” أو تقوم بإسقاط أو كسر أو رمي شيء يمكن أن يسبب إجفالاً. كما ويمكن أن يكون تبوًل أو تغوط الصحفي/الصحفية في ملابسه/ملابسها من بين هذه الأشياء.
أصدرت شبكة الممارسات الإنسانية، وهي عبارة عن منتدى للعاملين وصناع السياسات الضالعين في الأعمال الإنسانية، دليلاً للسلامة يشتمل على بعض النصائح الخاصة بالصحفيين. وتقترح الشبكة، التابعة لمعهد التنمية لما وراء البحار في بريطانيا، أن يكون الفرد ملماً بعض الشيء باللغة المحلية وأن يستخدم عبارات وجمل إذا ما تعرض للتهديد بالاعتداء وذلك كوسيلة لتغيير الوضع.
وتقول الشبكة وخبراء آخرون إن حماية المرء لحياته والحفاظ عليها في مواجهة الاعتداء الجنسي هي القاعدة الإرشادية العامة. يوصي بعض خبراء الأمن أن يتعلم الصحفيون مهارات الدفاع عن النفس من أجل مقاومة المعتدين وصدهم. ولكن ثمة اعتقاد يوازي هذا لدى بعض الخبراء يرى أن مقاومة المهاجم قد تزيد من خطر العنف المميت. لذا فثمة عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار، وهي: عدد المهاجمين، وما إذا كان هناك سلاح في الموضوع، وما إذا كان مكان الاعتداء عاماً أم خاصاً. يقترح بعض الخبراء أن تقاتل مهاجمك إذا ما كان يريد أخذك من مشهد الاعتداء الأولي إلى مكان آخر.
يمكن أن يقع الإيذاء الجنسي أيضاً عندما يكون الصحفي/الصحفية معتقلاً لدى حكومة أو رهينة عند قوات غير نظامية. إن قيام المرء ببناء علاقة مع حارسه أو محتجزه قد يقلل من خطر كافة أشكال الاعتداء، لكن على الصحفيين أن يدركوا أن الأذى قد يقع عليهم وأنه قد لا تُتاح لهم سوى خيارات قليلة. إن حماية المرء لحياته هو الهدف الأساسي.
يمكن للمؤسسات الإعلامية أن تدرج إرشادات حول خطر الاعتداء الجنسي في كتيبات الأمن الخاصة بها كوسيلة لزيادة الانتباه وتشجيع النقاش. وعلى الرغم من محدودية الوثائق الخاصة بالاعتداءات الجنسية على الصحفيين، يمكن للمؤسسات أن تحدد البلدان التي يكون فيها الخطر الكلي أكبر مثل مناطق الصراع التي يستخدم فيها الاغتصاب كسلاح، والبلدان التي يعاني حكم القانون فيها من الضعف، والأماكن التي يشيع فيها الاعتداء الجنسي. ويمكن للمؤسسات أن تضع سياسات واضحة حول كيفية الاستجابة لحالات الاعتداءات الجنسي بحيث تتعامل مع احتياجات الصحفي من الدعم الطبي والقانوني والنفسي. وينبغي التعامل مع هذه الحالات على أنها حالات طبية طارئة وتهديد أمني عام يؤثر على صحفيين آخرين. ويجب على المدراء الذين يتعاملون مع حالات اعتداء جنسي أن يراعوا رغبات الصحفي من حيث السرية وأن يتنبهوا إلى التأثير العاطفي لهذه التجربة. وتشتمل الاحتياجات المباشرة للصحفي على التعاطف والاحترام والأمن.
يمكن للصحفيين الذين تعرضوا للاعتداء أن يعتبروا الإبلاغ عن الاعتداء وسيلة للحصول على الدعم الطبي المناسب وتوثيق الخطر الأمني الذي قد يقع على آخرين. وذكر بعض الصحفيين للجنة حماية الصحفيين أنهم كانوا مترددين بشأن الإبلاغ عن الإساءة الجنسية لأنهم لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم عرضة للسقوط في المهمات الخطرة. وينبغي على مدراء التحرير أن يخلقوا مناخاً يستطيع الصحفيون فيه أن يبلغوا عن الاعتداءات دون الخوف من فقدان مهمات مستقبلية ويشعرون فيه بثقة في الحصول على المساندة والمساعدة.
إن لجنة حماية الصحفيين ملتزمة بتوثيق حالات الاعتداء الجنسي، وبالتالي فإننا نشجع الصحفيين على الاتصال باللجنة من أجل الإبلاغ عن هذه الحالات وسيتم الإعلان عن المعلومات المتعلقة بالحالة أو إبقاؤها سراً حسب رغبة الصحفي نفسه.