نيويورك، 12 نيسان/إبريل 2011 – دعت لجنة حماية الصحفيين السلطات البحرينية إلى فتح تحقيق فوري وشامل في وفاة مدون أثناء اعتقاله. وفي تلك الأثناء، أعلنت السلطات البحرينية بأنه ستوجه تهما جنائية ضد ثلاثة من كبار المحررين في كبرى الصحف اليومية في المملكة، في استمرار لنهج العنف والمضايقة والتخويف الذي ما فتئت تتبعه منذ شهور ضد الصحفيين الذين يغطون الاضطرابات المدنية التي تعم البلاد. وقد وثّقت لجنة حماية الصحفيين هجمات أخرى استهدفت الصحافة في ليبيا وسوريا واليمن.
لقي المدون زكريا راشد حسن العشيري حتفه يوم السبت في ظروف غامضة أثناء احتجازه لدى السلطات الحكومية، وفقا لتقارير إعلامية إقليمية ودولية. وكان زكريا يدير موقعا إلكترونيا يغطي الأخبار والمستجدات في قريته، قرية الدير، ويكتب فيه. وبحسب تلك التقارير، فإن قوات الأمن اعتقلت زكريا بتاريخ 2 نيسان/إبريل. كما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية بأن تهما بالتحريض على الكراهية ونشر الإشاعات كانت قد وُجهت إليه. ورغم تعذر زيارة الموقع الإلكتروني من داخل البحرين، بحسب صحفيين محليين، فقد تصفحت لجنة حماية الصحفيين الموقع ولم تجد أساسا لمزاعم الحكومة. كما ادعت الحكومة بأن المدون توفي جراء مضاعفات من فقر الدم المِنجلي، وهو ادعاء نفاه أهل العشيري بشدة، كما يُظهر بحث لجنة حماية الصحفيين.
يقول محمد عبد الدايم منسق برامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين إن “ظروف وفاة زكريا العشيري تطرح تساؤلات عديدة حول علاجه. وادعاء الحكومة بأن العشيري توفي بسبب حالة مرضية كان يعاني منها من قبل – وهو أمر تطعن في صحته أسرة الفقيد – لا يجيب البتة عن أي هذه التساؤلات.”
وعلى صعيد آخر، أفادت وكالة أنباء البحرين يوم الاثنين بأن النائب العام البحريني، علي البوعينين، سيوجه تهما جنائية بحق ثلاثة من المحررين السابقين في صحيفة ‘الوسط’ اليومية المستقلة، حيث سيواجه رئيس التحرير منصور الجمري ومدير التحرير وليد نويهض ورئيس قسم الأخبار المحلية عقيل ميرزا تهمتي “نشر أخبار كاذبة والإضرار بالصالح العام للدولة،” وفقا للوكالة. وكان ثلاثتهم قد استقالوا بتاريخ 3 نيسان/إبريل فيما وصفه الجمري محاولةً لإنقاذ الصحيفة. وفي 4 نيسان/إبريل، تم ترحيل محرر آخر من صحيفة الوسط وهو علي الشريفي وأيضا كاتب الأعمدة رحيم الكعبي، وهما عراقيان.
يقول محمد عبد الدايم من لجنة حماية الصحفيين: “إن لم تكن القضية ضد ‘الوسط’ وصحفييها حملةً مُسيسة للنيل منهم، فعلى المدعين أن يحققوا بجدية فيما تدعيه الصحيفة بأنها استُدرجت لكي تنشر أخبارا كاذبة لتُستخدم فيما بعد كذريعة للتلاعب بأكبر صحيفة مستقلة في البلاد.”
وقد نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الجمري إقراره بأن المواد الإخبارية التي تحقق فيها الحكومة قد “طُبعت بطريق الخطأ،” ولكنه أفاد بأن الصحيفة لم تتعمد نشر معلومات مضللة. وقال الجمري لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن تحقيقا داخليا أظهر بأن المواد الإخبارية الست الكاذبة، التي زعمت وقوع سوء سلوك حكومي، أتت من عناوين بريدية إلكترونية مختلفة، ولكنها صدرت من عنوان بروتوكول إنترنت واحد (IP Address). وأضافت المنظمة بأن الأخبار الكاذبة “ظهرت وكأنها أُرسلت إلى صحف بحرينية أخرى، لتبدو أكثر واقعية ومصداقية، على عناوين احتوت أخطاءً طفيفة بحيث تكون صحيفة ‘الوسط’ في واقع الأمر هي المستقبل الوحيد.”
هجمات ضد الصحافة في أماكن أخرى من المنطقة:
أعلنت قناة ‘العالم’ الإخبارية الناطقة بالعربية والمملوكة للحكومة الإيرانية في 5 نيسان/إبريل بأن أحد مراسليها في ليبيا محتجز لدى الحكومة الليبية منذ 16 آذار/مارس. وذكرت أن مراسلها، لطفي غرس، وهو مواطن كندي من أصل تونسي اعتُقل أثناء دخوله ليبيا من جهة تونس. وأفاد مراسل قناة الجزيرة لطفي المسعودي الذي أُطلق سراحه بتاريخ 3 نيسان/إبريل لقناة ‘العالم’ بأنه سمع صوت لطفي غرس داخل السجن في طرابلس بينما كان محتجزا.
وهناك ما لا يقل عن 18 صحفيا وعاملا في الحقل الإعلامي لا يزالون مفقودين أو محتجزين في ليبيا، كما يُظهر بحث لجنة حماية الصحفيين.
وفي سوريا، اعتقلت السلطات يوم الإثنين فايز سارة الكاتب البارز والدائم في عدة صحف عربية منها صحيفتي الحياة والسفير، بحسب ما أفادت تقارير إخبارية محلية ودولية. ووفقا لما قالته وكالة الأنباء الفرنسية، فإن فايز اقتيد من منزله في دمشق إلى مكان مجهول. وجاء الاعتقال عقب لقاء جمع فايز بسميرة المسالمة، المُقالة مؤخرا من رئاسة تحرير صحيفة ‘تشرين’ الناطقة بلسان الحكومة، بحسب ما أفادته يوم الأحد صحيفة ‘الشرق الأوسط’ اليومية العربية الصادرة في لندن. وقد أقيلت المسالمة من منصبها بسبب تصريحات أدلت بها لقناة ‘الجزيرة’ دعت فيها إلى إجراء تحقيق رسمي فيما إذا انتهكت قوات الأمن أمرا تنفيذيا يقضي بمنع استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، وفقا لما أذاعته قناة ‘الجزيرة’.
كما اعتُقل مراسل قناة ‘العربية’ محمد زيد مستو بتاريخ 7 نيسان/إبريل. وكانت لجنة حماية الصحفيين قد أفادت في وقت سابق مستندةَ إلى تقرير نشرته القناة بأن مستو، وهو مواطن سوري يعيش في النرويج، قد توجه إلى سوريا لتغطية الاحتجاجات التي اندلعت في 15 آذار/مارس. ومنذ ذلك الحين، علمت اللجنة من زوجة محمد، كارين فاوستو، بأن محمد مستو تقدم بطلب الحصول على اللجوء السياسي في النرويج في أيلول/سبتمر 2009، ولكن طلبه قوبل بالرفض في كانون الأول/ديسمبر 2010، وعاد إلى سوريا بتاريخ 15 شباط/فبراير. وصححت كارين تقارير إخبارية أولية بقولها إن محمد اعتُقل يوم 6 نيسان/إبريل.
وفي اليمن، اعتقلت السلطات يوم السبت مراسل صحيفة ‘الأولى’ اليومية المستقلة، فهد الطويل، وهو يغطي الاحتجاجات الجارية ضد الحكومة في العاصمة صنعاء، بحسب ما ذكرته نقابة الصحفيين اليمنيين. وقد احتُجز الطويل لمدة ساعتين تعرض خلالها للاعتداء الجسدي، حيث خُلعت كتفه وبدت الكدمات على وجهه وبطنه. ويوم السبت أيضا، تعرض محمد الشيباني، وهو موزع لصحيفة ‘الأولى’، للضرب على أيدي بلطجية أثناء قيامه بتوزيع نسخ الصحيفة في صنعاء، وفقا لما قاله صحفيون محليون للجنة حماية الصحفيين.
كما تلقى رئيس تحرير أسبوعية ‘الناس’ المستقلة أسامة غالب ومراسل الصحيفة منصور الجرادي تهديدات مجهولة المصدر يوم السبت، بحسب ما ذكره غالب للجنة حماية الصحفيين، حيث قال إن شخصًا مجهول الهوية هددهما بالقتل في اتصالين هاتفيين منفصلين، كما هدد بتفجير مكاتب الصحيفة. وأضاف غالب بأن التهديدات أعقبت مقالة نشرتها الأسبوعية في عددها السابق عن تراجع التأييد للرئيس علي عبد الله صالح في مسقط رأسه في بلدة سنحان الواقعة جنوب شرق صنعاء.