سوريا تشن حملة قمع على التغطية الصحفية؛ والاعتداءات على الصحافة تتواصل في ليبيا وأماكن أخرى

نيويورك، 28 آذار/مارس 2011 –في مواجهة الاضطرابات السياسية التي تعم البلاد، عمدت السلطات السورية إلى منع ثلاثة صحفيين من وكالة ‘رويترز’ من القيام بعملهم، ومنعت دخول صحفيين إلى المناطق التي تتمركز فيها المعارضة السياسية، وفرضت الرقابة على القنوات الفضائية الناقدة، واحتجزت مدوناً سياسياً. حدث القمع واسع النطاق في سوريا في الأسبوع نفسه الذي قام فيه عملاء أمن ليبيون بمنع امرأة من طرابلس من إبلاغ صحفيين بما تعرضت له من اغتصاب وإساءات على يد عناصر ميليشيا مؤيدين للزعيم معمر القذافي. كما وردت أنباء عن اعتداءات على الصحافة في العراق وموريتانيا والأردن.

وقال محمد  عبد الدايم، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، “إن معدل الاعتداءات ضد الصحفيين وجسامتها تتصاعد بحدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لم تكن هذه المنطقة في السابق رفيقة بالتغطية الصحفية المستقلة، ولكن مع وصول عدد الاعتداءات إلى 300 اعتداء منفصل وثقتها لجنة حماية الصحفيين خلال فترة تقل عن ثلاثة أشهر، يتبين للمرء مدى فداحة ما وصل إليه الوضع بالنسبة للصحفيين في المنطقة”.

قامت السلطات السورية اليوم بطرد المنتجة التلفزيونيةآيات بسمة والمصور عزت بلتاجي، وهما لبنانيان ويعملان مع وكالة ‘رويترز’، وذلك بعد أن احتجزتهما لمدة يومين. وقال مسؤول سوري إن الصحفيين اعتقلا بالقرب من الحدود اللبنانية لأنهما لا يحملا تصريحا للعمل في سوريا، ولأنهما كانا يصوران “في منطقة يمنع فيها التصوير”. وفي يوم الجمعة، ألغت السلطات السورية بطاقة الاعتماد الصحفية التي بحوزة الصحفي خالد أويس، وهو مراسل صحفي متقدم في وكالة ‘رويترز’ وذلك بسبب التغطية الصحفية “الكاذبة”، وأمرته السلطات بمغادرة البلاد، وذلك حسبما أفادت وكالة ‘رويترز’ التي قالت أيضاً أنها تؤكد صحة ما ورد في تقاريرها.

وفي يوم الجمعة، قامت قوات الأمن بمنع الصحفيين المحليين والأجانب من الوصول إلى مدينة درعا الجنوبية، والتي انطلقت منها الاضطرابات السياسية التي تعم سوريا حاليا، وبالتالي تكون السلطات قد منعت التغطية الصحفية للاحتجاجات الجارية والاستجابة الحكومية العنيفة عليها. وقال الصحفي عساف عبود، وهو مراسل القسم العربي من إذاعة ‘بي بي سي’ في بث مباشر إن السلطات طلبت من الصحفيين الذين تمكنوا من الوصول إلى درعا أن يغادرها قبل انتهاء صلاة الظهر في يوم الجمعة. وقد ظلت الاحتجاجات في المنطقة تصل إلى ذروتها بعد صلاة الجمعة. وقال مراسل ‘بي بي سي’ إن الصحفيين عادوا إلى دمشق. وقد أغلقت السلطات السورية الطرق المؤدية إلى درعا خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي أيضا، حسبما تظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين.

تعرضت إشارات البث لمحطة ‘أوربت’ التلفزيونية التي تتخذ من دبي مقرا لها، للتشويش في سوريا منذ يوم الجمعة، وذلك وفقا لمدير القناة ومالكها غسان عبود. وقد أوردت المحطة تغطية شاملة للاحتجاجات في درعا. وفي الأسبوع الماضي، أوردت صحيفة ‘القدس العربي’ التي تتخذ من لندن مقرا لها أن مسؤولين سوريين أجروا اتصالات هاتفية مع موظفي تلفزيون ‘أوربت’ تضمنت مضايقات وتهديدات، إذ أشاروا إلى أنه يمكن التعامل مع الصحفيين بوصفهم جواسيس ويمكن قمع عائلاتهم.

اعتقلت قوات الأمن يوم الخميس في دمشق المدون السوري أحمد حذيفة، المعروف على شبكة الإنترنت باسم أحمد أبو الخير، وذلك وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان ولمواقع إلكترونية إخبارية إقليمية. وكان حذيفة قد احتجز لمدة ستة أيام في شباط/فبراير ودون توجيه اتهامات، وذلك وفقاً لمادة نشرها في مدونته.

وقد أعربت بثينة شعبان، وهي مستشارة للرئيس السوري، أثناء مؤتمر صحفي عقدته يوم الخميس عن موقف متشدد من التغطية الإخبارية، وقالت “تكمن المشكلة في بعض وسائل الإعلام التي تريد أن تبالغ بالأرقام، وتريد المبالغة بما حدث”، إشارة منها لأحداث درعا. وأضافت بثينة شعبان “حدثت مبالغات كبيرة وأشياء كثيرة غير محددة وردت في وسائل الإعلام، ويمكننا أن نرى أنها غير مستعدة لنقل الأخبار كما حدثت بالضبط”. وأضافت: “التلفزيون السوري هو الذي ينقل الحقيقة، وليس أي شخص آخر”.

وفي ليبيا في يوم السبت، دخلت امرأة يبدو عليها التوتر وتظهر عليها كدمات إلى فندق ركسوس في طرابلس حيث يقيم معظم المراسلين الصحفيين، وزعمت أنها تعرضت للتعذيب والاغتصاب على يد 15 عنصرا من المؤيدين للقذافي وعلى مر يومين. وقام عملاء حكوميون وموظفون من الفندق بالسيطرة عليها عنوة ثم اقتادوها بعيدا إلى موقع مجهول. وعندما حاول الصحفيون التدخل لسماع ما تريد المرأة أن تقوله، تعرضوا “للكم وتم طرحهم أرضاً” حسبما أفادت صحيفة ‘واشنطن بوست’. وقام أحد العملاء الحكوميين بإشهار مسدس، وتم تحطيم كاميرا تابعة لمحطة ‘سي أن أن’ استخدمت لتصوير ما حدث، وذلك في محاولة لتخريب المادة المصورة، وذلك وفقا لروايات متعددة. وعلى الرغم من جهود العملاء الحكوميين، وصلت بعض المقاطع المصورة إلى النشرات الإخبارية في جميع أنحاء العالم.

ومن بين التطورات الأخرى في المنطقة:

تعرض صحفيون ومدونون لاعتداءفي الأردن في يوم الجمعة إذ استخدمت قوات الأمن العنف لتفريق تظاهراتتطالب بالإصلاح جرت في العاصمة، عمان. وقد تعرض مصور قناة ‘الجزيرة’ أحمد نجيب للضرب بينما كان يصور التظاهرة والقمع الذي قامت به قوات الأمن لتفريقها. وقد تمت مصادرة الكاميرا التي كانت بحوزته لفترة قصيرة وتم مسح المادة المصورة منها، وذلك حسبما أفاد أحمد نجيب للجنة حماية الصحفيين. وتعرض مراسل قناة ‘العربية’ سعد السيلاوي للدفع بينما كان يصور مع فريقه مادة على الهواء، وأجبر على التوقف في منتصف المادة، وذلك حسبما أفاد السيلاوي للجنة حماية الصحفيين. وتعرض المدون محمد عمر للضرب على يد قوات الأمن مما أدى إلى إصابته بكسر في يده، وذلك حسبما أفاد للجنة حماية الصحفيين. ولم يتبين له ما إذا تعرض للضرب بسبب مشاركته في التظاهرة أم أنه تم استهدافه عقابا له على كتابته الناقدة على الإنترنت. وتعرضت المراسلة الصحفية عزيزة علي من صحيفة ‘الغد’ اليومية إلى الضرب على يد قوات الأمن بينما كانت تغطي الأحداث وتلتقط صورا للتظاهرات واستجابة الحكومة عليها، وذلك حسبما قالت للجنة حماية الصحفيين. وقد أصيبت بكسر في الحوض وتم نقلها إلى المستشفى. كما تم الاعتداء أيضا أثناء التظاهرة على الصحفيين معتز نواش ومحمد أبو عيد اللذين يعملان مع راديو ‘حياة’، وذلك حسبما أفادت عزيزة علي للجنة حماية الصحفيين. وقالت إنهما أصيبا بجراح ولكنها غير متأكدة من مدى خطورة الإصابات.

وفي يوم الجمعة أعرب نضال منصور، المدير التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين، وهو مجموعة محلية معنية بحرية الصحفيين، عن استنكاره للاعتداءات ضد الصحافة، وذلك خلال مقابلة مع قناة ‘الجزيرة’. بعد ذلك أرسل منصور رسالة إلى وزير الداخلية مؤرخة في يوم الأحد قال فيها إنه تلقى مكالمات هاتفية تضمنت تهديدات بعد المقابلة مع قناة ‘الجزيرة’.

وفي كردستان العراق، تعرض ثلاثة صحفيين لإطلاق نيران في ثلاثة حوادث منفصلة، وذلك وفقاً لتقارير إخبارية. فقد تعرض برقي إسلام، وهو مراسل صحفي يعمل مع القناة الفضائية ‘سبيدا’ في أميدي في محافظة دهوك لاعتداء بينما كان يقود سيارته متوجها إلى منزله في يوم الثلاثاء، وذلك حسبما أفاد صحفيون محليون. فقد فتح ملسحون مجهولون نيران أسلحتهم على سيارته، التي أصيبت بعدة رصاصات، ولكن الصحفي لم يصب بأذى. كما فتح مسلحون مجهولون النيران على سيارة الصحفي هانغاو هاشم الذي يعمل مع الصحيفة الأسبوعية المعارضة ‘روجنام’، وذلك بينما كان يقود سيارته في يوم الأربعاء خارج مركز تسوق في أربيل. وأصيب الصحفي هالغورد قادر بعيار ناري في يوم الجمعة في منزله بالسليمانية، وهو رئيس تحرير المجلة الأسبوعية ‘زانار’ المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وذلك وفقاً لرحمان غريب من مركز مترو، وهو جماعة محلية معنية بحرية الصحافة، ولتقارير إخبارية. فقد دخل مسلحون مجهولون منزل قادر، وقطعوا الكهرباء، ثم أطلقوا عليه رصاصتين في البطن. ثم تم إدخاله إلى المستشفى وكان في حالة مستقرة اليوم.

وقال هانغاو هاشم للجنة حماية الصحفيين إن الاعتداءات ومحاولات التهديد ضد الصحفيين ازدادت منذ خروج التظاهرات المناهضة للحكومة في كردستان العراق في أواسط شباط/فبراير، وأضاف: “لقد تلقينا العديد من التهديدات عبر الرسائل النصية ومكالمات عبر الهواتف الخوية، حيث يطلب المتصلون أن نتوقف عن تغطية التظاهرات أو مواجهة الموت وتعريض عائلاتنا لاعتداءات”.

وفي موريتانيا، اعتدت الشرطة على خمسة صحفيين يغطون الاحتجاجات المناهضة للحكومة في يوم الجمعة، وذلك حسبما أفاد الحسين ولد مدو، رئيس نقابة الصحفيين الموريتانيين، للجنة حماية الصحفيين.فقد تعرض للضرب كل من الهيبة ولد الشيخ سيداتي، وهو مراسل للموقع الإخباري ‘أخبار’؛ وأحمد ولد الوديعة، وهو مراسل للصحيفة اليومية المستقلة ‘السراج’؛ وشنوف ولد مالكيف، وهو مراسل للموقع الإخباري ‘الطوارئ’؛ وشامخ ولد الناجي، وهو مراسل للصحيفة الأسبوعية ‘الحرية’؛ وسيد ولد محمودي، وهو مراسل للموقع الإخباري ‘أطلس’، كما صادرت الشرطة معدات كانت بحوزتهم. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، اعتذر رئيس شرطة المدينة للصحفيين وأصدر أمرا بإعادة المعدات والأفلام المصورة لأصحابها. ورفعت نقابة الصحفيين شكوى رسمية لدى الشرطة وطالبت بإجراء تحقيق بالحادثة ومحاسبة المسؤولين عنها.