مداهمة مكتب قناة ‘الجزيرة’ في صنعاء؛ واعتداءات على الصحافة في ليبيا وسوريا والبحرين

نيويورك، 22 آذار/مارس 2011 –داهم مسلحون يرتدون ملابس مدنية مكتب قناة ‘الجزيرة’ في صنعاء في وقت مبكر هذا الصباح، وصادروا معدات وعطلوا عمليات المكتب، وذلك وفقاً لما أوردته القناة التي تتخذ من قطر مقراً لها. كما تواصلت الاعتداءات على الصحافة في المنطقة، فقد جرت اعتقالات واعتداءات ومضايقات ضد صحفيين في ليبيا وسوريا والبحرين خلال الأيام القليلة الماضية.

أوردت قناة ‘الجزيرة’ أن ما يقارب 20 رجلا مسلحا يغطون وجوههم بأقمشة عماماتهم، دخلوا مكتبها عنوة في صنعاء قبل الفجر. وقالت القناة أيضاً إن بعض المسلحين ظلوا اليوم على سطح البناية التي يقع فيها مكتبها حتى وقت متأخر من هذا اليوم، وقد عطلوا عمليات التغطية الإخبارية المحلية التي تقوم بها القناة. ولم تتضح هوية المسلحين، إلا أن ‘الجزيرة’ أوردت أن عناصر شرطة باللباس الرسمي شهدوا الاعتداء ولم يتدخلوا.

ويأتي هذا الاعتداء بعد أن قامت السلطات اليمنية بطرد مراسلي ‘الجزيرة’ أحمد زيدان وعبد الحق صداح في يوم السبت. وفي الأسبوع السابق على ذلك، طردت السلطات اليمنية ستة صحفيين دوليين سعيا منها لتقييد التغطية الصحفية للثورة الشعبية وللاستجابة الحكومية العنيفة عليها. وقد وثقت نقابة الصحفيين اليمنيين أكثر من 50 اعتداء منفصلا على الصحفيين منذ بدء الاضطرابات الاجتماعية في كانون الثاني/يناير، بما في ذلك عمليات قتل، واختطاف، وعشرات الاعتداءات الجسدية، ومصادرة معدات، وعشرات التهديدات بالقتل ضد صحفيين وأفراد عائلاتهم.

وقال محمد عبد الدايم، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، “يجب على السلطات اليمنية أن تتوقف عن معاملة وسائل الإعلام وكأنها هي من تسبب بالاضطرابات في البلاد. وفي كل مرة قامت بها الدولة في اليمن وغيرها من بلدان المنطقة بالاعتداء على الصحفيين أو المرافق الصحفية، أدى ذلك إلى زيادة سخط الرأي العام”.

وكذلك أوردت التقارير حدوث اعتداءات على الصحافة في أماكن أخرى في المنطقة.

ففي ليبيا، انقطعت أخبار صحفيين يعملون مع وكالة الأنباء الفرنسية، وهم ديف كلارك وروبيرتو شميدت، والمصور جو رايدل الذي يعمل مع وكالة ‘غيتي إيميجز’ للتصوير، وذلك منذ يوم الجمعة. وقد تأكد الآن أنهم محتجزون لدى الحكومة، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية. وقال شخص كان مسافرا مع الصحفيين الثلاث إنهم قد احتجزوا على بعد 10 كيلومتر شرق مدينة أجدابيا في يوم السبت.

وتحتجز الحكومة الليبية حاليا ما لا يقل عن سبعة صحفيين. كما أوردت التقارير أن مراسلي قناة ‘الجزيرة’ أحمد فال ولد الدين، ولطفي المسعودي، والمصورين كامل التلوع، وعمار الحمدان هم قيد الاحتجاز أيضاً. وثمة ستة صحفيين محليين على الأقل من ناقدي القذافي ما زالوا مفقودين وسط تكهنات واسعة النطاق بأنهم قد يكونوا محتجزين لدى الحكومة. وقد اختفى ثلاثة من هؤلاء الصحفيين الستة بعد فترة وجيزة من قيامهم بالتحدث على الهواء مع قناة ‘الجزيرة’.

وقد أفاد صحفيون تم الإفراج عنهم عن حدوث إساءات أثناء الاحتجاز. وكان أربعة صحفيين يعملون في صحيفة ‘نيويورك تايمز’ قد احتجزوا لمدة ستة أيام لدى قوات مؤيدة للزعيم معمر القذافي، وقد تحدثوا بعد الإفراج عنهم حول إساءات تعرضوا لها بينما كانوا قيد الاحتجاز.

وفي البحرين، أطلقت الشرطة كريات معدنية على مراسلة إذاعة ‘سي بي أس’ تولا فلاهو بينما كانت تغطي تظاهرة في المنامة في يوم الخميس، وذلك وفقا لما أوردته إذاعة ‘سي بي أس’. وقالت الصحفية إن الشرطة أطلقت هذه الكريات بينما كانت تحاول هي وسائقها المحلي مغادرة مكان كانت تجري فيه مصادمات استخدمت فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وقالت تولا فلاهو في تقريرها الصحفي “لم تظهر شرطة مكافحة الشغب أية رحمة، فلم يوقفوا سيارتنا كي يسألوننا عن هويتنا، بل بدأوا بإطلاق نيران أسلحتهم”. وأضافت أن سيارة شرطة صدمت سيارتها، وقام عناصر الشرطة بتمزيق إطارات السيارة وتهشيم نوافذها، وصادروا بطاقات الهويات ومعدات. ونشرت الصحفية فيلم فيديو على موقع ‘يوتيوب’ لمقابلة أجرتها مع وزير خارجية البحرين حيث سألته عن هذا الاعتداء.

وفي البحرين أيضاً، اعتقلت السلطات المدونين علي عبد الإمام وعبد الجليل السنكيس في يوم الخميس، وفق ما أوردته وسائل إعلام إقليمية. ولم يتضح فورا ما إذا كان اعتقال السنكيس مرتبطا بنشاطه السياسي أم بكتاباته على المواقع الإلكترونية؛ وقد احتجز معه أربعة أعضاء بارزين من المعارضة السياسية. وكان المدونان قد اعتقلا بتهمة التآمر ضد الدولة خلال العام الماضي، وذلك في حملة قمع شنتها الحكومة ضد المعارضة؛ وتم الإفراج عنهما في شباط/فبراير إذ سعت الحكومة لاسترضاء حركة الاحتجاجات التي كانت في بداياتها.

وفي سوريا، عمدت السلطات إلى إغلاق مداخل مدينة درعا الجنوبية منذ يوم الأحد، حيث سمحت للناس مغادرة المدنية ولكن منعتهم من دخولها، وذلك حسبما أوردت وسائل إعلام دولية. وقد منعت هذه القيود عددا كبيرا من الصحفيين المحليين والدوليين من تغطية الاحتجاجات في درعا، التي أصبحت مركزا للاضطرابات السياسية. كما تم تعطيل الاتصالات الهاتفية الأرضية والخلوية في المنطقة لفترة مؤقتة يوم الجمعة، وذلك وفقا لصحفي محلي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية.

وفي مدينة بانياس الساحلية الشمالية، اعتقلت قوات الأمن الصحفي محمد ديبو من منزله في يوم الجمعة، وهو مراسل صحيفة ‘الدستور’ الأردنية ومساهم لمنشورات أخرى في المنطقة، وذلك وفقاً لما أوردته وسائل إعلام إقليمية. كما تم اعتقال عدد كبير من المواطنين في الوقت نفسه، ولكن لم تتضح الاتهامات الموجهة إليهم.

وفي دمشق، اعتقلت السلطات في يوم الأربعاء السيد مازن درويش، مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، وذلك بينما كان يراقب تظاهرة جرت أمام وزارة الداخلية. وقد تم الإفراج عنه في وقت لاحق من اليوم نفسه، حسبما أفادت وسائل إعلام إقليمية.