مع اقتراب موعد خطاب القاهرة، بعض الأقتراحات لرئيس اوباما ‏

1 حزيران/ يونيو 2009

الرئيس باراك أوباما

البيت الأبيض

1600 Pennsylvania Avenue, NW

Washington D.C. 20500

عبر الفاكس 2461456-202

السيد الرئيس،

تكتب لكم لجنة حماية الصحفيين قبيل خطابكم المقرر أن تلقوه في القاهرة يوم الرابع من حزيران/ يونيو لتلفت انتباهكم إلى مسائل هامة وحاسمة لضمان النجاح على المدى الطويل لهدفكم المعلن والمتمثل في التواصل مع شعوب العالم العربي والإسلامي – وليس مع الأنظمة فيه وحسب.

ففي غضون بضعة أيام، سوف يستمع لحديثكم مئات الملايين من العرب والمسلمين فيما يساورهم مزيج من الشك والترقب المفعم بالأمل. وأود أن أقترح عليكم سيادة الرئيس وعلى إدارتكم خطوات ملموسة من شأنها أن تجعل سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة منسجمة مع الالتزام الذي لا يتزعزع في هذا البلد بضمان حرية الصحافة وحرية التعبير ليس داخله وحسب وإنما في كافة أنحاء العالم.

لقد ألحق قيام الولايات المتحدة باحتجاز الصحفيين في الخارج دون مراعاة الأصول القانونية ضرراً كبيراً بهيبتها في جميع أنحاء العالم ولا سيما في العالم الإسلامي. بل ويحتمل إنه قد ساهم أيضا في زيادة إجمالية في عدد الصحفيين المسجونين من قبل الأنظمة الاستبدادية التي استخدمت هذه السياسة كذريعة لتهميش الصحفيين الناقدين لها. ولغاية الآن، قامت الولايات المتحدة باحتجاز 14 صحفياً لفترات زمنية طويلة في العراق وأفغانستان وغوانتانامو دون مراعاة كافية للقوانين. ولا يزال أحد هؤلاء الصحفيين قيد الاحتجاز.

اعتقلت القوات الأمريكية المصور المستقل الذي يعمل مع وكالة رويترز إبراهيم جسام في منزله الواقع على مشارف بغداد يوم 2 أيلول/ سبتمبر 2008. وفي 30 تشرين الثاني/ نوفمبر أصدرت المحكمة الجنائية المركزية العراقية قرارها بعدم وجود دليل يستدعي احتجاز إبراهيم جسام. وصدر أمر بأن تقوم القوات الأمريكية بإطلاق سراحة، بيد أن السلطات العسكرية الأمريكية رفضت ذلك حيث خلصت إلى أنه “ما زال يمثل تهديداً خطيراً لأمن العراق واستقراره.” ولم يقدم الجيش دليلاً يؤيد صحة ما خلص إليه. وفي إحدى المراسلات المؤرخة في 9 شباط/ فبراير 2009، أخبر رئيس مكتب الشؤون العامة الرائد نيل فيشر لجنة حماية الصحفيين بأن إبراهيم جسام “ينتظر الإفراج عنه… كبقية المحتجزين البالغ عددهم 14,800 تقريباً” وفقا “لترتيب يستند إلى تقييم مستوى التهديد الذي يمثلونه” ولم يقدم فيشر أي تفاصيل إضافية حول موعد القيام بذلك.

إن من شأن الإفراج الفوري عن إبراهيم جسام، وهو آخر صحفي لا يزال محتجزاً من قبل الولايات المتحدة، وإبداء التزام راسخ بمنح أي صحفي يُعتقل مستقبلاً مراجعة قضائية ضمن وقت معقول أن يبعث برسالة واضحة إلى شعوب العالم الإسلامي مفادها بأن الولايات المتحدة قد طوت فصلاً عسيراً من فصول التاريخ وأنها تحفظ التزامها المعلن بضمان حرية الصحافة.

لقد سقط منذ عام 2003 ما لا يقل عن 16 صحفيا قتيلا بنيران القوات الأمريكية في العراق بينما أُصيب عدد غير محدد بجراح خطيرة. وتظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين بأن الجيش الأمريكي لم يجرِ تحقيقات سوى في عدد قليل من هذه الوفيات، وبرأ جنوده من ارتكاب أي خطأ فيها جميعها. كما لم يتم الإعلان عن النتائج الموضوعية لهذه الحالات، ومنها الضربة الجوية التي استهدفت في عام 2003 مكتب قناة الجزيرة في بغداد وأودت بحياة مراسلها طارق أيوب.

ينبغي للسلطات العسكرية الأمريكية إجراء تحقيقات شاملة في جميع الحالات التي قضى فيها صحفيون بنيران أمريكية. كما يتعين الإعلان عن نتائج هذه التحقيقات وينبغي إدماج الاستنتاجات المتمخضة عنها في الإجراءات التنفيذية للجيش. ولا تعد خطوة من هذا القبيل مفيدة وحسب في تحقيق أهداف عسكرية أمريكية مستقبلية، بل إنها عامل أساسي أيضا في كسب جماهير المسلمين الذين خابت آمالهم بالانعدام الحقيقي أو المتصور للمساءلة عن مقتل الصحفيين والمدنيين في العراق وأفغانستان. وقد خلص تقرير أعدته لجنة حماية الصحفيين حول قيام دبابة أمريكية بقصف فندق فلسطين في عام 2003 وقتل المصور الإسباني خوسيه كوسو والمصور الأوكراني تاراس بروتسيوك إلى أن خللاً واضحاً في القيادة والسيطرة على العمليات كان عاملاً مساهماً في الحادثة.

سيادة الرئيس أوباما، عندما كتبنا لكم في كانون الثاني/ يناير قبيل توليكم منصبكم، طلبنا منكم ضمان أن يتم تدريب الجنود الأمريكين، الذين يجدون أنفسهم منخرطين أكثر فأكثر في عمليات قتالية ضد خصوم يتحركون ضمن صفوف السكان المدنيين، على مراعاة حضور الصحفين الذين لديهم كل الحق في تغطية الصراع. وكثيرة جداً هي الحالات التي تتلقى لجنة حماية الصحفيين فيها تقارير من صحفيين محليين في بلدان كأفغانستان والعراق عن قيام القوات الأمريكية باحتجازهم وبإساءة معاملتهم لفظيا بل وجسدياً أحيانا.

وكما تعلمون، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحوي بعض أكثر البيئات قمعاً للصحفيين في العالم. إذ يتعين على الصحفيين في مصر، على سبيل المثال، أن يحتملوا تهديدات ضمنية وصريحة عديدة تستهدف أمنهم ولامتهم الجسدية في سبيل نقل أخبار الفساد، وسوء الإدارة، والإهمال إلى جمهور القراء.

ونحن إذ نشيد بالبيان الذي أصدرتموه في 3 أيار/ مايو بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة والذي قلتم فيه بأن الولايات المتحدة “تدق ناقوس الخطر إزاء تزايد عدد الصحفيين الذين يتم إسكاتهم إما بالقتل أو الحبس عند محاولتهم نقل الأخبار اليومية للعامة،” فإننا نطلب منكم التأكيد على هذا الالتزام وأنتم في قلب العالم العربي بالسعي لإطلاق سراح الصحفيين المسجونين ظلماً لمجرد أنهم يقومون بما يقوم به زملاؤهم في الولايات المتحدة كل يوم ألا وهو نقل الخبر كما يرونه.

مع خالص التقدير،

جويل سايمون

المدير التنفيذي