على تونس أن تنهي الرقابة على التغطية الإعلامية للاحتجاجات

لجنة حماية الصحفيين

330 Seventh Avenue, New York, NY 10001 USA

هاتف: (212) 465-1004  فاكس: (212) 465-9568 موقع الإنترنت: www.cpj.org إيميل: [email protected]

5 كانون الثاني/يناير 2011

فخامة الرئيس زين العابدين بن علي 
رئيس الجمهورية التونسية  
القصر الرئاسي 
قرطاج، تونس

عبر فاكس رقم: +216-71-744-721

فخامة الرئيس زين العابدين بن علي،

تعرب لجنة حماية الصحفيين عن انزعاجها جراء مساعي حكومتكم لفرض الرقابة على التغطية الإعلامية للاحتجاجات الأخيرة ضد البطالة والفساد في تونس. ونحن نشعر بالقلق بصفة خاصة جراء مصادرة نسخ صحيفتين أسبوعيتين معارضتين، والشجب الحكومي لقناة الجزيرة، والإعاقة المنهجية للتغطية والبث الإعلاميين، إضافة إلى حجب المواقع الإخبارية الإلكترونية التي تغطي الاحتجاجات. ونحن نطالب حكومتكم أن توقف فوراً جهودها الرامية إلى تقليص التغطية الإعلامية المستقلة وأن تتراجع عن القيود التي فرضتها منذ أواسط كانون الأول/ديسمبر.

لقد تعهدتم في خطابكم المتلفز الذي وجهتموه إلى الشعب التونسي في 28 كانون الأول/ديسمبر بأن حكومتكم “تحترم حرية الرأي والتعبير” وتحرص على “ترسيخها في التشريع والممارسة”. كما أضفتم بأن الحكومة “تحترم أي موقف إذا ما تم في إطار الالتزام بالقانون وبقواعد الحوار وأخلاقياته“. ولكن الواقع يتناقض مع ما أعربتم عنه. ففي خطابكم وجهتم اللوم إلى “بعض التلفزات الأجنبية التي تبث الأكاذيب والمغالطات دون تحرٍ، ولم تقدموا أي مثال على ذلك.

قامت السلطات في أواخر كانون الأول/ديسمبر بمصادرة نسخ صحيفة “الموقف” الأسبوعية المعارضة والتابعة للحزب الديمقراطي التقدمي في تونس. فقد قام عناصر تابعون لأجهزة الأمن بمصادرة نسخ عدد الصحيفة الصادر في 24 كانون الأول/ديسمبر من أكشاك بيع الصحف، وذلك وفقاً لبيان صادر عن الصحيفة. كما قامت السلطات بمصادرة العدد الصادر في 25 كانون الأول/ديسمبر من صحيفة “الطريق الجديد” التابعة لحركة التجديد، وهي حزب سياسي معارض. وقد تضمن عددا الصحيفتين تغطية واسعة حول الأحداث التي جرت في منطقة سيدي بوزيد التي انطلقت منها موجة الاضطرابات. وقد انطلقت الاحتجاجات قبل أسبوعين بعدما قام محمد بوعزيزي، وهو خريج جامعي عاطل عن العمل، بإشعال النيران في نفسه بعد أن قامت الشرطة بتفكيك كشك بيع الفواكه الذي كان يديره بصفة منافية للقانون. وقد انتشرت الاحتجاجات المناهضة للبطالة في جميع أنحاء البلاد، ووصلت إلى العاصمة، فيما جرى وصفه بأنه أوسع اضطرابات تشهدها البلاد خلال عقد من السنين.

كما أننا نشعر بالقلق جراء الحملة الشرسة الموجهة من قبل الحكومة ضد قناة “الجزيرة”. ففي 27 كانون الأول/ ديسمبر، أصدر البرلمان بياناً شجب فيه “الحملة الإعلامية المغرضة” التي تشنها قناة الجزيرة، وذلك في إشارة واضحة للتغطية الإعلامية للقناة حول الاضطرابات المدنية. واتهم البرلمان القناة بالسعي “لتشويه سمعة تونس” بهدف “بث الفوضى وزعزعة الاستقرار والتشكيك في إنجازات البلاد”. نحن نطالب حكومتكم أن تستجيب للدعوة التي وجهتها إليها وسائل الإعلام في مناسبات عديدة بأن تعرض أرائها على الهواء بدلاً من مهاجمة المؤسسات الإعلامية لمجرد قيامها بأداء واجبها.

وقد وضعت السلطات عراقيل أمام جميع وسائل الإعلام غير المؤيدة للحكومة، مما يشكل مصدراً آخر للقلق. ففي 30 كانون الأول/ديسمبر، قام عناصر شرطة يرتدون ملابس مدنية بتعقّب الصحفي سفيان الشورابي الذي يعمل في صحيفة “الطريق الجديد” بينما كان يحاول تغطية الاحتجاجات في الشوارع، ثم قام عناصر الأمن بإيقافه وصادروا منه معداته وبطاقة إثبات الشخصية، وذلك وفقاً لما أفاد به الصحفي للجنة حماية الصحفيين، وأضاف أن المدونة الإلكترونية التي يديرها تعرضت للقرصنة والتعطيل. ثمة حالات أخرى أيضاً من إساءة معاملة صحفيين كانوا قيد الاحتجاز، كحالة مولدي زوابي، مراسل راديو “كلمة” الذي اعتقل في 29 كانون الأول/ديسمبر بينما كان يغطي الاحتجاجات أمام المحكمة في جندوبة. وقد تمكن من الاتصال مع المحطة الإذاعية والإبلاغ عن تعرضه للضرب قبل أن تستولي الشرطة على هاتفه، وذلك حسب ما أورد راديو “كملة”. وفي 26 كانون الأول/ديسمبر، تم منع تلفزيون هنيبعل، وهو محطة تلفزيونية خاصة مؤيدة للحكومة، من بث برنامج حول الاحتجاجات في سيدي بوزيد، وذلك حسب ما أفاد به لقناة الجزيرة النقيب السابق للصحفيين التونسيين، ناجي بغوري. كما تم منع قناة نسمة، وهي أيضاً محطة تلفزيونية خاصة مؤيدة للحكومة، من إعادة بث برنامج عرضته سابقاً حول الاحتجاجات في الشوارع، وذلك وفقاً لما أفاد به ناجي بغوري.

نحن نشعر بالانزعاج أن نعلم أن حكومتكم صعّدت مؤخراً ممارستها بحجب مواقع الإنترنت (بما في ذلك الصفحات الإلكترونية الخاصة بتونس على الموقع التابع للجنة حماية الصحفيين). وقد أفاد صحفيون محليون للجنة حماية الصحفيين أن الوكالة التونسية للإنترنت قامت منذ انطلاق الاحتجاجات في 17 كانون الأول/ديسمبر بحجب مواقع إلكترونية إخبارية أخرى إضافة إلى عدد كبير من الصفحات على موقع فيسبوك تتضمن محتويات ناقدة، ومدونات، وحسابات بريد إلكتروني تعود لصحفيين. وقد أوردت وسائل إعلام إقليمية ودولية أنه تم حجب عدد كبير من مواقع الإنترنت الإخبارية المحلية والدولية التي تغطي الاحتجاجات في الشوارع. وقد صنّف أحد التقارير بلدكم إلى جانب السعودية في أسوأ مرتبة في المنطقة من ناحية الرقابة المفروضة على شبكة الإنترنت. وكانت لجنة حماية الصحفيين قد أجرت دراسة في عام 2009 ووجدت أن تونس هي أحد أسوأ عشرة بلدان للمدونين، ويعود ذلك جزئياً للأسباب ذاتها.

نحن نشعر بالقلق أيضاً حيال الخطوات الجديدة المفرطة في تشددها التي تقوم بها حكومتكم في الرقابة على شبكة الإنترنت واختراق  المواقع. وتظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين أن الوكالة التونسية للإنترنت تجمع كلمات المرور وأسماء المستخدمين العائدة للمدونين والمراسلين الصحفيين والنشطاء السياسيين والمشاركين في الاحتجاجات، وذلك من خلال زرع رموز جافا سكريبت (JavaScript) خفية تلتقط اسماء المستخدمين وكلمات المرور التابعة لهم. وقد بينت اختباراتنا لرموز الكمبيوتر المعنية أن الوكالة التونسية للإنترنت تقوم بشكل مباشر بالتدخل بالبيانات التي تعبر شبكة الإنترنت وتزرع رموزاً تطفلية في الصفحات التي يصل إليها المستخدمون في تونس. وأفاد مدونون محليون للجنة حماية الصحفيين أنه تم مسح حساباتهم والصور التي التقطوها للاحتجاجات الأخيرة، وفي حالات أخرى تم التلاعب بها.

نحن نناشدكم أن توجهوا السلطات المعنية أن تزيل هذه القيود عن الصحافة المستقلة وأن تنفذ تعهدكم بحماية حرية الصحافة. إن هذه الأساليب المتشددة تؤدي إلى أضرار لا يمكن قياسها للسمعة الدولية لتونس. نحن نطالبكم بضمان أن تنطلق بلادكم إلى الأمام فيما يتعلق بحرية الصحافة.

نشكركم على اهتمامكم بهذه الشؤون المهمة. ونتطلع لتلقي ردكم.

مع التحية،


جويل سايمون 
المدير التنفيذي