ذكرت مجلة ‘دير شبيغل’ في31 أغسطس/آب 2013 أن وكالة الأمن القومي الأمريكية قد تنصتت على الاتصالات الخاصة لمحطة ‘الجزيرة’ القطرية. وذكرت المجلة الإخبارية الألمانية نقلاً عن وثائق سرَّبها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي، إدوارد سنودن، أن الوكالة اعتبرت جهودها حققت “نجاحاً ملحوظاً” في اختراق الاتصالات التي تجريها المنظمات المستهدفة الجديرة بالاهتمام، ولا سيما قناة ‘الجزيرة’.
ذكرت مجلة ‘دير شبيغل’ في31 أغسطس/آب 2013 أن وكالة الأمن القومي الأمريكية قد تنصتت على الاتصالات الخاصة لمحطة ‘الجزيرة’ القطرية. وذكرت المجلة الإخبارية الألمانية نقلاً عن وثائق سرَّبها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي، إدوارد سنودن، أن الوكالة اعتبرت جهودها حققت “نجاحاً ملحوظاً” في اختراق الاتصالات التي تجريها المنظمات المستهدفة الجديرة بالاهتمام، ولا سيما قناة ‘الجزيرة’.
ولغاية أواخر العام، كان هذا الفعل ضد قناة ‘الجزيرة’ هو الحادثةَ الوحيدة التي تجسست فيها وكالة الأمن القومي على وسيلةٍ إعلامية، بحسب التقارير الواردة. غير أن الكشف المتوالي للوثائق التي حصل عليها سنودن يرسم صورةً للرقابة واسعة النطاق التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها – وهي رقابة تهدد بوضوح الخصوصيةَ العالمية على -شبكة الإنترنت، وبالتالي حريةَ الصحافة حول العالم. فقد أضحت الاتصالات الرقمية ضروريةً لجمع الأخبار، وظلت الطبيعة اللامركزية للإنترنت لغاية الآن تحمي العديد من الصحفيين حول العالم ممن يواجهون قيوداً على إرسال التقارير أو التعبير عن آرائهم في وسائل الإعلام التقليدية. وعلاوةً على ذلك، فإن حكومة الولايات المتحدة أضعفت موقفها القيادي العالمي على صعيد حرية التعبير وانفتاح الإنترنت، ولا سيما فيما يتعلق بمناهضة الجهود التي تبذلها بلدان قمعية مثل الصين وإيران من أجل تقييد شبكة الإنترنت.
وتقول ماريتي شاك، العضوة في البرلمان الأوروبي والقيادية على صعيد قضايا حرية الإنترنت، “ثمة أجندات خاصة للبلدان التي تسعى للسيطرة على شعوبها من خلال شبكة الإنترنت. وهي تسعى لفرض سيطرة حكومية أوسع أو حتى رقابة على الفضاء الإلكتروني”. وفي حديثها إلى لجنة حماية الصحفيين، أضافت: “علينا أن نحرص ألا يقود الجدل الذي أثارته وكالة الأمن القومي الأمريكية إلى تنافسٍ نحو الأسوأ”.
إن برامج الرقابة الشاملة التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، والتشريعات المقيدة للإنترنت التي تضعها الحكومات المختلفة، وكذلك موجة الهجمات الإلكترونية على المستوى العالمي، تُعدُّ جميعها من التطورات المقلِقة التي وضعت الفضاء الإلكتروني على ‘قائمة الدول الخطرة’ التي تنشرها لجنة حماية الصحفيين.
أنشأت لجنة حماية الصحفيين قائمة الدول الخطرة في العام 2012 لتسليط الضوء على البلدان التي تتراجع فيها حرية الصحافة. وفي هذا العام، اخترنا أن نضيف إلى القائمة الفضاء الإلكتروني الذي يُعدُّ منصةً عالمية عابرةً للحدود الوطنية وذلك بسبب تردي الحرية على شبكة الإنترنت، ذاك الحيز ذو الأهمية البالغة بالنسبة للصحفيين حول العالم. وفي العام 2013، دخلت في هذه القائمة التي تعدّها لجنة حماية الصحفيين كل من مصرُ وبنغلاديش، وهما بلدان يمزقهما الاستقطاب السياسي الذي يعلق في خضمه الصحفيون؛ وسوريا التي لا زال النزاع العنيف يعصف بها؛ وفيتنام ذات القبضة الاستبدادية. وشملت القائمة أيضاً الإكوادور وليبريا وروسيا وتركيا وزامبيا – وجميعها ديمقراطيات بالاسم حيث المساحة المتاحة لحرية التعبير والصحافة المستقلة آخذةٌ في التقلص بوتيرة سريعة.
وضعت لجنة حماية الصحفيين قائمة الدول الخطرة بالاستناد إلى خبرة موظفيها، وبالنظر أيضاً إلى مؤشرات حرية الصحافة مثل قتل الصحفيين وحبسهم، والتشريعات المقيدة، والرقابة الرسمية، والإفلات من العقاب في حالات الاعتداء على الصحافة، ودفع الصحفيين إلى العيش في المنفى. والبلدان المذكورة في القائمة ليست بالضرورة الأسوأ من حيث الاعتداء على حرية الصحافة، بل هي البلدان التي شهدت أبرز تدهور في المناخ الإعلامي في العام 2013 حسبما وثقته لجنة حماية الصحفيين. فالبلدان الواردة في قائمة الدول الخطرة لعام 2012 والتي لا ترد في قائمة هذا العام لم تتحسن بالضرورة – وإنما خرجت من القائمة بفضل التطورات الأحدث في البلدان الأخرى.
تشمل الاتجاهات التي شهدها العام 2013 ما يلي: • تدهورٌ في العديد من المؤشرات، بما في ذلك قتل الصحفيين والرقابة في مصر • تشريعات جديدة تهف إلى كبح حرية التعبير في الإكوادور وليبريا وروسيا وفيتنام وزامبيا • فصل الصحفيين من عملهم وإرغامهم على الاستقالة في تركيا بناءً على طلب الحكومة • عنف موجه ضد الصحفيين في بنغلاديش وروسيا، وازدياد عمليات الاختطاف في سوريا بدرجة كبيرة • حملات تضييق على الصحافة الإلكترونية في روسيا وفيتنام وبنغلاديش
لعل التراجع الأشد الذي شهدته حرية الصحافة في عام 2014 هو التراجع الذي حدث في مصر، حيث انقلب اضطهاد الصحفيين الناقدين في عهد الرئيس محمد مرسي انقلاباً جذرياً في منتصف العام حين أطاح به الجيش من منصبه وشنَّ حملةً للتضييق على وسائل الإعلام الإخبارية الموالية لمرسي. وبحلول أواخر العام، كان ما لا يقل عن ستة صحفيين قد قُتلوا، ممَّا وضع مصر في المرتبة الثالثة بعد سوريا والعراق من حيث قتل الصحفيين. واعتُقل العشرات من الصحفيين واحتجزوا لفترة وجيزة على الأقل. وبالإضافة إلى الرقابة التي تمارسها الدولة، ساد مناخٌ من الرقابة الذاتية.
تثير الاتجاهات السلبية في ليبريا وزامبيا القلقَ بوجه خاص لأنها كانت من صنيع الحكومات التي وعدت بعهد جديد من حرية التعبير. فقد تميز كلا البلدين بالذم والقدح العلني المستمر الذي مارسته السلطات ضد الصحافة، وتكميم أفواه الصحفيين على نحو منهجي من خلال المحاكم. أمّا تركيا فقد أضرَّت بصورتها كديمقراطيةٍ صاعدة منذ استغلت قوانين مكافحة الإرهاب لحبس الصحفيين، ولا سيما الأكراد. وأمعنت تركيا في تقليص الحيز المتاح للصحافة المستقلة من خلال الاعتداءات اللفظية والجسدية على الصحفيين المحليين والدوليين أثناء احتجاجات حديقة جيزي.
طبَّقت الإكوادور وروسيا على حدٍ سواء تشريعات فضفاضة ومبهمة تعطي الحكومة صلاحيات واسعة لكبت المعارضة. فقد اعتمدت الإكوادور، المعروفة أصلاً باستغلال قوانين التشهير، قانوناً جديداً للاتصالات ينطوي على صلاحيات رقابية واسعة. وسوف تعكف على تطبيق القانون هيئةُ رقابية تابعة للدولة وموالية للرئيس رافاييل كوريا. وفي روسيا، اتسمت عودة فلاديمير بوتين إلى كرسي الرئاسة بالتراجع عن الإصلاحات المتواضعة التي تحققت في عهد ديمتري ميدفيديف، وبأجواء عدائية متنامية ضد الصحافة. أمّا فيتنام فقد أصدرت مرسوماً جديداً قيدت فيه حرية التعبير على الإنترنت إلى حد كبير، وهي خطوة تهدد المدونين الذين هم بمثابة وسيلة الإعلام المستقلة الوحيدة في البلاد.
عصفَ الاستقطاب السياسي ببنغلاديش في العام 2013، وبات الخط الفاصل بين السياسة والصحافة أكثر ضبابية من أي وقت مضى. وتعرّض الصحفيون لاعتداءات من الأطراف كافة أثناء سلسلة من الاحتجاجات أثارتها الجِراح السياسية والتوترات الدينية التي يعود تاريخها إلى انفصال البلاد عن باكستان في العام 1971.
تفاقمت خطورة الظروف السيئة أصلاً بالنسبة للصحفيين في سوريا، التي ظلت في صدارة الدول من حيث قتل الصحفيين. وبالإضافة إلى ذلك، بات خطف الصحفيين أكثر شيوعاً، ممّا يجعل تغطية الانتفاضة الدائرة في البلاد أمراً يكاد يكون مستحيلاً.
وفيما يلي تقارير موجزة عن الأماكن العشرة الواردة في قائمة الدول الخطرة التي تُعدها لجنة حماية الصحفيين:
الفضاء الإلكتروني
برزت في العام 2013 تهديدات جديدة وخطيرة ضد الصحفيين في الفضاء الإلكتروني العابر للحدود الوطنية. لقد أحدثت شبكة الإنترنت ثورةً في العمل الصحفي، ويعود ذلك بالأساس إلى غياب السيطرة الحكومية، بيد أن طبيعتها اللامركزية أضحت في خطر حيث صعَّدت العديد من البلدان جهودها لرصد التدفق الحر للمعلومات الرقمية أو إعاقته.
كشفت الأخبار المستندة إلى الوثائق السرية التي كشف عنها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكية، إدوارد سنودن، عن عمليات مراقبة واسعة النطاق داخل الولايات المتحدة وخارجها على حد سواء، وهي أنشطة تنطوي على تهديد مخيف لأنشطة جمع الأخبار، التي تعتمد على السرية. ويقول الخبراء إن جمع البيانات الوصفية يمكِّن السلطات من رسم خريطةٍ لِما يجريه الصحفي من اتصالات وأنشطة وذلك بالعودة إلى سجلات المعاملات التي يقوم بها مثل تواريخ مكالماته الهاتفية وأوقاتها، والأرقام التي يتصل بها، وبيانات المواقع، وغيرها الكثير.
ويقول توماس بيلي، وهو صحفي استقصائي مخضرم يعمل في منطقة خليج سان فرانسيسكو”. لقد بات الجميع يخشون الإدلاء بالمعلومات. والآن، عاد الصحفيون يبحثون عن الهواتف العمومية، والأعلام الحمراء في أُصُص الزهور، وذلك لأن الجميع يعلم بأن استخدام البريد الإلكتروني الحكومي للتواصل مع الصحافة، أو التواجد في مكتب حكومي واستخدام هاتف أرضي أو محمول صادر من جهة حكومية للتواصل مع الصحافة، أو استخدام حساب بريد إلكتروني خاص ولكن بالولوج إليه عبر حاسوب حكومي، يمكن كشفه بسهولة جداً في هذا الزمن”.
يُعَد الصحفيون ومصادر المعلومات خارج الولايات المتحدة أكثر عرضةً في هذا الصدد لأنهم لا يتمتعون بحماية الخصوصية التي يوفرها القانون الأمريكي. ووفقاً لصحيفة ‘غارديان’، فإن وكالة التنصت والأمن الإلكتروني في المملكة المتحدة، جهاز الاتصالات الحكومي البريطاني، تتعاون مع وكالة الأمن القومي الأمريكي في جمع المعلومات من شركات التكنولوجيا. وفي المملكة المتحدة، كان بعض المسؤولين البريطانيين في أواخر العام 2013 لا يزالون يروجون لمشروع قانون سماه النقاد “ميثاق المتلصص،” ومن شأنه أن يمنح أجهزة إنفاذ القانون قدرةً أكبر على مراقبة استخدام الإنترنت، وذلك بالرغم من المعارضة القوية من جانب بعض السياسيين.
إن انتهاكات الخصوصية الرقمية التي ترتكبها حكومتا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تقوِّض سلطتهما المعنوية وقدرتهما على الوقوف في وجه البلدان الأخرى التي تقيد حرية الإنترنت، ومنها الصين، أحد أشد المنتقدين للهيمنة الأمريكية على شبكة الإنترنت. وفي سبتمبر/أيلول، شددت السلطات الصينية الضوابط المشددة أصلاً على وسائل التواصل الاجتماعي بإضافة قواعد جديدة يمكن أن تُفضي إلى عقوبة السجن بحق المستخدمين الذين ينشرون تعليقات، تُعتَبر تشهيرية، ويتم تداولها على نطاق واسع. وفي سنغافورة، يُعتَبر نظام الترخيص الجديد الخاص بالمواقع الإخبارية وسيلةً لتوسيع دائرة الرقابة المفروضة على وسائل الإعلام التقليدية لكي تشمل شبكة الإنترنت. وقامت السلطات البحرينية باختراق حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي لمقاضاة أصحابها المجهولين. وتُضاف هذه الإجراءات إلى القمع الممارس ضد صحفيي الإنترنت في بنغلاديش وروسيا وفيتنام، كما يرد تفصيله في سياق قائمة الدول الخطرة.
شَهِد عام 2013 موجةً من الهجمات الإلكترونية استهدفت مجموعةً من وسائل الإعلام. فقد أفادت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ وصحيفة ‘وول ستريت جورنال’ بوقوع محاولات من جانب القراصنة الصينيين للولوج إلى اتصالاتهما. وفي الفترة التي سبقت انتخابات يونيو/حزيران في إيران، تعرضت مواقع معارِضة للاختراق، وقالت شركة غوغول إن عشرات الآلاف من مستخدمي البريد الإلكتروني الإيرانيين جرى استهدافهم. وأعلن الجيش السوري الإلكتروني مسؤوليته عن عدة هجمات إلكترونية، بما فيها هجمة على حساب وكالة ‘أسوشيتد برس’ على موقع توتير، حيث نشر تغريدةً مكذوبة عن وقوع انفجار في البيت الأبيض تسببت في انخفاض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 143 نقطة. وبعيداً عن مراكز القوة العالمية، أفاد صحفيون يغطون النزاع المسلح في بورما بأن حسابات بريدهم الإلكتروني قد تعرضت للاختراق على يد مهاجمين تدعمهم الدولة. وأفادت الوسيلة الإخبارية الغواتيمالية ‘إلبيريوديكو’ بأنها تعرضت لسلسلة من الهجمات الإلكترونية بعدما نشرت قصصاً تزعم وجود فساد في حكومة الرئيس أوتو بيريز مولينا.
مصر
باتت الصحافة المصرية على مدار العام أكثر استقطاباً على الصعيد السياسي. استخدم محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤه خطاباً مشحوناً للغاية ومضايقات قانونية، عندما كان في السلطة، لتخويف الصحفيين الناقدين. وقد وثَّقت لجنة حماية الصحفيين ما لا يقل عن 78 اعتداءً على الصحفيين في الفترة بين أغسطس/آب 2012 وحتى الإطاحة بمرسي في يوليو/تموز 2013. وكان أنصار الإخوان المسلمين مسؤولين عن 72 من تلك الاعتداءات، حسبما توصلت إليه لجنة حماية الصحفيين، بينما شنَّت المجموعات المعارضة بضعة اعتداءات ضد الصحفيين الذين اعتبرتهم في صف الإخوان المسلمين.
انقلب الوضع فجأة على أنصار مرسي بعد أن عزله الجيش المصري وأغلق وسائل الإعلام الإخبارية المؤيدة لمرسي أو أخضعها لرقابة مشددة. وتعرضت وكالات الأنباء الأجنبية التي تُعتبر غير متعاطفة مع النظام العسكري، بما فيها شبكة ‘سي أن أن’ ومحطة ‘الجزيرة’، للمضايقة بشكل منهجي. ومنذ تولى الجيش زمامَ الأمور، قُتل على أقل تقدير خمسة صحفيين، وتعرض 30 للاعتداء، وتعرضت مكاتب 11 وسيلة إعلامية إخبارية للاقتحام. ووثقت لجنة حماية الصحفيين اعتقالَ ما لا يقل عن 44 صحفياً. وبحلول نهاية عام 2013، كان خمسة صحفيين على الأقل لا يزالون وراء القضبان.
أحكمت الحكومة قبضتها على وسائل الإعلام كافة بعد فرض حالة الطوارئ على المستوى الوطني. فالصحفيون الذين يحيدون عن الرواية الرسمية يواجهون خطر الرقابة أو الاعتقال أو المقاضاة أو الاعتداء. وثمة شعور في أوساط الصحفيين بأن الرقابة العسكرية بدأت تترسخ رغم أن جهود مرسي لتخويف الصحافة قد باءت بالفشل إلى حدٍ كبير. وقالت لينا عطا الله، رئيسة تحرير موقع ‘مدى مصر’، مستذكرةً بابتهاج الأيام الأولى التي تلت سقوط الرئيس السابق حسني مبارك، “كان هناك بالتأكيد حاجز خوف كُسِر في يناير/كانون الثاني 2011، ولكن علي أن أقول إنه عاد مجدداً، هناك شعور بأننا لسنا قادرين على ممارسة العمل الصحفي الذي كنا نأمله بعد الثورة”.
روسيا
بينما تستعد روسيا لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014، أفضى تطبيقها لسلسلة من القوانين الجائرة وملاحقة معارضي الحكومة قضائياً إلى نشوء مناخٍ هو الأشد قمعاً وعداوةً للغرب منذ الحرب الباردة.
فوفقاً لقوانين جديدة سُنَّت في أواخر عام 2012، بات مطلوباً من جماعات حقوق الإنسان المحلية والمنظمات الرقابية المستقلة التي تتلقى تمويلاً من الخارج أن تسجِّل بصفة “وكيل أجنبي”. ويخشى الصحفيون الروس أن يتعرضوا لملاحقات قضائية بسبب قيامهم بجمع معلومات من منظمات التي لا ترضى عنها الحكومة.
وفي 18 سبتمبر/أيلول، اعتقلت السلطات الروسية الصحفي البريطاني المستقل كيرون بريان والمصور الفوتوغرافي الروسي المستقل دينيس سينياكوف واتهمتهما بالقرصنة أثناء تغطيته احتجاج منظمة السلام الأخضر على متن سفينة في بحر بيتشورا. عندما يغطي الصحفيون أحداثاً معينة، “فإن السلطات لا تعاملك كصحفي وإنما كناشط، وهذا واقع جديد،” كما تقول إيلينا ميلاشينا، مراسلة لجنة حماية الصحفيين في موسكو. “وإذا كانت تفعل ذلك بالأجانب، فلكَ أن تتخيل ما يمكن أن تفعله بالصحفيين المحليين”. تدخلت الحكومة أيضاً في عمل الصحفيين الذين يغطون الألعاب الأولمبية المقبلة. “لقد أتت السلطات فعلاً إلى كل صحفي تحدثتُ إليه (في سوتشي)، وأرَتهم حدود ما يمكنهم تغطيته، وحرِصَت على أن يشعر الصحفيون بتلك الحدود،” تضيف ميلاشينا، الكاتبة أيضاً في صحيفة ‘نوفايا غازيتا’ المستقلة.
توفي صحفيان روسيان بسبب عملهما في العام 2013، وهما أحمدنبي أحمدنبيوف وميخائيل بيكيتوف. ولم تحصل أي اعتقالات على خلفية وفاتهما. وما فتئت جرائم قتل الصحفيين تتراكم، ممّا يفاقم أجواء الخوف. ففي ما لا يقل عن 32 جريمة قتل بحق الصحفيين، لم يمثل أمام القضاء أي قاتل أو محرض على القتل، بحسب البحث الذي أجرته لجنة حماية الصحفيين.
سوريا
تفاقمت ظروف الصحفيين في العام 2013 في سوريا بعد أن كانت محفوفة بالمخاطر بالأصل. وللسنة الثانية على التوالي، سجلت سوريا أكثر عددٍ من حالات قتل الصحفيين، حيث وصل عدد الصحفيين القتلى إلى ما لا يقل عن 29 بحلول أواخر العام. وكان ما يقارب 30 صحفياً مجهولي المصير في سوريا، بحسب البحث الذي أجرته لجنة حماية الصحفيين.
لقد بات العمل الصحفي في سوريا شبه مستحيل بالنسبة للصحفيين الأجانب بسبب التراجع الحاد في الوضع الأمني. وأخذت المنظمات الإخبارية الدولية تعتمد اعتماداً متزايداً على الصحفيين المستقلين. وفي شهر أغسطس/آب، أصدرت منظمة ‘روري بيك ترست’، وهي منظمة مكرسة لسلامة الصحفيين المستقلين، بياناً حثت فيه الصحفيين على إعادة النظر في الذهاب إلى سوريا. وقالت المنظمة في البيان إن “هذا وضعٌ جديد لا يمكن فيه لأي قدرٍ من التخطيط أو الاستعداد أن يقلل على نحو موثوق فرصَ التعرض للخطف”.
تعرَّض عشرات الصحفيين للخطف على يد أطراف متعددة في النزاع، بما فيها القوات الحكومية والميليشيات الموالية للحكومة؛ والثوار أو الجماعات التابعة لهم؛ والجماعات الإسلامية المتطرفة من غير السوريين. وقد أمسى خطف الصحفيين عند مجموعات الثوار من أجل المال أو تبادل السجناء أمراً شائعاً على نحو متزايد. وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، لا يزال الصحفيون الأجانب يُحتجزَون ولفترات أطول. أمّا الصحفيون المحليون العاملون دون تصريح فيحتَجزون على الفور أو يختفون. وقد “اندثر العمل الصحفي الذي يؤديه المواطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الأمنية،” بحسب رامي جراح، وهو مدون وناشط سوري في المنفى. وبحلول أواخر العام 2013، كان العديد من الصحفيين لا يزالون معتقلين لدى حكومة الأسد.
أمّا مَن يتمكن من مزاولة العمل الصحفي في سوريا، فإنه يخضع لرقابة مشددة من الفصيل المسيطر على منطقته مهما كان. ويقول رامي جراح، “يمكنك أن تكون صحفياً في أي مكانٍ في البلاد، ولكن عليك أن تكون جزءاً من اتفاق ما، وعليك أن تنصاع للرواية التي يريدونها. أمّا إذا كنت صحفياً مستقلاً، فأنت في خطر أينما كنت”.
فيتنام
كثَّفت فيتنام في عام 2013 الحملة التي أطلقتها في عام 2008 للتضييق على المدونين المستقلين. وعلى مستوى آسيا، تحلُّ فيتنام في المرتبة الثانية بعد الصين من حيث عدد الصحفيين السجناء، بحسب التعداد السنوي للصحفيين السجناء الذي تجريه لجنة حماية الصحفيين. ومن بين الصحفيين المحتجزين في فيتنام الصحفي نغوين فان هاي، المعروف في أوساط المدونين في فيتنام باسم ديو كاي، وهو مدون لا يزال وراء القضبان منذ عام 2008. وهو حائز على جائزة لجنة حماية الصحفيين الدولية لحرية الصحافة للعام 2013.
وفي يناير/كانون الثاني، صدرت أحكام قاسية بحبس خمسة مدونين ساهموا بانتظام في وكالة أنباء ‘ريديمبتوريست’ التابعة للكنيسة الكاثوليكية، ومن ثم وضعِهم قيد الإقامة الجبرية، على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم مختلفة ضد الدولة. وفي منتصف العام، احتُجزَ ثلاثة مدونين بارزين هم: دينه نهات أُوي، فام فييت داو، ترونج دوي نهات، لأن أنشطتهم التدوينية قد “أساءت استعمال الحريات الديمقراطية”. وبعد محاكمة استغرقت يوماً واحداً، حُكم على أُوي في أكتوبر/تشرين الأول بالسجن لمدة 15 شهراً مع وقف التنفيذ، والسجن سنةً واحدة قيد الإقامة الجبرية. وكان المدونان الآخران لا يزالان محتجزين دون تهمة رسمية بحلول أواخر العام 2013. وتعرضت المدونة نغوين هوانغ في للضرب ونُزعت ملابسها وأُخضعت لتفتيش مهبلي بواسطة ممرضات الدولة أثناء احتجازها في سجن نغوين كو ترينه في مدينة هوشي مِنه. واعتقلت السلطات أيضاً المدون الناقد لي آنه هونغ وأدخلته مصحةً للأمراض النفسية رغماً عنه.
تفتقر فيتنام إلى وسائل إعلامية خاصة، لذا فإن المدونات هي المتنفس الوحيد للصحافة الناقدة. وقد تجلت الجهود الحكومية الهادفة لإغلاقه في المرسوم الصادر بتاريخ 1 سبتمبر/أيلول 2013 والذي يستهدف تحديداً المدونين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. يحظر المرسوم 72 بشأن إدارة خدمات الإنترنت والمعلومات الإلكترونية وتقديمها واستخدامها على مستخدمي الإنترنت الفيتناميين نشرَ روابط إلكترونية للأخبار التي تبثها وسائل الإعلام الدولية أو إعادة نشر تلك الأخبار، ويفرض قيوداً على أنواع المحتوى التي يُسمح للشركات الأجنبية باستضافته على المواقع أو المنصات الإلكترونية المرتبطة بفيتنام. “نحن كلنا، بطبيعة الحال، نخشى أن نودعَ السجن. وهذا هو التحدي الذي يتعين على كل مدون في فيتنام أن يواجهه ليس كل يومٍ وحسب، وإنما كل ساعة،” حسبما أفاد فريق تحرير المدونة الإخبارية الجماعية ‘دانلامباو’ (المواطن الصحفي)، الذي يعمل أعضاؤه دون الكشف عن هوياتهم، في بيان وصل لجنة حماية الصحفيين عبر البريد الإلكتروني. وأضاف البيان: “هذا هو أسلوب الاحتواء المستخدم للحيلولة دون ازدهار شبكات المدونين واتساعها”.
تركيا
ظلت تركيا خلال عام 2013 من بين الدول التي تحتجز أكبر عدد من الصحفيين في العالم. وتواصل تركيا الدفع نحو الرقابة الذاتية من خلال الاستخدام واسع النطاق لاحتجاز الصحفيين وملاحقتهم قضائياً. وترافقت التظاهرات المناهضة للحكومة خلال شهر يونيو/حزيران، والمعروفة أيضاً باسم احتجاجات حديقة جيزي، بحملة قمع استهدفت وسائل الإعلام انتقاماً منها على تغطيتها المستقلة أو المؤيدة للمعارضة.
وثّقت لجنة حماية الصحفيين اعتداءات عديدة على صحفيين محليين ودوليين إضافة إلى حالات من إعاقة عمل الصحفيين واحتجازهم أثناء الاحتجاجات التي جرت في إسطنبور وأنقرة وأماكن أخرى في تركيا. وقامت الهيئة الحكومية لتنظيم الإعلام (RTÜK) بفرض غرامات على أربع محطات تلفزيونية بسبب تغطيتها للتظاهرات. ووجه رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، اتهامات علنية لوسائل الإعلام الدولية بالتحيّز في تغطيتها، واستهدف بصفة محددة قناة ‘سي أن أن الدولية’، ومحطة ‘بي بي سي’، ووكالة ‘رويترز’.
وتعرّض عدد كبير من الصحفيين والمحررين والمراسلين الناقدين للفصل من العمل أو أنهم أُجبروا على الاستقالة فيما يبدو أنه إجراء انتقامي بسبب تغطيتهم لاحتجاجات حديقة جيزي. ووفقاً لاتحاد الصحفيين الأتراك، تعرض 22 صحفياً على الأقل للفصل من العمل، كما أجبر 37 آخرين على الاستقالة من عملهم، مما يعكس حقيقة أن التكلات التركية التي تمتلك وسائل الإعلام تعتمد على الحكومة لازدهار أعمالها. وقال صحفي تركي طلب عدم الكشف عن اسمه خشية من تعرضه للانتقام، “كانت مشكلتنا في السابق هي تعرض الصحفيين للاحتجاز. وأصبحت مشكلتنا الآن ما إذا كنا سنتمكن أصلاً من ممارسة العمل الصحفي، إذ أن أولئك الذين ظلوا على رأس عملهم في الإعلام لا يستطيعون في الحقيقة القيام بتغطية ملائمة، أما أولئك الذين تم فصلهم من عملهم في الإعلام، فلا يستطيعون العثور على عمل”.
تواصل تركيا أيضاً استخدام قوانين مكافحة الإرهاب الفضفاضة لتجريم التعبير الناقد وقمع وسائل الإعلام الكردية إلى جانب الجماعات اليسارية والقومية. ففي يناير/كانون الثاني، اعتقلت السلطات التركية 11 صحفياً آخرين بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية محظورة. وفي أغسطس/آب، عقدت المحكمة جلسة للنظر في قضية إرجينكون، وهي مؤامرة مزعومة واسعة النطاق، ووجدت المحكمة أن 20 صحفياً على الأقل مذنبون بالانخراط في المؤامرة وأصدرت بحقهم أحاكماً بالسجن لفترات طويلة. ومع ذلك، ظل معظم الصحفيين السجناء في تركيا محتجزين على ذمة التحقيق وقبل المثول أمام المحكمة، ولم يتمكن العديد منهم من الاطلاع على الاتهامات الموجهة إليهم.
بنغلاديش
حدثت مصادمات في الشوارع بين الإسلاميين والعلمانيين أدت إلى تدهور سريع في مناخ حرية الصحافة في بنغلاديش، حيث يتعرض الصحفيون الذين يتحدثون عن القضايا الحساسة للاستهداف من جميع الأطراف. وأصبح المدونون وبصفة متزايدة ضحايا للعنف ولقمع الحكومة. وقد تعرض المدون آصف محي الدين لطعنة في يناير/كانون الثاني بينما كان يغادر مكتبه في دكا. وفي الشهر التالي، قُتل المدون أحمد رجب حيدر بسبب كتاباته.
ثمة محكمة خاصة مستمرة في بنغلاديش تحاكم جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم أخرى تعود إلى حرب الاستقلال عن باكستان والتي جرت عام 1971، وقد أججت التواترات وقادت إلى سلسلة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلد. أصدرت هذه المحكمة في فبراير/شباط حكماً ضد زعيم إسلامي بالسجن مدى الحياة مما أدى إلى اندلاع تظاهرات تعرف باسم “حركة شاهباغ”، حيث دعا المتظاهرون إلى إصدار حكم بالإعدام. وقد اعتقلت السلطات أربعة مدونين في أبريل/نيسان بزعم قيامهم بالتحريض على التوترات الدينية، وتم إغلاق مدوناتهم. ورد الإسلاميون بتظاهرات جماهيرية مضادة دعت إلى إعدام المدونين. وتعرض الصحفيون الذين غطوا تظاهرات شاهباغ وتظاهرات الإسلاميين إلى مضايقات واعتداءات بدنية. وتعرضت مراسلة تلفزيون ‘إيكوشي’، ناديا شارمين، للضرب من قبل متظاهرين بينما كانت تغطي تظاهرة نظمها الإسلاميون في أبريل/نيسان.
احتجزت السلطات المحرر الصحفي محمود الرحمن الذي يعمل في صحيفة ‘أمار ديش’ المعارضة، وذلك على خلفية اتهامات بنشر معلومات كاذبة تضمنت ازدراءً وتحريضاً. كما قامت الحكومة التي تسيطر عليها رابطة عوامي بإيقاف بث أربع قنوات تلفزيونية معارضة. وقال مينول إسلام خان، وهو مدير مشارك لمجموعة معنية بحرية الصحافة تدعى ‘مركز بنغلاديش للتنمية والصحافة والاتصال’، “ثمة الكثير من سوء الفهم في هذا المجتمع. وإذا لم تدع الطرف الآخر يتحدث، فسيؤدي ذلك إلى خلق التوترات”.
ليبريا
وعدت إدارة الرئيسة إيلين جونسون سيرليف بحكم أكثر انفتاحاً وديمقراطية في ليبريا بعد سنوات من الحرب الإهلية والحكم الديكتاتوري. ولكن شهد العام الماضي ترسيخاً لمناخ الرقابة الذاتية. ومن بين التطورات المثيرة للقلق سجن صحفيين على خلفية قضايا مدنية تتعلق بالقذف والتشهير، وإفلاس المؤسسات الإخبارية عبر فرض غرامات باهظة بدل أضرار في هذه القضايا.
وبعد مرور أكثر من عام على توقيع إعلان جبل تيبل – وهو دعوة إلى إلغاء قوانين القذف الجنائي و “الإهانة” في جميع أنحاء أفريقيا – لم تفعل حكومة سيرليف إلا القليل للدفع بقضية إزالة الصفة الجنائية عن قضايا القذف. إضافة إلى ذلك، أدت القضايا المدنية التي رفعها مسؤولون حكوميون إلى فرض غرامات باهظة بدل أضرار. ففي أغسطس/آب، أصدرت محكمة حكماً على صحيفة ‘فرونت بيج أفريكا’ المستقلة بدفع غرامة بدل أضرار بقيمة 1.5 مليون دولار أمريكي مما أدى إلى إغلاق الصحيفة وسجن مدير تحريرها وناشرها، روندي سيه، وذلك بعد محاكمة شابتها صبغة سياسية. وقد أودع روندي سيه في السجن إلى أجل غير مسمى حتى يدفع الغرامة، ثم أفرج عنه مؤقتاً في إطار “إجازة رأفة”. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، قررت محكمة إقفال الإجراءات رسمياً ضد روندي سيه وضد صحيفة ‘فرونت بيج أفريكا’ بعد إسقاط دعوى القذف، وذلك وسط موجة احتجاج دولية.
وكانت صحيفة ‘فرونت بيج أفريكا’ قد أوردت تغطية متكررة حول الفساد، وإساءة التصرف الرسمية، والإساءات لحقوق الإنسان، وأفاد صحفيون محليون للجنة حماية الصحفيين بأن الغرامة الباهظة التي فرضتها المحكمة هي حيلة واضحة لإغلاق هذه الصحيفة الناقدة. ووفقاً لاتحاد الصحافة الليبري، لم تنتصر أي صحيفة في أي دعوى قضائية بشأن القذف والتشهير، وذلك منذ انتخاب سيرليف في عام 2005. وقال رئيس الاتحاد، بيتر كواكوا، “عندما يكون مسؤولو الحكومة متحمسين في المسارعة إلى المحاكم بشأن قضايا مثل هذه تهم المصلحة العامة، فإن ذلك يزيد الصعوبة أمام الصحافة للعمل بحرية”.
ومما زاد التوتر في بيئة عمل الصحفيين، الخطاب التحريضي الذي ألقاه أحد كبار معاوني سيرليف بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، والذي أثار الكثير من اللغط. فقد أشار معاون الرئيسية سيرليف المعني بالشؤون الأمنية، أوثيلو دانيل واريك، إلى الصحفيين بأنهم “إرهابيون”، وقال أنه “سيلاحق” أي صحفي ينشر مقالاً ينتقد الرئاسة.
الإكوادور
في حين يواصل المسؤولون الحكوميون رفع دعاوى قذف وتشهير بغية ترهيب الصحافة في الإكوادور، أقرت حكومة الرئيس رافائيل كوريا سلسلة جديدة من الإجراءات القانونية أدت إلى مزيد من التدهور في مناخ حرية الصحافة خلال عام 2013.
أقرت الجمعية الوطنية الإكوادورية في يونيو/حزيران قانون الاتصالات الجديد لتنظيم المحتوى التحريري لوسائل الإعلام ولمنح السلطات القدرة على فرض عقوبات تعسفية وفرض الرقابة على الصحف. ويتطلب القانون إقامة هيئة حكومية لمراقبة محتوى التغطية الإعلامية، ويحفل القانون بصياغات غامضة تتطلب من الصحفيين توفير معلومات دقيقة ومتوازنة أو مواجهة عقوبات مدنية أو جنائية. وعيّنت السلطات مؤخراً كارلوس أوتشا في منصب المشرف على المعلومات والاتصالات، والمعروف بأنه أهان الصحافة علناً. وقالت مونيكا إلميدا، التي تعمل محررة في صحيفة ‘إل يونيفيرسو’، “لقد أصبح مناخ العمل الصحفي أسوأ كثيراً من ذي قبل بسبب هذا القانون. ففي السابق، كان يوجد حد معين من السيطرة من قبل الحكومة … ولكن لم يكن يتوفر لها هذا الإطار القانوني مثل قانون الاتصالات الذي يتيح للحكومة القيام بالعديد من الإجراءات لصالحها”.
وفي وقت مبكر من العام، صدر تشريع جديد يحظر على وسائل الإعلام الترويج للمرشحين السياسيين “بصفة مباشرة أم غير مباشرة” خلال الأيام التسعين التي تسبق الانتخابات، مما أدى إلى رقابة ذاتية واسعة النطاق في أوساط وسائل الإعلام في الإكوادور. وقد اعتُبر القانون على نطاق واسع بأنه وسيلة لإخماد النقد الموجه للرئيس رافائيل كوريا خلال حملته لإعادة انتخابه في الانتخابات التي جرت في 17 فبراير/شباط، وأدى تطبيق القانون إلى تغطية صحفية ضئيلة وضحلة حول قضايا الانتخابات. وقالت مونيكا إلميدا، “لقد برز نقص خطير في التغطية الصحفية … وكان من الصعوبة بمكان القيام بتغطية صحفية أعمق”.
زامبيا
في سبتمبر/أيلول 2011، وبعد عقدين من حكم الحزب الواحد في زامبيا، وعدت حكومة الجبهة الوطنية بقيادة الرئيس مايكل ساتا بعهد تتوفر فيه حرية أوسع للإعلام. لكن في الوقت الحالي تتعرض الصحافة المملوكة بمعظمها للدولة لضغوط أكثر من أي وقت مضى لممارسة الرقابة الذاتية، في حين أن المساحة المحدودة التي بدأت تفتح أمام الصحافة المستقلة أخذت تضيق بصفة مطردة.
لقد ظل قادة زامبيا ومنذ مدة طويلة يستعينون بقوانين القذف الجنائي لترهيب الصحفيين، وقد سارع الرئيس مايكل ساتا لاستخدامها، وفقاً للصحفي المستقل بوول كارلوشي. فقد لاحقت الحكومة الصحفيين المستقلين بسلسة من الاتهامات الغامضة والمختلقة. واتهمت السلطات الصحفي الزامبي ويلسون بوندامالي، والذي يُشتبه بارتباطه بالموقع الإلكتروني الإخباري ‘زامبيان واتشدوغ’ [المراقب الزامبي] الذي تم حجبه، بتهمة التحريض وإهانة الرئيس – وفي نهاية المطاف تم تحويل الاتهامات إلى سرقة كتاب من مكتبة عامة وحيازة مقتنيات تعود ملكيتها لمخازن عسكرية. ويواجه صحفيان آخران يُشبته بارتباطهما بموقع ‘زامبيان واتشدوغ’ الإخباري، توماس زيامبو والمحاضر السابق في كلية الصحافة كلايسون هاماساكا، اتهامات متعددة تتراوح ما بين حيازة مخدرات إلى إهانة الرئيس، وهي اتهامات تغيرت أيضاً مع تطور التحقيقات التي أجرتها الشرطة. وقال كلايسون هاماساكا، “ثمة قيود مشددة مفروضة على تحركاتي … وأنا لا أعلم ما الذي يحاولون تحقيقه عدا عن ترهيبي. وأصبح جميع زملائي خائفين. وحالياً فإنك إذا تجرأت على نشر أي تغطية ناقدة، فسيتم اعتقالك”.
وحجبت السلطات في يوليو/تموز الموقع الإلكتروني الإخباري ‘زامبيا ريبروترس’ [تقارير زامبيا] الذي أُطلق في فبراير/شباط 2012. وأفاد مدير تحرير الموقع للجنة حماية الصحفيين بأن الموظفين يعتقدون بأن الحكومة مسؤولة عن حجب الموقع. ورفع الموقع شكوى إلى سلطة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الزامبية (ZICTA) في 22 يوليو/تموز، ولكنها لم تتلقَ رداً من السلطة.
مايا تال هي كاتبة مستقلة تعمل من بروكسل. وعملت سابقاً في قسم الاتصالات في لجنة حماية الصحفيين وفي منظمة هيومان رايتس ووتش.