هايتي تنضم إلى قائمة البلدان التي يُرجح أن يظل قتلة الصحفيين فيها دون عقاب

الشرطة تسعى لحماية السكان الفارين من حي كارفور-فويليس في مدينة بورت-أو-برنس في 15 آب/أغسطس 2023 بعدما سيطرت عليه العصابات. (وكالة رويترز/ رالف تيدي إيرول)

بقلم: آرلين غيتز

نقص العدالة المستمر للصحفيين القتلى يمثل تهديداً كبيراً لحرية الصحافة. بعد عشر سنوات من إعلان الأمم المتحدة بتخصيص يوم دولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين – وانقضاء أكثر من 30 عاماً منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين بتوثيق حالات قتل الصحفيين – يظل زهاء 80 بالمئة من جرائم القتل لم يُكشف عن مرتكبيها.

برزت هايتي التي تعصف بها الأزمات كإحدى البلدان التي يُرجّح أن يظل قتلة الصحفيين فيها أحراراً طلقاء، حسبما وجد المؤشر الدولي للإفلات من العقاب لعام 2023 الذي أعدته لجنة حماية الصحفيين. ويقف خلف شمول هذا البلد الكاريبي للمرة الأولى في القائمة السنوية التي تعدها لجنة حماية الصحفيين بشأن البلدان التي يفلت فيها قتلة الصحفيين من العقاب، مزيج مدمر من عنف العصابات، والفقر المزمن، وانعدام الاستقرار السياسي، وعدم قدرة القضاء على أداء وظائفه.

وتحتل هايتي الآن ثالث أسوأ مرتبة في العالم من حيث الإفلات من العقاب، وذلك خلف سوريا والصومال، على التوالي. وقد ظلت الصومال إلى جانب العراق والمكسيك والفلبين وباكستان والهند تظهر على المؤشر في كل سنة منذ إطلاقه. كما استمرت سوريا وجنوب السودان وأفغانستان والبرازيل في الظهور على المؤشر لمدة سنوات عديدة – مما يمثل تذكيراً مثيراً للقلق بشأن الطبيعية المستمرة والمؤذية للإفلات من العقاب.

 نادبون يبكون على كفن صحفي سوري قُتل على يد مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية على خط المواجهة في دير الزور، وذلك أثناء جنازة الصحفي التي جرت في كوباني بسوريا في 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2017. وعلى امتداد السنوات العشرة الماضية، ظلت سوريا تظهر على مؤشر الإفلات من العقاب الذي تعده لجنة حماية الصحفيين. (رويترز/ إيريك دي كاسترو)

وتتراوح الأسباب التي تؤدي إلى تقاعس هذه البلدان عن ملاحقة قتلة الصحفيين ما بين خوضها في نزاعات، إلى ممارسات الفساد، ووجود حركات تمرد مسلحة، إلى الفرض غير الكافي للقانون، ونقص الاهتمام السياسي بمعاقبة المسؤولين عن قتل الصحفيين المستقلين. وتتضمن هذه البلدان بلداناً ديمقراطية وأخرى ذات أنظمة حكم استبدادية، وبلداناً تعاني من اضطرابات وأخرى مستقرة. ويتسم بعض هذه البلدان بأنها خرجت مؤخراً من حروب امتدت لسنوات، بيد أن تراجع الأعمال العدائية فيها لم يدفعها إلى إنهاء ملاحقة الصحفيين. وإذ يصبح الإفلات من العقاب راسخاً، فإنه يدل على عدم اهتمام من السلطات، مما يشد من أزر الجهات المستعدة لقتل الصحفيين، ويقلص مجال التغطية الصحفية المستقلة إذ يعمد الصحفيون القلقون إلى مغادرة بلدانهم أو تخفيف حدة انتقاداتهم أو ترك مهنة الصحافة نهائياً.

يوثق مؤشر هذا العام حالات 261 صحفياً قُتلوا لأسباب مرتبطة بعملهم خلال الفترة ما بين 1 أيلول/ سبتمبر 2013 – وهو العام الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة عن الاحتفال سنوياً في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين – وحتى 31 آب/ أغسطس 2023. ووجد المؤشر أنه خلال هذه السنوات العشر، لم يخضع أي شخص للمساءلة في 204 من هذه الحالات – أي أكثر من 78 بالمئة منها. (لا يتضمن المؤشر الصحفيين الذين قُتلوا في الحرب بين إسرائيل وحماس التي اندلعت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر لأن حالات مقتل الصحفيين في هذه الحرب تقع خارج نطاق فترة السنوات العشر المحددة للمؤشر.) ويمثل معدل 78 بالمئة للإفلات من العقاب تحسناً طفيفاً مقارنة مع المعدل الذي سجلته لجنة حماية الصحفيين في العقد السابق إذ بلغ 90 بالمئة آنذاك. ولكن لا ينبغي اعتبار ذلك سبباً للتفاؤل، إذ يظل الإفلات من العقاب منتشراً، كما يشير الواقع الواضح إلى أن حوالي أربع من كل خمس حالات يُقتل فيها صحفيون تظل دون الكشف عن مرتكبيها.

وبصفة عامة، سجلت لجنة حماية الصحفيين 956 حالة قتل ذهب ضحيتها صحفيون بسبب عملهم منذ بدأت اللجنة في تتبّع هذه الحالات في عام 1992، وظل ما مجموعه 757 حالة منها – أي أكثر من 79 بالمئة – دون أي ملاحقة قانونية.

ما يتجاوز المؤشر

يتضمن مؤشر الإفلات من العقاب الذي تعده لجنة حماية الصحفيين البلدان التي وقع فيها ما لا يقل عن 5 جرائم قتل ذهب ضحيتها صحفيون دون الكشف عن مرتكبيها خلال مدة عشر سنوات. ولا يشمل المؤشر سوى الحالات التي سُجل فيها إفلات تام من العقاب؛ أما الحالات التي شهدت إدانة بعض مرتكبيها بينما ظل مشتبه بهم آخرون أحراراً – أي إفلات جزئي من العقاب – فهي غير مشمولة في المؤشر. ويُحسب ترتيب كل بلد كنسبة من التعداد السكاني للبلد، مما يعني أن البلدان ذات التعداد السكاني الكبير، من قبيل المكسيك والهند تحتل مراتب أدنى على القائمة، رغم أنها شهدت عدداً أكبر من حالات قتل الصحفيين.

بيد أن التأثيرات المؤذية للإفلات من العقاب تمتد إلى ما يتجاوز البلدان التي بات وجودها ثابتاً على المؤشر السنوي الذي تعده لجنة حماية الصحفيين، إذ تترك الجرائم التي تظل بلا عقاب تأثيراً مرعباً على الصحفيين المحليين في كل مكان، مما يقوض حرية الصحافة ويقلص التغطية الصحفية المعنية بالصالح العام.

وفيما يتعلق بالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، كانت لجنة حماية الصحفيين قد قابلت صحفيين فلسطينيين لإعداد تقرير “نمط فتاك” الذي صدر في وقت سابق من هذا العام، وأفادوا بإن تغطيتهم الصحفية تعرضت للتقويض من جراء خشيتهم على سلامتهم بعد أن أطلقت قوات الدفاع الإسرائيلية الرصاص على مراسلة قناة ’الجزيرة‘ العربية، شيرين أبو عاقلة، وأردتها قتيلة في أيار/ مايو 2022. ووجدت تحقيقات لجنة حماية الصحفيين أنه ما من أحد خضع للمساءلة عن مقتل 20 صحفياً على يد الجيش الإسرائيلي على امتداد 22 عاماً. وأشار التقرير بأن “الإفلات من العقاب في هذه الحالات قوض حرية الصحافة تقويضاً شديداً، وجعل حريات الصحفيين هشة”. (إسرائيل غير مشمولة في مؤشر الإفلات من العقاب إذ يقل عدد الصحفيين الذين استهدفتهم القوات الإسرائيلية بالقتل خلال الفترة التي يغطيها المؤشر عن خمسة).

وفي عدة بلدان في الاتحاد الأوروبي، والتي عادة ما تُعتبر من بين أكثر الأماكن أمناً للصحفيين، تتعرض حرية الصحافة لضغوط متزايدة، إذ لم يُكشف عن المسؤولين عن قتل صحفيين في كل من مالطة وسلوفاكيا واليونان وهولندا.

ففي مالطة وسلوفاكيا، لم تتحقق عدالة كاملة لغاية الآن بشأن جريمتي قتل الصحفية دافين كاروانا غاليزيا والصفحي جان كوسياك. وفي اليونان، لم يخضع أي أحد للمساءلة لغاية الآن عن مقتل الصحفي سقراط جيولياس في عام 2020، وقد صدر مؤخراً تقرير عن مبادرة “عالم أكثر أمناً من أجل الحقيقة” – وهي مبادرة تعاونية لجماعات حقوقية من بينها لجنة حماية الصحفيين – ووجد ثغرات في التحقيقات التي أجرتها السلطات في جريمة قتل جيولياس، وبشأن جريمة قتل الصحفي جورجيوس كارايفاز بعد 11 سنة من ذلك.

وفي هولندا، ينتظر تسعة مشتبه بهم المثول أمام المحكمة على خلفية قتل المراسل الصحفي الهولندي بيتر ر. دي فريس أثناء مغادرته ستوديو تلفزيوني في عام 2021. وبينما يظل من غير الواضح ما إذا كان الصحفي دي فريس والصحفي كارايفاز قد استهدفا بالقتل بسبب عملهما، إلا أن زملاء الصحفيين في اليونان وهولندا أفادوا للجنة حماية الصحفيين أن مقتلهما ترك شعوراً بانعدام الأمن وميلاً نحو الرقابة الذاتية في أوساط العاملين في الإعلام. وقال الصحفي الهولندي بوول فوغتز المتخصص بتغطية شؤون الجرائم للجنة حماية الصحفيين إن مقتل دي فريس “ترك تأثيراً مخيفاً على الصحفيين”، ويُذكر أن فوغتز هو أول صحفي في هولندا يحصل على حماية كاملة من الشرطة بسبب تلقيه تهديدات بالقتل مرتبطة بعمله.

أما البلدان التي تعتبر أقل أمناً للصحفيين، فقد تواصَل فيها الانتقام العنيف من الصحفيين بسبب تغطيتهم الإخبارية.

ففي الكاميرون التي تقع في وسط أفريقيا، عُثر على جثة الصحفي مارتينيز زوغو في 22 كانون الثاني/ يناير 2023، وقد مثّل الجناة بجثته. كما عُثر على صحفي آخر على الأقل من الصحفيين المرتبطين بزوغو، وهو الصحفي جان-جاك أولا بيبي، قتيلاً بعد 12 يوماً من مقتل زوغو. وكان زوغو قد حذّر عدة صحفيين آخرين بأنهم مستهدفون بالقتل، مما دفع بعضهم إلى الفرار من البلد، بينما اختار آخرون ممارسة الرقابة الذاتية. ورفعت مجموعة من المنظمات، من بينها لجنة حماية الصحفيين، تقريراً إلى الأمم المتحدة في تموز/ يوليو أشارت فيه إلى أن “قتل الصحفيين والاعتداءات البدنية ضدهم واختطافهم وتعذيبهم ومضايقتهم على يد الشرطة والوكالات الاستخبارية والجيش وجهات فاعلة من غير الدول في الكاميرون تظل تترك تأثيراً مخيفاً بشدة [على وسائل الإعلام]”.

مسار صعب نحو العدالة

لم تتحقق العدالة الكاملة إلا في 47 حالة من حالات قتل الصحفيين منذ عام 1992 – أي أقل من 5 بالمئة من الحالات. وتُظهر بيانات لجنة حماية الصحفيين أنه ثمة عوامل يمكن أن تؤدي أدواراً حاسمة في ضمان معاقبة مرتكبي الجرائم، من بينها الضغط الدولي، والولاية القضائية العالمية، وإجراء تغييرات في الحكومات.

أقارب الصحفي التلفزيوني الصومالي عبد العزيز محمد غوليد يدفنون جثته، وقد لقي حتفه في تفجير انتحاري وقع في العاصمة الصومالية، مقديشو، في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021. وتبنت الجماعة المقاتلة، الشباب، المسؤولية عن الهجوم. (رويترز/ فيصل عمر)

ومن بين الحالات البارزة حالة الصحفي هيوغو بوستيوس سافيدرا من بيرو الذي لقي حتفه في كمين أعده الجيش في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 1988 بينما كان يغطي النزاع بين القوات الحكومية ومقاتلي حركة ’المسار المشرق‘. واستغرق الأمر حوالي 35 سنة كي تُصدر محكمة جنائية في بيرو حكماً ضد دانيا أوريستي إيليرا، الذي كان رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية آنذاك، بالسجن لمدة 12 سنة بسبب دوره في جريمة قتل سافيدرا. (يمكن الاطلاع على التسلسل الزمني لهذه القضية هنا.)

وقد تحقق حكم الإدانة في هذه القضية بسبب مزيج من التغييرات في السياسات الداخلية للقيادة في بيرو، وإعادة فتح التحقيقات بشأن قضايا حقوق الإنسان بعد أن أبطلت المحكمة العليا في البلد قانون العفو العام الذي صدر في عام 1995 ووفر حماية لضباط الجيش، إضافة إلى جهود مستمرة في مجال المناصرة والدعوة بذلتها جماعات حقوقية – من بينها لجنة حماية الصحفيين – إزاء لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان.

وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، كتبت غولنوزا سعيد، وهي منسقة برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في لجنة حماية الصحفيين، أن مقتل قائد مجموعة فاغنر الروسية للجنود المرتزقة في آب/ أغسطس بعد تحطم طائرة كان يستقلها وبعد مرور شهرين من توجه جنوده نحو موسكو، أثار الأمل بأن يتقدم الأفراد الذين تتوفر لديهم معلومات عن مقتل ثلاثة صحفيين روس في عام 2018 وتوضيح ما يعرفونه. وكان هؤلاء الصحفيون الثلاثة، وهم أورخان دزيمال، وكيريل رادتشينكو، وألكساندر راستورغوييف، قد قتلوا بالرصاص بعد ثلاثة أيام من وصولهم إلى جمهورية أفريقيا الوسطى لإجراء تحقيقات بشأن أنشطة مجموعة فاغنر في هذا البلد.

يمكن أن تكون الولاية القضائية العالمية وسيلة فعالة أيضاً، إذ تتيح للبلدان ملاحقة الجرائم ضد الإنسانية بصرف النظر عن مكان وقوعها. وتجري محاكمة حالياً في ألمانيا ضد باي لاو المتهم بالانتماء إلى فرقة الموت التي تدعى “جونغلرز” والتي قتلت الصحفي الغامبي ديدا هيدارا، وهو أول شخص يُتهم بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان أثناء الحكم الدكتاتوري للرئيس يحيى جامع، ويُحاكم خارج غامبيا.

ويمثل الضغط الدولي عاملاً آخر يمكن أن يدفع السلطات إلى إجراء تحقيقات بشأن جرائم قتل لم يُكشف عن مرتكبيها – حتى لو لم ينتج عن التحقيق ملاحقة قانونية. وقد وجد تقرير ’نمط فتاك‘ الذي أصدرته لجنة حماية الصحفيين حول الصحفيين الذين قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي أن الأرجحية أكبر بأن تحقق السلطات في مقتل الصحفيين الذين يحملون جوازات سفر أجنبية. وأشار التقرير إلى أن “الدرجة التي تحقق فيها إسرائيل، أو تزعم بأنها تحقق فيها، بشأن مقتل الصحفيين تبدو مرتبطة بالضغوط الخارجية”.

وقد وفرت قضية سافيدرا ومضة أمل، إلا أنها أكدت أيضاً على أن طريق العدالة يمكن أن يكون طويلاً ووعراً – كما أنه لا يصل إلى أي نهاية بالنسبة للغالبية العظمى من الصحفيين القتلى.

البلدان الواردة في المؤشر العالمي للإفلات من العقاب الذي تعده لجنة حماية الصحفيين

1) سوريا

قُتل في سوريا أربعة عشر صحفياً وبإفلات تام من العقاب خلال الفترة التي يغطيها المؤشر لعام 2023. وقد قُتل عشرة منهم بين عامي 2013 و 2016 حينما توسعت الثورة ضد نظام الرئيس بشار الأسد لتصبح حرباً كاملة الأركان تورطت فيها قوى إقليمية ودولية، وحينما بدأ تنظيم الدولة الإسلامية بالسيطرة على مناطق في سوريا.  ويُعتقد أن تنظيم الدولة الإسلامية قتل ثمانية من الصحفيين العشرة الذين لقوا حتفهم بين عامي 2013 و 2016. وقد تراجعت حدة القتال منذ استعادت القوات الحكومية السيطرة على معظم أجزاء البلد، بيد أن الإعلام السوري تلقى ضربة كبيرة من جراء فرار عدد كبير من الصحفيين إلى خارج البلد وإذ تواصل السلطات العسكرية مضايقة الصحفيين أو تهديدهم أو احتجازهم.

2) الصومال

كانت الصومال تحتل المرتبة الأولى على المؤشر على امتداد السنوات الثماني الماضية، وقد تراجعت لتصبح خلف سوريا في مؤشر عام 2023. ولا يمثل هذا التراجع إلى المرتبة الثانية تحسناً في سجل الصومال في مجال الإفلات من العقاب، بل هو ناشئ عن أسلوب حساب حالات قتل الصحفيين: فثلاثة من الصحفيين الأربعة الذين قتلوا في عام 2013 لقوا حتفهم قبل 1 أيلول/ سبتمبر من ذلك العام، مما يعني أن حالاتهم باتت خارج مدة مؤشر السنة الحالية. ويُعتقد أن معظم الصحفيين الـ 11 المشمولين في هذا المؤشر بين عامي 2013 و 2018 قُتلوا على يد حركة الشباب، وهي جماعة متمردة تسعى لإقامة دولة إسلامية في الصومال. وتظل الصومال غير مستقرة وسط الهجمات المتجددة ضد حركة الشباب. وتظل التغطية الصحفية لهذه الجماعة المتمردة أمراً خطيراً، وحتى فتاكاً، على الصحفيين. وتتعرض وسائل الإعلام لإعاقة كبيرة في تغطيتها الصحفية إذ يظل الصحفيون يتعرضون لاعتقالات وتهديدات ومضايقات.

3) هايتي

يأتي شمول هايتي في هذا المؤشر إثر وقوع ست جرائم قتل ضد صحفيين منذ عام 2019 ودون الكشف عن مرتكبيها. وقد قُتل خمسة منهم في عامي 2022 و 2023، وهم من بين مئات الهايتيين الذين قتلوا على يد العصابات الإجرامية التي فرضت سيطرتها على أجزاء واسعة من البلد، وذلك في الوقت الذي يكافح فيه البلد للتعامل مع أزمة اقتصادية تفاقمت من جراء وقوع سلسلة من الكوارث الطبيعية، إضافة إلى الفراغ السياسي الذي اعقب اغتيال الرئيس جوفينيل مويس في عام 2021. وتعرّض صحفيون هايتيون أيضاً للاختطاف وأجبروا على الفرار من منازلهم وسط مخاوف من أن عملهم سيعرضهم لخطر أكبر بالمقارنة مع سائر المدنيين. (اقرأ المزيد عن الظروف في هايتي هنا.)

4) جنوب السودان

قُتل خمسة صحفيين في جنوب السودان وذلك عندما قام مسلحون مجهولون بنصب كمين لموكب عسكري في ولاية غرب بحر الغزال في 25 كانون الثاني/ يناير 2015. وقد ظلت وسائل الإعلام في جنوب السودان تتعرض لضغوط منذ مدة طويلة في هذا البلد المبتلى بحرب أهلية وانتهاكات لحقوق الإنسان منذ استقلاله في عام 2011. وقد وثقت لجنة حماية الصحفيين في السنوات الأخيرة حالات عديدة من المضايقات والاحتجاز والسجن إضافة إلى مقتل مراسل صحفي حربي في تقاطع لإطلاق النيران.

5) أفغانستان

أعلن تنظيم الدولة الإسلامية عن مسؤوليته عن مقتل 13 صحفياً من الصحفيين الـ 18 الذين لقوا حتفهم في أفغانستان خلال العقد الأخير. وقد قُتل عشرة صحفيين في عام 2018 لوحده، كان منهم تسعة صحفيين قتلوا في اعتداء بتفجيرين انتحاريين مزدوجين وقعا في كابول في 30 نيسان/ أبريل من العام الجاري، وقتل صحفي واحد بالرصاص قبل أسبوع من ذلك في قندهار. وفيما يبدو أن الاستهداف الفتاك للصحفيين قد تباطأ منذ عودة حركة طالبان للسلطة في عام 2021، إلا أن عدداً كبيراً من الصحفيين فروا من البلد من جراء تصاعد القمع مما تسبب بتدهور المشهد الإعلامي الحيوي في البلد.

6) العراق

لم توثق لجنة حماية الصحفيين أي حالة لقتل صحفيين بسبب عملهم في العراق منذ عام 2017. وكان 14 صحفياً من الصحفيين الـ 17 المسجلين في قاعدة بيانات لجنة حماية الصحفيين قد قتلوا في عامي 2013 و 2015 وسط تصاعد العنف الطائفي. وبينما تراجعت حدة العنف، تتواصل القيود على الصحافة والتهديدات ضد الصحفيين، خصوصاً في منطقة كردستان العراق.

7) المكسيك

تراجعت حالات قتل الصحفيين في المكسيك مقارنة مع العدد الكبير الذي بلغته في العام الماضي، لكن البلد يظل أحد أكثر الأماكن خطورة للصحفيين في العالم. ويُعتقد أن 17 صحفياً من الصحفيين الـ 23 الذين قُتلوا أثناء فترة المؤشر لقوا حتفهم على يد منظمات إجرامية. ووجدت لجنة حماية الصحفيين أن المستوى المرتفع من العنف ضد الصحفيين يمكن أن يُعزا جزئياً إلى تقاعس الدولة والسلطات الفدرالية عن جعل بيئة العمل أكثر أمناً للصحفيين، أو حتى النظر بجدية إلى الجرائم المرتكبة ضد الصحافة.

8) الفلبين

تظل الفلبين مكاناً خطراً لعمل المراسلين الصحفيين، خصوصاً للصحفيين الإذاعيين. وبينما تبنى الرئيس فرديناند ماركوس الابن نهجاً أكثر تصالحاً إزاء الإعلام منذ استلامه زمام السلطة في حزيران/ يونيو 2022، أوردت لجنة حماية الصحفيين أن الرقابة الذاتية مستمرة وأن تغيير اللهجة التي اعتمدها الرئيس لم تترافق حتى الآن مع إجراءات ملموسة لتصويب الأضرار التي لحقت بحرية الصحافة أثناء إدارة الرئيس رودريغو دوتيرتي. قُتل في الفلبين عشرين صحفياً منذ سبتمبر/ أيلول 2023؛ وقتل ثلاثة صحفيين منذ استلام الرئيس الجديد زمام السلطة.

9) ميانمار

ظل عدد الصحفيين الذين قُتلوا في ميانمار ولم يكشف عن قاتليهم خمسة صحفيين، ولم تُسجل أي حالة في هذا العام. وقد دخل البلد في المؤشر للمرة الأولى في عام 2022، وهو العام نفسه الذي قامت فيه الطغمة العسكرية الحاكمة بسجن عشرات الصحفيين، واستخدمت قوانين فضفاضة بشأن مناهضة الدولة لقمع التغطية الصحفية المستقلة في أعقاب الانقلاب العسكري الذي جرى في شباط/ فبراير 2021.

10) البرازيل

تعمل البرازيل على إعادة تأسيس علاقات جيدة مع الإعلام بعد فوز الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا على منافسه اليمني جائير بولسونارو في عام 2022، وقد أقرت الحكومة إجراءات من قبيل تأسيس ’مرصد العنف ضد الصحفيين‘ في وقت سابق من هذا العام. ولم يُسجل قتل أي صحفي في عام 2023، بيد أن قتلة الصحفيين الـ 11 الذين لقوا حتفهم أثناء فترة هذا المؤشر – ويُعتقد على نطاق واسع بأن القتلة ينتمون إلى العصابات الإجرامية – ظلوا دون عقاب. وقد قُتل في عام 2022 الصحفي البريطاني دوم فيلبس والخبير في قضايا الشعوب الأصلية، بورنو بيريرا في منطقة الأمازون، مما يؤكد على الأخطار التي يواجهها المراسلون المعنيون بشؤون البيئة في المنطقة.

11) باكستان

باكستان هي من البلدان التي ظلت تظهر على المؤشر منذ انطلاقه، وقد سُجل فيها مقتل ثمانية صحفيين وبإفلات تام للجناة من العقاب خلال فترة مؤشر هذا العام. ويُعتقد أن أربعة منهم قُتلوا على يد جماعات إجرامية، فيما قُتل اثنان على يد جماعات سياسية. وكانت لجنة حماية الصحفيين قد وثقت انتهاكات عديدة ضد حرية الصحافة في البلد بعد الإطاحة برئيس الوزراء السابق عمران خان في نيسان/ أبريل 2022.

12) الهند

ظلت الهند أيضاً تظهر على مؤشر الإفلات من العقاب في كل سنة منذ أطلقته لجنة حماية الصحفيين في عام 2008. ويُعتقد أن غالبية الصحفيين الـ 19 الذين قُتلوا منذ أيلول/ سبتمبر 2013 لقوا حتفهم على يد جماعات إجرامية بسبب تغطيتهم الصحفية حول موضوعات تتراوح ما بين القضايا البيئية إلى السياسات المحلية، بيد أن الصحفيين يواجهون ضغوطات متزايدة خلال المرحلة التي تسبق الانتخابات التي ستجري في البلد في عام 2024. وإضافة إلى عمليات الاحتجاز، ومداهمات الشرطة، وحجب المواقع الإلكترونية الإخبارية، تستخدم السلطات قوانين مكافحة الإرهاب لقمع وسائل الإعلام.

المنهجية

يَحسُب مؤشر لجنة حماية الصحفيين العالمي للإفلات من العقاب عدد حالات قتل الصحفيين التي لم يُكشف عن مرتكبيها كنسبة من عدد سكان كل بلد. ولغرض إعداد المؤشر، بحثتْ لجنة حماية الصحفيين في حالات قتل الصحفيين التي حدثت ما بين 1 سبتمبر/أيلول 2013 إلى 31 أغسطس/آب 2023 والتي لم يُكشف عن مرتكبيها. ولا يتضمن المؤشر سوى البلدان التي شهدت خمس جرائم قتل لم يُكشف عن مرتكبيها أو أكثر. وتُعرِّف لجنة حماية الصحفيين جريمة القتل بأنها القتل المتعمد ضد صحفي معين على خلفية عمله في الصحافة، سواء أكانت الجريمة عن نية مسبقة أم وليدة لحظتها. ولا يتضمن هذا المؤشر حالات قتل الصحفيين أثناء الأعمال الحربية أو حالات الوفاة التي تحدث أثناء أداء مهمات خطرة مثل تغطية الاحتجاجات في الشوارع التي تتحول إلى العنف. وتُعتبَر الحالات بأنها لم تُحل عندما لا يتم الوصول إلى حكم إدانة ضد مرتكبي الجريمة، حتى لو تم تحديد المشتبه بهم واعتقالهم. أما الحالات التي يُدان فيها بعض مرتكبي الجريمة، ولكن ليس كلهم، فتُصنَّف بأنها إفلات جزئي من العقاب. كما تُصنف الحالات التي يُقتل فيها المشتبه بهم أثناء القبض عليهم بأنها إفلات جزئي من العقاب أيضاً. ويقتصر المؤشر على جرائم القتل التي تمت بإفلات كامل من العقاب، ولا يتضمن الحالات التي تحققت فيها العدالة بصفة جزئية. وقد استَخدَمت لجنة حماية الصحفيين في حساباتها لتصنيف الدول، بيانات السكان الواردة في مؤشرات التنمية في العالم للعام 2022 التي أصدرها البنك الدولي، بالرجوع إليها في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

Exit mobile version