الاعتداءات على الصحافة في العام 2009 : مصر

أهم التطورات

>     الحكومة من بين أسوأ القامعين لحرية التعبير على شبكة الإنترنت في المنطقة.

>     تغريم عدة محررين على خلفية تغطيتهم المتعلقة برئيس الدولة وغير ذلك من المواضيع الحساسة.        

أرقام مهمة

3 من صحفيي الإنترنت كانو محتجزين قبل تاريخ 1 كانون الأول/ ديسمبر 2009.

اتبعت السلطات في مصر أساليب مألوفة للسيطرة على وسائل الإعلام كاللجوء إلى رفع الدعاوى القضائية المسيسة أمام المحاكم وفرض الغرامات واستخدام الأدوات التنظيمية ومضايقة الصحفيين. وبظهور مجتمع مزدهر من المدونين الصحفيين في مصر تحركت السلطات بقوة لرصد النشاط الجاري على شبكة الإنترنت والسيطرة عليه. وكان هناك ما لا يقل عن ثلاثة من صحفيي الإنترنت قابعين في السجن عندما أجرت لجنة حماية الصحفيين في الأول من كانون الأول/ ديسمبر تعدادها السنوي للصحفيين السجناء.

أمر قاض في القاهرة في شهر شباط/ فبراير خمسة صحفيين بدفع غرامة لمخالفتهم أمراً قضائياً يحظر التغطية الإخبارية لمحاكمة رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى والتي انتهت بإدانته بقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم. وحسبما ذكرت التقارير الصحفية فإن الغرامات التي بلغت 10,000 جنيه مصري (1,803 دولار أمريكي) صدرت بحق المحرر مجدي الجلاد والصحفيين يسري البدري وفاروق الدسوقي من صحيفة “المصري اليوم” المستقلة، والمحرر عباس الطرابيلي والمراسل إبراهيم قراعة من صحيفة “الوفد” المعارضة. وقد أخبر سيد أبو زيد، محامي نقابة الصحفيين المصريين، لجنة حماية الصحفيين أن اتهامات مماثلة وجهت لصحيفتي “الأهرام” و “أخبار اليوم” المملوكتين للدولة بيد أنها أسقطت لاحقاً.

ووفقاً لتقارير إخبارية، أبطلت محكمة الاستئناف في القاهرة في شهر شباط/ فبراير حكماً بسجن أربعة محررين لمدة عام بعد محاكمة حظيت بتغطية إعلامية كبيرة، ولكن المحكمة أيدت فرض غرامة مالية قدرها 20,000 جنيه مصري (3,540 دولاراً أمريكياً) على كل واحد منهم. وكان المحررون الأربعة قد اتهموا في عام 2007 بنشر “معلومات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام” وذلك على خلفية مقالات إخبارية أثارت تساؤلات حول صحة الرئيس المصري حسني مبارك في وقت كان بعيداً فيه عن المشهد العام. وقد صدرت الغرامات بحق إبراهيم عيسى من صحيفة “الدستور” اليومية، وعادل حمودة من أسبوعية “الفجر”، ووائل الأبراشي من أسبوعية “صوت الأمة”، وعبد الحليم قنديل من أسبوعية “الكرامة”.

واستناداً إلى الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، صدرت براءة نادر جوهر، المدير الإداري لشركة أخبار القاهرة التي تقدم خدمات إنتاج لوسائل إعلامية كقناة “الجزيرة” ومحطة “بي بي سي”، في محاكمة مسيسة بعد اتهامه بتشغيل معدات بث من دون ترخيص. وقد أظهر بحث أجرته لجنة حماية الصحفيين أن المحاكمة قد أقيمت حسبما كان يُعتقد بسبب تغطية قناة الجزيرة، وهي أحد زبائن الشركة، للاحتجاجات العمالية التي وقعت في المدينة الصناعية الشمالية، مدينة المحلة الكبرى، في عام 2008، حيث تضمنت اللقطات المأخوذة من المظاهرة الاحتجاجية قيام المحتجين بتمزيق صورة الرئيس مبارك. وكما علمت لجنة حماية الصحفيين من محامي الدفاع خالد الديب، فقد صدرت براءة نادر جوهر بقرار من محكمة الاستئناف في عام 2009 وذلك بعد تغريمه في عام 2008.

وبسبب الضغوط القانونية والمالية التي تواجه وسائل الإعلام التقليدية، لجأ مراسلون مصريون كُثر إلى استخدام أدوات إعلامية جديدة كالمدونات وموقع يوتيوب لتبادل ملفات الفيديو وموقع التدوين المصغر تويتر. وفي المقابل، أخذت الحكومة ترصد بحزم المعلومات على شبكة الإنترنت وتضايق المدونين، حسبما أظهر تقرير خاص أصدرته لجنة حماية الصحفيين في أيلول/ سبتمبر وحمل عنوان “المدونون في الشرق الأوسط: نبض الشارع يدخل إلى شبكة الإنترنت”. ولقد وصفت لجنة حماية الصحفيين مصر كواحدة من أشد بلدان المنطقة تضييقاً على حرية المعلومات على شبكة الإنترنت، حيث استخدمت السلطات المصرية أدوات قمع ليست بالجديدة مثل قانون الصحافة وقانون العقوبات وقانون الطوارئ، وهي قوانين تجرم التغطية الإعلامية التي تعتبرها الحكومة “كاذبة” أو ضد “المصلحة الوطنية”. وتتراوح العقوبات من خمس سنوات في السجن كحد أقصى إلى فرض غرامة تصل إلى 30,000 جنيه مصري (5,220 دولاراً أمريكياً).

كما اعتمدت السلطات المصرية أيضاً على الهيئات المنظمة لشبكة الإنترنت كمديرية مكافحة جرائم الحاسب الآلي وشبكة المعلومات.  وفي هذا الصدد، يشير المدون المصري مصطفى النجار إلى إن المديرية قد انخرطت في “ملاحقة المدونين ونشطاء الإنترنت، واختراق حساباتهم الشخصية واستغلال ما يكتبون كدليل إدانة ضدهم”.

ووفقا لمبادرة الشبكة المفتوحة، وهي شراكة أكاديمية تعنى بدراسة الرقابة على شبكة الإنترنت، فإن حركة المعلومات على شبكة الإنترنت في مصر تمر عبر خوادم تسيطر عليها الدولة مما يسهل مراقبة المحتوى. ويقول المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد إن المعلومات التي تُجمع أثناء مراقبة حركة مرور البيانات الرقمية تجري مشاطرتها بين أجهزة الدولة بانتظام حيث تُستخدم في تحديد أهداف لغرض اتخاذ إجراءات قانونية بحقها. وتقول المدونة نورة يونس في حديثها لبرنامج وورلد فوكوس وهو برنامج أمريكي يُبث على شبكة الإنترنت: “أنت تعرف بأنهم يراقبونك، وأنهم يتنصتون على مكالماتك. فالحكومة تتكيف مع التكنولوجيا، حتى إنه أصبح لدينا الآن قسم جديد في جهاز الشرطة يطلق عليه شرطة الإنترنت. وهم يقولون إنهم يلاحقون [الاحتيال والسرقة] على شبكة الإنترنت ولكنهم في حقيقة الأمر هم الذين يتعاملون مع المدونين”.

وفي شهر شباط/ فبراير، قام عناصر أمن الدولة بإلقاء القبض على المدون ضياء جاد وعزله عن العالم الخارجي بعد أن انتقد في كتاباته إغلاق حدود مصر مع قطاع غزة والقيود المفروضة على المساعدات الإنسانية، وفقاً لما أفادته تقارير منظمة العفو الدولية ومنظمات أخرى معنية بحقوق الإنسان. وفي الشهر التالي لاعتقاله وبعد أن أثارت قضيته احتجاجاً دولياً، أُفرج عن ضياء دون توجيه اتهامات له. وكان هناك غير ضياء ثلاثة مدونين آخرين ولكنهم لم يكونوا محظوظين مثله.

كان مسعد سليمان، والمعروف على شبكة الإنترنت باسم مسعد أبو فجر، قيد الاحتجاز في أواخر 2009 على الرغم من تبرئته في شباط/ فبراير 2008 من تهم ملفقة بمعاداة الدولة. وقد صدر ما لا يقل عن 13 أمراً قضائياً يقضي بالإفراج عن الصحفي أبو فجر. ولكن وزارة الداخلية كانت تستخدم قانون الطوارئ كوسيلة للالتفاف على هذه الأوامر. فحالما كان يصدر أمر بإخلاء سبيل أبو فجر، كانت الوزارة تصدر أمراً إدارياً جديداً يقضي بمواصلة احتجازه. وتتيح أحكام قانون الطوارئ للحكومة استخدام هذه الإستراتيجية عدداً غير محدد من المرات. وكان مسعد سليمان يتناول في مدونته “ودنا نعيش” القضايا الاجتماعية والسياسية المؤثرة في المجتمع البدوي في سيناء.

أما المدون هاني نظير عزيز، الذي كان يكتب عن قضايا الأقلية القبطية وجهاز أمن الدولة والمسؤولين الدينيين المحليين، فكان لا يزال قيد الاحتجاز في أواخر عام 2009 بموجب قانون الطوارئ. وأفاد محامو الدفاع بإنهم منعوا من زيارته في عدة مناسبات، وبإن موكلهم قد عومل معاملةً سيئةً داخل السجن. وإضافة إلى ذلك، قام طرف ثالث مجهول بحذف جميع المواد المنشورة في مدونة هاني عزيز.

يقضي عبد الكريم سليمان، المعروف على شبكة الإنترنت باسم كريم عامر، حكماً بالسجن لمدة أربع سنوات بعد أن أدانته محكمة في الإسكندرية في شباط/ فبراير 2007 بتهمة إهانة الإسلام والرئيس حسني مبارك. ويُظهر بحث لجنة حماية الصحفيين بإن هذا الحكم كان الأول من نوعه الذي يدين مدوناً مصرياً صراحةً بسبب كتاباته. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، أفادت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ومركز هشام مبارك للقانون بتعرض عبد الكريم إلى الضرب المبرح على يد سجين آخر وأحد حراس السجن.

وكان صحفيون آخرون ناشطون على شبكة الإنترنت يتعرضون لمضايقات أيضاً. فقد احتُجز وائل عباس، وهو مدون ذو شعبية وحائز على عدة جوائز، لفترة وجيزة في مطار القاهرة في شهر حزيران/ يونيو وهو عائد من رحلة إلى السويد، حيث صودر جواز سفره وحاسوبه المحمول وتم إخباره بأن “اسمه يرد على قائمة تابعة لجهاز أمن الدولة”. وأخذ وائل عباس يتعرض لمضايقات مستمرة من مسؤولي الحكومة بعد أن نشر في مدونته في عام 2006 لقطات مصورة تُظهر وحشية الشرطة. وفي الأسبوع نفسه، ذكرت صحيفة “ديلي نيوز” أن السلطات اعتقلت ثلاثة مدونين آخرين لفترة وجيزة ولم توجه لهم أي اتهامات وهم: مجدي سعد وعبد الرحمن عياش العضوان في جماعة الإخوان المسلمين المعارضة المحظورة، وأحمد أبو خليل.

كما واصلت الصراعات المهنية عرقلة حرية الصحافة. ففي تشرين الأول/ أكتوبر، بحثت نقابة الصحفيين المصريين مسألة طرد هالة مصطفى رئيسة تحرير مجلة “الديمقراطية” الفصلية عقب اجتماعها مع السفير الإسرائيلي شالوم كوهين في القاهرة، وذلك حسبما أفادت تقارير صحفية دولية. ويقول رئيس تحرير صحيفة “القاهرة” الأسبوعية الثقافية صلاح عيسى في معرض حديثه لوكالة أنباء أسوشيتد برس إن العديد من كبار الصحفيين يعتبرون قيام نقابة الصحفيين المصريين بحظر السفر إلى اسرائيل أو الالتقاء بالإسرائيليين “كسلاح تشهره النقابة” من أجل السيطرة على أنشطة أعضائها. وكانت القضية لا تزال قيد النظر في أواخر عام 2009.

أما الصحفيون الأجانب فهم أيضاً من ضمن المستهدفين، إذ منعت السلطات في شهر تشرين الأول/ أكتوبر المراسل السويدي المستقل بير بجوركلوند من دخول البلاد مدعيةً بأنه كان يخطط لتنظيم مظاهرة احتجاجية موالية للفلسطينيين، وذلك وفقاً لما ذكرته تقارير إخبارية. وقد نفى بجوركلوند أي نية للتخطيط لإقامة احتجاج أو المشاركة فيه. وقد أشارت التقارير الإخبارية أن منع بجوركلوند من دخول البلاد قد تم بدافع تغطيته الواسعة لقضايا العمالة المصرية.