الإفلات بأفدح الأفعال

مؤشر الإفلات من العقاب لعام 2014 الذي تصدره لجنة حماية الصحفيين يسلط الضوء على البلدان التي يُقتل فيها الصحفيون فيما يظل القتلة أحراراً طلقاء.

صورة التقطتها شبكة شام الإخبارية، وهي منظمة إخبارية يقودها مواطنون تعمل من دمشق، ويظهر في الصورة مباني مدمرة من جراء القصف العنيف. (وكالة أسوشيتد برس/ شبكة شام الإخبارية)
صورة التقطتها شبكة شام الإخبارية، وهي منظمة إخبارية يقودها مواطنون تعمل من دمشق، ويظهر في الصورة مباني مدمرة من جراء القصف العنيف. (وكالة أسوشيتد برس/ شبكة شام الإخبارية)

بقلم إيليزابيث ويتشيل/ مستشارة لحملة لجنة حماية الصحفيين لمكافحة الإفلات من العقاب

صدر في: 16 أبريل/ نيسان 2014

نيويورك

انضمت سوريا إلى قائمة البلدان التي من المرجح أن تمر جرائم قتل الصحفيين فيها بلا عقاب، بينما ظل كل من العراق والصومال والفلبين مرة أخرى أسوأ البلدان من حيث إفلات الجناة من العقاب، وفقاً لما توصلت إليه لجنة حماية الصحفيين على ضوء آخر تحديث لمؤشرها للإفلات من العقاب. إضافة إلى ذلك، شكلت الأنباء الطيبة عن صدور إدانات في أربع دول بصيص أمل على هذا الصعيد.

يُظهر احتلال سوريا للمركز الخامس على قائمة المؤشر تصاعد أعداد الصحفيين المستهدفين بالقتل هناك، مما يشكل تهديداً جديداً للصحفيين العاملين في هذا البلد. وتحتل سوريا أصلاً موقع البلد الأخطر في العالم بالنسبة للصحفيين، نظراً للأعداد غير المسبوقة من حالات الاختطاف والمعدلات العالية لسقوط القتلى في المعارك وتقاطع النيران.

وكان تجدد العنف في العراق والصومال والفلبين، إضافة إلى الإخفاق في إحالة حالات [القتل] السابقة إلى القضاء، عاملاً في إبقاء هذه البلدان في خانة أسوأ ثلاث دول حسب المؤشر. ويحتل العراق، الذي بلغت نسبة الإفلات من العقاب فيه 100 بالمائة في 100 حالة قتل، المركز الأول في الإفلات من العقاب، وهو مركز احتفظ به منذ أن بروز هذا المؤشر إلى حيز الوجود عام 2008. وكان الصحفيون العراقيون، الذين استُهدفوا بأعداد حطمت الأرقام القياسية السابقة منذ الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، قد شهدوا فترة هدوء سنة 2012، وهي أول سنة تمر دون أن يُقتل فيها صحفي واحد بسبب عمله. غير أن عودة جماعات مسلحة إلى ممارسة نشاطها في أنحاء مختلفة من البلاد أدى إلى تزايد حالات مقتل الصحفيين العام الماضي حيث وصلت إلى 10 حالات -تسعة منها جرائم قتل.

احتلت الصومال المركز الثاني كأسوأ دولة على مؤشر الإفلات من العقاب، وذلك للسنة الرابعة على التوالي. وقد وقعت أربع جرائم قتل جديدة عام 2013 لتزيد من خطورة الشواغل الخطيرة أصلاً بشأن أعداد الصحفيين الذين قُتلوا انتقاماً منهم لقيامهم بعملهم. لقد أرهبت جماعات متمردة مسلحة مراوغة وسائل الإعلام واستطاعت البقاء خارج نطاق سيطرة مؤسسات القانون والنظام التي تعتريها الهشاشة في هذا البلد، ولكن السلطات أخفقت في إجراء التحقيق المناسب في الهجمات بواسطة مصادر أخرى، حسب أبحاث قامت بها لجنة حماية الصحفيين.

وبالنسبة لإصدار هذا العام من مؤشر الإفلات من العقاب، الذي يحسب عدد حالات قتل الصحفيين التي لم تُحل كنسبة من عدد سكان الدولة، قامت لجنة حماية الصحفيين بدراسة حالات قتل الصحفيين في كل بلد من بلدان العالم منذ عام 2004 وحتى عام 2013. وتعتبر الحالات بأنها لم تُحل عندما لا يُدان مرتكبوها. ويتم إدراج الدولة على قائمة المؤشر إذا بلغ عدد حالات القتل التي لم يحل لغزها فيها إلى خمس حالات فما فوق. وقد انطبق هذا المعيار على 13 بلداً هذه السنة، مقابل 12 بلداً في العام الماضي.

وفي تطور إيجابي، أُدين قتلة صحفيين في أربع بلدان موجودة على مؤشر اللجنة- غير أنه لم يجرِ إلا في حالة واحدة القبض على من أصدروا أوامر القتل ولا محاكمتهم، بشكل يحاكي النمط السائد عالمياً. ففي الفلبين صدر حكم بالسجن مدى الحياة على مطلق النار على الصحفي الإذاعي جيراردو أورتيغا. ولكن هذا التطور لم يحدث أي تغيير على مرتبة الفلبين ضمن المؤشر والتي بقيت ثابتة على المركز الثالث منذ عام 2010؛ والسبب في ذلك هو أن العدالة لم تطل بعد قتلة 51 صحفياً في الفلبين. وفي باكستان، تحطم سجل الإفلات شبه التام من العقاب عندما أدانت المحاكم ستة متهمين (على الرغم من أن اثنين منهم لا يزالا طليقين) بقتل الصحفي والي خان بابار عام 2011. وفي روسيا، حكمت المحكمة على رجل أعمال روسي بالسجن سبعة أعوام بتهمة التحريض على قتل الصحفي إيغور دومنيكوف عام 2000. أما في البرازيل فقد أدانت المحاكم الجناة في ثلاث جرائم قتل -وكان من ضمن المدانين في إحدى الجرائم العقل المدبر، فيما تبقى العقول المدبرة التي وقفت وراء بقية الجرائم حرة طليقة.

صحفيون يتظاهرون بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمقتل الصحفية ريجينا مارتينيز بيريز. الاعتداءات ضد الصحافة شائعة جداً في المكسيك، مما دفع السلطات إلى إقرار قانون يخوّل الحكومة الاتحادية ملاحقة الجرائم التي تستهدف الصحفيين. (أسوشيتد برس/ فيليكس ماركيز)
صحفيون يتظاهرون بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمقتل الصحفية ريجينا مارتينيز بيريز. الاعتداءات ضد الصحافة شائعة جداً في المكسيك، مما دفع السلطات إلى إقرار قانون يخوّل الحكومة الاتحادية ملاحقة الجرائم التي تستهدف الصحفيين. (أسوشيتد برس/ فيليكس ماركيز)

وفي المكسيك، التي تحتل المركز السابع على القائمة، وافق نواب البرلمان في أبريل/ نيسان 2013 على تشريع يؤيد سن قانون لإجراء تعديل دستوري يمنح السلطات الاتحادية ولاية قضائية لمحاكمة الجرائم التي تقع بحق الصحفيين. وعلى الرغم من أن المراقبين يرون في هذا التشريع خطوة مهمة نحو تعزيز حرية الصحافة، إلا أنه لم يتم إحراز أي تقدم على صعيد 16 قضية قتل لم تفك رموزها بعد في المكسيك.

أما كولومبيا، فقد تحسن ترتيبها تحسناً كبيراً، وذلك بسبب انخفاض عدد حالات قتل الصحفيين في السنوات الأخيرة، علماً بأنه لم تتم إدانة أي شخص بقتل صحفي منذ عام 2009. وعلى الرغم من اتخاذ كولومبيا تدابير أمنية لحماية الصحفيين المهددين، إلا أن الصحفيين أيضاً أجبروا في كثير من الحالات على ممارسة الرقابة الذاتية أو الرحيل عن أوطانهم.

ورغم أنه لم يتم إحراز أي تقدم واضح في أية قضية في كل من سريلانكا وأفغانستان، لم تسجل لجنة حماية الصحفيين أية حالات قتل جديدة في هذين البلدين من عام 2009 إلى عام 2013. أما نيجيريا فقد بقيت موجودة على قائمة المؤشر للسنة الثانية على التوالي وفي رصيدها خمس حالات قتل لم يتم حلها. وفي الهند، وقعت جريمتا قتل جديدتين خلال عام 2013 مما يرفع إلى سبعة مجمل عدد جرائم القتل التي لم يتم إحالتها إلى القضاء.

لقد دفع القلق الدولي المتزايد من غياب العدالة في الهجمات التي تستهدف الإعلام الأمم المتحدة إلى إيلاء المسألة اهتماماً شديداً السنة الماضية؛ حيث شرعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بتطبيق خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب، وهي عبارة عن إطار عمل تبنته في عام 2012. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً حول سلامة الصحفيين. ويدعو القرار الدول إلى العمل على تحقيق العدالة، ويحدد يوم 2 نوفمبر/ تشرين الثاني يوماً دولياً لإنهاء الإفلات من العقاب.

ومن بين النتائج التي برزت في مؤشر لجنة حماية الصحفيين للإفلات من العقاب لهذا العام، ما يلي:

  • 96 بالمائة من الضحايا هم من المراسلين المحليين، غالبيتهم كانوا يغطون أخبار السياسة والفساد والحرب في أوطانهم.
  • يشكل الإفلات من العقاب بيئة مناسبة لتفريخ العنف. فقد وقعت جرائم قتل جديدة خلال عام 2013 في ثماني دول تكرر ظهورها على المؤشر سنة تلو الأخرى.
  • تسبق عمليات القتل في غالبية الأحيان تهديدات؛ ففي ما لا يقل عن أربع جرائم قتل صحفيين من أصل 10 أبلغ الضحايا قبل مقتلهم عن تلقيهم تهديدات.
  • يهدف قتلة الصحفيين إلى إرسال رسالة رعب إلى الوسط الإعلامي الإخباري برمته؛ فنحو ثلث الصحفيين الذين قتلوا، تقريباً، أُخذوا رهائن أو عذبوا قبل مقتلهم.
  • هناك 10 دول من أصل 13 دولة تظهر كل سنة على قائمة مؤشر الإفلات من العقاب منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين بإجراء التحليل السنوي عام 2008، مما يؤكد على حجم التحديات التي تقف أمام القضاء على الإفلات من العقاب المتجذر.
  • تعتبر الجماعات السياسية، ومن ضمنها الفصائل المسلحة، الجاني المشتبه به في أكثر من 40 بالمائة من حالات القتل. ويُعتبر المسؤولون الحكوميون والعسكريون من أوائل المشتبه فيهم في 26 بالمائة من الحالات. أما نسبة الحالات التي تم فيها القبض على العقل المدبر ومحاكمته فقد كانت أقل من خمسة بالمائة.

للاطلاع على شرح مفصّل للمنهجية التي تتبعها لجنة حماية الصحفيين، اضغط هنا.

المؤشر

وفيما يلي البلدان الثلاثة عشر التي جرى فيها قتل خمسة صحفيين على الأقل دون إدانة جانٍ واحد فيها. يغطي المؤشر حالات القتل التي حُدثت بين السنة 2004 والسنة 2013.

1- العراق

قُتل في العراق خلال العقد الأخير من الزمن 100 صحفي وبلغت نسبة الإفلات من العقاب فيه 100 بالمائة، مما يجعله أسوأ الجناة بحق الصحفيين في العالم على مؤشر الإفلات من العقاب، وهي مكانة احتفظ بها منذ عام 2008، أي السنة التي جمعت فيها لجنة حماية الصحفيين البيانات لأول مؤشراتها. في أواخر عام 2013، وقعت تسع جرائم قتل جديدة في غمرة تمرد جماعات مسلحة، فكسرت هدوء سنتين على صعيد العنف الفتاك الذي يستهدف الصحافة. وقد قُتل ثلاثة من الضحايا، إضافة إلى اثنين من العاملين في الإعلام، في هجوم واحد ألقى خلاله مقاتلون مسلحون القنابل على محطة تلفزيون ‘صلاح الدين’ في تكريت ثم اقتحموها في 23 ديسمبر/ كانون الأول. وقد أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المرتبط بتنظيم القاعدة، مسؤوليته عن الهجوم واتهم المحطة التلفزيونية بالقتال ضد أهل السُّنة، وفقاً لتقارير الأنباء.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 3.067 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: احتل العراق المرتبة الأولى وبلغ تصنيفه 2.818

2- الصومال

تواجه الصحافة أخطاراً متزايدة أثناء التغطية الصحفية في الصومال. وهنا، يظهر صحفي ينتظر أثناء مهمة خارج القصر الرئاسي. (رويترز/ فيصل عمر)
تواجه الصحافة أخطاراً متزايدة أثناء التغطية الصحفية في الصومال. وهنا، يظهر صحفي ينتظر أثناء مهمة خارج القصر الرئاسي. (رويترز/ فيصل عمر)

ازداد تصنيف الصومال على المؤشر سوءاً للسنة السادسة على التوالي. وعلى الرغم من تراجع العنف ضد الصحافة بشكل طفيف عن مستواه القياسي لعام 2012، لا يزال الصحفيون يتعرضون للاستهداف بمستويات مفزعة نظراً لوقوع حالات قتل جديدة في عام 2013. وشملت هذه الحالات الصحفي الإذاعي محمد إبراهيم راغي. وقد أطلق مسلحون النار على محمد، المكنى “بالأمين”، أمام منزله في مقديشو. وكان الصحفي قد فر من الصومال عام 2009 ثم عاد إليه مؤخراً. وتعهد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد بالتصدي لهذا الوضع الرهيب الذي يعاني منه الصحفيون في الصومال، عن طريق تشكيل فرقة عمل خاصة، إلا أنه لم يتمخض عنها سوى القليل. ومن بين 27 قضية قتل ذهب ضحيتها صحفيون في الصومال منذ عام 2005، لم تصدر سوى إدانة واحدة حيث نفذت السلطات الإعدام بحق المشتبه به في مقتل الصحفي حسن يوسف أبسوج عام 2012. إلا أن عدم مراعاة الأصول القانونية في القضية دفعت بالكثيرين إلى النظر إلى هذا التطور بشيء من القلق.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 2.549 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة الثانية وبلغ تصنيفها 2.396

3- الفلبين

اعتُبرت إدانة المسلح الذي قتل الصحفي الاستقصائي الإذاعي جيراردو أورتيغا عام 2011، في الفلبين العام الماضي تطوراً مرحباً به، إلا أنه تأثيره كان ضئيلاً من حيث إحداث تغيير على حالة الإفلات من العقاب المتفشية في الفلبين، التي احتفظت بمركزها كثالث أسوأ بلد بالنسبة للصحفيين على المؤشر منذ عام 2010. ولا يزال الجناة مجهولين في أكثر من 50 جريمة قتل صحفيين وقعت خلال الفترة من 2004 و2013، مما يتناقض مع الزعم الذي صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 عن مكتب الرئيس بيننو أكينو الثالث بأنه “لم يعد هناك مكان للإفلات من العقاب” في الفلبين. ومن بين ضحايا هذه الجرائم 32 صحفياً ذُبحوا في بلدة أمباتوان، بإقليم مانداناو، عام 2009 والمصور الفوتوغرافي المستقل ماريو سي، وهو أحد ثلاثة صحفيين قُتلوا بالرصاص العام الماضي. وكانت النار قد أُطلقت على سي أمام زوجته وابنته عقب نشر سلسلة من الصور عن تهريب المخدرات.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.527 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة الثالثة وبلغ تصنيفها 0.580

4- سريلانكا

على الرغم من انتهاء الحرب الأهلية في سريلانكا منذ نحو خمس سنوات، لم تظهر حكومة الرئيس ماهيندا راجاباكاسا أية إرادة سياسية في التصدي لسجل الدولة في الإفلات التام من العقاب في تسع جرائم قتل طالت صحفيين أثناء فترة قيادته للبلاد، كرئيس للوزراء بادئ الأمر ومن ثم كرئيس للبلاد. ويشتبه في وقوف مسؤولين حكوميين وعسكريين وراء العديد من جرائم القتل، ومن ضمنها اغتيال رئيس التحرير البارز لاسانثا ويكراماتونغا، المعروف بتقاريره الناقدة، عام 2009، وكذلك قتل أياثوراي ناديسان، الذي يكتب بالاسم المستعار نيلاي ج ناديسان، قبل عشر سنوات. وكان ناديسان الحائز على جوائز قد هُدد قبل مقتله رداً على تقارير كتبها عن الجيش. ويعتبر الإفلات من العقاب في سريلانكا عاملاً رئيسياً وراء عيش أعداد كبيرة من الصحفيين في المنفى، حسبما كشفت عنه أبحاث أجرتها لجنة حماية الصحفيين.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.443 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة الرابعة وبلغ تصنيفها 0.431

5- سوريا

انضمت سوريا التي تمزقها الحرب إلى المؤشر للمرة الأولى هذا العام. شهدت سوريا مقتل أكثر من 60 صحفياً بسبب تقاطع نيران المعارك والمهمات الخطرة إضافة إلى عدد غير مسبوق من حالات الاختطاف، وكل ذلك جعل من سوريا البلد الأخطر في العالم على الإعلام. وجاءت جرائم القتل العمد لتضيف تهديداً جديداً مخيفاً إلى هذا المزيج من المخاطر. وفي عام 2012، استهدف بالقتل ما لا يقل عن سبعة صحفيين في سوريا، أفلت الجناة فيها جميعاُ من العقاب. وينتمي مرتكبو هذه الجرائم إلى كافة الأطراف- الجماعات المسلحة الإسلامية غير السورية، والثوار الذين استهدفوا الإعلام الموالي للحكومة، والقوات الموالية للرئيس بشار الأسد. ومن الضحايا مراسلون لمؤسسات إعلامية أسسها مواطنون، مثل عبد الكريم العقدة، المراسل الصحفي لشبكة شام الإخبارية، وهي مؤسسة إخبارية أسسها مواطنون سوريون نشرت عشرات الآلاف من التسجيلات المصورة التي توثق الأوضاع غير المستقرة منذ بدء الانتفاضة في مارس/ آذار 2011. وقد توفي العقدة إثر قيام قوات الأمن بإحراق منزله انتقاماً منه بسبب تغطيته لأخبار الاضطرابات.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.313 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: لم تكن سوريا مدرجةً على مؤشر عام 2013

6- أفغانستان

احتفظت أفغانستان بمركزها السادس على المؤشر. وقعت خلال العقد الذي يشمله مؤشر السنة الحالية خمسة عمليات قتل استهدفت صحفيين دون أن يتم تحميل أي جانٍ المسؤولية عن أي منها. وقد مرت أكثر من سبع سنوات دون أن يتعرض صحفي للقتل في أفغانستان، رغم تزايد العنف في عام 2014. كما أن أفغانستان واحدة من بلدان قليلة يزيد عدد الصحفيين القتلى الأجانب فيها عن الصحفيين المحليين.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.168 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة السادسة وبلغ تصنيفها 0.142

7- المكسيك

ظلت العدالة أمراً بعيد المنال للصحفيين المكسيكيين الذي تعرضوا لعنف لا يلين بسبب تقاريرهم عن الجريمة والفساد. تعرض خلال العقد الماضي ستة عشر صحفياً للقتل، هذا بالإضافة إلى صحفي آخر قُتل في عام 2014، فيما أفلت الجناة تماماً من العقاب فيها جميعاً. وكان الاستثناء الوحيد خلال هذه الفترة هو إقرار على تشريع في أبريل/ نيسان الماضي لتطبيق تعديل دستوري يمنح السلطات الاتحادية ولاية قضائية أوسع للمحاكمة عن الجرائم التي تستهدف الصحفيين. ويشرّع هذا القانون المساءلة على مستويات رفيعة من الحكومة الوطنية، متحاشياً المسؤولين عن إنفاذ القانون على مستوى الولايات حيث يزيد مستوى الفساد ويهبط مستوى الأداء. غير أن منتقدي القانون يقولون إن مكتب المدعي الخاص المكلف بالقيام بمثل هذه التحقيقات يتباطأ في ممارسة صلاحياته الجديدة. وجرت محاكمة فاشلة في قضية ريجينا مارتينيث بيريث، وتم إسقاط التهم عن أحد المسلحين المتورطين في محاولة الاغتيال التي وقعت عام 1977 وكانت تستهدف رئيس تحرير مجلة ‘زيتا’، خ. خيسوس بلانكورنيلاس، أجج المخاوف من أن إدارة الرئيس إنريكه بينيا نيتو ليست قادرة على كسر دائرة العنف والإفلات من العقاب في المكسيك.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.132 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة السابعة وبلغ تصنيفها 0.131

8- كولومبيا

انتقلت كولومبيا من المركز الخامس إلى المركز الثامن على مؤشر لجنة حماية الصحفيين. بيد أن هذا التقدم لم ينجم عن تحقيق العدالة- حيث لم تتم إدانة أي شخص بقتل صحفي منذ عام 2009، عندما تم الحكم على ثلاثة مسؤولين حكوميين بالتآمر عام 2003 لقتل المعلق الإذاعي الكولومبي خوسيه إميتيريو ريباس- وإنما نجم عن الهبوط العام في العنف القاتل الموجه ضد الصحفيين. وتلعب مشكلات، من قبيل زيادة عبء العمل على المدعين العامين والضعف في تبادل المعلومات وسوء التعامل مع الأدلة وارتكاب المسؤولين القضائيين للمخالفات، دوراً في تأخير التحقيقات الجنائية لسنوات، مما يتسبب في حالة من اليأس لدى كثير من العائلات مع اقتراب موعد سقوط الدعاوى بالتقادم البالغة 20 عاماً. يشكل الإخفاق في البت قضائياً في الدعاوى تهديداً للتحسن الأمني الهش في البلاد. وقد كسر مقتل أديسون ألبيرتو مولينا عام 2013 فترة من الانقطاع على صعيد قتل الصحفيين دامت ثلاث سنوات. وقد أُردي مولينا بالرصاص بينما كان يتجه إلى بيته عائداً من عمله في محطة الإذاعة. وكان مولينا -الذي غالباً ما حمّل مسؤولين حكوميين مسؤولية الفساد في برنامجه الإذاعي- قد تلقى قبل أسبوع من مقتله كيساً بلاستيكياً مملوءاً بقاذورات سوداء وعظام مجهولة.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.126 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة الخامسة وبلغ تصنيفها 0.171

9- باكستان

تظاهَرَ الصحفيون الباكستانيون احتجاجاً على مقتل زمليهم في يناير/كانون الثاني 2012. (أسوشيتد برس/ محمد سَجّاد)
تظاهَرَ الصحفيون الباكستانيون احتجاجاً على مقتل زمليهم في يناير/كانون الثاني 2012. (أسوشيتد برس/ محمد سَجّاد)

شهدت باكستان تحسناً متواضعاً على مؤشر هذا العام، كان وراءه صدور إدانات مؤخراً بحق ستة رجال بتهمة اغتيال الصحفي والي خان بابار. بيد أنه لا يزال أمام العدالة شوط بعيد قبل أن تأخذ مجراها بالكامل، حيث لا يزال اثنان من المدانين طليقان ولم يتم رسمياً معرفة العقل المدبر للجريمة. لقد شكلت هذه القضية، التي رُبحت بشق الأنفس – فقد قُتل أيضاً ما لا يقل عن خمسة أشخاص على صلة بالقضية، من بينهم شهود ومخبرين معلومات ومحققين- منعطفاً خطيراً إذ فتحت الباب أمام محاكمات محتملة في قضايا قتل لم يتم كشف الجناة فيها. وقد ذكر رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف لبعثة لجنة حماية الصحفيين التي زارت باكستان في آذار/ مارس 2014 أنه سينظر في تطبيق مجموعة كبيرة من الإجراءات ترتكز على الدروس المستفادة من قضية بابار، من ضمنها نقل المحاكمة إلى مواقع أكثر أمناً وتعيين مدعٍ خاص لضمان تحقيق العدالة في أكثر من 20 جريمة قتل صحفيين سجلتها لجنة حماية الصحفيين خلال العقد الماضي. وفي الوقت الراهن، لا يزال مرتكبي الهجمات العنيفة بحق الصحفيين، وهم أطراف تتراوح ما بين جماعات مسلحة محظورة كطالبان وجماعات سياسية، يستغلون العنف غير المسيطر عليه ضد الصحفيين لفرض رقابة وسيطرة على التغطيات الإخبارية.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.123 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة الثامنة وبلغ تصنيفها 0.130

10- روسيا

على الرغم من التحسن الطفيف الذي طرأ على مركزها على المؤشر ومن قرار مهم بالإدانة، لا يزال الإفلات من العقاب يشوب المشهد الإعلامي في روسيا التي لم تتمكن من إدانة مرتكبي 14 جريمة قتل خلال فترة المؤشر. وفي العام الماضي، حدث تقدم إيجابي تمثل في إدانة رجل أعمال روسي والحكم عليه، وهو المشتبه به السادس في القضية المنظور فيها قضائيا، بتهمة التحريض على قتل الصحفي إيغور دومينيكوف عام 2000، مع أنه لا يزال يتعين القبض على أشخاص آخرين يقفون وراء هذه الجريمة للمثول أمام العدالة. وفي تطور أقل إيجابية، مضت عملية إعادة محاكمة العديد من المشتبه بهم في جريمة قتل الصحفية آنا بوليتكوفسكايا التي كانت تعمل في صحيفة ‘نوفايا غازيتا’، وقد كانت المحاكمة متقطّعة، ولم يحرز الادعاء العام أي تقدم للإيقاع بالجهة التي أمرت بارتكاب الجريمة. وقد توفي صحفيان السنة الماضية جراء اعتداءات قاتلة. فقد أُطلقت النار من سيارة على رئيس التحرير أحمد نبي أحمد نبييف الذي يتخذ من داغستان مقراً له، كما وقضى الصحفي ميخائيل بيكيتوف نحبه جراء جروح أصيب بها عام 2008 عندما اعتدى عليه مهاجمون بالضرب حتى دخل في غيبوبة. وكان بيكيتوف يخوض حملة شرسة من أجل البيئة. ولم يتم توقيف أي شخص على خلفية الاعتداء على بيكيتوف على الرغم من وعد شخصي من فلاديمير بوتن بجلب الجناة للعدالة.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.098 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة التاسعة وبلغ تصنيفها 0.099

11- البرازيل

تنقّل ترتيب البرازيل على المؤشر في السنوات الأخيرة بين صعود وهبوط مع إحراز تقدم متقطع ولكنه مهم في محاكمة قتلة صحفيين مقابل وقوع جرائم قتل جديدة. ففي العام الماضي، صدر قرارات إدانة في ثلاث قضايا. وفي خطوة تمهيدية، حكمت المحاكم على العقل المدبر لجريمة قتل دومينغوس سافيو برانداو ليما جونيور عام 2002، وهو مالك وناشر وكاتب زاوية في جريدة يومية معروفة بتغطية أخبار الجريمة المنظمة، مما يجعل من هذه القضية واحدة من قضايا قليلة تتحقق فيها العدالة كاملة على مستوى العالم. غير أن وقوع أعمال عنف جديدة ضد الصحافة أضعفت من حجم هذا التقدم. ففي عام 2013، قُتل ثلاثة صحفيين لأسباب تتعلق بعملهم. من جانبها، تعهدت البرازيل بالتصدي للمعدل العالي من الإفلات من العقاب الذي تعاني منه البلاد، وتبنت إجراءات جديدة مثل القانون المقترح الذي يمنح الشرطة الاتحادية ولاية قضائية تخولها التحقيق في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين عندما يتوفر دليل على وجود خلل أو عدم كفاءة على مستوى الولاية. إن المدى الذي ستتبنى به الدولة تلك الإجراءات وتنفذها في العام المقبل سيكون بمثابة اختبار كاشف لقوة الإرادة السياسية للحكومة في نضالها لتحقيق العدالة، فيما يتجاوز حدود الخطاب الإنشائي.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.045 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة العاشرة وبلغ تصنيفها 0.046

12- نيجيريا

آثار رصاص في منزل الصحفي النيجيري بايو أوهو، والذي قُتل بالرصاص في سبتمبر/أيلول 2009. (وكالة الأنباء الفرنسية/ بيوس أوتومي إكبي)
آثار رصاص في منزل الصحفي النيجيري بايو أوهو، والذي قُتل بالرصاص في سبتمبر/أيلول 2009. (وكالة الأنباء الفرنسية/ بيوس أوتومي إكبي)

لقد أدى التزايد الثابت لجرائم القتل في السنوات الأخيرة في نيجيريا إلى وضعها على مؤشر الجنة للإفلات من العقاب للسنة الثانية على التوالي. فمنذ عام 2009، استُهدف خمسة صحفيين نيجيريين بالقتل فيما لم يتم جلب أي قاتلٍ للعدالة. ولم تُبدِ إدارة الرئيس غودلك جوناثان أي نية حازمة على تحسين معدلها على مستوى تحقيق العدالة في جرائم قتل، بل على العكس من ذلك فقد قللت من شأن النتائج التي توصل إليها مؤشر لجنة حماية الصحفيين. وذكر متحدث رسمي باسم الرئاسة لصحيفة يومية أن الدراسة “تشجع روح الإثارة بدلاً من الحقيقة” وأنها “لا تعبر تعبيراً صحيحاً عن صحفيي البلد”. وألقى المتحدث باللائمة في مقتل الصحفيين على تقاطع نيران أسلحة ناشطي حركة بوكو حرام في الشمال. إن الجماعات المسلحة مثل بوكو حرام مسؤولة في الحقيقة عن كثير من عمليات قتل الصحفيين في نيجيريا، ولكن ليس عنها جميعاً. وقد أُطلقت النار على الصحفي بايو أوهو فأُردي قتيلاً أمام باب منزله، وذلك على يد ستة مهاجمين مجهولي الهوية انتقاماً منه – باعتقاد زملائه- عن تقارير كتبها عن السياسة المحلية. وتحتل نيجيريا المرتبة الثانية بعد الصومال كصاحبة أسوأ سجل على مستوى أفريقيا في إفلات مرتكبي جرائم قتل الصحفيين من العقاب.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.030 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة الحادية عشرة وبلغ تصنيفها 0.031

13-الهند

لقد أدى الإخفاق المتكرر لأكبر ديمقراطية في العالم في إحراز تقدم على صعيد تحقيق العدالة في مقتل صحفييها إلى بقائها على مؤشر لجنة حماية الصحفيين منذ أن بدأت اللجنة بإعداد المؤشر عام 2008. لقد قُتل في الهند خلال العقد الماضي ما لا يقل عن سبعة صحفيين، وجميعهم يعمل في صحف محلية مطبوعة ويكتبون في موضوعات الفساد والسياسة والجريمة، وذلك لأسباب ترتبط بعملهم. ونادراً ما تجاوز رد فعل الدولة إزاء ذلك حدود التحقيق البوليسي الروتيني. فقد قُتل صحفيان في عام 2013 وأفلت القتلة من العقاب. أحد هذين الصحفيين هو ناريندرا دابهلوكار، الذي أطلق عليه مسلحان يركبان دراجة نارية النار أثناء تنزهه في وقت مبكر من صبيحة أحد أيام أغسطس/ آب. وكان الصحفي قد تلقى تهديدات قبل أيام من مقتله وكان غالباً ما ينشر مقالات حول قضايا حساسة من بينها انتحار الطلاب، وانتحار الفلاحين، والأحياء الفقيرة والحركة الماوية الهندية.

التصنيف على مؤشر الإفلات من العقاب: 0.006 جريمة قتل صحفي لم تُحل لكل مليون نسمة

السنة الماضية: المرتبة الثانية عشرة وبلغ تصنيفها 0.005

المنهجية المتبعة

يحسب مؤشر لجنة حماية الصحفيين للإفلات من العقاب عدد جرائم القتل التي راح ضحيتها صحفيون دون أن تتمكن السلطات من حل القضية والكشف عن القاتل، كنسبة مئوية من عدد السكان. ولأغراض المؤشر الحالي، درست اللجنة جرائم قتل الصحفيين التي وقعت بين 1 يناير/ كانون الثاني 2004 و31 ديسمبر/ كانون الأول 2013، والتي لم تُحل. ويتم إدراج الدولة على قائمة المؤشر إذا بلغ عدد حالات القتل التي لم يتم الكشف عن مرتكبيها إلى خمس حالات فما فوق.

وتعرف لجنة حماية الصحفيين جريمة القتل بأنها هجوم متعمد على صحفي محدد لسبب يتعلق بعمله. وتعد جرائم القتل مسؤولة عما نسبته 70 بالمائة من حالات وفاة الصحفيين ذات الصلة بالعمل، حسب ما توصلت إليه أبحاث اللجنة. ولا يشتمل هذا المؤشر على الحالات التي قُتل فيها الصحفيون في القتال أو أثناء تأديتهم لمهمات خطرة من قبيل تغطية أخبار الاحتجاجات في الشوارع.

وتعتبر القضية غير محلولة عندما لا يتم التوصل إلى قرار بإدانة مرتكبي الجريمة. وتم استخدام البيانات السكانية من مؤشرات التنمية العالمية للبنك الدولي لعام 2012، في حساب تصنيف كل بلد من البلدان.

جدول الإحصائيات

الترتيب

الدولة

عدد القضايا التي لم تحل

عدد السكان (بالملايين)

التصنيف

1

العراق

100

32.6

3.067

2

الصومال

26

10.2

2.549

3

الفلبين

51

96.7

0.527

4

سريلانكا

9

20.3

0.443

5

سوريا

7

22.4

0.313

6

أفغانستان

5

29.8

0.168

7

المكسيك

16

120.8

0.132

8

كولومبيا

6

47.7

0.126

9

باكستان

22

179.2

0.123

10

روسيا

14

143.5

0.098

11

البرازيل

9

198.7

0.045

12

نيجيريا

5

168.8

0.030

13

الهند

7

1,237

0.006

تم إعداد مؤشر لجنة حماية الصحفيين للإفلات من العقاب في إطار الحملة العالمية للجنة حماية الصحفيين لمكافحة الإفلات من العقاب، وهي حملة تدعمها مؤسسة أديسيوم، ومؤسسة جون س. وجيمس ل. نايت، ومؤسسات المجتمع المفتوح.