أنصار مليشيا مدعومة من إيران يحرقون مبنى تابع لقناة دجلة التلفزيونية في بغداد ، العراق ، في ٣١ أغسطس ٢٠٢٠. وقد استقال العديد من العاملين في القناة وقرروا الاختفاء وسط سيل من الاحتجاجات والتهديدات. (ا. ف. ب / خالد محمد)

ما لا يقل عن ستة صحفيين يعملون مع قناة ’دجلة‘ التلفزيونية في العراق يستقيلون من عملهم ويتوارون عن الأنظار بعد تلقيهم تهديدات

نيويورك، 10 سبتمبر/ أيلول 2020 – قالت لجنة حماية الصحفيين اليوم إنه يجب على السلطات العراقية التحقيق بشأن التهديدات الموجهة ضد العاملين في ’تلفزيون دجلة‘، وأن تبذل أقصى ما في وسعها لضمان تمكينهم من العمل بحرية ودون خشية من الانتقام.

منذ 28 أغسطس/ آب، استقال ما لا يقل عن ستة صحفيين وعاملي تصوير يعملون في العراق لقناة ’دجلة‘ التي تتخذ من الأردن مقراً لها، وقد تواروا عن الأنظار وسط حملة تهديدات بزعم قيامهم بإهانة الشيعة العراقيين، وفقاً لبيان أصدره الصحفيون، وصور لشاشات هواتف تُظهر التهديدات واطّلعت عليها لجنة حماية الصحفيين، ووفقاً لعدة صحفيين تواصلوا مع لجنة حماية الصحفيين عبر تطبيقات التراسل والبريد الإلكتروني.

وبدأت التهديدات ضد الصحفيين بعد أن بثت قناة ’دجلة طرب‘، وهي قناة موسيقية مرتبطة بتلفزيون ’دجلة‘، حفلاً موسيقياً أثناء يوم عاشوراء، وهو يوم حداد لدى المسلمين الشيعة. وأصدرت قناة ’دجلة‘ بياناً في 30 أغسطس/ آب وجّهت فيه اللوم إلى قناة ’دجلة طرب‘ على بث الحفل الموسيقي في وقت غير ملائم، واعتذرت عما تسبب به ذلك من إساءة.

وقال ممثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، إغناثيو ميغيل ديلغادو، “تُظهر السلطات العراقية فشلاً ذريعاً في حماية الصحفيين المعرضين للخطر وتتركهم ليدافعوا عن أنفسهم ضد المتطرفين. يجب على السلطات العراقية أن تطلق تحقيقاً بشأن التهديدات والتحريض ضد موظفي قناة ’دجلة‘ وأن تبذل كل ما في وسعها لحمايتهم وضمان ألا يعيشوا في خوف”.

وفي 31 أغسطس/ آب، أصدرت محكمة تحقيق الرصافة في بغداد مذكرة اعتقال بحق مالك قناة ’دجلة‘، جمال كربولي، بزعم إهانة الشيعة في العراق من خلال بث الحفل الموسيقي، كما قام متظاهرون بتحطيم مكتب القناة في بغداد، حسبما وثّقت لجنة حماية الصحفيين آنذاك. ولم يُعتقل جمال كربولي لغاية الآن، وظل ينشر تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعية بحرّية لغاية اليوم، كما يَظهر في حسابته على وسائل التواصل الاجتماعي.

وطلب عدد من الصحفيين الذين استقالوا وتواروا عن الأنظار بعد تلقيهم تهديدات ألا تنشر لجنة حماية الصحفيين أسماءهم خشية من تعرضهم للانتقام. ومن بين الصحفيين الذين وافقوا على إطلاع لجنة حماية الصحفيين على التهديدات التي تلقوها وعلى الإعلان عن أسمائهم، المراسل زياد الفتلاوي وعامل التصوير محمد البولاني اللذان يعملان في الديوانية، والمراسل علي محمد الذي يعمل في الكوت، والمراسل كرار العساف الذي يعمل في النجف، والمراسل راسم كريم الذي يعمل في ذي قار، والمراسل سيف علي الذي يعمل في بغداد.

وقال الصحفيون في بيانهم إن لا صلة تربطهم بقناة ’دجلة طرب‘ وليس لهم أي تأثير على ما تبثه، وإن استقالاتهم لم توقف التهديدات.

وقد عاينت لجنة حماية الصحفيين الرسائل النصية الهاتفية والتعليقات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي والصور ومقاطع الفيديو التهديدية ، وقد كشف فيها مستخدمو الإنترنت ومجموعات على موقع فيسبوك عن أسماء موظفي قناة ’دجلة‘، ودعوا إلى طرد الصحفيين من المحافظات التي يعملون فيها، وإحراق مكاتب القناة في العراق وإغلاقها، ودعوا الشيعة في العراق إلى جعل جميع موظفي قناة ’دجلة‘ الذين يعثرون عليهم “عبرة لمن يعتبر”.

وأطلَع الفتلاوي لجنة حماية الصحفيين على رسالة تلقاها من شخص مجهول تضمنت صورة لسيارته مع رسالة تقول “سننال منك حتى لو كنت في غرفتك”، إضافة إلى إيموجي على شكل إصبع ديناميت.

وقال الفتلاوي للجنة حماية الصحفيين إن ثلاثة عناصر ميليشيا حاولوا اختطافه في 31 أغسطس/ آب. وأرسل الفتلاوي مقطع فيديو من كاميرا مراقبة إلى لجنة حماية الصحفيين، ويُظهر المقطع ثلاثة رجال يقفون خارج مكتب قناة ’دجلة‘ في الديوانية.

وقال مراسل من قناة ’دجلة‘ فضّل عدم الكشف عن هويته خشية من تعرضه للانتقام، إنه علِم من قائد إحدى الميليشيات العراقية، والذي لم يُفصح الصحفي عن اسمه خشية من الانتقام أيضاً، أن بوسعه وزملائه الصحفيين التوقف عن الاختباء إذا ما أصدورا اعتذاراً للسلطات الدينية وأعلنوا علناً عن شكرهم لقوات الحشد الشعبي، وهي جماعة تراعها الدولة تشكل مظلة لميليشيات أغلبها شيعية.

وأفاد العساف للجنة حماية الصحفيين إنه تلقى تهديدات بالقتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل من أعضاء مزعومين في ميليشيات ومن قوات الحشد الشعبي.

وقال، “لقد أُجبرت على الاختباء بسبب التحريض على قتلي، ولأن ثمة أشخاص في النجف يبحثون عني بغية قتلي”.

وقد أرسلت لجنة حماية الصحفيين رسالة إلكترونية إلى وزير الداخلية العراقي للحصول على تعليقات منه، ولكن اللجنة لم تتلقَ رداً.