الحكومة المصرية تمدد العمل بحالة الطوارئ وتشدد الرقابة على وسائل الإعلام استباقاً لانتخابات مارس/ آذار

مروة مرجان/ متدربة في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع للجنة حماية الصحفيين

أوردت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ في هذا الأسبوع أن السلطات المصرية أمرت بإجراء تحقيقات جنائية بحقها بسبب تقرير نشرته يزعم أن مكتب المخابرات أوعز لعدة مذيعين تلفزيونيين أن يقنعوا المشاهدين بقبول قرار الرئيس دونالد ترامب الذي أعلن فيه اعترافه بالقدس كعاصمة لإسرائيل. ويأتي هذا التحقيق في الأسبوع نفسه الذي صوت فيه البرلمان المصري على تمديد حالة الطوارئ في البلد للمرة الثالثة.

وأوردت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ أنها “تؤكد صحة [تقريرها]”. ولكن بالنسبة للصحفيين المحليين فإن تمديد العمل بإجراءات حالة الطوارئ عشية الانتخابات المزمع عقدها في مارس/ آذار يزيد من صعوبة العمل في ظل تشديد قبضة الرقابة.

وبموجب أحكام حالة الطوارئ، بوسع الشرطة والجيش اتخاذ إجراءات غير محددة “للتصدي لأخطار الإرهاب وتمويله وللحفاظ على الأمن” وفقاً لتقارير استشهدت بمرسوم صادر عن مكتب الرئيس. وكانت مكافحة التطرف هي إحدى الوعود الرئيسية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في حملته الانتخابية الأولى.

ولغاية الآن، استخدمت السلطات حالة الطوارئ كي تفرض الرقابة على وسائل الإعلام والنشر، ولتوجيه اتهامات بنشر “أخبار كاذبة” ضد صحفيين ناقضوا التصريحات الرسمية، وإحالة مدنيين للمحاكمة أمام محاكم عسكرية، واحتجاز صحفيين وعزلهم عن العالم الخارجي، إضافة إلى احتجاز صحفيين لفترات غير محددة بأجل استناداً إلى إجراءات الحبس الاحتياطي، حسبما توضح استقصاءات لجنة حماية الصحفيين وكما أودت تقارير إخبارية.

ومنذ فرض هذه الإجراءات في أبريل/ نيسان 2017، وثقت لجنة حماية الصحفيين ما يلي:

  • أحالت النيابة العامة في الشهر الماضي الصحفي المستقل إسماعيل الاسكندراني للنيابة العامة العسكرية بعد أن احتجزته في الحبس الاحتياطي لمدة سنتين بذريعة انتمائه لجماعة الأخوان المسلمين المحظورة ودعمه لها. وقال مختار منير، وهو محامي الصحفي السجين، إن قرار الإحالة مؤرخ في 13 ديسمبر/ كانون الأول، ولكنه لم يعلم بهذا القرار إلا في هذا الشهر، وفقاً للموقع الإلكتروني الإخباري المستقل ‘مدى مصر’ والجماعة الحقوقية المحلية مؤسسة حرية الفكر والتعبير. وكان الاسكندراني يعمل على تغطية الجهود العسكرية لمكافحة المقاتلين المتطرفين في شبه جزيرة سيناء، وهو نزاع حظرت فيه الحكومة من الناحية العملية التغطية الصحفية المستقلة، حسبما أفاد صحفيون محليون.
  • واصلت السلطات معاقبة الصحفيين الذين أفرج عنهم أو تمت تبرئتهم من اتهامات موجهة إليهم، وذلك بإضافة أسمائهم إلى قوائم المشتبه بارتباطهم بالإرهاب. وأضافت المحاكم في العام الماضي أسماء ثمانية صحفيين على الأقل إلى هذه القوائم، بمن فيهم صحفيان اثنان تمت تبرئتهم من اتهامات متعلقة بالإرهاب. وتقتضي هذه القوائم فرض قيود على الحقوق المالية والمدنية، وفقاً لتقارير الأخبار.
  • استخدمت الشرطة الحق في احتجاز المشتبه بهم دون محاكمة أو ملاحقة قانونية لمدة أقصاها سبعة أيام، كما عمدت النيابة العامة إلى تجديد الحق في تمديد فترة الحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى. ومن بين الصحفيين العشرين السجناء في مصر في الوقت الذي أصدرت فيه لجنة حماية الصحفيين إحصاءها الأخير للصحفيين السجناء، ثمة 12 صحفياً لم يدانوا بارتكاب أية جرائم ولم تصدر ضدهم أية أحكام قضائية. كما احتجزت الشرطة الصحفيين محمد الحسيني وأحمد السخاوي وعزلتهما عن العالم الخارجي لمدة ستة أسابيع وأربعة أسابيع على التوالي، وذلك قبل أن توجه إليهما نيابة أمن الدولة في أكتوبر/ تشرين الأول تهمة نشر “أخبار كاذبة”، وفقاً لتقصيات لجنة حماية الصحفيين. وقد أوقفت الشرطة الحسيني بينما كان يجري مقابلات مع أهالي أحد أحياء وسط القاهرة حول ارتفاع أسعار السلع. وقال محامٍ يدافع عن السخاوي إن موكله مرر ملاحظة لأسرته يقول فيها إنه تعرض للتعذيب أثناء احتجازه كي يعترف أنه والحسيني يعملان لحساب محطة تلفزيونية تملكها جماعة الأخوان المسلمين. وقد أرسلت لجنة حماية الصحفيين عدة رسائل إلكترونية إلى وزارة الداخلية المصرية، التي تشرف على جهاز الشرطة ومنظومة السجون، طلباً للتعليق على احتجاز الصحفيين، إلا أن الوزارة لم ترُد على هذه الرسائل.
  • قامت السلطات خلال الفترة ما بين مايو/ أيار 2017 و 11 يناير/ كانون الثاني 2018 بحجب ما لا يقل عن 465 موقعاً إلكترونياً، بما في ذلك مواقع إخبارية ومدونات ومواقع تابعة لمنظمات حقوقية، كما عطّلت الوسائل التي تُستخدم للالتفاف على هذا الحجب، وفقاً لمؤسسة حرية الفكر والتعبير والمرصد المفتوح لرصد التدخل في شبكة الإنترنت. وأوردت وكالة أنباء الشرق الأوسط المملوكة للدولة أن مسؤولين حكوميين لم تُحدد هويتهم أمروا مزودي خدمة الإنترنت في 24 مايو/ أيار بحجب 21 موقعاً إخبارياً بزعم أنها تدعم الإرهاب أو أنها نشرت “أخباراً كاذبة”. كما وردت معلومات للجنة حماية الصحفيين بشأن قيام السلطات بمصادرة أعداد أربع صحف على الأقل بعد طباعتها، أو تعليق العمل فيها خلال العام الماضي بسبب تغطيتها الصحفية الناقدة.

ودفعت إجراءات حجب المواقع الإلكترونية بمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية التعبير، ديفيد كاي، والمقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، فيونوالا ني ألوين، ليصدرا بياناً في أغسطس/ آب وصف ما يجري بمصر على أنه “اعتداء مستمر على حرية التعبير”. وأضاف البيان، “إن تقييد تدفق المعلومات على النحو الذي فعلته الحكومة المصرية، ودون أي شفافية أو تحديد ما تزعم بأنه ‘أكاذيب’ أو ‘إرهاب’، يبدو أقرب إلى القمع من كونه إجراءات لمكافحة الإرهاب”.

وتتوجه مصر نحو إجراء انتخابات في ظل حالة طوارئ ومع حظر جارٍ على حرية التجمع. إن أية إساءات إضافية لسلطات الدولة بغية تقييد حرية الصحافة تهدد بتقويض العملية الديمقراطية وحرمان المواطنين من المعلومات الأساسية.