النزاعات المسلحة

النزاعات المسلحة هي أخطر تهديد على الإطلاق يواجهه صحفيون كثيرون. وفي هذا الصدد فإن التمتع باللياقة البدنية يساعد في تفادي الإصابة. وينبغي للصحفي كذلك أن يكون مستعدا عاطفيا، ومجهَّزا تجهيزا مناسبا، ومدرَّبا جيدا، ومؤمَّنا كما ينبغي.

دليل لجنة حماية الصحفيين لأمن الصحفيين

 

4 النزاعات المسلحة

النزاعات المسلحة هي أخطر تهديد على الإطلاق يواجهه صحفيون كثيرون. وفي هذا الصدد فإن التمتع باللياقة البدنية يساعد في تفادي الإصابة. وينبغي للصحفي كذلك أن يكون مستعدا عاطفيا، ومجهَّزا تجهيزا مناسبا، ومدرَّبا جيدا، ومؤمَّنا كما ينبغي.

التدريب الأمني

أخذت الشركات الأمنية تقيم دورات في التدريب الأمني للصحفيين منذ تسعينات القرن الماضي. وجُلّ من يتولى تدريب هذه الدورات، كما درجت العادة، من العسكريين البريطانيين أو الأمريكيين السابقين. ويدرب معظمهم الصحفيين على مهارات الوعي الشخصي المتمحورة حول مخاطر القتال وأخطار ساحة المعركة، إضافة إلى الإسعافات الأولية الطارئة. ويُنصحُ الصحفيون العاملون في تغطية المواجهات المسلحة مهما كان نوعها أن يخضعوا لمثل هذا التدريب، الذي يُكسِبهم المعارف والمهارات داخل الفصول الدراسية وفي ميادين توظف أسلوب محاكاةٍ معقد وتتحدى الصحفيين في تطبيق مهاراتهم والعمل سويا. ويعود هذا التدريب بالنفع على الصحفيين الأجانب والمحليين على حد سواء.

يدرّب معهد السلامة الإخبارية الدولي الكائن في أوروبا، بالمجان، مئات الصحفيين المحليين العاملين في مناطق خطرة حول العالم. ففضلا عن ما يكتسبه الصحفيون من مهارات متعددة ومتنوعة، فإنهم يطورون في كثير من الأحيان روابط وثيقة بينهم. ويتيح التدريب للصحفيين المحليين القاطنين والعاملين في مناطق خطرة فرصة الالتقاء ببعضهم والتعاون على أرضية محايدة بما قد يتجاوز الهويات السياسية والجغرافية والقائمة على غير ذلك من الاعتبارات. لم تتخصص دورات التدريب الأمني، على مر تاريخها، في التصدي لحالات الطوارئ غير العسكرية، مثل التخفيف من خطر التعرض للاعتداء الجنسي أثناء العمل (انظر الفصل الثاني “تقييم المخاطر والاستجابة لها”) أو تقليل المخاطر المنبثقة عن تغطية الجريمة المنظمة (انظر الفصل الخامس “الجريمة المنظمة والفساد”). غير أن الشركات الجديدة والقائمة شرعت منذ العام 2011 في تطوير وحدات تدريبية تغطي السيناريوهات المدنية والأمن الرقمي.

تُعدُّ دورات التدرب على التعامل مع البيئات المعادية وإجراء الإسعافات الأولية الطارئة متطلبات مسبقة لضمان التغطية الصحفية الآمنة في أي موقف ينطوي على اندلاع اشتباكات مسلحة، بما فيها الاحتجاجات والاشتباكات العنيفة. وتتضمن الدورات تمارين تبيّن كيفية التصرف في سيناريو الاختطاف. وهناك دورات مدتها خمسة أيام تُعقد في بريطانيا والولايات المتحدة وتبلغ كلفة المشاركة فيها 3,000 دولار أمريكي أو أكثر. أما الدورات التنشيطية التي تعقد على مدار ثلاثة أيام فيوصى بالمشاركة فيها دوريا، وتبلغ كلفة المشاركة فيها 2,000 دولار أمريكي كحدٍ أدنى.

يوفر صندوق روري بيك تمويلا لأغراض التدريب يساعد الصحفيين المستقلين في تأمين كلفة الدورات الأمنية. ويتوفر التمويل “للصحفيين المستقلين المهنيين ذوي النوايا الحسنة المنخرطين في جمع الأخبار أو الشؤون الراهنة لمدةٍ أقلّها 18 شهرا.” وتوفر منظمة مراسلين بلا حدود التي تتخذ من مدينة باريس مقرا لها والتي تدافع عن حرية الصحافة دورات عن السلامة وإدارة الإجهاد وحول القانون الإنساني الدولي بالتعاون مع منظمة الصليب الأحمر الفرنسي. وتُعقد هذه الدورات باللغة الفرنسية في جبال الألب الفرنسية.

وثمة منظمات متعددة الأطراف أبرزها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومنظمات حكومية أحادية مثل الوكالة السويدية للتنمية الدولية، ومنظمات خاصة مثل معهد السلامة الإخبارية الدولي، تقدم بانتظام تدريبات أمنية للصحفيين في البلدان الأقل نموا.

العتاد الواقي

ينبغي أن تكون مجهَّزا تجهيزا كاملا بالعتاد المناسب للموقف الذي أنت بصدده. ويمكن أن ينطوي التجهيز، في أشد الظروف، على ارتداء بدلات تقي من المواد الخطرة أو حمل معدات الكشف عن المواد الخطرة أو تناول أقراص بواسطة الفم لتعطيل مفعول أي عوامل بيولوجية أو كيميائية أو نووية محتملة أو مقاومتها وصدها. وفي مناطق القتال، ينطوي التجهيز على ارتداء الدروع الواقية للبدن المصنفة لتحمّل الشظايا والرصاص شديد الاندفاع. وفي حالة الاشتباكات أو العنف في الشوارع، فإن التجهيز قد يقتضي ارتداء سترة مخفية مضادة للطعن.

ينبغي للصحفيين المحتاجين إلى ارتداء الدروع أن يختاروا سترةً تتناسب والتهديد المتوقع. لقد وضع المعهد الوطني الأمريكي للعدل نظام تصنيف من ست درجات تستخدمه معظم الشركات المصنِّعة حول العالم. فإذا كنت بصدد تغطية نزاع مسلح، فعليك أن تختار سترةً مصنفةً لتصدَّ الرصاص المنطلق بسرعة عالية من البنادق العسكرية. ولكن فليكن في علمك أنه ما من سترةٍ مضادةٍ للرصاص تماما. فقد يتعرض المرء لإصابةٍ بالغة أو يلقى حتفه جراء الصدمة الناجمة عن قوة الرضّة، حتى وإن لم تخترق المقذوفة الدرع الذي يلبسه. وهناك تصاميم خاصة بكلا الجنسين وإضافات أخرى قد تحتاج إلى لبسها مثل واقي الجنبين أو واقي الفخذين.

يُنصح الصحفيون القائمون بتغطية مناطق الحرب بارتداء الخوذة. وليكن في معلومك، رغم ذلك، أن أعلى الخوذات تصنيفا سيقيك بصورة رئيسية من الشظايا، بينما سيخترقه على الأرجح الرصاص المقذوف مباشرةً من بندقية هجومية أو بندقية قنص.

البس الدرع الواقي للبدن متى ما كنت برفقة القوات العسكرية. (قد لا يُنصح بارتداء الدرع الواقي عند تغطية الأحداث الجنائية لأنه قد يدفع الآخرين للاعتقاد خطأً بأن الصحفي هو أحد أفراد إنفاذ القانون). تخضع منتجات الدروع الواقية للبدن للتحديث بصورة دورية كلما استُحدِثت مواد أخف وزنا وأكثر موثوقية. وعلى الصحفيين ومديري الأخبار أن يضعوا في اعتبارهم بأن المنتجات المختلفة قد تتطلب طُرقا مختلفة للعناية بها. فألواح السيراميك قد تتشقق أو تتكسر إذا أُوقعت أرضا. ونسيج كيفلار يمكن أن يَتلف إذا ابتل. والعرق الذي يفرزه الجسم قد يتسبب في إضعاف نسيج كيفلار وغيره من المنتجات. ولا بد من تفحص الدروع المستعملة بدقة بحثا عن علامات تدل على بِلى أليافها أو تراجع قوتها. ولا بد من تخزين جميع الدروع على الوجه الذي ينبغي وفحصها ومعاينتها دوريا.

يتوفر العتاد الواقي أيضا لمهمات تغطية الاضطرابات المدنية. إن ارتداء سترة خفيفة ورقيقة نسبيا مضادة للطعنات توفر وقاية من الهجمات بالسكاكين، والرصاص المطاطي، وأخطار أخرى. وهناك أيضا القبعات المصفحة معدنيا. وكذلك الأقنعة الواقية من الغاز، غير أن الصحفيين، بارتدائهم هذه الأقنعة، يمكن أن يتعرضوا لخطر الاعتقاد خطأً بأنهم من شرطة مكافحة الشغب أو من المتظاهرين.

صحفي مرافق أم مستقل

إن من الاختيارات المهمة التي قد تتخذها هو اختيارك للموقع الذي تُطِل منه على النزاع. ابحث بتعمق في سياسة الجماعات المسلحة الناشطة في منطقة ما وفي تاريخها وسلوكها. فاعتبارات التماسك والانضباط والروح المعنوية والتدريب وقوة السلاح واحترام المدنيين، بمن فيهم الصحفيون، تتباين تباينا كبيرا بين القوات العسكرية المختلفة وبين القوات غير النظامية مثل المتمردين أو المليشيات الموالية للحكومة. وعليك أن تدرك بأن الظروف على الأرض قد تتغير في أي لحظة دون سابق إنذار.

درَجَ مصطلح “المرافقة” (embed بالإنجليزية) في أوساط الصحفيين في مطلع العقد الماضي بفضل الجيش الأمريكي، حيث وضع الصحفيون ترتيبات للسفر مع وحدات عسكرية معينة إبان غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة. بيد أن تاريخ مرافقة الصحفيين للوحدات العسكرية من أجل تغطية الحروب يعود إلى منتصف القرن التاسع عشر. يكون الصحفي المرافق للوحدة العسكرية مطالباً في العادة بالسفر مع تلك الوحدة بحسب الأوامر وبتجنب أي فعلٍ من شأنه كشف موقع الوحدة أو تعريض أمنها للخطر بأي حال من الأحوال. ولكن ينبغي لك الاحتفاظ بحق نقل الأحداث، حتى وإن كان ذلك بعد وقوعها، كما تراه مناسبا. وقد وثقت لجنة حماية الصحفيين عددا من الخلافات حول ترتيبات المرافقة. فعلى سبيل المثال، لم تسمح السلطات العسكرية وممثلو الجماعات المسلحة للصحفيين الذين اعتُبرت تغطيتهم غير مواتية بالمرافقة.

كان باستطاعة الصحفيين في الماضي تغطية النزاعات من جوانب مختلفة. أما اليوم، فإن القوات الحكومية والقوات المتمردة على حد سواء تهاجم الصحفيين المشتبه بأنهم يقيمون علاقات مع الطرف الخصم.

إن من ينقل الأحداث من جانب واحد قد يجد نفسه متهما من الجانب الآخر بالتعاون مع العدو. فمنذ عقود خلت، كان باستطاعة الصحفيين تغطية النزاعات من جوانب مختلفة في مناطق كأمريكا الوسطى. أما اليوم، فقد دأبت القوات الحكومية والقوات المتمردة على حد سواء على اعتقال الصحفيين المشتبهين بإقامة علاقات مع العدو أو مهاجمتهم. فقد سجنت السلطات الإثيوبية، في عام 2011 الصحفيين السويديين يوهان بيرسون ومارتن شيبي بتهمة الخيانة بعدما وُجدوا برفقة الجبهة الوطنية الانفصالية لتحرير أوغادين. وفي العراق وأفغانستان، اعتقلت القوات العسكرية الأمريكية العديد من الصحفيين المحليين الذين رأت بأنهم كانوا على اتصال مع قوات المتمردين. ومن أولئك الصحفيين من احتُجز لشهور عديدة ولسنوات دون اتهامه بارتكاب أي جريمة.

وفي اتخاذ القرار إما بالمرافقة أو بالعمل المستقل (أي مستقلا عن القوات العسكرية) فإنك تقوم بمقايضات مهمة. فالتنقل مع القوات العسكرية يمنحك فرصةً حصرية للحصول على القصص الصحفية في الخطوط الأمامية، غير أن ذلك قد يكون على حساب الاطلاع على وجهات النظر الأخرى، بما في ذلك رصد أثر القتال على المدنيين. وفي حين أن الصحفيين المستقلين عن القوات المسلحة في تنقلهم قد يكتسبون منظورا أشمل، فإن نسبة الوفيات ترتفع في أوساطهم. بيد أنه لا ينبغي التقليل من مخاطر مرافقة القوات العسكرية، حيث لقي تسعة صحفيين حتفهم أثناء مرافقتهم القوات العسكرية في العراق في الفترة بين 2003 و2009، وستة صحفيين مرافقين للقوات العسكرية في أفغانستان بين 2001 و2011، بحسب البحث الذي أجرته لجنة حماية الصحفيين.

فإذا كنت مرافقا لقوة عسكرية، احرص على أن لا تَبرُز بطريقةٍ توحي بأنك ضابطٌ أو مستشار. فالقناصون مدربون على استهداف مَن يُشتبه أنه ضابطٌ من بين أفراد الوحدة العسكرية المناوئة. ويُطلب من الصحفيين أحيانا ارتداء زي مَن يرافقونهم من المقاتلين. إن ارتداء زيِّهم لا ينتقص من التزاماتك المهنية، ولكن يظل عليك أن تلبس أو تحمل شارتك الصحفية التي تبين هويتك كصحفي عند المعاينة عن قرب. وينبغي للصحفيين المرتدين للزي العسكري أن يتوقعوا معاملتهم كمقاتلين أعداء على يد القوات المناوئة؛ بما في ذلك عندما يكونون منفصلين عن وحداتهم العسكرية.

ينبغي للصحفيين المستقلين عن القوات العسكرية أن ينتبهوا أيضا لِما قد يبدو عليه مظهرهم وسلوكهم من بعيد. فقد أظهر بحث لجنة حماية الصحفيين حالات استُهدف فيها مصورون صحفيون كانوا يحملون كاميرات ومعدات أخرى، حيث أُخطئ الظن بهم كمقاتلين. ففي عام 2003، لقي مصور وكالة ‘رويترز’ المخضرم، مازن دعنا، حتفه برصاص مدفع رشاش من دبابة أمريكية بينما كان يعمل خارج سجن أبو غريب. وفي وقت لاحق، أخبر أحد الجنود المحققين بأنه ظنّ دعنا متمردا يحمل قاذفة صواريخ (آر بي جي). فإذا كنت تعمل مستقلا، ارتد ثيابا لا تشبه الزي العسكري ولا تبرزك من بعيد. وفي هذا الصدد، تُعتبر درجات الألوان الأرضية القاتمة أفضل من الألوان الفاتحة.

وعند تغطية النزاع المسلح، كن مدركا لتأثير التقارير الآنية. فما قد يبدو تقريرا جديدا وقويّا بالنسبة لجمهور بعيد عن منطقة النزاع قد يُعتبر في الميدان محاولةً لنقل معلوماتٍ للعدو. وتذكر بأن دورك المهني يتمثل في مراقبة النزاع وتغطيته وليس المشاركة فيه ولا حتى عن غير قصد.

قواعد الحرب

تختلف قواعد الحرب تبعا لكونك مرافقا للقوات العسكرية أو مستقلا عنها في تغطيتك. فبحسب اتفاقيات جنيف لعام 1949، يصبح الصحفي المعتمد والمرتدي للزي العسكري، من الناحية القانونية، فردا من الوحدة العسكرية التي يتنقل معها. ويجوز للقوات المناوئة، من الناحية القانونية، إطلاق النار على الصحفيين المرافقين باعتبارهم جزءا من الوحدات التي هم فيها، ويجوز قانونا كذلك إلقاء القبض على الصحفي الفرد لاحقا واحتجازه طوال مدة الأعمال العدائية كأسير حرب.

يمكن لصفة أسير الحرب أن تعود بالنفع على الأسير، إذ يُشترط قانونا أن يُسجن أسرى الحرب بعيدا عن مسرح الأعمال العدائية، ويجب إطعامهم، ومنحهم الرعاية الصحية، والتعريف بوضعهم علنا كأسرى (وليس عزلهم عن العالم الخارجي)، والسماح لهم بإرسال البريد واستقباله. ولا يجوز اتهام أسرى الحرب بالتجسس أو ارتكاب جرائم مدنية، كدخول دولةٍ بلا تأشيرة.

يحق للصحفيين تغطية النزاعات المسلحة كمدنيين يعملون باستقلالية عن القوات المسلحة وفقا للبروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف الصادرين في العام 1977. ولا يجوز قانونا لأي قوةٍ استهداف المدنيين، بمن فيهم الصحفيون. غير أن الصحفيين المستقلين يواجهون مخاطر معينة، فمن يُقبض عليه من الصحفيين وهو يعمل بصفة مستقلة يمكن اتهامه بارتكاب جرائم مدنية كالتجسس ويمكن أن يتعرض لمعايير حبس المدنيين التي يُحتمل أن تكون سيئة أو جائرة.

نقاط التفتيش

إن التفاعل مع الجماعات المسلحة عند نقاط التفتيش أمرٌ خطير ولا يمكن التنبؤ بمآلاته. فقد لقي الكثير من المدنيين، بمن فيهم أربعة صحفيين، حتفهم عند نقاط تفيتش تابعة للجيش الأمريكي في العراق في الفترة بين 2003 و2005. إذ غالبا ما يعتري الجنود القائمين على حراسة نقاط التفتيش الخوفُ من التفجيرات الانتحارية والهجمات الأخرى.

وقبل التنقل على الطرق الداخلية، استشر الزملاء، والمسؤولين العسكريين، والمصادر المحلية الموثوقة لتحديد مواقع نقاط التفتيش الممكن اجتيازها ومعرفة القائمين عليها. وكُن على دراية مسبقة بكافة الإجراءات المتبعة عند نقاط التفتيش، مثل الإشارات التحذيرية التي تستعملها القوات العسكرية والبروتوكول المتوقع من المركبات الدانية. خفِّف السرعة وأنت تدنو من نقطة التفتيش، اخلع النظارات الشمسية إن كنت تلبسها، وأرِهم بأنك لا تحمل شيئا بيديك، وأظهر الاحترام. وقد يكون من المستحسن أيضا السماح للجنود أو المقاتلين بتفتيش سيارتك. ابق منتبها وحذرا عندما تسلك طرقا غير مألوفة، واعلم أن العلامات والإشارات التي تدل على نقاط التفتيش قد لا تكون موجودة أو قد تكون مُحيِّرة. فقد تسبب سوء التواصل أو سوء الفهم في سقوط العديد من الجرحى والقتلى عند نقاط التفتيش. وببساطة، هناك طرق ينبغي تفاديها ولا سيما في الليل.

تُعتبر نقاط التفتيش التي تقيمها القوات غير النظامية أو المليشيات أو الجماعات شبه العسكرية أشد خطرا وأقل قابليةً للتنبؤ بما سيتمخض عنها، وذلك نظرا لضعف الانضباط وغياب خطوط واضحة للسلطة. ففي ليبيا، أُلقي القبض في العام 2011 على أربعة صحفيين يعملون لحساب صحيفة ‘نيويورك تايمز’ عند نقطة تفتيش تديرها قوات موالية لمعمر القذافي واحتُجزوا لستة أيام تعرضوا أثناءها للاعتداء وسوء المعاملة، في حين أُردي سائقهم، محمد شغلوف، قتيلا.

قد يلتقي الصحفيون بعناصر ثمِلة أو بها عجز عند نقاط التفتيش التي يديرها المقاتلون، ومنهم القوات غير النظامية؛ وقد يأمرهم هؤلاء بدفع النقود أو إسداء خدمات أخرى مقابل السماح لهم بالعبور. لذلك، يحمل بعض الصحفيين معهم فئات صغيرة من العملة أو علب سجائر أو أشياء أخرى كساعات غير ثمينة ولكن جديدة في علبها الأصلية ليدفعوها لهم كرشاوى صغيرة. ولكن احرص على أن لا يبدُر منك ما من شأنه أن يُصعِّد الموقف أو يزيد مطالب الجنود. تعاطى معهم باحترامٍ متبادل دون أن تُبدي خوفا، وليكن الخروج الآمن هدفك الأول والأخير.

تتطرق معظم دورات تدريب الصحفيين إلى موضوع نقاط التفتيش وسُبل التعامل معها (انظر الملحق باء “التدريب الأمني”).

تكنولوجيا الاتصال عبر الأقمار الصناعية في البيئات المعادية

تُعتبر تكنولوجيا الاتصال عبر الأقمار الصناعية وسيلة حيوية للصحفيين الذين يعملون في مناطق النزاعات حيث لا يمكن الاعتماد على وسائل الاتصال الدولي مثل الإنترنت أو عندما تعمد السلطات إلى تعطيل خدمات الاتصال. وفي عام 2012 استخدم الصحفيون الدوليون والمحليون الموجودون في مدينة حمص تكنولوجيا الاتصال عبر الأقمار الصناعية لإرسال تقاريرهم وللتواصل مع المؤسسات الإعلامية. وتُعتبر حمص معقلاً للمعارضة، وكانت تتعرض لقصف من القوات الحكومية التي عمدت أيضاً إلى قطع خدمات الاتصال فيها سعياً لمنع التغطية الصحفية.

يمكن بسهولة نسبياً تعقب الهواتف التي تعمل عبر الأقمار الصناعية. يجب أن تكون مكالماتك مختصرة، وينبغي تجنُّب البث من الموقع نفسه باستمرار، وعليك إطفاء الجهاز عندما لا يكون قيد الاستخدام.

قصفت القوات الحكومية في شباط/فبراير 2012 مركزا صحفيا مرتجلا كان يعمل فيه صحفيون دوليون مما أدى إلى مقتل الصحفية الأمريكية المولد ماري كولفن، والمصور الصحفي الفرنسي ريمي أوشليك ومدنيين سوريين. وأعرب بعض الصحفيين ممن عملوا في حمص عن شكوكهم بأن السلطات السورية استهدفت البناية التي كان يعمل فيها الصحفيون، على الرغم من أن المدينة كانت تتعرض لقصف كثيف آنذاك. وإذا ما كانت القوات الحكومية قد استهدفت ذلك المبنى فعلاً، فمن الممكن أنها اعتمدت على عدة أشكال من النشاط الاستخباري، بما في ذلك تتبع إشارات الاتصال عبر الأقمار الصناعية التي بثها الصحفيون.

ويتفق خبراء التكنولوجيا أنه يمكن بسهولة تتبع الهواتف التي تعمل بالأقمار الصناعية. فتتبع بث ترددات موجات الراديو هو “أمر بسيط نسبيا للفنيين المدرَبين”، حسب منظمة ‘سيفر موبايل‘، وهي منظمة أمريكية غير ربحية تعمل على مساعدة المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين على استخدام تكنولوجيا الاتصال بالهواتف النقالة على نحو أكثر أمناً. كما أوردت مؤسسة ‘إلكترونك فرونتير‘ غير الربحية التي تتخذ من مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية مقرا لها وتدافع عن حرية استخدام شبكة الإنترنت، وصفاً لأجهزة تتبّع “عديدة” متوفرة تجارياً. ويمكن تتبع الهواتف التي تعمل بالأقمار الصناعية من خلال تتبع جهاز نظام تحديد المواقع (GPS) المثبّت بالهاتف. وتشير منظمة ‘سيفر موبايل’ إلى أن “بيانات موقع جهاز تحديد المواقع” يمكن “أن تُبث بكل وضوح عبر الهاتف الذي يعمل بالأقمار الصناعية”.

ويوصي الخبراء باتّباع أجراءات صارمة عند استخدام هواتف تعمل بالأقمار الصناعية في بيئة معادية:

  • تجنَّب استخدام الهاتف الذي يعمل بالأقمار الصناعية (أو أي جهاز يعمل بموجات الراديو) من الموقع نفسه أكثر من مرة واحدة.
  • تجنَّب استخدام الهاتف الذي يعمل بالأقمار الصناعية أو أية أجهزة شبيهة من موقع لا يمكن إخلاؤه بسهولة في حالة تعرضه لهجوم.
  • حاول ألا تتجاوز مدة أي اتصال أكثر من 10 دقائق كحد أقصى. (ويحذّر بعض الخبراء من أن هذه المدة قد تكون أطول مما ينبغي، حيث يمكن أن يوجد تتبع فوري للترددات).
  • عليك إغلاق الجهاز وإزالة البطارية حالما تنهي الإرسال وقبل أن تسافر.
  • تجنب الأوضاع التي تتضمن قيام عدة أشخاص بالبث من موقع واحد.

وفي حين يتسم البث عبر الأقمار الصناعية بأنه مشفّر إلا أنه ليس آمناً تماماً. فمثلاً، أعلن باحثان ألمانيان في تقرير صدر في عام 2012 أنهما تمكنا من حل نظامين شائعين من خوارزميات التشفير. وأشارت المنظمة غير الربحية الأمريكية ‘سمول وورلد نيوز’ في تقرير أصدرته عام 2012 بعنوان “دليل إرشادي للاستخدام الآمن للهواتف التي تعمل بالأقمار الصناعية” إلى أن العديد من الحكومات قادرة على فك التشفير. وتنصح المنظمة باستخدام كلمات مرمّزة عند بث الرسائل شديدة الحساسية، أو حتى تجنب الهواتف التي تعمل بالأقمار الصناعية لبث مثل هذه الرسائل.

إذا ما قامت سلطات أو جهات معادية بمصادرة هاتفك الذي يعمل بالأقمار الصناعية فيمكنها الوصول إلى معلومات حساسة من سجل المكالمات أو قائمة أرقام الهواتف أو الملفات المُرسلة. وينصح الخبراء، مثل الخبراء العاملين في منظمة ‘سمول وورلد’ بأن تقوم بمسح سجلات المكالمات والملفات المُرسلة بانتظام من أجل حماية مصادرك، وكذلك أن تُبقي بطاقة الذاكرة الخاصة بالهاتف (sim card) منفصلة عن الهاتف في الأوقات التي لا تستخدمه بها.



دليل لجنة حماية الصحفيين لأمن الصحفيين

جدول المحتويات

أمن التكنولوجيا

الجريمة المنظمة والفساد
 



دليل لجنة حماية الصحفيين لأمن الصحفيين » انتقل الى:

Exit mobile version