تُظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين أن موضوعا الجريمة والفساد يشكلان خطراً شديداً على الصحفيين، حيث أن خمسة وثلاثين بالمائة من الصحفيين الذين قُتلوا منذ عام 1992 على مستوى العالم كانوا يغطون هذين الموضوعين. يرتفع مستوى المخاطرة بالنسبة للصحفيين بسبب الضباب الذي يكتنف الحدود الفاصلة بين الجماعات السياسية والجماعات الإجرامية في كثير من البلدان. فالجماعات الإجرامية، من العراق إلى المكسيك، تعمل وعلى نحو متزايد وكأنها قوات سياسية مسلحة، والجماعات السياسية المسلحة تعمل وعلى نحو متزايد أيضاً كعصابات إجرامية ربحية. لقد هوجم الصحفيون أثناء تغطيتهم لأخبار التواطؤ بين شخصيات إجرامية ومسؤولين حكوميين، كما تم استهدافهم أثناء سعيهم وراء أخبار الجريمة أو الفساد في أوقات السلم والحرب.
دليل لجنة حماية الصحفيين لأمن الصحفيين
5 الجريمة المنظمة والفساد
- الجاهزية الأساسية
- التخطيط والتحقيق
- مفاتحة الأهداف العدائية
- الحصول على المعلومات
- الجهود التعاونية
- إشارات التحذير
تُظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين أن موضوعا الجريمة والفساد يشكلان خطراً شديداً على الصحفيين، حيث أن خمسة وثلاثين بالمائة من الصحفيين الذين قُتلوا منذ عام 1992 على مستوى العالم كانوا يغطون هذين الموضوعين. يرتفع مستوى المخاطرة بالنسبة للصحفيين بسبب الضباب الذي يكتنف الحدود الفاصلة بين الجماعات السياسية والجماعات الإجرامية في كثير من البلدان. فالجماعات الإجرامية، من العراق إلى المكسيك، تعمل وعلى نحو متزايد وكأنها قوات سياسية مسلحة، والجماعات السياسية المسلحة تعمل وعلى نحو متزايد أيضاً كعصابات إجرامية ربحية. لقد هوجم الصحفيون أثناء تغطيتهم لأخبار التواطؤ بين شخصيات إجرامية ومسؤولين حكوميين، كما تم استهدافهم أثناء سعيهم وراء أخبار الجريمة أو الفساد في أوقات السلم والحرب.
يتكبد الصحفيون المحليون ثمنا باهضاً؛ إذ أن تسعة من كل عشرة صحفيين يُقتلون في العالم هم صحفيون يغطون أخبار قضايا داخل مجتمعاتهم، وفقاً لأبحاث لجنة حماية الصحفيين. وفوق ذلك، يفلت القتلة بفعلتهم دون عقاب في نحو تسع من كل عشر قضايا قتل تنتشر من المكسيك إلى البلقان ومن روسيا إلى الفليبين. وقد شاعت الرقابة الذاتية في كثير من البلدان بسبب هذه المخاطر الشديدة.
الجاهزية الأساسية
قم بأكبر قدر ممكن من البحث قبل الدخول إلى أية بيئة إجرامية. يقول اتحاد صحفيو العدالة الجنائية وهو اتحاد مؤلف من كليات الصحافة وكليات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة إنه يتوجب على رؤساء التحرير منح المراسلين أسبوعين لكي يحضروا أنفسهم قبل البدء بالعمل على موضوع صحفي في مجال الجريمة. لا ريب في أنها نصيحة جيدة، لكن على الكثير من الصحفيين اليوم -خاصة المراسلين المستقلين منهم- استغلال وقتهم في التحضير للعمل على مواضيع صحفية في مجالات مختلفة. ينبغي على المراسلين الإلمام بالمناطق ذات معدل الجريمة العالي وطرق الدخول والخروج منها والأماكن الآمنة وسهلة الوصول لملاقاة الأشخاص الذين يزودنهم بالمعلومات.
توصي مجموعات صحفية عديدة في الولايات المتحدة الصحفيين بلقاء أشخاص من دوائر إنفاذ القانون قبل العمل على الموضوع الإخباري. ويقترح الصحفيون الذين يغطون العدالة الجنائية أن يطلب الصحفيون الجدد في هذا المجال إيجازاً من دائرة إنفاذ القانون حول إجراءات عملهم. وتسري هذه النصيحة في بلدان أخرى حيث الفساد في دوائر إنفاذ القانون غير مستشر. أما في البلدان التي تم توثيق مستويات عالية من الفساد في دوائر إنفاذ القانون فيها -كالمكسيك والفليبين- فيتوجب عليك إجراء حسابات مختلفة. ففي هذه البلدان يجب على الصحفيين الاحتراس من تواطؤ دوائر إنفاذ القانون مع الجهات الإجرامية. عليك أن تقيّم مستوى تعاطف وعدائية كل مصدر محتمل.
تعرّف على القوانين ذات الصلة بدخول الممتلكات العامة والخاصة والتعدي على أملاك الآخرين وانتهاك الخصوصية (انظر الفصل السادس “الشؤون والاضطرابات المدنية”). كن على علم بالظروف المحددة التي يمكنك، والتي لا يمكنك، فيها استخدام أجهزة التسجيل المصور أو الصوتي. تنشر لجنة المراسلين من أجل حرية الصحافة التحديثات التي تجري على القوانين الأمريكية بانتظام؛ أما الصحفيون العاملون في بلدان أخرى فيمكنهم اللجوء إلى المنظمات الصحفية المحلية التي يقوم كثير منها على نحو فاعل بمراقبة القوانين التي تؤثر على المهنة والإعلان عنها. (انظر الملحق هاء “المنظمات الصحفية” للاطلاع على قائمة تضم الكثير من هذه المؤسسات. كذلك تحتفظ الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير بقائمة شاملة منها). غير أن بعض الأمور لم تتم تسويتها بعد، مثل ما إذا كان يجوز للصحفيين الأمريكيين التغطية داخل مكان مملوك لجهة خاصة ومفتوح للعموم كمركز للتسوق مثلاً. ضع في حسبانك أن السلطات في الولايات المتحدة ودول أخرى قد تلجأ قانوناً إلى تحديد الدخول أو إمكانية التسجيل أو كليهما في بعض الأحداث المعلن عنها للجمهور من قبيل المهرجانات أو الخطب السياسية. عليك أن تلاحظ أيضاً أن السلطات قد تعمد إلى تقييد الدخول قانوناً إلى المحاكم والسجون والمدارس والمطارات والمرافق العسكرية والمباني الفدرالية والمراكز المدنية والمدرجات الرياضة.
قد يكون من المستحسن أن يحتفظ المراسلون الذين يغطون الجرائم وممن يقودودن سيارة بحقيبة للطوارئ تحتوي على ملابس احتياطية ومعدات للأحوال الجوية العاصفة ومصباح يدوي وصندوق إسعاف أولي. احتفظ بهاتفك النقال مشحوناً وأبقه معك عند تغطية أية قصة إخبارية خطيرة. (تذكر أنه يمكن تعقب الهواتف النقالة من قبل أهداف عدائية. انظر الفصل الثالث “أمن التكنولوجيا” للاطلاع على أساليب التخفيف من حدة المراقبة). ينبغي أن يكون محرر واحد على الأقل على علم بعمل مراسل شؤون الجريمة ومصادره وسير عمله. ويجب على المراسلين المستقلين إعلام محرر أو زميل آخر موثوق بالمعلومات نفسها.
عندما تقوم بمفاتحة هدف من المحتمل أن يكون عدائياً، ينبغي أن يقوم زميل لك بمرافقتك أو مراقبتك. وللتقليل من احتمالية أن يقع عليك الاختيار لتكون هدفاً لعمل انتقامي، عليك أن تُفهم جميع مصادر الجريمة -لاسيما الأهداف العدائية- أنك لا تعمل وحدك وأن منظمة إخبارية أو زميل يراقب أنشطتك عن كثب. ابحث عن ضابط كبير من دوائر إنفاذ القانون وصادقه -إن أمكن- بحيث يمكنك وزملاؤك اللجوء إليه في حالة الطوارئ.
التخطيط والتحقيق
تتطلب السلامة في تغطية شؤون الجريمة والفساد إعمال التفكير العميق عند التحضير وتقييم المخاطر. (انظر الفصل الثاني “تقييم المخاطر والاستجابة لها”). وقبل الشروع في العمل على أية قصة من الممكن أن تكون خطيرة، قم بمراجعة شاملة للتقارير الإخبارية والوثائق الرسمية وسجلات المحاكم إلى جانب التحدث مع أصدقاء لهم خبرة في مجال المراسلة الصحفية ومصادر محلية موثوقة وواسعة الاطلاع.
اعتبارات السلامة ليست مسؤولية الصحفي وحده بل ومسؤولية المؤسسة الإعلامية التي تعتزم نشر أو بث التقارير. وينبغي أن يدرس مديرو غرف الأخبار تدابير أمنية محددة لحماية المرافق والصحفيين وفي بعض الحالات عائلات الصحفيين. ويوصى أيضاً بصياغة تقييم مكتوب للمخاطر. (انظر الفصل الأول “الاستعداد الأساسي” والملحق زاي “نموذج تقييم الوضع الأمني”). عند تغطية أخبار شخصيات خطيرة كشخص يشتبه في أنه مجرم أو إرهابي، يجب أن يكون التقييم مصحوباً بخطة طوارئ في حالة أصبح الصحفي أو مصادره عرضة للخطر.
ينبغي أن يحدد التقييم الفاعلين الأشد خطورة والقضايا الأشد حساسية في التحقيق وأن يقيّم المخاطر التي قد تنشأ. إن السؤال الخطأ في الوقت الخطأ للمصدر الخطأ في مثل هذا التحقيق قد يعرض الصحفي أو أياً من مصادره للخطر. وربما يكون من الأفضل أن تبدأ تقاريرك الإخبارية بمقابلة المصادر التي تحظى بأكبر قدر من ثقتك ومن ثم العمل تدريجياً باتجاه أولئك الذين قد يكونوا أكثر عدائية. احترس من أن يشي سؤالك بطبيعة القصة التي تعمل عليها. ولحماية نفسك ومصادرك ضع حدوداً لمقدار ما ستكشف عنه بشأن التحقيق الذي تجريه.
يُحبذ أن يجري الصحفي والمحرر المسؤول، مع نهاية التحقيق، تقييماً منفصلاً للمخاطر يسهم في معرفة ما إذا كان يتوجب مفاتحة الشخص المشتبه في أنه مجرم والذي قد يكون موضوع القصة وكيفية مفاتحته. ويجب أن يشتمل هذا التقييم على تقدير لمستوى المخاطرة ومجموعة من الخيارات الخاصة بمفاتحة الشخص وتقييم لردود الفعل المحتملة للمشتبه به.
يجب أن يشتمل التقييم على بروتوكولات واضحة تكون أساساً لكيفية وموعد قيامك بالتواصل بأمان مع مدير تحريرك وربما مع الزملاء الموثوقين الآخرين. يمكن القيام بذلك من خلال مجموعة من الطرق -ابتداءً من البريد الإلكتروني إلى المكالمات الهاتفية- والتي يمكن أن تنطوي على شفرة بسيطة تدل على ما إذا كنت تعتقد أنك في مأمن أم في خطر. كما يجب عليك أن تناقش سلفاً مع مدير التحرير الظروف التي قد تكونا مجبرين بموجبها على تعليق التحقيق أو إلغائه. ويتوجب وضع خطة طوارئ في حال تعرضت أو مصادرك للخطر.
كن حريصاً بشأن طريقة تسجيل المعلومات وتخزينها. لحماية هوية مصادر معلوماتك المدونة في دفتر ملاحظاتك المكتوبة وملفاتك الإلكترونية، يمكنك استخدام رموز أو أسماء مستعارة تستطيع تذكرها ولكن لا يمكن للآخرين فك تشفيرها بسهولة. ويكتسب هذا أهمية استثنائية عند التعامل مع مصادر للمعلومات ستتعرض للخطر إذا ما كُشفت هويتها. يجب دائماً تأمين الحماية لدفاتر الملاحظات التي تحتوي على مواد حساسة، أما المواد غير الضارة فيمكن تركها في مكان يسهل الوصول إليه في حالة قيام متطفلين بتفتيش مقتنياتك. ويمكن توفير حماية أفضل للملفات الإلكترونية عن طريق استخدام وسط التخزين الخارجي (اليو إس بي) وكلمات المرور القوية والنسخ الاحتياطية في مكان آخر إلى جانب احتياطات أخرى. (انظر الفصل الثالث “أمن التكنولوجيا” للاطلاع على شرح كامل لعملية حماية البيانات الإلكترونية).
مفاتحة الأهداف العدائية
تعتمد مسألة التحدث مع أشخاص مشتبه في أنهم مجرمون، من عدمها، وكيفية مقاربتهم على عدة عوامل. ينبغي على الصحفيين تفحص حالة دوائر إنفاذ القانون؛ إذ يجب على الصحفيين في المناطق التي تكون فيها هذه الدوائر ضعيفة أو فاسدة أن يتوقعوا مستويات أعلى بكثير من المخاطرة وأن يعدلوا طريقتهم بناء على ذلك.
يجب عليك التنبه إلى الطريقة التي يُنظر بها إليك وإلى مؤسستك الإعلامية في مجتمع الأفراد الذين تغطيهم في تقريرك. فقد قال درو سوليفان، مدير التحرير بمشروع التغطية الصحفية لأخبار الجريمة المنظمة والفساد، ومقره في سراييفو، في مقالة كتبها عام 2010 لمجلة ‘أميريكان جيرناليزم ريفيو‘، إنه يجب على الصحفيين أن “يبذلوا أقصى ما في وسعم” ليظهروا حيادهم واستعدادهم لمنح كل هدف الفرصة ليروي روايته. ويقترح بيل ولاس من منظمة صحفيو العدالة الجنائية، ومقرها في الولايات المتحدة، في تقرير صادر عن هذه الجماعة بعنوان “التغطية الصحفية لأخبار الجريمة والعدالة” الذي تم إعداده من عام 2003 ولغاية 2010، قائلاً “كن شخصاً لا يلين ولكن ودوداً ومنفتحاً في سعيك للحديث مع الأشخاص الذين تأمل أن تكسبهم كمصادر”.
عند القيام بأي تحقيق صحفي في مجال الجريمة، تذكر دائماً أن الخطر الأكبر قد لا يتمثل في إعداد التقارير عن الجماعات الإجرامية بحد ذاتها، بل عن شبكة الفساد الرسمي التي تحميها؛ وهنا يُنصح باتخاذ جانب الحذر الشديد في كثير من بقاع العالم. قد يرغب الصحفيون الذين يحققون في الفساد الرسمي أو أي شكل من أشكال التواطؤ مع جهات إجرامية في إنتاج قصة تمويهية لاسيما للمصادر التي يحتمل أن تكون عدائية. لذا، يجب أن تكون القصة ذات مصداقية واسعة بما يكفي لتحوي التحقيق الفعلي دون أن تضحي بالشأن المحدد موضوع التحقيق.
غالباً ما تكون الفترة التي تسبق نشر القصة الإخبارية فترة خطرة، وعلى الصحفيين أن يحترسوا لما يتفوهون به ولمن ومتى يقولونه. فقد تلجأ الأهداف العدائية والمحتمل أن تكون عنيفة إلى عمل استباقي إذا ما علمت أنها المستهدفة بالتحقيق، ففي عام 2007، قُتل الصحفي تشونسي بيلي بالرصاص على مسافة تبعد ثلاثة شوارع من مكتبه في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا بعد أن علم صاحب مؤسسة محلية على صلة بأنشطة إجرامية أن الصحفي كان يحقق في الموارد المالية لمؤسسته.
من المسائل المهمة معرفة ما إذا كانت مفاتحة أشخاص يُشتبه أنهم فاعلون إجراميون أمراً يمكن القيام به على نحو آمن تحت أي ظرف. يجب على المراسلين ومديري التحرير في الدول التي تشكو فيها دوائر إنفاذ القانون من الضعف أن يتخذوا القرار الواقعي والأخلاقي من حيث ما إذا كانت متابعة القصة أو تسمية مرتكبي الجرائم المزعومين تستحق المخاطرة أصلاً. وإذا ما اتخذ قرار بالتحدث إلى أهداف يحتمل أن تكون عدائية ينبغي على مديري التحرير أن يعرفوا مقدماً أن زميلاً سيرافق الصحفي أو يراقبه. وعلى الصحفيين أن يُفهموا الأهداف العدائية أن هؤلاء لا يتحدثون لمجرد شخص بل لمنظمة إعلامية تخطط لنشر القصة.
ربما تكون مفاتحة بعض الأهداف داخل السجن أمراً شديد الخطورة. لذا، فمن المستحسن في بعض الحالات أن تتم مفاتحة محامي الهدف بدلاً من الشخص المستهدف نفسه. ينبغي إفهام الشخص المستهدف أو محاميه أن أمر القصة الصحفية قد تم وأنتهي منه وأنك تسعى للحصول على تعليق منه لأسباب أخلاقية وقانونية. وفي حال غياب محامي الدفاع، عليك أن تقيّم ما إذا كان التحدث مع الشخص المستهدف عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني أو بالبريد الخطي أمراً عملياً أو مأموناً.
ولكن، حتى ذلك قد يكون بحد ذاته أمراً خطيراً جداً. تحدث بصراحة مع مدير التحرير المسؤول حول الأوضاع التي قد يكون الشخص المستهدف فيها شديد العدائية بحيث تتعذر مفاتحته. فكر في سلامتك وسلامك مصادرك عند التفكير في الخطوة التالية. قد يوفر السجل العام أحياناً وسيلة يمكن بواسطتها استخلاص إنكار الشخص المستهدف العدائي أو وجهة نظره.
الحصول على المعلومات
يُعد الحصول على الوثائق الرسمية عنصراً مهماً في التغطية الصحفية الاستقصائية؛ فذلك من شأنه -عدا توفير الفوائد الجوهرية من خلال الرجوع إلى الوثائق الرسمية- أن يقلل من اعتماد المرء على ملاحظات المصادر المحلية التي قد تكون هي نفسها معرضة لخطر المعاقبة من قبل الشخصيات الإجرامية والفاسدة.
يجب أن يكون الصحفيون ومديرو التحرير مطلعين اطلاعاً واسعاً على قوانين المعلومات العامة السارية في كل بلد. يقدم مشروع قانون إعلام المواطنين، ومقره في الولايات المتحدة، مجموعة من الاقتراحات والأدوات للحصول على المعلومات من السلطات البلدية والإقليمية والوطنية في الولايات المتحدة. ويحوي موقع Right2INFO.org وثائق ومطبوعات حول قوانين الحصول على المعلومات على مستوى العالم. وعلى الرغم من أن الوصول إلى البيانات الحكومية عن طريق الإنترنت يظل متفاوتاً في مستواه على مستوى العالم، إلا أنه تم إحراز بعض التقدم في هذا الصدد. فقد أطلقت الحكومة الكينية، مثلاً، قاعدة بيانات المعلومات العامة عام 2011. وفي بعض مناطق العالم، ومنها معظم قارة أفريقيا، تنص القوانين على حق الاطلاع على المعلومات الحكومية، إلا أنه لا توجد إجراءات عملية للحصول على سجلات محددة أو أن الإجراءات غير واضحة. وينبغي على الصحفيين أن يتشاوروا مع خبراء وزملاء محليين قبل السعي للحصول على المعلومات في مثل هذه البلدان. ويقوم عدد من المنظمات الصحفية المحلية بمراقبة قوانين الحصول على المعلومات والإجراءات العملية للحصول على المعلومات. (انظر الملحق هاء “المنظمات الصحفية” للاطلاع على قائمة بالعديد من هذه الجماعات. وتحتفظ الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير بقائمة مفصلة).
ولأن الحصول على المعلومات عبر الوسائل الرسمية أمر صعب في بعض البلدان، لا يزال كثير من الصحفيين يعتمد على أشخاص من أجل الحصول على بيانات حكومية. إلا أن على الصحفي أن يتخذ الاحتياطات التي تحول دون كشف هوية مصدره الذي زوده بوثائق حساسة. يمكن للمراسل أن يزور مثلاً عدة وكالات تتمتع بإمكانية الحصول على الوثيقة المعنية بهدف زيادة حجم المصادر المحتملة مما يصعّب عملية تحديد المصدر الفعلي على السلطات أو غيرها من الفاعلين.
يمكن أيضاً لاستخدام المستندات أن ينقل الخطر إلى جهة الصحفي، لذلك ليكن في علمك أن الحكومات والمجرمين اتخذوا إجراءات قانونية وإجراءات خارج نطاق القانون كرد على انكشاف مواد حساسة في السابق. إن حوالي نصف الصحفيين السجناء على مستوى العالم دخلوا السجن بتهم مناهضة الدولة التي من ضمنها كشف معلومات تعتبرها الحكومات سراً من أسرار الدولة. وقد لجأ فاعلون إجراميون -أحياناً بتواطؤ من سلطات الدولة- إلى الإكراه في كثير من البلدان لإجبار الصحفيين على الكشف عن المصادر التي زودتهم بمستندات التجريم.
الجهود التعاونية
يعمل الصحفيون على العثور على طرق بديلة لنشر القصص الخطيرة. ففي وسط آسيا ومناطق أخرى من العالم، قام كثيرون منهم بنشر قصص محفوفة بالمخاطر بأسماء مستعارة. كما وبثت مؤسسات إخبارية في أمريكا اللاتينية قصصاً مشيرة إلى الكاتب باسم يتسم بالعمومية، مثل “وحدة العدالة والسلام” الذي استخدمته صحيفة ‘إل اسبكتيتور’ الكولومبية.
كما ويمكن للمؤسسات الإخبارية أن تعمل سوية على موضوعات خطرة بحيث تتبادل المعلومات وتنشر القصة في وقت واحد دون الإشارة إلى أسماء الكتاب. وينبغي أن ننحي الروح الأنانية والتنافس بين المؤسسات والهويات السياسية والإثنية والدينية جانباً في سعينا نحو تحقيق هذا التعاون. لقد أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في إبعاد الخطر عن أي صحفي كفرد بينما مكنت المراسلين من تغطية أخبار الموضوعات الخطيرة.
وقد بدأ الصحفيون في كولومبيا العمل بطريقة تعاونية بعد وقوع سلسلة من الهجمات على ناشرين ومحررين من مؤسسات إعلامية قدمت تقارير صحفية ناقدة حول مهربي المخدرات. أبرز تلك الهجمات كان اغتيال غييرمو كانو، وهو ناشر صحيفة ‘إل اسبكتيتور’ ورئيس تحريرها عام 1986، وقد نُسبت الجريمة إلى بابلو إسكوبار، زعيم عصابة ميلاين للمخدرات. وذكرت عضو مجلس إدارة لجنة حماية الصحفيين ماريا تيريسا رونديروس في تقرير للجنة صدر عام 2010 أن صحيفة ‘إل اسبكتيتور’ تشاركت مع منافستها الرئيسية، صحيفة ‘إل تييمبو’ ومؤسسات إعلامية أخرى في الأشهر التي تلت ذلك بهدف تحقيق ونشر قصص عن الأذرع الكثيرة لتهريب المخدرات في المجتمع.
بعد ذلك بعدة سنوات، أي في عام 2004، بدأ ائتلاف مكون من دور نشر كولومبية العمل معاً على مهمات خطيرة من قبيل تسلل جماعات شبه عسكرية غير شرعية إلى اليانصيب الوطني. وقد تم نشر هذه القصة وغيرها في وقت واحد في 19 مجلة وجريدة كولومبية. كذلك تزعمت مجلة سيمانا الأسبوعية عملاً تعاونياً آخر، وهو مشروع المانيزاليس، الذي كان الهدف منه التحقيق في جرائم قتل الصحفيين وتهديدهم. وعلى الرغم من أن العنف ضد الصحفيين الكولومبيين لم يتوقف، كما بينت أبحاث لجنة حماية الصحفيين، إلا أن حدته خفت وبات يحدث على مستوى أقل.
وهناك التعاون عبر الحدود وهو عبارة عن طريقة أخرى لمواجهة الجريمة المنظمة. فقد أصدرت جماعات مثل الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، الذي يتخذ من واشنطن العاصمة مقراً له والذي يتوزع أعضاؤه على 50 بلداً، تقارير أخبار عاجلة حول موضوعات مثل تهريب التبغ وسوق الصيد السوداء في المحيطات. كما عمل مركز الصحافة الاستقصائية – صربيا، ومقره في بلغراد، ومشروع التغطية الصحفية لأخبار الجريمة المنظمة والفساد، ومقره سراييفو، معاً على الكشف عن الممتلكات الخارجية للملياردير الصربي ميروسلاف ميسكوفيتش.
إشارات التحذير
يقول مشروع التغطية الصحفية لأخبار الجريمة المنظمة والفساد، الذي يتخذ من سراييفو مقراً له، إنه يتوجب على الصحفيين الانتباه إلى الإشارات التي تدل على أنهم خاضعون للمراقبة. (انظر الفصل التاسع “المخاطر المستدامة” للاطلاع على مزيد من النصائح حول المراقبة). وقد عمدت بعض شركات الحماية الخاصة إلى إضافة أساليب الكشف عن المراقبة إلى التدريب على البيئة المعادية الذي يقدمونه للصحفيين. (انظر الملحق باء “التدريب الأمني” للاطلاع على قائمة الشركات). إن معرفة المرء أنه خاضع للمراقبة تمنح المراسلين ومديري التحرير وقتاً لدراسة الخيارات المتاحة ومنها تحديد ما إذا كان سيتم الاستمرار في العمل على القصة أم لا، وإدخال مراسلين آخرين إلى القصة، وإشراك مؤسسات صحفية أخرى في القصة، والاعتماد على سلطات إنفاذ القانون وإبلاغها عن المسألة، ونقل الصحفيين وعائلاتهم إلى مكان جديد. ينبغي أن يعي الصحفيون ردود الفعل المحتملة للضغط الذي قد يواجهونه هم وأسرهم جراء تغطيتهم لأخبار الجريمة المنظمة والفساد. (انظر الفصل العاشر “ردود الفعل الناجمة عن الإجهاد”).