لجنة حماية الصحفيين تطالب بإنهاء المحاكمات المسيسة في المغرب

15آذار/مارس 2010

جلالة الملك محمد السادس
بوساطة سعادة السيد عزيز مكوار
سفير المملكة المغربية في الولايات المتحدة
1601 21st Street NW
Washington, D.C. 20009

عبرالفاكس:  202-265-0161

حضرة صاحب الجلالة،

تعرب لجنة حماية الصحفيين عن خيبة أملها جراء استخدام الحكومة المتواصل للمحاكم لكبت حرية التعبير، وتناشدكم أن تستخدموا صلاحياتكم الدستورية لإنهاء الاحتجاز الظالم لزميلنا إدريس شحتان. كما نناشدكم بتوجيه أمر إلى السلطات لإنهاء ممارسة حجب وثائق الاعتماد عن الصحفيين الذين يعملون في وسائل الإعلام الأجنبية الناقدة.

أوفدت لجنة حماية الصحفيين بعثة إلى المغرب في شباط/فبراير ووجدت فجوة تتسع بصفة مضطردة بين التزام حكومتكم المصرح به بسيادة القانون وبين اعتداءاتها على الصحفيين الناقدين التي جرت خلال السنوات الأخيرة. التقى وفد اللجنة مع وزير الاتصال خالد الناصري ومع رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان السيد أحمد حرزني، ولكن لم تتم تلبية طلبنا بلقاء مسؤولين كبار آخرين ولزيارة إدريس شحتان في السجن.

وقال زملاء الصحفي السجين للجنة حماية الصحفيين إنه على الرغم من حاجة شحتان إلى العناية الطبية ومناشداته للحصول على عفو ملكي، إلا أنه ظل محتجزاً منذ أواسط تشرين الأول/أكتوبر في ظروف صعبة في سجن عكاشة في الدار البيضاء. وقد تعرّض شحتان لمضايقات من حراس السجن، كما اضطرت أسرته للسفر بصفة منتظمة إلى السجن لتزويده بطعام مغذي. وكان قد تم سجن شحتان، وهو محرر الصحيفة الأسبوعية المستقلة “المشعل”، عقاباً له على نشر مقالات حول صحة جلالتكم في أيلول/سبتمبر 2009. وقد صادقت محكمة استئناف في تشرين الثاني/نوفمبر على عقوبة السجن لمدة اثني عشر شهراً التي صدرت بحقه بتهمة “نشر أخبار كاذبة”. كما أدين أربعة صحفيين آخرين من صحيفة “المشعل” ومن الصحيفة اليومية المستقلة “الجريدة الأولى”، ولكن لم يتم إيداعهم السجن.

إضافة إلى ذلك، تم رفع قضيتي قذف وتشهير ضد شحتان، الأولى من قبل جماعة قريبة من بعض أقاربكم، والثانية من قبل موظف سابق في جهاز الاستخبارات. وتنظر محكمة استئناف في الدار البيضاء حالياً في هذه القضايا بعد أن أصدرت محاكم البداية حكم إدانة بحق شحتان في القضيتين. وقد حضرت لجنة حماية الصحفيين بعض جلسات المحكمة، واستنتجت أنهما يمثلان مضايقات قضائية ضد صحفي ناقد.

تتبعت لجنة حماية الصحفيين أيضاً ممارسة حجب وثائق اعتماد الصحفيين في حالة ثلاثة صحفيين على الأقل يعملون مع وسائل الإعلام الأجنبية. وتظهر أبحاثنا أن الصحفيين محمد البقالي وأنس بن صالح من قناة “الجزيرة”، والصحفي محمد معروف من جريدة “القدس العربي” التي تتخذ من لندن مقراً لها، لم يتمكنوا من تجديد وثائق اعتمادهم على الرغم من قيامهم بتقديم الوثائق الضرورية منذ عدة أشهر. نحن نناشدكم بتوجيه السلطات المعنية أن تسرع في هذه الإجراءات والتي تعتبر عادة إجراءات روتينية.

وعلى الرغم من أن مسؤولين رسميين صرحوا علناً بأن المغرب يمنح حرية أكبر للصحافة مقارنة مع أي بلد آخر في المنطقة، إلا أن الحكومة أظهرت للصحفيين صورة مختلفة تماماً عبر فرض أكبر غرامات في المنطقة على الصحفيين الذين يتناولون قضايا عامة حساسة، مثل سجل الرئيس الليبي معمر القذافي. ففي حزيران/يونيو 2009، أصدرت محكمة في الدار البيضاء حكماً يفرض على صحف “المساء”، و “الجريدة الأولى”، و “الأحداث المغربية” بدفع غرامات تبلغ 100,000 درهم (ما يعادل 12,484 دولار أمريكي) على كل من تلك الصحف، كما فرض الحكم على كل من تلك الصحف دفع تعويض يبلغ مليون درهم (125,213 دولار أمريكي) إلى الرئيس القذافي، مما ترك أثراً رهيباً على الصحفيين المستقلين، وأثار موجة واسعة من الاستنكار في المغرب والخارج.

هذا الحكم، إلى جانب قرار المحكمة العليا في أيلول/سبتمبر 2009 بالمصادقة على الغرامة الباهضة ضد المجلة الأسبوعية المستقلة    “لو جورنال أيبدومادير” في قضية تشهير، سلط الضوء أيضاً على شواغل بشأن ضعف استقلال القضاء. ففي كانون الثاني/يناير، أصدرت محكمة الاستئناف التجارية في الدار البيضاء حكماً يعلن عن أفلاس صحيفة “لو جورنال إيبدومادير” وأمرت بمصادرة ممتلكاتها. وقد صدر هذا الحكم بعد فترة وجيزة من عودة أبو بكر جامعي من خارج البلاد، وهو أحد مؤسسي الصحيفة ومحررها سابقاً، وبعد شروعه في كتابة مقالات ناقدة حول الحكومة. وكان من ضمن ما نشره مقال صدر في الصحيفة الفرنسية اليومية “لوموند” قال فيه إن الحكومة “تشن حرباً على الصحافة المستقلة”.

لقد وجدت أبحاثنا أن تلك القضية كانت مدفوعة بدوافع سياسية، وكما كان الأمر في التعامل مع قضايا أخرى، كقيام الحكومة بالإغلاق التعسفي للصحيفة اليومية المستقلة “أخبار اليوم” في أيلول/سبتمبر 2009، ومصادرة ممتلكاتها بعد أن نشرت الصحيفة رسماً كاريكاتيرياً حول حفل زفاف ملكي.

وكما تعلمون، أطلقت جماعات في البرلمان المغربي ما دعته حواراً وطنياً بشأن الإعلام والمجتمع، وهو مبادرة يمكن أن تكون خطوة إيجابية. ولكن يجب أن تترافق مع إصلاحات ملموسة، وخصوصاً من خلال إجراء تغيير سياسي ينهي استخدام القضاء لتصفية الحسابات مع الصحفيين الناقدين. (ولا يزال الصحفي علي المرابط في المنفى حالياً، وذلك بعد خمس سنوات من استهدافه بملاحقات قضائية مدفوعة سياسياً). الحاجة ملحة أيضاً للإفراج عن الصحفي إدريس شحتان وإنهاء القرارات التعسفية بحجب وثائق الاعتماد الصحفية عن الصحفيين الناقدين الذين يعملون مع وسائل الإعلام الأجنبية. وكما طالبنا سابقاً، نحن نناشد حكومتكم بإزالة الصفة الجرمية عن تهمة التشهير، وإلغاء ما يزيد عن 20 مادة في قانون الصحافة لسنة 2002 تقتضي فرض عقوبة السجن، وكذلك الالتزام بالمعايير الدولية لحرية التعبير على شبكة الإنترنت وفي الصحافة المطبوعة، ووسائل البث الإعلامي.

نشكركم على اهتمامكم بهذه الشؤون المهمة. ونتطلع لتلقي ردكم.

مع التحية،

جويل سايمون

المدير التنفيذي

Exit mobile version