أهم التطورات
> الحكومة تفرض الرقابة على الصحف وتنشئ محكمة جديدة للصحافة.
> سجن صحفيين دون توجيه اتهامات لهما؛ واختفاء صحفي بعد اختطافه.
أرقام مهمة
8 صحف تعرضت للحظر لفترات محددة بدءاً من أيار/ مايو بسبب تغطيتها للاضطرابات في الجنوب.
واصل اليمن انحداره المطرد منذ سنوات حتى غدا من بين البلدان الأكثر قمعاً للصحافة في المنطقة. وقد خضع الصحفيون الذين يغطون المواجهات في جنوب البلاد المضطرب لقيود شديدة. وبلغ القمع ذروته في أيار/ مايو حينما مُنعت ثماني صحف على الأقل قامت بتغطية الاحتجاجات العنيفة من التوزيع، حيث واجهت عدة صحف اتهامات جنائية فيما تعرضت واحدة لهجوم مباشر من قبل عناصر أمن الدولة. كما أنشأ مسؤولون حكوميون محكمة خاصة للنظر فيما يُعتبر جرائم للإعلام الإخباري.
سعت حكومة صنعاء لتخفيف حدة التوتر القائم منذ فترة طويلة في جنوب البلاد، حيث كان المتظاهرون يحتجون على السياسات التي رأوا أنها تهمش سكان الجنوب وتحرمهم من الحصول على الخدمات العامة. وفي أواخر نيسان/ إبريل – حول الذكرى السنوية لقيام وحدة الشمال والجنوب في عام 1990 – وصلت الأحداث درجة الغليان حين اشتبكت القوات الحكومية مع متظاهرين مسلحين. وقامت الحكومة بمتابعة ممارساتها السابقة واتجهت بقوة نحو فرض السيطرة على تدفق المعلومات. وفي هذا السياق، أحرقت جماعة مسلحة – بالنيابة عن السلطات كما يُعتقد – أكثر من 16,000 نسخة من صحيفة “الأيام” واسعة الانتشار في الأول من أيار/ مايو، حسبما قال المدير العام في الصحيفة باشراحيل باشراحيل للجنة حماية الصحفيين. وأضاف بأن السلطات العسكرية منعت توزيع الصحيفة بعد يومين من الحادثة، وبحلول 4 أيار/ مايو كانت قوات الأمن قد حاصرت مطبعة الصحيفة ومنعتها فعلياً من النشر.
ووفقا لتقارير صحفية، قامت وزارة الإعلام بتوسيع نطاق قمعها للأخبار في اليوم ذاته حيث منعت بيع صحف المصدر والأهالي والديار والمستقلة والنداء والشارع والتي تصدر في صنعاء وصحيفتي الوطني والأيام الصادرتين في عدن. وقامت هذه الصحف جميعها بتغطية الاضطرابات في الجنوب بطريقة منتقدة للحكومة. ونقلت صحيفة “اليمن تايمز” عن وزير الإعلام حسن أحمد اللوزي قوله إن هذه الصحف انتهكت قانون الصحافة في البلاد بنشر مقالات هددت الوحدة الوطنية “ونشرت الكراهية والعداء بين أبناء الشعب الواحد في اليمن”.
كما بعث الرئيس علي عبد الله صالح برسالة مماثلة في كلمة ألقاها أمام البرلمان في 5 أيار/ مايو. ونقلت صحيفة “الثورة” التي تديرها الدولة عن الرئيس قوله: “إذا كان هناك مجال أن تتكلم في الصحافة، فعليك أن تنشر المودة والمحبة والإخاء، وإذا وجدت أخطاء في التنمية أو في الأمن أو القضاء انتقد هذه الأخطاء وليس هناك مانع، هذه مساحة مسموحة، لكن على أن تبقى الوحدة والحرية والديمقراطية والثورة والجمهورية والدستور ثوابت وطنية لا ينبغي تجاوزها”.
وقد ظلت صحيفة “الأيام” مغلقة في أواخر عام 2009. أما الصحف الأخرى فقد عاودت الصدور إلا إنها واجهت رقابة ومضايقات بصورة متقطعة، وفقاً لتقارير صحفية محلية. كما اتخذت السلطات إجراءات قضائية بحق العديد من الصحف نفسها في شهر أيار/ مايو، حيث رفعت وزارة الإعلام دعاوى جنائية ضد صحف المصدر والوطني والديار والنداء والشارع والأيام بتهم التحريض على الكراهية والإساءة إلى الوحدة الوطنية ومصالح البلاد. وكانت هذه القضايا لا تزال منظورة أمام المحكمة في أواخر العام. وبموجب قانون الصحافة، قد يواجه رؤساء تحرير الصحف تلك أحكاماً بالحبس لمدة سنة واحدة.
بلغ عداء الحكومة ضد الصحافة ذروته في 13 أيار/ مايو حينما نفذت قوات الأمن عملية دهم مسلحة لمكاتب صحيفة “الأيام” في عدن وهي المدينة الرئيسية في جنوب اليمن، حسبما قال المدير العام للصحيفة باشراحيل للجنة حماية الصحفيين. واستمرت الاشتباكات التي دارت بين رجال الأمن وحراس الصحيفة لمدة ساعة تقريباً لقي أثناءها أحد المارة مصرعه وأصيب حارسان. وقالت قوات الأمن بإنها كانت تحاول اعتقال رئيس تحرير الصحيفة هشام باشراحيل وابنه هاني باشراحيل وموظف آخر لعلاقتهم في قضية تعود إلى عام 2008 حينما قتل حراس الصحيفة واحداً من عدة مهاجمين كانوا يحاولون السيطرة على مكاتب الصحيفة. وقد شكك محامي صحيفة “الأيام” محمد البكولي في دافع القضاء في السعي إلى إجراء الاعتقالات نظراً لسجل الحكومة الطويل في فرض رقابة على الصحيفة ومضايقتها.
ووسط احتجاجات الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، أنشأ مجلس القضاء الأعلى في البلاد محكمة خاصة في أيار/ مايو للنظر في القضايا المتعلقة بجرائم النشر والإعلام، وفقاً لتقارير صحفية محلية. وفور إنشاء محكمة الصحافة والمطبوعات، أحيل إليها أكثر من 150 قضية يعود بعضها إلى عام 2006، كما ذكرت التقارير. وفي أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، حكمت المحكمة في واحد من أوائل الأحكام الصادرة منها على منير الماوري وهو صحفي يمني مقيم في مدينة واشنطن وكاتب مساهم في أسبوعية “المصدر” المستقلة بالحبس لمدة سنتين بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، وذلك حسبما قال صحفيون للجنة حماية الصحفيين. كما قضت المحكمة بإيقاف منير عن مزاولة مهنة الصحافة في اليمن مدى الحياة، وأصدرت حكماً بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ بحق رئيس تحرير الصحيفة سمير جبران على خلفية التهمة ذاتها ومنعته من الكتابة أو إدارة صحيفته لمدة سنة واحدة. وقد أقيمت القضية على خلفية مقالة رأي نشرت في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 لمنير الماوري حيث وصف فيها أسلوب قيادة علي عبد صالح بأنه “سلاح دمار شامل”.
وقال منير الماوري الذي حوكم غيابياً للجنة حماية الصحفين بإنه تناول “الأثر المدمر” لرئيس “يفضل أن يرى الصحفيين يُجرّون إلى المحاكم بدلاً من أولئك المتورطين في الفساد،” كما وصف الحكم الصادر بحقه بأنه “رسالة تهدف إلى ترهيب الصحفيين ومنعهم من الكتابة عن الرئيس”. وقالت إدارة صحيفة “المصدر” بإنها سوف تستأنف الحكم. وقد شكك صحفيون يمنيون في شرعية محكمة الصحافة، قائلين إن الدستور لا يسمح بإنشاء المحاكم الاستثنائية، وإن أحكام منع المزاولة المهنية التي أصدرتها المحكمة ليس لها أصل في القانون اليمني.
كان هناك صحفيان ما يزالان في السجن حينما أجرت لجنة حماية الصحفيين تعدادها السنوي للصحفيين المسجونين في 1 شهر كانون الأول/ ديسمبر. حيث اعتقلت قوات الأمن رئيس تحرير موقع “المكلا برس” الإلكتروني الإخباري فؤاد راشد في 4 أيار/ مايو في مدينة المكلا، حسبما أفاد الموقع. ولم تفصح السلطات عن الأساس الذي تم عليه الاحتجاز، غير إن موقع “المكلا برس” قد قام بتغطية الاضطرابات في الجنوب بانتظام.
كما أُلقي القبض على صلاح السقلدي رئيس تحرير موقع “خليج عدن” الإخباري على شبكة الإنترنت من قبل قوات الأمن خلال عملية دهم لمنزله في خور مكسر في محافظة عدن بتاريخ 18 حزيران/ يونيو، وفقاً لما ذكرته تقارير إخبارية محلية. وصادرت قوات الأمن حاسوبه المحمول والكاميرا التي كانت بحوزته. وكان موقع “خليج عدن” قد غطى الصراع في جنوب اليمن تغطية مكثفة. واستناداً إلى تقارير إخبارية محلية، كان صلاح السقلدي محتجزا في أحد السجون الأمنية في صنعاء ولم يُسمح لعائلته برؤيته، في حين لم تفصح السلطات عن توجيه أي تهم له.
واختفى صحفي آخر ناقد للحكومة يدعى محمد المقالح وهو رئيس تحرير موقع “الاشتراكي” الإلكتروني التابع للحزب الاشتراكي المعارض، بعد أن اختطفه مجهولون بتاريخ 18 أيلول/ سبتمبر، كما أوردت تقارير إخبارية. ونقلت تلك التقارير عن شهود عيان قولهم إن مسلحين ملثمين اعترضوا السيارة التي كان يستقلها محمد المقالح في صنعاء وجروه إلى سيارتهم وانطلقوا به مسرعين. وكان المقالح قبلها بأسبوع قد نشر مقالاً أدان فيه الضربات العسكرية الجوية التي راح ضحيتها 87 قتيلاً وأكثر من 100 جريح من المشردين داخلياً الهاربين من القتال الدائر في مدينة صعدة. وفي أواخر 2009، لم يكن مكان وجود محمد المقالح معلوماً.
وفي سياق مواجهة الاضطرابات المدنية التي لم تقتصر على الجنوب وحسب، كانت السلطات شديدة الحساسية تجاه أي تغطية اعتبرتها منتقدة لإجراءات الحكومة. ففي تموز/ يوليو، شنت الحكومة عملية عسكرية ضد المقاتلين الحوثيين، وهم جماعة شيعية قبلية، في منطقة صعدة شمال غرب اليمن، وهي لا تزال تحاربهم منذ عام 2004. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، شنت المملكة العربية السعودية هجمات برية وجوية عبر الحدود ضد المتمردين الحوثيين. واستناداً لتقارير إخبارية، فقد سقط المئات من المدنيين بين صريع وجريح في هذه الهجمات.
وخص قادة الحكومة قناة “الجزيرة” بالنقد حيث قامت بتغطية واسعة للاضطرابات الاجتماعية. وفي هذا الصدد، نقلت تقارير صحفية محلية عن عضو البرلمان مسعد اللهبي قوله بإن “قناة الجزيرة أصبحت مصدراً لانتقاد المجتمع اليمني. فهي تبث ما تقدمه لها قوى تقف ضد اليمن ووحدته المباركة”.
وأفادت القناة بتعرضها للمضايقة والاعتداءات في حالات عديدة. فعلى سبيل المثال، أقدم رجال ملثمون بتاريخ 22 حزيران/ يونيو، برشق مراسل القناة في عدن، فضل مبارك، بالحجارة مما أدى إلى إصابته في رأسه، كما أفاد صحفيون للجنة حماية الصحفيين. وقام المهاجمون أيضاً بسرقة الكاميرا التي كانت بحوزته. وبعد الحادثة بشهر، اتصل مجهول بمكتب “الجزيرة” في صنعاء وترك رسالة تهديد لمدير المكتب مراد هاشم جاء فيها: “قولي لمدير المكتب قرب أجله”.
استهدف القمع الحكومي كذلك المواقع الإخبارية الإلكترونية الناقدة، حيث قالت صحف المصدر والتغيير والشارع في أيار/ مايو إن مواقعها على شبكة الإنترنت قد تعرضت للحجب داخل البلاد لفترة وجيزة. وحسبما قال رئيس تحرير موقع “التغيير” عرفات مدابش للجنة حماية الصحفيين فإنه يعتقد بإن السبب وراء استهداف الموقع هو تغطيته للاضطرابات في الجنوب. أما موقع “المكلا برس” الذي يبث من محافظة حضرموت في جنوب البلاد، فلم يكن الوصول إليه متاحاً من داخل اليمن طوال عام 2009.