أهم التطورات
> النظام يرفع دعاوى قضائية بالتشهير في المغرب ودول أخرى.
> القذافي يؤمم محطة التلفزيون الوطنية الأهلية الوحيدة.
أرقام مهمة
3 صحف مغربية يُحكم عليها بدفع تعويضات عن الأضرار بسبب “الإساءة لكرامة” العقيد القذافي.
احتفل العقيد القذافي في أيلول/سبتمبر الماضي بالذكرى الأربعين للانقلاب الذي جاء به إلى السلطة وبالتالي قاد إلى اجتثاث حقوق الإنسان وإلى عمليات اغتيال واختفاء قسري ضد مئات من منتقدي النظام من ضمنهم صحفيون. لقد استخدمت الحكومة تكتيكات قمعية أكثر نعومة في السنوات الأخيرة في محاولة تنسجم مع الجهود الرامية إلى ترميم صورة القذافي في العالم، إلا أنها حافظت على إحكام قبضتها على وسائل الإعلام.
ويقول عمر القدي وهو إعلامي ليبي يعمل في “راديو هولندا” كان قد أُجبر على العيش في المنفى منذ 10 سنوات، “لقد أدركوا أن مضايقة الصحفيين بصورة متكررة … تحقق الهدف نفسه دون التسبب في احتجاج شعبي عنيف”. وقد أوردت الجزيرة ومدافعون عن حقوق الإنسان بأن دائرة المدعي العام الإعلامي، وهي دائرة تم تكليفها تحديداً بالتحقيق في ما يُرى أنه إساءات من قبل وسائل الإعلام الإخبارية، رفعت عدداً كبيراً من قضايا التشهير منذ أوائل العام. وعلى الرغم من عدم وجود أي صحفي في السجن مع نهاية العام الماضي، بدت المضايقة وكأنها الإستراتيجية المفضلة للحكومة. فقد ذكرت مصادر لجنة حماية الصحفيين إن مكتب المدعى العام اعتاد على استدعاء الصحفيين للاستجواب عدة مرات، وكثيراً ما أجبرهم ذلك على السفر لمسافات طويلة دون إعطائهم إشعاراً زمنياً كافياً. وفي شباط/فبراير، ذكرت تقارير الأنباء بأن أكثر من 60 أكاديمياً وصحفياً اشتركوا في التوقيع على التماس يستنكر “المضايقة القضائية”.
واستمر النظام في عدائيته في الملاحقة القضائية للصحفيين المنتقدين له والموجودين في دول أخرى نمط الحكم فيها استبدادي. ففي الربيع الماضي، أقنعت السفارة الليبية في الرباط النيابة العامة المغربية بتوجيه تهم بتشويه السمعة ضد ثلاث صحف في المغرب. وكانت الصحف المغربية قد نشرت أخباراً تنتقد صعود القذافي إلى السلطة وأطروحته السياسية “الكتاب الأخضر” والاعتقالات التي طالت عام 2008 أفراداً من عائلة القذافي في قضية اعتداء.
وفي حزيران/يونيو، حكمت محكمة بالدار البيضاء على كل من صحيفة “المسائية” و “الجريدة الأولى” و “الأحداث المغربية” بدفع غرامة قيمتها، لكل صحيفة، 100,000 درهم (12,500 دولار أمريكي) وتعويضات عن الأضرار بقيمة مليون درهم (125,000 دولار أمريكي) بسبب “الإساءة لكرامة” الزعيم الليبي. وأظهر بحث لجنة حماية الصحفيين بأن المحاكم المغربية يؤخذ عليها عدم استقلاليتها وقابليتها للتأثر السياسي. وقالت مصادر اللجنة إن دعم القذافي لمزاعم المغرب بالسيادة على الصحراء الغربية، والاستثمارات الليبية في المغرب، ووجود مئات الآلاف من العمال المغاربة في ليبيا كانت من بين العوامل التي يحتمل أنها أثرت على قرار المحكمة.
وقد أثار الحكم غضباً في أوساط الصحافة وجماعات حقوق الإنسان. وقال حسن سملالي، وهو أحد محامي الدفاع، للجنة حماية الصحفيين إن “هذه كانت قضية حرية رأي”، وقال “لا يوجد تشويه للسمعة على الإطلاق. لقد استخدم القذافي كل تأثيره لتكميم أفواه الصحف الثلاثة في وقت واحد”. ولليبيا سوابق في الدفع بقضايا تشويه السمعة في دول يكون لها فيها أذن صاغية. فقد رفع النظام دعاوى قضائية ضد صحفيين مصريين عامي 2004 و2007، وضد صحيفة يومية جزائرية عام 2006، وضد رئيس تحرير صحيفة مغربي عام 2004.
إن عدم تسامح القذافي على أي مستوى مع الصحافة الناقدة يتمثل في القرار المفاجئ للنظام في نيسان/إبريل بتأميم مجموعة الغد الإعلامية التي كانت قد أطلقت قناة “الليبية” وهي أول محطة تلفزيونية خاصة في البلاد. وقد ضمت مجموعة الغد التي أسسها سيف الإسلام القذافي، ابن العقيد القذافي، عام 2007 أيضاً على صحيفتي “أويا” و “سيرين” ومحطتي إذاعة.
ولم تقدم وسائل الإعلام التي تديرها الدولة أية أسباب لهذا القرار، ولكن القنوات الإخبارية المستقلة قالت إن قناة “الليبية” الفضائية كانت على وشك أن تبث تقريراً حول استخدام النظام للتعذيب ضد معارضيه واضطهاده لهم. وذكر صحفيون للجنة بأن السلطات المصرية تذمرت أيضاً من ملاحظات نقدية للمعلق حمدي قنديل بُثت على الهواء. وأصبحت قناة “الليبية” ومحطتي الإذاعة الآن تتبع لهيئة إذاعة الجماهيرية التي تديرها الدولة فيما أصبحت الصحيفتان تتبعان لمؤسسة الصحافة العامة.
وكان يُنظر في البداية لإنشاء محطات الغد الإعلامية على أنها حيلة من حيل العلاقات العامة ترمي إلى تحسين صورة النظام في العالم والترويج لسيف الإسلام القذافي كإصلاحي. إلا أن المؤسسة تعاقدت مع صحفيين محترفين وذوي نزعة فكرية استقلالية كما أنها تناولت (أو بالمقابل تجاهلت) قضايا اجتماعية بأساليب نقدية. وقال صحفيون ليبيون إن محطات الغد وصحفها حظيت على ما يبدو بدعم الإصلاحيين في النظام، إلا أنها أُسقطت من قبل العناصر الرجعية التي شجعت منذ أمد طويل على سياسات القبضة الحديدية مع الصحافة. وكان صحفيو الغد من بين اولئك الذين تم استدعاؤهم للاستجواب من قبل الإدعاء العام الحكومي، حسب الرابطة الليبية لحقوق الإنسان وهي مجموعة من الأكاديميين والكتاب المنفيين.
وتقول مجموعة “مبادرة الشبكة المفتوحة” (OpenNet Initiative)، وهي شراكة أكاديمية تعنى بدراسة الرقابة على شبكة الإنترنت، إن النظام يقوم بعمليات ترشيح انتقائية للمحتويات السياسية في الإنترنت. وفي تقرير لها نشرته في آب/أغسطس 2009، ذكرت “مبادرة الشبكة المفتوحة” أيضاً بأنه “تبيَّن أن عدداً من المواقع المستقلة أو المؤيدة للمعارضة على الإنترنت تتعرض بصورة متقطعة للقرصنة والتشويه ويتم استبدال محتوياتها بمواد مؤيدة للزعيم الليبي”. وقالت المبادرة إن عدد المدونات قليل وإنها تميل إلى التركيز على الثقافة والأدب بدلاً من السياسة.
لقد قدمت الرابطة الليبية لحقوق الإنسان تذكاراً مهماً عن تاريخ النظام القمعي الوحشي. ففي اليوم العالمي لحرية الصحافة، أطلقت الرابطة قائمة بأسماء الصحفيين الذين قتلوا أو الذين اختفوا في العقود الأربعة الماضية. واشتملت القائمة على “صحفيين فقدوا حياتهم في سبيل تأدية علمهم على النحو الأخلاقي” ومن بينهم ضيف الغزال الشهيبي الذي عُثر على جثته التي تعرضت للتمثيل في ضواحي بنغازي في 2 حزيران/يونيو 2005 بعد نحو أسبوعين من التبليغ عن فقدانه، وفقاً لما ذكرته عدة مصادر. وكان ضيف الغزال، الذي عمل موظفاً سابقاً في مؤسسة الإعلام التابعة للدولة، قد بدأ في الفترة الأخيرة من حياته بكتابة مقالات على شبكة الإنترنت عن الفساد الرسمي. ولغاية اليوم، لم يُجرَ تحقيق يتسم بالموثوقية والشفافية في مقتل ضيف الغزال. وفي تموز/يوليو 2007، نقلت الصحف عن أسرة ضيف الغزال قولها إن محكمة في طرابلس حكمت بالإعدام على ثلاثة رجال مجهولين بتهمة ارتكاب الجريمة. إلا أن صحفيين مستقلين قالوا إنه لم يتم الإعلان عن أية تفاصيل رسمية بشأن المحاكمة المفترضة وإنه يُحتمل أن تكون أسرة ضيف الغزال قد تعرضت للضغط من قبل السلطات كي تدلي بهذا التصريح.