10 حزيران/ يونيو 2009
نوري المالكي
رئيس وزراء العراق
لعناية سفارة جمهورية العراق
3421 Massachusetts Ave. N.W.واشنطن العاصمة 20007
عبر الفاكس: 1129-333-202
حضرة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي،
تود لجنة حماية الصحفيين ومرصد الحريات الصحفية لفت انتباهكم إلى العديد من القضايا التي تضر بحرية الصحافة في العراق. حيث قامت منظمتانا هاتان خلال الأشهر الأخيرة بتوثيق عدد من الاعتداءات والمضايقات التي ارتكبها مسؤولون حكوميون ضد صحفيين في أنحاء مختلفة من البلاد تخضع لسيطرة الحكومة المركزية العراقية.
قطعت الصحافة في العراق منذ عام 2003 شوطاً كبيراً حيث ظهرت المئات من الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزة المستقلة والحزبية وتلك التي تديرها الدولة. وللأسف، دفع الصحفيون بالموازاة مع ذلك التقدم ثمناً باهظاً. فعلى مرّ السنوات الست المنصرمة تَصدَّر العراق قائمة لجنة حماية الصحفيين كأخطر بقعة في العالم بالنسبة للصحفيين. ولغاية 9 حزيران/ يونيو وثقت لجنة حماية الصحفيين مقتل 139 صحفياً إضافة إلى 51 من العاملين في وسائل الإعلام في العراق منذ آذار/ مارس 2003. وقد سقط ثلاثة منهم هذا العام. بل إن سجلات مرصد الحريات الصحفية تشير إلى عدد أكبر من الصحفيين والإعلاميين الذين فقدوا أرواحهم.
وفي أيار/ مايو قلتم في كلمتكم أمام قمة بغداد للصحافة: “نحن فخورون بأن ليس لدينا صحفي واحد سجين بسبب حرية التعبير”. وإذ تشيد لجنة حماية الصحفيين ومرصد الحريات الصحفية بحكومتكم على هذا الأمر، فإنهما يدعوانكم لأن تضغطوا على الجيش الأمريكي لإطلاق سراح مصور وكالة أنباء رويترز إبراهيم جسام المحتجز في سجن عسكري أمريكي منذ أيلول/ سبتمبر 2008 دون تهمة.
وفي الأشهر الأخيرة واجه العديد من الصحفيين مضايقات بل واعتداءات في بعض الحالات على يد قوات الأمن العراقية. وفي حالات أخرى، استخدم مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى الدعاوى القضائية كأداة سياسية لعرقلة دور وسائل الإعلام الإخبارية وتكميم أفواه العاملين فيها.
ومن أجل تحسين بيئة العمل للصحفيين في العراق، تدعو لجنة حماية الصحفيين ومرصد الحريات الصحفية حكومتكم لاتخاذ الخطوات التالية:
· الضغط على الجيش الأمريكي لحثه على احترام قرارات المحاكم العراقية وإخلاء سبيل إبراهيم جسام على الفور.
· الإدانة العلنية لأعمال العنف والاعتداءات والترهيب بحق الصحفيين. وإجراء التحقيقات ومحاكمة المسؤولين عن قتل الصحفيين والاعتداء عليهم ومضايقتهم.
· إصدار الأوامر للوكالات الحكومية بالتوقف عن تحريك الدعاوى القضائية ذات الدوافع السياسية ضد الصحفيين والمطبوعات.
· إصدار الأوامر للقوات الأمنية وقوات الجيش بالتوقف عن استخدام القوة لمضايقة أو منع الصحفيين من القيام بعملهم.
· تعليق العمل بالمواد التالية أو تعديلها: 81، 82، 83، 84، 201، 202، 210، 211، 215، 225، 226، 227، 403، 433، 434 من القانون رقم 111/ 1969، والمتعارف عليه باسم قانون العقوبات لسنة 1969. حيث تجرم هذه البنود القانونية المخالفات المتعلقة بالصحافة وتفرض عقوبات صارمة عليها.
· ضمان امتثال كافة القوانين الأخرى الحالية والمستقبلية بالمعايير الدولية الخاصة بحرية التعبير.
تجدون مرفقا بهذه الرسالة تقريراً موجزاً توثق فيه لجنة حماية الصحفيين ومرصد الحريات الصحفية بشئ من التفصيل الانتهاكات المرتكبة بحق الصحفيين منذ مطلع العام الحالي.
نشكركم مقدماً على اهتمامكم بهذه الأمور الهامة. ونحن نتطلع لسماع ردكم.
مع خالص التقدير،
جويل سايمون
المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين
زياد العجيلي
مدير مرصد الحريات الصحفية
الاعتداءات والتهديدات والإجراءات القضائية ضد الصحفيين في العراق منذ 1 كانون الثاني/يناير 2009
إبراهيم جسام محتجز منذ ما يزيد عن تسعة أشهر:
إبراهيم جسام هو مصور مستقل يعمل مع وكالة رويترز، وقد احتجزته قوات أمريكية وعراقية في 2 أيلول/سبتمبر 2008 أثناء غارة على بلدة المحمودية التي يقطن بها، والتي تقع إلى الجنوب من بغداد. وأوردت وكالة رويترز إن المحكمة الجنائية المركزية العراقية أصدرت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر حكماً بأنه لا يوجد أي دليل يبرر احتجاز إبراهيم جسام، وأصدرت أمراً للجيش الأمريكي بالإفراج عنه من معسكر كروبر الواقع قرب بغداد.
رفضت سلطات الجيش الأمريكي أمر المحكمة وزعمت إن إبراهيم جسام “ما زال يشكل تهديداً خطيراً على أمن العراق واستقراره”. وفي رسالة مؤرخة في 9 شباط/فبراير من هذا العام، قال المسؤول عن الشؤون العامة، الرائد نيل فيشر، للجنة حماية الصحفيين إن إبراهيم جسام إضافة إلى 15,000 محتجز آخرين سيتم الإفراج عنهم وفقا “لتصنيف يستند إلى مستوى التهديدات التي تم تقييمها”. ولم يقدم فيشر المزيد من التفاصيل بشأن توقيت هذا الإفراج.
الاعتداءات والمضايقات ضد الصحفيين:
لقد وثّق مرصد الحريات الصحفية أكثر من 70 حالة من حالات الاعتداءات والمضايقات ضد الصحفيين في مدن عديدة في العراق قامت قوات الأمن خلالها باستخدام القوة والتهديدات وإتلاف معدات التسجيل والتصوير سعياً لمنع الصحفيين من أداء عملهم. وفيما يلي بعض الأمثلة:
· في 13 شباط/فبراير، كان فريق تابع لمحطة “الاتجاه” الفضائية متوجهاً نحو كربلاء، وقام جنود بإيقاف سيارتهم على أبواب المدينة، وذلك بحسب إفادة السيد أحمد الأزاري لمرصد الحريات الصحفية. وقال إن أعضاء الفريق عرّفوا بأنفسهم كصحفيين وأبرزوا رسائل رسمية تسمح لهم بدخول المدينة، ولكن وجّه لهم أحد الجنود أمراً بالعودة إلى بغداد. وعندما رفض الفريق، اعتدى الجنود على أعضاء الفريق، وقال أحمد الأزاري “لقد قاموا بضربنا دون رحمة حتى عندما كنا نصرخ بأننا صحفيون”. وقد تم احتجاز الفريق لمدة ساعتين، وتم الإفراج عنهم بعد تدخل شرطة المدينة.
· أورد مرصد الحريات الصحفية إن حراس رئيس الوزراء قاموا في 23 شباط/فبراير بمنع الفرق الصحفية من تغطية احتفال إعادة افتتاح المتحف الوطني العراقي في بغداد. وقال الصحفي أحمد عرام للجنة حماية الصحفيين، وهو يعمل مع قناة “الحرة”، إن الحراس قاموا بدفعه وصحفيين آخرين إلى خارج المبنى بحجة عدم وجود أماكن فارغة للصحفيين في القاعة المخصصة للصحفيين. وقال أحمد عرام ، “صرخ أحد الحراس في وجهي قائلاً ‘إذا لم ترجع سوف أكسر أسنانك'”. وأضاف أحمد عرام أنه تم السماح لاحقا للصحفيين بدخول قاعة الصحفيين بعد أن تدخل موظف من مكتب رئيس الوزراء.
· في 5 آذار/مارس، كان الصحفي أمجد طالع، مراسل محطة “العراقية” التابعة للحكومة، إضافة إلى ما يقارب عشرين صحفياً متوجهين لتغطية شعائر دينية في مسجد العسكري في سامراء الواقعة إلى الشمال الغربي من بغداد، ولكن تم إيقافهم عند نقطة تفتيش أمنية، وذلك وفقا لما أورده للجنة حماية الصحفيين ومرصد الحريات الصحفية. وقال، “عرّفنا على أنفسنا كصحفيين، ولكن الجنود لم يكترثوا بذلك”، وأضاف بأن قوات الأمن اعتدت على المصور الذي يعمل معه، السيد مجيد عماد الدين. وقال إنه تم السماح للفريق بدخول المسجد بعد حوالي ساعة.
· قال الصحفي محمد المفرجي لمرصد الحريات الصحفية، وهو يعمل مع وكالة الأنباء العراقية، إنه تعرض لاعتداء على يد حراس يرتدون ملابس مدنية يعملون على حماية عبد الفالح السوداني الذي كان حينها وزيرا للتجارة، وذلك أثناء مؤتمر صحفي عقد في 13 نيسان/ إبريل. وأفاد محمد المفرجي للجنة حماية الصحفيين إنه كان يجري مقابلة مع وفد سوري يزور العراق عندما تم دفعه خارج القاعة التي يجري فيها المؤتمر الصحفي. وقال للجنة حماية الصحفيين “تعرضت للضرب على رأسي من الخلف وسقطت على الأرض”. وأضاف أن حراس الفندق الذي جرى فيه المؤتمر الصحفي ساعدوه على مغادرة المبنى. وقال المفرجي إن وزارة التجارة اعتذرت له وللوكالة التي يعمل بها بعد أن غطت الصحف المحلية هذه الواقعة.
الدعاوى القضائية والتهديدات برفع دعاوى قضائية:
منذ 1 كانون الثاني/يناير، وثقت لجنة حماية الصحفيين ومرصد الحريات الصحفية عدة حالات قام خلالها مسؤولون حكوميون كبار باستخدام الدعاوى القضائية المدنية، أو التهديد برفع دعاوى قضائية لتهديد المنظمات الإخبارية الناقدة.
· في 26 أيار/مايو، أوردت صحيفة “غارديان” التي تصدر في لندن إن جهاز المخابرات العراقية رفع دعوى قضائية ضدها بسبب مقالة نشرتها زعم فيها مصدر لم تفصح عنه الصحيفة إن رئيس الوزراء “يتجه نحو الحكم المطلق بصفة متزايدة”. وقالت الصحيفة إن الدعوى القضائية التي تطالب بتعويض يبلغ مليون دولار أمريكي بدل أضرار، تم رفعها بتوجيه من مكتب رئيس الوزراء. وقالت الصحيفة إن الحكومة طالبت في البداية بإغلاق مكتب الصحيفة في بغداد، ولكنها امتنعت لاحقا عن هذا الطلب.
· رفع وزير التجارة السابق عبد الفالح السوداني ثلاث دعاوى تشهير في أيار/مايو ضد الصحيفة اليومية المستقلة “المشرق” التي تتخذ من بغداد مقراً لها، وذلك بعد أن نشرت الصحيفة مقالاً في عام 2007 ومقالين آخرين في عام 2009 ورد فيها مزاعم بوجود فساد في الوزارة، وذلك بحسب ما أفاد به مدير تحرير الصحيفة، فؤاد غازي، للجنة حماية الصحفيين. وطالب الوزير بمبلغ 50 مليون دينار عراقي (ما يعادل 43,260 دولار أمريكي) كتعويض بدل أضرار عن كل مقال من تلك المقالات. ووفقاً لموقع الإنترنت التابع للوزارة، قامت الوزارة لاحقاً بسحب الدعوى بناءً على طلب نقابة الصحفيين العراقيين.
· وكان وزير التجارة السابق، الذي يخضع حاليا لتحقيق على خلفية اتهمات بالفساد، قد رفع دعوى قضائية شبيهة في 30 نيسان/إبريل ضد الصحيفة اليومية المستقلة “البرلمان” وطالب بتعويض قدره 50 مليون دينار عراقي (ما يعادل 43,260 دولار أمريكي) بدل أضرار، وذلك بحسب ما أفادت به مديرة تحرير الصحيفة، عالية طالب، للجنة حماية الصحفيين. وكانت الصحيفة قد نشرت مقالاً في 20 نيسان/إبريل وجه عبره أحد أعضاء البرلمان اتهامات ضد وزير التجارة بممارسة الفساد. وقام الوزير لاحقاً بسحب الدعوى.
· رفعت مديرية الأملاك والعقارات في وزارة المواصلات دعوى قضائية في نيسان/إبريل ضد محطة “الديار” التلفزيونية التي تتخذ من بغداد مقراً لها، بعد أن بثت المحطة مقابلات مع موظفين في الوزارة اشتكوا بأنه تم فصلهم من عملهم بعد أكثر من ما يزيد عن عشرة أعوام من الخدمة، وذلك بحسب ما أفاد به عماد العبادي الذي يعمل مستشارا للمحطة للجنة حماية الصحفيين. وفي 13 نيسان/إبريل، أصدرت المحكمة حكما يوجب دفع تعويض بدل أضرار يبلغ 10 ملايين دينار عراقي (ما يعادل 8,650 دولار أمريكي). وقال العبادي إن المحطة استأنفت الحكم وما زالت القضية قيد النظر في المحكمة.
· في 13 نيسان/إبريل، أعلن العميد قاسم عطا الموسوي، المتحدث باسم قيادة قوات عمليات بغداد، بأن الجيش سوف يرفع دعوى قضائية بتهمة التشهير ضد قناة “الشرقية” التي تتخذ من دبي مقراً لها، وضد صحيفة “الحياة” التي تصدر في لندن، لقيامهما بنسبة أقوال إليه لم يكن قد صرح بها. وكانت صحيفة “الحياة” قد نسبت للموسوي قوله إن الجيش العراقي قام “بتوزيع اسماء وصور المحتجزين الذين تم الإفراج عنهم على نقاط التفتيش بغية اعتقالهم من جديد على خلفية التفجيرات التي وقعت مؤخراً في بغداد”. وكانت قناة “الشرقية” قد بثت الخبر الذي أوردته صحيفة “الحياة”. وأوردت وكالة أسوشيتد برس إن صحيفة “الحياة” نشرت لاحقاً تصحيحاً على موقعها على شبكة الإنترنت قالت فيه إن المعلومات وردت من مصدر لم تفصح عنه، وليس من الموسوي. ومن غير الواضح ما هو وضع هذه الدعوى القضائية حاليا، ففي 4 حزيران/يونيو قال متحدث باسم قناة “الشرقية” للجنة حماية الصحفيين إن القناة لم تتسلم استدعاءا قضائياً حتى الآن بخصوص القضية.
· في 10 شباط/فبراير، رفع محامي رئيس الوزراء العراقي دعوى قضائية ضد إياد الزاملي، مالك موقع الإنترنت الشهير “كتابات” الذي يصدر من ألمانيا، وضد شخص آخر يكتب تحت الاسم المستعار علي حسين. ونشأت الدعوى عن مقال صدر في 5 كانون الثاني/يناير يتهم رئيس ديوان رئيس الوزراء بممارسة المحسوبية. وطالبت الدعوى القضائية بدفع تعويض قدره مليار دينار عراقي (ما يعادل 865,380 دولار أمريكي) بدل أضرار. وفي 28 أيار/مايو، وعلى أثر احتجاجات محلية ودولية، اتصل المحامي بإياد الزاملي لإبلاغه بسحب الدعوى، وذلك بحسب ما أفاد الزاملي للجنة حماية الصحفيين.
الحاجة إلى إصلاح مواد قانون العقوبات الصادر عام 1969 المتعلقة بالصحافة:
وفقاً لتحليلات لجنة حماية الصحفيين، فإن القانون رقم 111/1969، المتعارف عليه باسم قانون العقوبات العراقي للعام 1969، يجرم المخالفات المتعلقة بالصحافة، ويفرض عقوبات صارمة على الصحفيين. وقد أعربت منظمات محلية ودولية مناصرة لحرية الصحافة عن آراء شبيهة.
تنص المواد 81، 82، 83، 84، 201، 202، 210، 211، 215، 225، 226، 227، 403، 433، و 434 من قانون العقوبات على فرض غرامات وأحكام بالسجن لفترات طويلة، أو كليهما معاً، على من يدان بطائفة من المخالفات الصحفية. ويفرض القانون عقوبة الإعدام على بعض المخالفات. فعلى سبيل المثال، يفرض قانون العقوبات عقوبة السجن مدى الحياة أو الإعدام على من يدان بإهانة الرئيس، أو البرلمان، أو الحكومة، كما يفرض عقوبة السجن لمدة سبع سنوات على من يهين المحاكم، أو القوات المسلحة، أو السلطات العامة، أو الوكالات الحكومية.
يفرض قانون العقوبات أيضا عقوبات قاسية بالسجن ودفع غرامات لبث أو نشر معلومات كاذبة، واستيراد وتوزيع صور ومواد تقلق الأمن العام أو تتضمن قذفاً وتشهيراً.
إن من الضروري جداً تعديل القوانين المتعلقة بالصحافة أو إعادة صياغتها انسجاماً مع الدستور العراقي الذي يضمن حرية التعبير، وانسجاما مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يضمن الحق في “التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى”.
إن قانون الصحافة الذي يحمي الصحفيين ويضمن إمكانيتهم بالوصول إلى المعلومات، هو أمر ضروري لمواصلة تقدم وضع الصحافة في العراق.
أجرى الأبحاث و المقابلات، مريوان حمه سعيد، باحث في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين. وفر مرصد الحريات الصحفية الذي يتخذ من بغداد مقراً له، أبحاثاً إضافية.