واجه سجل الرئيس محمود أحمدي نجاد في مجال السياسات الاقتصادية وحقوق الإنسان انتقادات واسعة من الأكاديميين والناشطين والصحفيين. وردا على ذلك، سعى الرئيس الإيراني إلى قمع وسائل الإعلام المستقلة عن طريق التلاعب بالإعانات الحكومية، وممارسة الرقابة، واستخدام أساليب عقابية كالاعتقال والمضايقة.
تجاوز معدل التضخم الإيراني الرسمي 25 في المائة، وهي الزيادة التي قال محللون أنها تفاقمت بسبب ارتفاع الإنفاق الحكومي من عائدات النفط. وعلى صعيد حقوق الإنسان، شنت حكومة أحمدي نجاد حملة على حرية التعبير على الانترنت وفي وسائط الإعلام التقليدية، بالإضافة إلى الضغوط على الأقليات وسوء معاملتهم، ووفقا لتقارير منظمة هيومن رايتس ووتش ، فقد أعدمت السلطات سبعة من الأحداث في عام 2008 وحده.
منذ انتخاب أحمدي نجاد في عام 2005 ، كانت الحكومة قد استخدمت الإعانات الرسمية كسلاح حاسم ضد الصحف والمجلات، وفقا لتقارير المحللين والأخبار. وذكرت الصحف الإصلاحية والانتقادية أنها تفقد الدعم على الورق المستورد والمعدات وهي الامتيازات التي لا تزال متاحة على نطاق واسع لوسائل الإعلام الموالية للحكومة. وتقول صحيفة آفتاب يزد اليومية أنها تواجه خفضا في الدعم الحكومي بعدما صنفت وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي – وهي الجهة المسئولة عن مراقبة الصحافة – الصحيفة في تقرير عام 2007 كواحدة من أبرز الصحف التي تنتقد الحكومة.
ويقول الصحفي البارز في طهران محمود شمس الوزين لوكالة أنباء أفتاب: “الحكومة تدفع بالصحافة إلى أزمة بسبب السياسات التي تنتهجها”. وأضاف قائلا: “إن الحكومة تسعى جاهدة لجعل المنتجات الثقافية متطابقة، وهذا هو السبب في تضرر المؤسسات الخاصة.”
وتستخدم الإدارة أساليب أخرى من وراء الكواليس أيضا، إذ تحث المؤسسات الحكومية على حجب الدعاية والإعلانات عن المطبوعات التي تنتقد الحكومة، حسبما أفادت مصادر لجنة حماية الصحفيين. وفي ظل الاقتصاد القائم إلى حد كبير على الحكومة، فإن المطبوعات تعتمد اعتمادا كبيرا على عائدات الإعلانات من الشركات والبنوك والهيئات الحكومية. كما تسعى السلطات إلى السيطرة على التغطيات الإخبارية من خلال ممارسة الضغط الهادئ على المطبوعات. ووفقا لما ذكرته التقارير الإخبارية فإن سعيد مرتضوي، المدعي العام القوي في طهران يصدر توجيهاته لرؤساء التحرير بخصوص ما يمكن تغطيته وكيف، مستخدما التهديد بإيقاف المطبوعة كوسيلة ضغط.
وجه احمدي نجاد منذ اعتلائه سدة الحكم هجوما قاسيا ضد المجتمع المدني في إيران. وقد تم حل عشرات المنظمات الأهلية والمدنية، أو منعها من النشاط. وفي تموز/يوليو هددت وزارة العمل الإيرانية بحل جمعية الصحافيين الإيرانيين، وهي المنظمة الصحفية غير الحكومية الوحيدة في البلاد، على خلفية ادعاءات بمخالفات في انتخاب قيادة الجماعة. وفي نهاية السنة، يبدو أن الحكومة قامت بالتراجع عن تهديدها بعد أن قامت الجمعية بانتخابات مجلس إدارة جديد. وقد قدمت الجمعية التي تضم عضويتها أكثر من 4000 صحافي، دعماً هاماً للكثير من للصحفيين المحليين
تعرض أكثر من 30 صحفيا للاعتقال أو التحقيق أو قضوا وقتا في السجن خلال العام المنصرم، وفق ما أوردته جماعات حقوقية وصحفية. كذلك تم نشر العديد من التقارير التي تتهم السلطات بحرمان السجناء من حقوق الإنسان الأساسية. وفي كثير من الحالات ، لم تعرف أماكن الاحتجاز، أو عقدت المحاكمات في جلسات سرية، أو تم حرمان المتهمين من حق الحصول على محامين للدفاع. وعلى الرغم من أن بعض الصحفيين المسجونين كانوا يعانون أمراضا جسدية خطيرة، لم تكن الرعاية الطبية متاحة على نحو منتظم في الوقت المناسب.
واجه الصحفيون الذين يدافعون عن حقوق المرأة بصفة خاصة رد فعل قوي من الحكومة. ثمة ما لا يقل عن سبعة من الكتاب المعروفين بكتاباتهم عن حقوق المرأة تم استدعاؤهم إلى المحكمة خلال العام. الكاتبة بروين أردلان، التي تكتب للموقع الإلكتروني التغيير من أجل المساواة ، واجهت مجموعتين من التهم، بما فيها اتهامات بتعريض الأمن القومي للخطر. وقد حكمت عليها الدائرة السادسة للمحكمة الثورية الإسلامية بالسجن لمدة ستة أشهر، إلا أنها حصلت على حكم بإخلاء سبيلها في الاستئناف في أواخر السنة. وقد نالت أردلان جائزة أولوف بالمه السويدية لحقوق الإنسان في عام 2007.
واصلت الحكومة اتخاذ إجراءات صارمة ضد عدد من المطبوعات الكردية، والأزيرية، والعربية، بالإضافة إلى حملاتها ضد الصحفيين الذين يسعون لتغطية معاملة النظام للأقليات العرقية.
وعندما أجرت لجنة حماية الصحفيين تعدادها السنوي عن الصحافيين السجناء في 1 ديسمبر كان ما لا يقل عن خمسة كتاب ومحررين إيرانيين يقبعون في السجون، مما يجعل من إيران سادس أسوأ البلدان في العالم في مجال سجن الصحفيين. أربعة من هؤلاء المعتقلين كانوا قد كتبوا تقارير نقدية لجهات صحفية منتمية لأقليات عرقية، أو تقارير تنتقد معاملة الحكومة للأقليات. واتهم الخمسة جميعهم بأشكال مختلفة من النشاط المناهض للدولة.
وتشمل قائمة المسجونين محمد حسين فلاحي يازده، وهو مراسل تلفزيوني يقضي حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد تغطيته للمعاملة القاسية للعرب المتظاهرين في إقليم خوزستان من قبل الحكومة الإيرانية. كذلك واجه عدنان حسن بور رئيس تحرير صحيفة آسو الكردية الأسبوعية ، اتهامات بالتجسس في أواخر العام. (كان حسن بور قد أدين في 2007 الإدانة وحكم عليه أولا بالإعدام ثم ألغي الحكم في أيلول/سبتمبر.)
تشمل هذه القائمة أيضا محمد صديق كابواند، رئيس منظمة حقوق الإنسان في كردستان ومدير تحرير صحيفة بايامي مردوم الأسبوعية، الذي كان يقضي 11 عاما بالسجن على خلفية اتهامات بمناهضة الدولة. أيضا هناك مسعود كرد بور، وهو صحفي مستقل في مقاطعة أذربيجان الغربية، أدين في تشرين الأول/أكتوبر بالسجن لمدة سنة بتهمة “الدعاية ضد النظام” بعد قيامه بمقابلات مع وسائل الإعلام الأجنبية عن معاملة الحكومة للأقليات. أما المدون مجتبى لطفي فقد حكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات في تشرين الثاني/نوفمبر على خلفية اتهامات بمناهضة الدولة تتعلق بما رأته السلطات انتقادا للرئيس أحمدي نجاد.
كانت مبادرة “أوبن نت”، وهي مؤسسة شراكة أكاديمية تعنى بدراسة قضايا الرقابة على الإنترنت ، قد ذكرت في تقرير لها في أيار/مايو 2007 أن إيران تمارس “سياسات عدائية للرقابة على الانترنت” كما أن الموضوعات السياسية والاجتماعية في وسائل الإعلام تخضع لحجب واسع النطاق. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في حزيران/يونيو 2009، يبدو أن الحكومة شرعت تكثف الرقابة على شبكة الإنترنت. فقد أصدرت الحكومة نشرات منتظمة لمقدمي خدمات الإنترنت، تحدد فيها المواقع التي تنتقد الحكومة، سواء كانت مواقع إخبارية، أو سياسية، أو خاصة بحقوق المرأة، وحقوق الإنسان لتقوم تلك الشركات بحجب هذه المواقع. حددت هذه النشرات أيضا عددا كبيرا من المدونات الشخصية لتكون هدفا للرقابة.