عمل الصحفيون في ظروف حرجة تعرضوا فيها لرقابة من مسؤولين حكوميين و لملاحقات جنائية مدفوعة بدوافع سياسية. وقد وضع قانون متشدد للصحافة قيوداً على التغطية الصحفية حول رئاسة الدولة، وأمن الدولة والدين. واحتفظت السلطات بسيطرة مطبقة على التغطية الصحفية حول التمرد الذي تقوده شخصيات دينية وقبلية في منطقة صعدة في شمال غرب البلاد.تأجج القتال بين الحكومة وقوات المتمردين في صعدة عدة مرات قبل أن تحقق المفاوضات هدوءاً في أواخر الصيف. وقد اعتبرت الحكومة أن هذا النزاع الممتد منذ أربعة أعوام يشكل تهديداً خطيراً لأمنها الداخلي، لذلك فقد قيدت إمكانية الوصول إلى المنطقة ولم تحتمل سوى القليل من التغطية الإخبارية أو التعليقات الناقدة بشأن المصادمات.وفي حزيران/يونيو، صدر حكم على عبدالكريم الخيواني الذي وجه انتقادات للحكومة بالسجن لمدة ست سنوات على خلفية اتهامات ملفقة بالتآمر مع عبد المالك الحوثي، قائد المتمردين الذي قاتلت عشيرته ضد القوات الحكومية في صعدة. وقال صحفيون يمنيون للجنة حماية الصحفيين إن هذا الحكم قد صدر جراء الكتابات الناقدة للخيواني على موقعه الشبكي الإخباري المعارض “الشورى”.
وقال محامي الخيواني للجنة حماية الصحفيين، إن الأدلة ضد الخيواني، الذي تم توجيه الاتهامات له في عام 2007، تتألف من مواد صحفية مثل صور لقوات المتمردين، وملاحظات تتعلق بمقابلة أجراها مع قائد المتمردين، ومقالات إخبارية مثل مقال كتبه الخيواني انتقد فيه الرئيس. وقد ركزت المحكمة على قرصين مدمجين يحتويان على صور للقتال يُزعم أنها قد اعطيت للخيواني من قبل عضو في خلية الحوثي. كما استشهدت المحكمة بمحادثة هاتفية راقبتها الحكومة بين الخيواني وأحد زملائه ناقشا فيها المفاوضات بين الحكومة والمتمردين.
وفي أيلول/سبتمبر، وبعد احتجاجات دولية، أصدر الرئيس علي عبدالله صالح عفواً رئاسياً أتاح للخيواني الخروج من سجنه. وبعد إطلاق سراحه، وجه الخيواني الشكر للجنة حماية الصحفيين ومنظمات دولية أخرى على نشاطات المناصرة التي قاموا بها للدفاع عنه. وتلقي هذه القضية الضوء على وضع يعاود الظهور في اليمن. فقد كانت الحكومة منشغلة بما يكفي بشأن صورتها الدولية بحيث تراجعت عن بعض التصرفات الشائنة ضد الصحافة – ولكنها ظلت مستعدة لمضايقة وسجن الصحفيين الذين يتسببون مشاكل لها. وقد تم استهداف الخيواني مرات متكررة خلال الأعوام الماضية، بما في ذلك تهديدات تلقاها في عام 2007 جراء قيامه بانتقاد حكومة علي عبدالله صالح، كما أودع السجن في عام 2004 بتهم تتراوح بين إهانة الرئيس ونشر أخبار كاذبة.
تقوم السلطات برقابة مباشرة لوسائل الأعلام الإخبارية الناقدة. ففي نيسان/إبريل، سحب وزير الاعلام، حسن اللوزي، رخصة النشر من الصحيفة الأسبوعية الوسط بزعم أنها أساءت للعلاقات مع المملكة العربية السعودية. وقد استعادت الصحيفة ترخيصها بعد بضعة أسابيع بأمر من المحكمة. (وهناك صحف أخرى تعرضت لعقاب مشابه في الماضي عندما كان يُزعم بأنها تسببت بالضرر للعلاقات بين اليمن وجارتها المتنفذة الغنية بالنفط). وكان محرر صحيفة الوسط جمال عامر قد حاز على الجائزة الدولية لحرية الصحافة التي تمنحها لجنة حماية الصحفيين، وهو ينشر بانتظام تقارير ناقدة حول فساد الحكومة، والمتطرفين المتدينين والعلاقات مع السعودية. وفي الوقت الذي قامت فيه الحكومة بسحب ترخيص الصحيفة، كان عامر يورد تغطية صحفية حول التظاهرات المناهضة للحكومة في جنوب اليمن.
وإذ أخذ يتاح لعدد متزايد من اليمنين إمكانية الوصول إلى المنشورات التي تظهر على شبكة الإنترنت، أصبحت الحكومة أكثر حرصاً على مراقبة الأخبار والتعليقات الناقدة التي تنشر على الإنترنت. ويظل انتشار الإنترنت منخفضا جدا، إذ يقدر بأن 300,000 يمني استخدموا شبكة الإنترنت في عام 2008، وهو جزء ضئيل من مجموع سكان البلاد الذي يبلغ 22 مليون نسمة، ومع ذلك تضاعف عدد المشتركين بالإنترنت ثلاث مرات خلال ثلاث سنوات. وفي كانون الثاني/يناير، قامت شركة تزويد خدمة الإنترنت المملوكة للحكومة بحجب إمكانية الوصول المحلية إلى عدة مواقع يمنية تنشر أخباراً وتعليقات. وقد أصبحت ثلاثة مواقع غير متاحة للمستخدمين المحليين ابتداءاً من 19 كانون الثاني/يناير المنصرم، وبذلك فقد أضيفت إلى قائمة مكونة من خمس مواقع على الأقل اختفت من الشبكة خلال الأشهر الماضية. وقال الصحفي المخضرم وليد السقاف إن موقعه لجمع الأخبار “يمن باترول” كان ضمن المواقع التي تم حجبها. وأعرب عن اعتقاده بأن الحكومة قامت بالحجب بعد أن عرض موقعه شريط فيديو يظهر قوات الأمن تطلق الرصاص على المتظاهرين في مدينة عدن الجنوبية.
اتخذت الحكومة إجراءات ضد صحفي أجنبي ومعاونيه. فقد احتجز الصحفي ويلم ماركس ويعمل مع شبكة تلفزيون “إتش دي نت” الأمريكية يوم 21 تموز/يوليو بينما كان متوجها إلى مدينة مأرب التاريخية، حيث كانت تجري مصادمات بين جماعات إسلامية معارضة وبين قوات حكومية. وعلى الرغم من أن الصحفي كان قد حصل على إذن بالتصوير في البلاد، فقد تم التحقيق معه من قبل عملاء أمنيين في صنعاء ثم أُبعد عن البلاد في اليوم ذاته. أما معاونوه، علي ناصر قايد البخيتي، ومحمد أحمد حسن البخيتي، فلم يحالفهما حسن الطالع: فقد أودعا السجن دون إبداء أسباب. وقد أفرج عن حسن البخيتي في أيلول/سبتمبر، أما علي ناصر البخيتي فكان محتجزاً في أواخر العام.
لم تورد السلطات أي تقدم في التحقيقات بشأن موجة الاعتداءات العنيفة ضد الصحافة التي حدثت في عام 2005. وقد وجدت لجنة حماية الصحفيين في تقرير تحقيقي أجرته عام 2006 أن الشهود والأدلة يشيرون إلى تورط عملاء للحكومة في عدد من الاعتداءات. وقد تم الإبلاغ عن حالات عنف متفرقة خلال الأعوام التالية. ووجهت لجنة حماية الصحفيين وجماعات صحفية أخرى اللوم إلى الحكومة اليمنية على إدامة ثقافة الإفلات من العقاب فيما يتصل بالاعتداءات على الصحافة.