عارٌ على مصر

بقلم: جويل سايمون/ المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين

أصدر قاضٍ مصري في صباح هذا اليوم حكم إدانة ضد الصحفيين محمد فاضل فهمي وبيتر غريستي وباهر محمد بتهمة التآمر مع جماعة الإخوان المسلمين، وحكم عليهم بالسجن لفترات تتراوح ما بين سبع سنوات إلى عشر سنوات. وكان الصحفيون الثلاثة يعملون لقناة ‘الجزيرة’ عندما اعتُقلوا قبل ستة أشهر، إلا أنهم يتمتعون بخبرة مهنية واسعة إذ عملوا مع مؤسسات إعلامية عديدة من بينها محطة ‘سي أن أن’، وصحيفة ‘نيويورك تايمز’، ومحطة ‘بي بي سي’. كما أصدرت المحكمة حكماً غيابياً بالسجن لمدة عشر سنوات ضد ثلاثة صحفيين آخرين، وهم سو تورتون المذيعة في قناة ‘الجزيرة’ الإنجليزية، والمراسل الصحفي دومينيك كاين من قناة ‘الجزيرة’، والصحفية رينا نيتييس مراسلة الصحيفة الهولندية ‘بارول’.

ويأتي حكم الإدانة بعد أقل من شهر على انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً جديداً لمصر. وعلى الرغم من الشواغل الواسعة النطاق بشأن نزاهة عملية التصويت، لكن من الواضح أن الرئيس يأمُل بأن الانتخابات ستُضفي الشرعية على النظام الحالي وستساعد على ترميم العلاقات الدولية لمصر. وفي الواقع، أشار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أثناء مروره بالقاهرة في يوم الأحد متوجهاً إلى بغداد أن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر قد تتواصل قريباً.

ولكن لا يجدر السماح لمصر بتطبيع علاقاتها الدولية طالما استمرت في سجن الصحفيين. وفي حين يتركز الاهتمام على صحفيي الجزيرة، إلا أن السلطات المصرية تحتجز حالياً 14 صحفياً، مما جعل البلد من بين أشد البلدان قمعاً للصحفيين. وكانت السلطات قد أفرجت في الأسبوع الماضي عن الصحفي عبدالله الشامي إفراجاً مشروطاً لأسباب طبية بعد أن أضرب عن الطعام. وما زالت قضيته منظورة أمام القضاء.

ويزداد الإحراج للسلطات المصرية الناجم عن حكم الإدانة الذي صدر اليوم، بسبب طبيعة الإجراءات القانونية، فقد كانت المحاكمة أشبه ما تكون بالمحاكمة الهزلية، فقد كان من بين الأدلة التي قدمها الادعاء صور التُقطت أثناء إجازة عائلية، ومقاطع مصورة لتقارير إخبارية بثتها شبكات إخبارية أخرى وغير مرتبطة بموضوع القضية.

وقد أثارت الطبيعة السياسية الواضحة للإجراءات القضائية شعوراً بالخوف بين العاملين في الصحافة المصرية، والذين احتشدوا لدعم زملائهم المحتجزين. وفي يوم الجمعة وجّه عشرات الصحفيين البارزين رسالة إلى السيسي طالبوه فيها بأن يتدخل لضمان تحقيق العدالة.

وورد في الرسالة، “أياً ما يكون الحكم، فنحن نؤمن أن إطلاق سراح الصحفيين، بإعلان براءتهم أو بعفو رئاسي، سيكون بمثابة رسالة لمصر وللعالم. رسالة توضح ثقة واستقرار الحكومة، وتقديرها للدور المهم الذي تلعبه الصحافة”. (يمكن الاطلاع على نص الرسالة باللغة العربية على هذا الرابط).

ومع كل الاحترام للقضاء المصري المشهود له بالاستقلال، إلا أن الحكم الذي صدر اليوم لا علاقة له بالقانون. فمن الواضح أن نتيجة المحاكمة كانت مدفوعة بدوافع سياسية، حيث أصبح صحفيو ‘الجزيرة’ بيادق في النزاع مع قطر بسبب دعمها لجماعة الإخوان المسلمين. وبالتالي فإن هذا الحكم يمثل أزمة سياسية للرئيس السيسي، وهي أزمة يتعين عليه حلها إذا أراد تحقيق هدفه بإضفاء الشرعية على الحكومة واستعادة المكانة الدولية لبلده.