أهم التطورات

> استخدام محاكم الصحافة والمحاكم الأمنية الخاصة لإسكات الصحفيين الذين يحققون في التطورات.

> فرض خطوط حمراء لمنع التغطية الناقدة للاضطرابات المدنية والإرهاب والفساد.

أرقام مهمة

حجز الصحفي عبد الإله شايع في الحبس الانفرادي 29 يوماً بعد اعتقاله من قبل عناصر الأمن.
الاعتداءات على الصحافة في عام 2010
تمهيد
المؤسسات الدولية تتقاعس عن الدفاع عن حرية الصحافة
الكشف عن المعتدين المتوارين الذين يهاجمون عبر شبكة الإنترنت
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:   القمع بذريعة الأمن القومي
مصر
إيران
اليمن
تركيا
تونس
السودان
المغرب
لبنان
إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة
العراق
لقطات سريعة من البلدان

اتبعت الحكومة عدداً متزايداً من الأساليب القمعية مما حدا بالكثير من الصحفيين إلى القول إن أحوال حرية الصحافة بلغت أدنى درجة لها منذ توحيد شقي الدولة الجنوبي والشمالي عام 1990. واستمرت السلطات في اللجوء إلى ممارسات قائمة منذ وقت طويل من قبيل الاختطاف خارج إطار القضاء والترهيب والتهديدات والرقابة الفجة لضبط وسائل الإعلام الإخبارية. وقد وثّقت لجنة حماية الصحفيين في تقرير خاص أصدرته في أيلول/ سبتمبر عزم حكومة الرئيس علي عبد الله صالح أيضاً على إنشاء منظومة قانونية مُحكمة بغية فرض المزيد من القيود على التغطية الصحفية وإضفاء صبغة شرعية على أعمالها.

وعمدت الحكومة إلى الضغط من أجل إقرار أجندا تشريعية تتسم بالعدائية في البرلمان من شأنها -إذا ما تمت الموافقة عليها- إن تفرض عوائق مالية مانعة أمام المنافذ الإخبارية المبثوثة والمتوفرة عبر الإنترنت وأن توسع نطاق تعريف تشويه السمعة الجنائي بحيث يشمل فعلياً أي شكل من أشكال توجيه النقد للرئيس وزيادة مدة الأحكام بالسجن على ما يسمى بانتهاكات الصحافة- في بعض الحالات إلى عشر سنوات. وتأتي هذه المقترحات بعد سنة من إنشاء محكمة متخصصة بقضايا الصحافة والمطبوعات والتي نظرت لغاية الآن في عشرات القضايا الجنائية التي رُفعت ضد صحفيين.

لقد تم تنفيذ الكثير من الإجراءات الحكومية بحق الصحافة تحت غطاء الأمن القومي. وبعد فشل محاولة للقاعدة لتفجير طائرة ركاب أثناء طيرانها إلى الولايات المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر 2009 – وهي مؤامرة يُزعم أنها حيكت في اليمن – تحّول اهتمام العالم نحو هذا البلد الصغير صاحب الموقع الاستراتيجي في شبه الجزيرة العربية. وفي كانون الثاني/ يناير اجتمع في لندن مسؤولون رفيعو المستوى من أكثر من عشرين دولة من المنطقة والغرب لمناقشة سبل مساعدة صنعاء على محاربة الإرهاب. وقد تعهدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون بأن المساعدة الدولية لن تقتصر على الشواغل الأمنية فقط بل ستتطرق إلى حقوق الإنسان وحكم القانون. ولكن حكومة الرئيس صالح لم تشرع في إجراء تحسينات على حقوق الإنسان ولم يقم المجتمع الدولي بمساءلتها عن ذلك. لقد اتسعت رقعة الخطوط الحمراء – أي المحظورات غير المكتوبة ولكن الراسخة بقوة بشأن موضوعات معينة- لتشمل الكثير من المجالات التي تلقى اهتماماً دولياً كبيراً، مثل: الحرب مع المتمردين الحوثيين في الشمال، وقمع الحراك الجنوبي التي هي حركة سلمية في غالبيتها في الجنوب، والفشل في احتواء تنظيم القاعدة، والفساد المستفحل في أوساط القيادة العليا للبلاد.

ذكر محمد المخلافي من المرصد اليمني لحقوق الإنسان للجنة حماية الصحفيين أثناء قيامها بمهمة بحثية في اليمن في تموز/ يوليو أن “مسوغ محاربة الإرهاب منح السلطات فرصة توسيع الدوائر الأمنية العديدة وقد قلل ذلك من الدور الذي يلعبه المجتمع لاسيما الصحفيين”. كذلك، عبّر آخرون عن الشواغل ذاتها حيث قال جمال عامر رئيس تحرير “الوسط” والحائز على جائزة لجنة حماية الصحفيين لحرية الصحافة الدولية عام 2006 إن “دول الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، تراقب الإرهاب بعناية شديدة، وإن الحكومة تستغل هذا الوضع”.

وقد تقدمت الحكومة بثلاثة مشاريع قوانين من شأنها أن تفرض مزيداً من القيود على حرية التعبير. وفي أوائل السنة تقدم وزير العدل غازي الأغبري إلى البرلمان بتعديلات على قانون العقوبات وقانون الصحافة والمطبوعات. كما ووضعت الحكومة قانوناً جديداً لتنظيم وسائل الإعلام المرئي والمسموع والإعلام الإلكتروني. وكانت تلك المقترحات الثلاثة قيد المناقشة أواخر العام.

وقد خلصت المراجعة التي أجرتها لجنة حماية الصحفيين إلى أن التعديل المقترح لقانون العقوبات من شأنه أن يصعب على وسائل إعلام المعارضة والأحزاب السياسية والناقدين السياسيين والاجتماعيين التحدث برأيها علناً. وقد تتم زيادة مدة الأحكام بالسجن – وفي بعض الحالات مضاعفتها- على القيام بنشر مواد يُعتقد أنها “كاذبة”، أو تنطوي على تشويه سمعة، أو إهانة للإسلام، أو الإساءة للرئيس أو كبار المسؤولين أو قادة الدول الأجنبية. كما أن من شأن هذه التعديلات المقترحة أن تعرِّف هذه المخالفات كما تتصورها الحكومة تعريفاً فضفاضاً بقدر أكبر من ذي قبل. كذلك، قد يتم استبدال الغرامات الصغيرة بعقوبات مالية غير محددة بحد أعلى.

وكانت التعديلات المقترحة على قانون الصحافة والمطبوعات مثيرة للخلاف أيضاً. وذكر النقيب السابق للصحفيين اليمنيين عبد الباري طاهر في مجلة “النداء” الأسبوعية المستقلة أن مشروع القانون الجديد “يبقي على جميع الثغرات والعيوب الموجودة في القانون القديم بينما يحافظ على المواد التجريمية ويعمل على توسيعها”. وإذا ما تمت الموافقة على قانون الصحافة المعدل فإن القيود المفروضة فيه ستشمل وسائل الإعلام الإلكتروني –  وهو قطاع تفادى إلى حد بعيد تدخلات الحكومة – كما أنه سيطبق شروط التسجيل الخاصة حالياً بالمطبوعات على الصحفيين والباعة والموزعين.

كما وتقدمت الحكومة بمشروع قانون جديد لتنظيم محطات البث الإذاعي والتلفزيوني والمطبوعات الإلكترونية وخدمات الأخبار عبر الهاتف المحمول. وقد صوّرت الحكومة قانون الإعلام المرئي والمسموع والإعلام الإلكتروني على أنه إجراء تحرري سيشجع على ملكية وسائل الإعلام الخاصة في بلد تمتلك الحكومة كل محطات الإذاعة والتلفزيون فيه. إلا أن المراجعة التي أجرتها لجنة حماية الصحفيين أظهرت أن القانون المقترح سيفرض رسوماً باهظة للتسجيل بحيث تجعل شركات البث الخاصة تحجم عن الفكرة. كما أن القانون الجديد يفرض رسوماً على الترخيص ويوسع نطاق تنظيم الدولة للقطاع بحيث يشمل المنافذ الإعلامية الإلكترونية التي تعمل الآن دون أعباء من هذا النوع. وتنص المادة 33 من القانون المقترح على أن وسائل الإعلام الإلكترونية، بما في ذلك الأخبار التي يتم توزيعها عبر الرسائل القصيرة -أو خدمات الرسائل القصيرة- على الهواتف المحمولة -وهو قطاع تسيطر عليه المنافذ الإعلامية الخاصة- تخضع لسيطرة الدولة من خلال إطار تنظيمي سيتم فرضه بواسطة أمر إداري.

وخضع عشرات الصحفيين لمحاكمة مسيسة كانت غالباً على خلفية اتهامات بمناهضة الدولة. ففي كانون الثاني/ يناير حكمت محكمة الصحافة والمطبوعات المختصة على أنيسة عثمان، التي تكتب في“الوسط” الأسبوعية، بالسجن ثلاثة أشهر بتهمة “الإساءة للرئيس” بسبب مقالات كتبتها عام 2007 حول الفساد. وفي أيار/مايو حكمت المحكمة ذاتها على حسين اللسواس رئيس تحرير موقع “صنعاء برس” الإخباري بالسجن مدة عام بتهمة “المسّ بمؤسسات الدولة والثورة والجمهورية”. وقد التجأ كلا الصحفيين إلى مناطق نائية لتفادي الحبس إلا أنهما أوقفا نشاطهما الصحفي.

وقد أحاطت الشكوك بالكثير من القضايا الجنائية التي رُفعت ضد الصحفيين. وفي أيار/مايو أصدر الرئيس صالح، وسط الكثير من الدعاية، ما أسماه “عفواً” عن كافة الصحفيين. وعلى الرغم من أن العفو ينطبق في العادة فقط على الأشخاص الذين تمت إدانتهم بجرائم واستفادوا من استئناف الحكم، إلا أنه تم في الأيام اللاحقة الإفراج عن عدد من الصحفيين الذين كانوا يواجهون تهماً لا زالت قيد النظر. بالمقابل، لم يصدر أي توضيح رسمي “للعفو” الذي أصدره الرئيس ولم تتلو ذلك أية قرارات من المحاكم. وذكر ثلاثة صحفيين على الأقل للجنة حماية الصحفيين أن قضيتهم الجنائية أصبحت كامدة لكن لم يتم إسقاط التهم رسمياً، في حين قال آخرون إنهم تلقوا معلومات متضاربة فيما يتعلق بوضعية التهم الجنائية الموجهة إليهم. ومن المحتمل أن يكون الغموض الرسمي أمراً مقصوداً؛ فقد ذكر صحفيون كثيرون ممن كان يُبت في تهم ضدهم للجنة حماية الصحفيين بأنهم يحرصون على عدم الظهور في عملهم الصحفي كي لا يتم إحياء قضاياهم.

واستمرت السلطات في ممارسة الاختطاف خارج نطاق القضاء والاحتجاز في الحبس الانفرادي؛ فقد كان الصحفي محمد المقالح رئيس تحرير موقع “الاشتراكي” الإخباري التابع للحزب اليمني الاشتراكي هدفاً لعملية اختطاف تمت في أيلول/ سبتمبر 2009 برعاية حكومية. وبعد أن أنكرت الحكومة احتجازها له طيلة خمسة أشهر أعلنت أوائل عام 2010 أن المقالح قيد الاعتقال لديها. ومن ثم خضع المقالح لمحاكمات جنائية أمام محكمتين منفصلتين، كانت محكمة الصحافة الخاصة واحدة منهما، قبل أن يتم إيقاف القضايا دون التوصل إلى قرار. وذكر المقالح للجنة حماية الصحفيين إنه ليس من الواضح ما إذا كان قد تم صرف النظر عن التهم أم أنها لا زالت قائمة. وكان الصحفي قد أدان في تغطيته عمليات القصف الجوي التي شنتها الحكومة والتي أدت إلى مقتل نحو 100 مدني وجرحت مئات آخرين في الحرب المستعرة مع المتمردين الحوثيين في منطقة صعدة الواقعة شمال غرب البلاد.

وفي تموز/ يوليو اختطف رجال مسلحون يرتدون ملابس مدنية المراسل المستقل والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية عبد الإله شايع من شارع مزدحم من شوارع صنعاء أمام أنظار المئات من المتفرجين واقتادوه إلى موقع غير معروف. وقد أُطلق سراح هذا الصحفي خلال 24 ساعة ولكن بعد أن هددوه وأجبروه على التوقيع على وثيقة لم يُسمح له بقراءتها. وذكر الشايع للجنة أن تغطيته لقضايا الأمن القومي وضعته على طريق الاصطدام بالسلطات. وتم اعتقال الشايع من جديد في آب/أغسطس وسجنه في الحبس الانفرادي 29 يوماً قبل أن يتم تقديمه للمحكمة. وقد تم اتهامه على نحو غامض “بالتخطيط للتنفيذ أعمال إرهابية” و “تقديم الدعم الإعلامي لقيادة القاعدة” وفقاً لما أوردته تقارير الأنباء. وذكر الصحفيون والمحامون الذين شاهدوه في المحكمة بأنهم شاهدوا أدلة على إساءة معاملته. وكان الشايع لا يزال في الحبس عندما أجرت لجنة حماية الصحفيين إحصاءها العالمي السنوي للصحفيين المحتجزين في الأول من كانون أول/ ديسمبر.

وفي 26 آب/أغسطس قام رجال الشرطة بمهاجمة صحفيين أثناء تغطيتهم احتجاجاً ضد الاعتقالات خارج نطاق القضاء أمام مكتب رئيس النيابة العامة في صنعاء. فقد تعرض مراسل قناة الحرة حسن عابد للضرب بعد رفضه تسليم آلة التصوير التي بحوزته وتمت معاملة صحفي آخر بخشونة بعد استخدامه لهاتفه المحمول لالتقاط صور للاحتجاج، حسب ما ذكره صحفيون للجنة حماية الصحفيين. وفي احتجاج آخر جرى في الأول من أيلول/ سبتمبر ولكن هذه المرة أمام مكاتب الرئيس، منعت الشرطة مصوري “الجزيرة” و “الحرة” من التصوير. كذلك تعرض الصحفيون للرقابة في آذار/ مارس عندما صادرت السلطات معدات مكنت قناتي الحرة والجزيرة من بث صور حية من احتجاجات جنوب اليمن، ولكن تمت إعادة تلك المعدات في نهاية المطاف.

وواصلت الحكومة فرض حظر فج على نشر جريدة “الأيام” المستقلة التي تصدر من عدن وتديرها أسرة باشراحيل. وكانت جريدة الأيام -أكثر مطبوعات البلد توزيعاً حيث زاد عدد قرائها عن 70,000- قد أُغلقت خلال حصار حكومي عنيف ضرب حولها عام 2009.

وقد أحاط رجال الشرطة والأمن مرة ثانية بمبنى الأيام في كانون الثاني/ يناير بعد أن نظّم صحفيون من منافذ إعلامية مختلفة اعتصاماً خارج مكاتب الجريدة المحظورة. ومن جديد انتهت المواجهة بالعنف جراء استخدام القوات الحكومية المدافع الرشاشة والقنابل صاروخية الدفع ضد مجمع الصحيفة. وتم اعتقال رئيس تحرير الصحيفة هشام باشراحيل ونجليه: هاني، محرر الأخبار الرياضية ومحمد، المدير التنفيذي للجريدة. وتم احتجاز هشام ثلاثة أشهر بسبب تهم عديدة بمعاداة الدولة ومن بينها “إثارة النزعة الانفصالية” و “التحريض على العنف”. كذلك تم احتجاز هاني ومحمد مدة أربعة أشهر بتهمة “تشكيل عصابة مسلحة” فيما يتصل بالمواجهة التي تمت في كانون الثاني/ يناير. وكانت القضية لا تزال قيد البت أواخر السنة.

وفي أيلول/ سبتمبر وعقب مهمة بحثية في اليمن أصدرت لجنة حماية الصحفيين تقريراً خاصاً حول تدهور حرية الصحافة في البلاد. وقد رفض المسؤولون الحكوميون مقابلة اللجنة خلال تلك المهمة ولم يقوموا بالإجابة عن الاستفسارات المكتوبة. وبعد أن حظي التقرير بتغطية إعلامية واسعة نشرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية خبراً مقتضباً يزعم أن النتائج التي خلصت إليها لجنة حماية الصحفيين “غير صحيحة ومحرفة” ولم تقدم الوكالة أية تفاصيل.