تركيا

أهم التطورات

> استخدمت السلطات قوانين مكافحة الإرهاب، والتشهير، والأمن لمحاكمة الصحفيين.

> وجه الاتحاد الأوروبي انتقادات لسجل تركيا على صعيد الحريات الصحفية، مشيرا إلى المحاكمات والضمانات القانونية غير الكافية.

أرقام مهمة

لا إدانات في مقتل رئيس التحرير هرانت دينك في عام 2007.

الاعتداءات على الصحافة في عام 2010
تمهيد
المؤسسات الدولية تتقاعس عن الدفاع عن حرية الصحافة
الكشف عن المعتدين المتوارين الذين يهاجمون عبر شبكة الإنترنت
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:   القمع بذريعة الأمن القومي
مصر
إيران
اليمن
تركيا
تونس
السودان
المغرب
لبنان
إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة
العراق
لقطات سريعة من البلدان

قدمت السلطات صحفيين للمحاكمة على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب والتشهير الجنائي والأمن القومي في إطار سعيها لإسكات الأخبار والتعليقات الناقدة حول قضايا تتصل بالهوية الوطنية والأقلية الكردية ومؤامرة مزعومة ضد الحكومة. وخلصت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن السلطات التركية تتحمل اللوم في مقتل رئيس التحرير هرانت دينك في 2007، مع أن الحكومة كانت تسعى جاهدة لتقديم أي شخص للعدالة على خلفية جريمة القتل تلك.

وفي أيلول/سبتمبر، أقر الناخبون حزمة من التعديلات الدستورية قالت الحكومة إنها سوف تعزز الديمقراطية وتجعل تركيا أكثر انسجاما مع المعايير الأوروبية، غير أن الإصلاحات لم تتطرق إلى القيود الصارمة المفروضة على حرية الصحافة. تفرض المادة 26 من الدستور التركي، في سياق الحق في حرية التعبير، جملة من القيود على استخدام هذا الحق بما في ذلك لاعتبارات الأمن القومي، والسلامة العامة، والوحدة الترابية، ومنع الجريمة، والكرامة الفردية، والأسرار المهنية. وقد وجه الاتحاد الأوروبي انتقادات واسعة لسجل تركيا في حرية الصحافة في تقييمه السنوي للمسعى التركي – الفاتر حاليا – بالانضمام للاتحاد. ويشير التقرير الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر إلى أن القانون التركي لا يضمن حرية كافية للصحافة وأن السلطات تمارس ضغوطا سياسية مفرطة على وسائل الإعلام الإخبارية. ويعيب التقرير على السلطات محاكمة الصحفيين بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم، ويثير التقرير القلق بوجه خاص إزاء ارتفاع عدد القضايا الجنائية المرفوعة ضد الصحفيين الذين يغطون أخبار المؤامرة التي دُبرت ضد الحكومة والمعروفة بقضية أرجينيكون.

استُخدم قانون مكافحة الإرهاب الذي ينص على عقوبات حبس قاسية وغرامات طائلة في محاكمة العديد من الصحفيين الناقدين الذين يكتب كثيرون منهم عن الشؤون الكردية وحزب العمال الكردستاني المحظور. ولقد ظلت معاملة الحكومة للأكراد البالغ عددهم في تركيا 14 مليون نسمة يعيش معظمهم في شرق البلاد وجنوبها الشرقي محط الانتقاد الدولي ومصدرا للحساسية المحلية. ومنذ استيعابهم بالإكراه في المجتمع التركي في عقد الثلاثينيات، سعى الأكراد إلى الحصول على قدر أكبر من الحقوق السياسية واللغوية والثقافية بواسطة وسائل سلمية ومسلحة على حد سواء. وتفسر السلطات التركية التغطية المحايدة أو المحابية لحزب العمال الكردستاني – الذي يُعتبر منظمة إرهابية في تركيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة – نشاطا إرهابيا في حد ذاته.

استخدمت السلطات قوانين مكافحة الإرهاب، على سبيل المثال، لمحاكمة إرفان أكتان، وهو صحفي مخضرم يعمل لدى صحيفة “إكسبرس” نصف الشهرية على خلفية مقال كتبه في 2009 وذكر فيه بأن أعضاء حزب العمال الكردستاني كانوا متشككين بأن التعديلات الحكومية كانت تستهدف منح الأكراد قدرا أكبر من الحقوق الثقافية. وفي حزيران/يونيو، حكمت محكمة في اسطنبول على إرفان بالسجن لمدة 15 شهرا وعلى رئيس تحرير صحيفته، ميرفي إيرول، بدفع غرامة مقدارها 16,660 ليرة تركية (ما يعادل 10,393 دولار أمريكي). وكان إرفان طليقا مع نهاية العام بانتظار استئناف الحكم. أما مدير تحرير صحيفة “أزادية ويلات”، فيدات كورشون، فكان مصيره أقسى بكثير، إذ حكمت عليه محكمة في أيار/مايو بالسجن لمدة 166 سنة ونصف بتهمة الدعاية لحزب العمال الكردستاني. واستندت التهمة إلى مقالات نُشرت في الصحيفة وأيدت زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان ووصفته “بالشهيد” و”زعيم الشعب الكردي.” وحسبما أفادت منظمة بيا التركية المدافعة عن حرية الصحافة، فقد قال محامي الدفاع ميرال دانيش بيشتاش إن كورشون عبر عن وجهة نظره كصحفي وإن ذلك لا يشكل جرما.

كان كورشون واحدا من أربعة صحفيين على الأقل كانوا وراء القضبان في تركيا حينما أجرت لجنة حماية الصحفيين إحصاءها السنوي للصحفيين السجناء في 1 كانون الأول/ديسمبر. وواجه هؤلاء الصحفيون جميعهم تهمة الدعاية لحزب العمال الكردستاني بموجب قوانين مكافحة الإرهاب. وفي هذا الصدد، يقول المحلل في منظمة بيا، إيرول أونديرولو، للجنة حماية الصحفيين إن “القضية الكردية لا تزال من المحرمات. ولا يُهم إذا كان الصحفيون ينتمون إلى وسائل الإعلام الكردية المتماشية مع التيار العام أو المعارضة، فإنهم يُدانون وتصدر بحقهم أحكام بالسجن بسبب منشوراتهم.”

تشكل تغطية انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة بحق السكان الأكراد خطا أحمر آخر، كما يتضح من قضية جيك هيس، وهو صحفي أمريكي يكتب لوكالة “إنتر برس سيرفس” ويبلغ من العمر 25 عاما. ففي 11 آب/أغسطس، اعتُقل هيس في محافظة دياربكر الجنوبية الشرقية بعد ورود اسمه في لائحة اتهام موجهة لجماعة مدافعة عن حقوق الأقليات. وبحسب ما قاله محامي الدفاع سيركان أكباس للجنة حماية الصحفيين فإن هيس كتب مقالات في تموز/يوليو وآب/أغسطس يُفصّل فيها انتهاكات مزعومة ارتكبها الجيش التركي بحق الأكراد، بما فيها افتعال حرائق وارتكاب عنف ضد النساء. وجرى ترحيل هيس بعد تسعة أيام من اعتقاله وهو الآن ممنوع من دخول البلاد.

كما لاحقت السلطات الصحفيين بصورة روتينية استنادا إلى تهمة توجيه الإهانة وهي تهمة ترد في قانون العقوبات. ومن هؤلاء حاجي بوغاتكين مالك صحيفة “غيرغر فيرات” نصف الشهرية ورئيس تحريرها الذي أُدين في آذار/مارس بتهمة إهانة المدعين العامين في الدولة وحُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات. قال بوغاتكين للجنة حماية الصحفيين إن السلطات استهدفته بعد نشره مقالا في كانون الثاني/يناير 2008 يشير إلى أن تركيا تواجه تهديدا من الحركة الدينية التي يقودها الكاتب المحافظ ورجل الدين فتح الله غولين أكبر من التهديد الذي يشكله حزب العمال الكردستاني المحظور. وكان بوغاتكين طليقا في نهاية العام ينتظر استئناف الحكم.

استهدفت السلطات الصحفيين ورؤساء التحرير من مختلف ألوان الطيف السياسي بسبب تغطيتهم لمؤامرة أرجينيكون. فقد واجهت بشرى إيردال ومليح دوفاكلي، مراسلا صحيفة “زمان” الموالية للحكومة، وهيلين شاهين، مراسلة صحيفة “ستار” الموالية للحكومة، عدة تهم بانتهاك أسرار الدولة في إطار تغطيتهم لهذه القضية، التي اتُهمت فيها شخصيات عسكرية وسياسية مرموقة بالتآمر ضد الحكومة.

خلصت المحكمة الأوروبية في أيلول/سبتمبر إلى أن تركيا أخفقت في حماية حق رئيس التحرير التركي الأرمني هرانت دينك في حرية التعبير وحقه في الحياة بعد أن لقي حتفه رميا بالرصاص أمام مكتبه في عام 2007 بعد تلقي عدة تهديدات بالقتل. وكان دينك قد أغضب القوميين المتطرفين بتطرقه إلى مسائل تتعلق بهوية الأتراك الأرمن، والأصول الأرمنية لإحدى بنات كمال مصطفى أتاتورك بالتبني، ودور تركيا العثمانية في قتل الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى. وكان دينك قد أخبر السلطات بأنه تلقى تهديدات بالقتل، غير أن المحكمة الأوروبية وجدت بأن “أيا من السلطات الثلاث التي أُعلمت بمخطط الاغتيال وتنفيذه الوشيك لم تتحرك لمنعه.” ورأت المحكمة أيضا بأنه “لم يجر أي تحقيق فعال في هذه الإخفاقات في حماية حياة” دينك. وفي أواخر 2010، وبعد مرور أربع سنوات على اغتيال دينك، لم تكن الحكومة قد توصلت إلى إدانة في القضية.

وكان المسلح المتهم أوغون ساماست واثنان من شركائه المزعومين لا يزالون قيد الاحتجاز في نهاية العام، في حين واجه مسؤولون من أجهزة الشرطة والمخابرات والجيش اتهامات بالإهمال والتقصير في القضية. وفي تشرين الأول/أكتوبر، أقنع محامي ساماست المحكمة بأن تحاكم موكله كحدث جانح، وهو تغير في القضية عارضه محامو دينك. وكان ساماست يبلغ من العمر 17 عاما حينما ارتكب، بحسب الادعاء، جريمة القتل.

رحب صحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان بقرار المحكمة الأوروبية مشيرين إلى أن مقتل دينك يلقي بظلال قاتمة على التزام الحكومة بضمان حرية الصحافة وسيادة القانون. وبحسب وكالة “أسوشيتد برس”، قالت وزارة الخارجية التركية في بيان أصدرته إنها لن تعترض على قرار المحكمة وإن السلطات ستتخذ تدابير “لمنع تكرار هذه الانتهاكات.” وهناك الكثير مما ينبغي للسلطات أن تفعله لمنع التهديدات المستمرة، حيث أفاد أوزغوت توبساكال مراسل صحيفة “إيفرينسيل” اليومية بأنه استلم صورة لجثة دينك على بريده الإلكتروني في شهر آب/أغسطس بعد أن كتب مقالا ينتقد فيه القادة الأتراك.

استمرت السلطات التركية طوال العام بإجراء تحقيق ضريبي في مجموعة دوغان الإعلامية، وهي مؤسسة إخبارية رائدة. ويعتقد الكثيرون بأن هناك دوافع سياسية وراء هذا التحقيق الذي أُطلق بعدما نشرت وسائل الإعلام التابعة للمجموعة مقالات غير مواتية لحزب العدالة والتنمية الحاكم. تمتلك مجموعة دوغان الإعلامية صحفا مثل حريت، وميليات، وراديكال، وأكثر من 30 محطة تلفزيونية. وقد ادعت الحكومة بأن المجموعة لم تدفع ضرائب مستحقة تبلغ قيمتها 3.8 مليار دولار أمريكي.

وفي تشرين الثاني/أكتوبر، ألقى الرئيس التركي عبد الله غول كلمة أمام أحد ملتقيات الأعمال أقر فيها بارتفاع عدد الدعوى القضائية المرفوعة ضد الصحفيين ولكنه لم يحث على إجراء إصلاحات معينة. ونقلت عنه مجموعة بيا المعنية بالدفاع عن حرية الصحافة قوله: “أنا متأكد بأنه ستتم تسوية جميع هذه القضايا حالما تنظر فيها المحكمة.” وفي الوقت نفسه، استمرت تركيا في إبراز دورها الإقليمي، حيث عرضت الحكومة في نيسان/إبريل أن تتوسط بين إيران والمجتمع الدولي في النزاع الدائر حول برنامج طهران النووي. وفي تموز/يوليو، أكد الرئيس السوري بشار الأسد على دور تركيا بوصفه وسيطا رئيسيا بين سوريا وإسرائيل، وقال لصحفيين أتراك إن “بوسع البلدان الأخرى أن تلعب دورا داعما فقط.” وفي تشرين الثاني/نوفمبر، قام رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بزيارة إلى بيروت للتوسط في حل الأزمة بين الفصائل السياسية اللبنانية.